الموفد الدولي إلى ليبيا: ماضون في التسوية السياسية رغم الاعتراضات

مسلحون يختطفون وكيل النيابة العامة بجنوب طرابلس

برناردينيو ليون في مؤتمره الصحافي الذي عقده في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
برناردينيو ليون في مؤتمره الصحافي الذي عقده في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

الموفد الدولي إلى ليبيا: ماضون في التسوية السياسية رغم الاعتراضات

برناردينيو ليون في مؤتمره الصحافي الذي عقده في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
برناردينيو ليون في مؤتمره الصحافي الذي عقده في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)

قال برنارد ينون ليون موفد الأمم المتحدة إلى ليبيا إن «الأمم المتحدة وكل الأطراف العربية والدولية والقوى الليبية الرئيسية المعنية مباشرة بالحرب الدائرة في ليبيا منذ 2011، تتمسك بنتائج الحوارات السياسية حول التسوية السلمية للنزاع وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعيد الأمن وتؤمن سواحلها على البحر الأبيض المتوسط وهي الأطول من نوعها في كامل بلدان المنطقة.
وقال المبعوث الأممي الإيطالي المخضرم في مؤتمر صحافي عقده في تونس إن رفض مسودة اتفاق لحل الأزمة السياسية الذي أفرزته مفاوضات مدينة الصخيرات المغربية في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي من بعض الجهات «لن يثنينا عن استمرار الجهود للوصول إلى توافق».
وأشار ليون إلى مأساة الشعب الليبي، قائلا إن معاناته تستفحل، بعد أكثر من 3 أعوام من الحرب الأهلية، وحذر «كل الذين لا يزالون يعارضون المسودة الأممية الليبية للتسوية»، بكون الأمم المتحدة ومختلف الدول الإقليمية أصبحت مصممة على «إنجاح خيار التسوية السياسية والانتقال السلمي نحو حكومة وطنية موحدة ودولة مدنية واستبعاد الخيار العسكري الذي ثبت عجزه عن الحسم وتبين أنه لا يزيد أوضاع ليبيا والمنطقة إلا تعقيدا». وقال ليون إنه «لا يمكن لمجموعة أو أشخاص أن يعرقلوا العملية». وأضاف: «سوف أعقد في الأيام القادمة اجتماعات مع الليبيين.. نأمل أن يوافق غالبية الأعضاء في طرابلس وفي طبرق على هذا الاتفاق».
وتابع: «هذه العملية هي ملك الليبيين، لقد استنفدت أكثر من سنة، نحن نقوم بتيسير العملية ولكن لا نضع الأسماء»، مشيرا إلى أن هناك دعما غير مسبوق من المجتمع الدولي لهذه العملية ولليبيين. ويضغط المجتمع الدولي على الجانبين لقبول اتفاق الأمم المتحدة لإنهاء صراع يخشى أن يسمح لميليشيات لمتشددين ومهربي البشر بكسب نفوذ في ظل الفوضى في ليبيا.
من جهته أعلن حزب الإخوان المسلمين في ليبيا أنه مستعد لقبول نتائج الاتفاق الذي تسعى إليه بعثة الأمم المتحدة، بشروط، على رأسها الإطاحة بالفريق خليفة حفتر من منصبه كقائد عام للجيش الموالي للسلطات الشرعية. وقال حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إنه مستعد لقبول نتائج الاتفاق الذي تسعى إليه بعثة الأمم المتحدة، شريطة أن تعد كل المناصب العسكرية شاغرة فور توقيع هذا الاتفاق وقيام الحكومة الجديدة بتكليف من يقوم بتسيير هذه المناصب خلال أسبوعين من مباشرة عملها. ويعني هذا الطلب رغبة الإخوان في الإطاحة بالفريق خليفة حفتر الذي عينه مجلس النواب قائدا عاما للجيش، ويخوض معارك شبه يومية ضد الجماعات المتطرفة في مدينة بنغازي بشرق البلاد منذ العام الماضي.
وأكد الحزب في بيان وزعه أمس على أن القرار داخل الحكومة المقترحة يجب أن يتخذ بإجماع الرئيس ونوابه وليس وفقا لما ورد في المسودة الأخيرة التي وزعتها البعثة الأممية. كما تبنى الحزب مطالب مفتي ليبيا المقال من منصبه بسبب مواقفه وتصريحاته الداعمة للجماعات المتطرفة في البلاد، بضرورة وجود نص في المسودة على تعريف واضح للإرهاب.
يشار إلى أن مجلس النواب المعترف به دوليا أعلن قبل يومين عقب جلسة مثيرة للجدل رفضه لمقترحات رئيس بعثة الأمم المتحدة في ختام مفاوضات السلام التي عقدت في شهر يوليو (تموز) الماضي بمنتجع الصخيرات في المغرب. وأكد المجلس تمسكه في المقابل بالمسودة الرابعة التي وزعتها بعثة الأمم المتحدة دون تعديلات، ورفض المسودتين الخامسة والسادسة منها، كما رفض مقترحات ليون لتشكيل حكومة وفاق وطني جديدة برئاسة فايز السرج عضو مجلس النواب عن العاصمة طرابلس وتعيين عبد الرحمن السويحلي المنتمي إلى مدينة مصراتة والمحسوب على جماعة الإخوان رئيسا لمجلس الدولة الجديد، بالإضافة إلى فتحي باشاغا رئيسا لمجلس الأمن القومي.
إلى ذلك، أعلنت المنظمة الليبية للقضاة عن اختطاف مجموعة مسلحة لطالب حسين عجاج وكيل النيابة العامة بنيابة جنوب طرابلس، وقادته لجهة غير معلومة. وطالبت المنظمة كل الجهات بتسخير كل إمكانياتها لتقديم الجناة للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع، كما دعت إلى رصد وتوثيق مثل هذه الانتهاكات المتكررة، وإعداد التقارير عنها لتقديمها للقضاء.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.