الانسحاب من مزارع شبعا... شرط قبول لبنان بتنفيذ القرار «1701»

هل يكون الحل بوضعها تحت وصاية القوات الدولية؟

الدخان يتصاعد عند الحدود الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد عند الحدود الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

الانسحاب من مزارع شبعا... شرط قبول لبنان بتنفيذ القرار «1701»

الدخان يتصاعد عند الحدود الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد عند الحدود الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

عاد ملفّ مزارع شبعا المحتلّة من قبل إسرائيل إلى الواجهة مجدداً، مع مطالبة لبنان بتحريرها، وتسويق هذا المطلب لدى المبعوث الأميركي آموس هوكستين الذي زار لبنان هذا الأسبوع، لنزع فتيل تفجير الجبهة اللبنانية مع إسرائيل، والانتقال إلى التنفيذ الفعلي لقرار مجلس الأمن الدولي «1701»، الذي يجعل منطقة جنوب مجرى نهر الليطاني (المحاذية للحدود اللبنانية - الإسرائيلية) خالية من أي وجود عسكري لـ«حزب الله»، ووضعها تحت سيطرة قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) والجيش اللبناني.

وضع مزارع شبعا

لكنّ مصادر وزارية دعت إلى عدم التفاؤل بإمكان تحقيق خرق في موقف الحزب، وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «وضع تحرير مزارع شبعا شرطاً لوقف القتال على الجبهة الجنوبية، هو تفخيخ لمهمّة هوكستين». وقالت إن «المبعوث الأميركي يحصر محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين حول انسحاب الجيش الإسرائيلي من النقاط الـ13 المتنازع عليها فقط، في حين أن مزارع شبعا مرتبطة بالقرار (242) وليس بالقرار (1701)، ولا يمكن الربط بينهما».

ومنذ دخول «حزب الله» على خطّ المواجهة مع إسرائيل في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، محولاً جنوب لبنان إلى جبهة مساندة لغزّة، تتسابق الوفود الأميركية والأوروبية في محاولة لنزع فتيل التفجير.

وعدّ رئيس «لقاء سيّدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، أن «الغاية من الرسائل التي يحملها الموفدون الدوليون هي حماية أمن إسرائيل، والبدء بتنفيذ حرفي للقرار (1701)، وأن تكون منطقة جنوب الليطاني منزوعة السلاح». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «(حزب الله)، ومن خلفه الحكومة اللبنانية، يريدون أن يبدأ تنفيذ القرار (1701) بانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا، وهذا يعني أن الحزب استبدل بشرط وقف القتال في غزّة شرط الانسحاب من مزارع شبعا».

فارس سعيد: «حزب الله» مُحرج ولا يريد الحرب

وقال سعيد إن «قبول الحزب بمبدأ التفاوض مع الإسرائيليين عبر الوسيط الأميركي، يعني أنه تخلّى عن خطابه التاريخي وسرديته القائمة على قتال إسرائيل حتى تحرير فلسطين، وهذا يعدّ تطوراً كبيراً يجب ألّا يغيب عن بالنا كلبنانيين وعرب، وخصوصاً أن هذا التفاوض يأتي في ذروة المعارك المستمرّة في غزّة».

وأظهرت التطورات الميدانية التي حصلت في الأيام الأخيرة أن «حزب الله» لا يرغب بالدخول في حرب مع إسرائيل، يعرف مسبقاً آثارها التدميرية على لبنان، خصوصاً بعد اغتيال القيادي الكبير في حركة «حماس» صالح العاروري في عمق الضاحية الجنوبية، واغتيال القائد العسكري في الحزب وسام الطويل في الجنوب.

وشدد فارس سعيد على أن «سلسلة الاغتيالات التي تنفذها إسرائيل في لبنان شكلت إحراجاً سياسياً وعسكرياً للحزب، وهذه التطورات أجبرته على الجلوس على طاولة المفاوضات». وجزم سعيد بأن «(حزب الله) لا يريد الحرب، وإيران أيضاً تحاذر جرّها إلى الحرب أيضاً، وهي منذ السابع من أكتوبر برّأت نفسها من عملية (طوفان الأقصى) وبدأت تفاوضاً غير علني مع الأميركيين، وهذا ما أدى إلى عدم توحيد ساحات القتال لدى محور الممانعة».

العميد جابر: وضع مزارع شبعا تحت وصاية دولية

وثمة عقبة أساسية أمام الجانب اللبناني، تتمثّل بعدم تثبيت لبنانية مزارع شبعا قبل المطالبة بالانسحاب منها؛ ولذا دعا الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الدكتور هشام جابر، الدولة اللبنانية إلى «الفصل ما بين النقاط الـ13 موضوع النزاع مع إسرائيل وما بين مزارع شبعا المحتلّة». وشدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «المطلوب من لبنان أن يثبت بالوثائق ملكيته لمزارع شبعا بالتواصل مع الجانب السوري». وأكد أن «المطلوب من المسؤولين اللبنانيين أن يعرضوا على المبعوث الأميركي انسحاب إسرائيل من هذه المزارع، وأن تصبح منطقة خالية من السلاح، وتوضع تحت حماية قوات دولية إلى أن ينتهي من تثبت لبنانية هذه المنطقة».

وعن إمكانية قبول «حزب الله» بوضع مزارع شبعا تحت حماية دولية، قال العميد هشام جابر إن «تحرير المزارع من الاحتلال الإسرائيلي يعدّ مكسباً للبنان ويفترض بـ(حزب الله) أن يقبل بذلك؛ لأنه يحقق مطلباً تاريخياً وهو تحرير هذه المنطقة، على أن يحدد لاحقاً لبنانيتها عبر اعتراف رسمي سوري أو عبر الأمم المتحدة».


مقالات ذات صلة

بلينكن يبحث هاتفياً مع نظيره الفرنسي مستجدات الملفين السوري واللبناني

الولايات المتحدة​ أشخاص يحملون صور أقاربهم المفقودين خلال احتجاج في العاصمة السورية دمشق في 27 ديسمبر 2024 مطالبين بمحاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا (أ.ف.ب)

بلينكن يبحث هاتفياً مع نظيره الفرنسي مستجدات الملفين السوري واللبناني

بحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ونظيره الفرنسي جان نويل بارو، خلال اتصال هاتفي مساء الأربعاء، مستجدات الملفين السوري واللبناني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي النواب اللبنانيون في جلسة تشريعية العام الماضي (الوكالة الوطنية للإعلام)

حراك نيابي للمعارضة والوسطيين لا يحسم اسم المرشح للرئاسة اللبنانية

تفضّل الكتل النيابية اللبنانية التريث قبل أن تحسم موقفها في اختيار مرشحها لرئاسة الجمهورية، رغم أنها تقف على مسافة أسبوع من انعقاد الجلسة المخصصة لانتخابه في…

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني أمام مقر مجلس النواب في وسط بيروت (د.ب.أ)

استحقاقات ترسم مستقبل لبنان في عام 2025

يبني اللبنانيون على ما انتهى إليه عام 2024 ليتحدثوا عن تفاؤل حذر بالعام الجديد.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني عند مدخل بلدة شمع (قيادة الجيش)

الجيش اللبناني يدخل بلدة شمع بعد الخيام في الجنوب

دخل الجيش اللبناني إلى بلدة شمع في قضاء صور لأول مرة منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)

تحليل إخباري لبنان على حافة الانخراط في عملية النهوض... أو تضييع الفرصة الكبرى

تترقب القوى السياسية اللبنانية عودة الحراك السياسي الهادف إلى انتخاب رئيس للجمهورية يُنهي فراغاً استمر أكثر من سنتين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تسليم 101 طفل من أبناء المعتقلين السوريين إلى ذويهم

أطفال فوق دبابة مهجورة تابعة لقوات النظام السوري في حي العلويين بحمص 26 ديسمبر (أ.ب)
أطفال فوق دبابة مهجورة تابعة لقوات النظام السوري في حي العلويين بحمص 26 ديسمبر (أ.ب)
TT

تسليم 101 طفل من أبناء المعتقلين السوريين إلى ذويهم

أطفال فوق دبابة مهجورة تابعة لقوات النظام السوري في حي العلويين بحمص 26 ديسمبر (أ.ب)
أطفال فوق دبابة مهجورة تابعة لقوات النظام السوري في حي العلويين بحمص 26 ديسمبر (أ.ب)

سلمت «دار الرحمة» للأيتام بحي ركن الدين بدمشق 101 طفل من أبناء المعتقلين السياسيين السابقين إلى ذويهم، بعد سنوات من الإيداع القسري تحت شعار «سري للغاية» بقرار من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق.

هذا الإجراء جاء بعد جهود بذلتها إدارة الدار بالتعاون مع «جمعية ضاحية قدسيا الخيرية»، وبتنسيق مع «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بحسب تقريره، اليوم الخميس.

وكانت مأساة الأطفال بدأت عندما أقدمت الأجهزة الأمنية للنظام على اعتقال أحد الأبوين أو كليهما لأسباب سياسية، وقامت بإيداع الأطفال في دور الأيتام، متحفظة على ملفاتهم بشكل كامل، فتعاملت إدارة «دار الرحمة» مع هؤلاء الأطفال بحذر وتعاطف كبير، ووفرت لهم الرعاية الصحية والتعليمية ودمجتهم مع باقي الأطفال الأيتام.

جمعية ضاحية قدسيا الخيرية (أرشيفية - حساب «فيسبوك»)

وقال التقرير إن «جمعية ضاحية قدسيا الخيرية» علمت بوجود هؤلاء الأطفال قبل سقوط النظام بثلاث سنوات، وتمكنت من الحصول على تصريح لزيارة «دار الرحمة» بعد جهود حثيثة وتنسيق مع الإدارة. ورغم اعتراض محافظ دمشق على دخول الجمعية إلى الدار بحجة «عدم الاختصاص الجغرافي»، استمرت الجهود الإنسانية، وتمكنت الجمعية بين الأعوام 2020 -2022، خلال زيارات سرية من التعرف على 13 طفلاً من أبناء المعتقلين، بمساعدة مشرفة الدار وبعض الموظفين، وجرى تسليم هؤلاء الأطفال إلى ذويهم بسرية مطلقة آنذاك.

ومع انهيار النظام وفتح ملفات الدوائر الأمنية، تمكنت الفرق العاملة على القضية من الحصول على صور ووثائق متعلقة بالأطفال المودعين، بالتعاون مع «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي لعب دوراً محورياً، وأطلقت حملة عبر وسائل الإعلام الدولية، سلطت الضوء من خلاله على وجود مئات الأطفال المعتقلين في دور الأيتام، مثل «دار الرحمة» و«قرى الأطفال SOS».

وبدعم من قيادات ميدانية، جرى تسليم الأطفال إلى ذويهم بعد تحقيقات موسعة. يقول مصدر من عملية التسليم: «لم تكن فرحة لقاء الأطفال بذويهم أقل وقعاً رغم أن العديد منهم فقدوا أحد الأبوين خلال الاعتقال، هذه اللحظة الإنسانية عوّضت سنوات الألم والعذاب». وتواصل «دار الرحمة»، تقديم خدماتها للأطفال الأيتام، وحققت نجاحاً في حماية أطفالها من التجنيد الإجباري، وأتاحت لهم مواصلة تعليمهم في الجامعات والكليات، مع تقديم الدعم الكامل لهم.

مشاركة تحمل لافتة تعبر بها عن انتظار قريبها المعتقل لدى النظام السوري (الشرق الأوسط)

وإلى جانب هذا الإنجاز، لا تزال القضية الإنسانية مستمرة في دار «الكرامة للمسنين» التي تحتضن عدداً من كبار السن ممن قضوا فترات اعتقال طويلة وصلت إلى 30 عاماً، هؤلاء الأشخاص، الذين يعانون من آثار التقدم في السن، وأحياناً أمراض ذهنية، جرى نقلهم من السجون إلى دار المسنين بدلاً من تسليمهم إلى ذويهم، بحسب «المرصد السوري».