تونس: السلطات تعلن إحباط رحلات مهاجرين أفارقة إلى أوروبا

كشْف شبكة دولية مختصة في الاتجار بالبشر بمنطقة صفاقس

الرئيس التونسي قيس سعيد مع رئيس منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التونسي عبد الرحمن الهذيلي (الرئاسة التونسية)
الرئيس التونسي قيس سعيد مع رئيس منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التونسي عبد الرحمن الهذيلي (الرئاسة التونسية)
TT

تونس: السلطات تعلن إحباط رحلات مهاجرين أفارقة إلى أوروبا

الرئيس التونسي قيس سعيد مع رئيس منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التونسي عبد الرحمن الهذيلي (الرئاسة التونسية)
الرئيس التونسي قيس سعيد مع رئيس منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التونسي عبد الرحمن الهذيلي (الرئاسة التونسية)

أعلنت مصادر تونسية رسمية أن قوات الأمن تمكنت مؤخراً من إحباط عمليات تهريب جديدة لمهاجرين غير قانونيين من السواحل التونسية إلى أوروبا عبر السواحل الإيطالية.

وأوردت المصادر نفسها أنه أُلْقِيَ القبض على أكثر من 60 «مشتبهاً فيه» من بين المتهمين والمفتش عنهم منذ مدة في قضايا تهريب المهاجرين غير النظاميين الذين يتسللون إلى تونس عبر حدودها من الجزائر وليبيا، ثم يُنقلون براً عبر سيارات تهريب خاصة إلى محافظة صفاقس وسط البلاد، التي تعد النقطة الأقرب إلى جزر جنوب إيطاليا.

ويختار غالبية المهربين سواحل هذه المحافظة لأنه لا تفصلها عن أول نقطة في سواحل جنوب أوروبا إلا نحو ساعة ونصف على متن بواخر صيد عادية.

تشديد الرقابة الأمنية في السواحل التونسية على مراكب تهريب اللاجئين الأفارقة (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

شبكة دولية؟

في الوقت نفسه، أعلنت مصادر رسمية أن قوات الأمن التابعة لإقليم الحرس الوطني بصفاقس، 270 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة تونس، والوحدات المركزية المختصة في مجال مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص بإدارة الشؤون العدلية للحرس الوطني في الضاحية الجنوبية للعاصمة كشفت «شبكة إجرامية دولية مختصة في الاتجار بالبشر، وتسهيل دخول ومغادرة مجتازين أفارقة من دول جنوب الصحراء إلى التراب التونسي خلسة».

ووفق المصدر نفسه، فإن هذه الشبكة لديها مهربون يتحركون في المناطق الحدودية البرية للبلاد من جهة الجزائر، ثم تتولى مجموعة ثانية تهريبهم براً نحو المناطق الساحلية، حيث تكون «قوارب التهريب في انتظارهم».

وقد ألقت قوات الأمن القبض على مجموعة من أعضاء هذه «الشبكة الدولية» وبينهم 4 ممن سبق أن صدرت ضدهم برقيات تفتيش أمني في «جرائم حق عام».

وأصدرت النيابة العمومية قرارات بالاحتفاظ بالموقوفين وإحالتهم إلى المحاكم، كما أصدرت ضدهم بطاقات إيداع بالسجن، وحجز «الوسائل المستغلة في التهريب وفي تنقلاتهم والأموال والعائدات المتأتية من النشاط نفسه».

قوات الحرس الوطني تحبط عمليات تهريب جديدة للمهاجرين غير النظاميين (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

300 حالة جديدة

في سياق متصل، أصدر «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» وهو مؤسسة دراسية وحقوقية ونقابية غير حكومية تونسية تتابع عن قرب منذ عقود ملفات الهجرة والمهاجرين، بلاغاً جديداً، الأحد، أكد فيه أنه تلقى «شهادات متواترة عن عمليات طرد جماعي للحدود الجزائرية في ظروف مناخية قاسية، وأيضاً عمليات طرد نحو الحدود الليبية تنتهي في مراكز احتجاز تديرها تشكيلات ليبية مسلحة».

وأورد عبد الرحمن الهذيلي رئيس المنتدى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مئات من المهاجرين الأفارقة وقع ترحيلهم مجدداً من منطقة صفاقس وسط البلاد إلى الحدود الليبية والجزائرية». وأوضح أن هذه العمليات الأمنية استؤنفت بعد المواجهات العنيفة التي حدثت قبل أسابيع في اثنتين من مدن محافظة صفاقس بين قوات الأمن ومجموعات من المهاجرين الأفارقة.

كما أعلن الهذيلي أن مؤسسته تقدر عدد المهاجرين الأفارقة غير النظاميين الذين ما زالوا متجمعين بالقرب من مؤسسة تابعة للأمم المتحدة في العاصمة تونس بأكثر من 300 مهاجر، بينهم شباب ممن فروا من الحروب المدمرة في السودان ومالي وكوت ديفوار وتشاد، ممن لم ينجحوا في التسلل إلى أوروبا في الصائفة الماضية.

ومن جهة أخرى صدر بيان عن نحو 20 منظمة غير حكومية تونسية يطالب الأوساط الأممية والحكومة التونسية بالتوقف عن «اعتماد مقاربة أمنية زجرية» عند التعامل مع ملفات الهجرة غير النظامية «تحت ضغط مسؤولين أوروبيين» يمارسون سياسة الابتزاز من خلال اشتراط تقديم ما تحتاج إليه تونس من تمويلات بتكفلها بتشديد الرقابة الأمنية على المهاجرين الأفارقة.

ودعت هذه المنظمات السلطات التونسية والدول الأوروبية إلى وضع حد لظاهرة «طرد المهاجرين التونسيين والأفارقة والعرب من أوروبا»، كما دعت إلى «تغيير أسلوب التفاعل مع وضعية اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين وعديمي الجنسية في تونس ودول جنوب البحر الأبيض المتوسط».

وفي المقابل، سبق للرئيس التونسي قيس سعيّد ووزير الداخلية كمال الفقي أن اتهما مراراً «عصابات إجرامية منظمة» ومجموعات مختصة في «تهريب البشر والأموال والإرهاب الدولي» بالوقوف وراء شبكات «تسفير آلاف المهاجرين الأفارقة» نحو تونس وليبيا وموانئها الساحلية التي تبعد عن أوطانهم آلاف الكيلومترات.

وقد ناقشت السلطات الأمنية والليبية والإيطالية مؤخراً خطة لترفيع مستوى التنسيق الأمني في مجال تهريب الأموال والمسافرين من جنوب المتوسط نحو شماله بعد أن قدر عدد المهاجرين غير النظاميين الذين تنقلوا من ميناء زوارة الليبي وسواحل صفاقس التونسية عام 2023 بنحو 150 ألفاً رغم كل الإجراءات الأمنية المغاربية والأوروبية والأطلسية في مياه البحر المتوسط.


مقالات ذات صلة

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

آسيا خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

ارتفعت حصيلة هجومين استهدفا، أمس (الخميس)، موكبين لعائلات شيعية في شمال غربي باكستان، الذي يشهد عنفاً طائفياً، إلى 43 شخصاً من بينهم 7 نساء و3 أطفال.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده.

«الشرق الأوسط» (سيول)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المجر في تحدٍّ لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (وسط) يحضر حفل تخرج للطلاب في أكاديمية عسكرية في ولاية ريو دي جانيرو بالبرازيل 26 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

الشرطة البرازيلية تتهم الرئيس السابق بولسونارو بمحاولة الانقلاب عام 2022

قالت الشرطة الفيدرالية البرازيلية، اليوم الخميس، إنها وجهت الاتهامات للرئيس السابق جايير بولسونارو و36 شخصاً آخرين بتهمة محاولة الانقلاب عام 2022.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.