السودان يشهد أزمة إنسانية «غير مسبوقة»

انحسار ملحوظ للقصف الجوي والمعارك البرية في الخرطوم

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (رويترز)
سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (رويترز)
TT

السودان يشهد أزمة إنسانية «غير مسبوقة»

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (رويترز)
سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (رويترز)

انحسرت الأربعاء هجمات الجيش السوداني بالطيران الحربي والمسيرات ضد أهداف تابعة لقوات «الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم بشكل ملحوظ، مع انخفاض وتيرة المعارك البرية.

وأفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن القصف الجوي وضربات المسيرات تراجعت عن الأيام الماضية، عدا غارات جوية محدودة في محيط قيادة سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة جنوب الخرطوم.

وتشهد مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، أمدرمان وبحري) منذ أشهر، معارك عسكرية ضارية بين قوات الجيش و«الدعم السريع»، في ظل تفاقم مستمر للأزمة الإنسانية للمدنيين العالقين في مناطق الاشتباكات.

في موازاة ذلك، قال شهود عيان إن أعداداً كبيرة من العوائل في مدينة أمدرمان، ثاني أكبر مدن العاصمة، نزحت إلى نواحي الأحياء الطرفية تخوفا من تجدد الاشتباكات داخل المناطق السكنية.

وأطلق مواطنو مناطق متفرقة في العاصمة الخرطوم نداءات استغاثة عاجلة بسبب النقص الكبير في السلع التموينية والدواء والانقطاع المتواصل للكهرباء والمياه وشح في غاز الطبخ.

وقال الريح عبد الله، مقيم في حي «جبرة»، لـ«الشرق الأوسط»: نعيش ظروفاً معيشية صعبة بسبب غياب السلع الأساسية لدرجة الشح، مضيفاً أن كثيراً من الأسر ترتب أوضاعها لمغادرة المنطقة خوفا من الموت جوعا. وقالت مصادر محلية إن العشرات من الأسر في جنوب الخرطوم يعانون من حصار مطبق لأشهر من قبل قوات الدعم السريع والجيش، ويواجهون صعوبات كبيرة في الخروج الآمن من المنطقة.

من جهته، قال وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق إن السودان يشهد أزمة إنسانية «غير مسبوقة» نتجت عن الحرب التي شنتها «ميليشيا قوات الدعم السريع» على السودان وشعبه، حيث استمرت طيلة الأشهر الثمانية الماضية في تدمير مرافق الدولة الاستراتيجية والخدمية بصورة منهجية.

وقالت الخارجية في بيان إن الوزير خاطب الأربعاء جلسة رفيعة المستوى في المنتدى العالمي للاجئين المنعقد حاليا بالعاصمة السويسرية جنيف، ممثلا لوفد السودان.

وأشار الصادق إلى أن «قوات الدعم السريع ارتكبت أفظع الجرائم والانتهاكات ضد الشعب السوداني من قتل وترهيب ونهب واغتصاب وتهجير قسري مما أدى إلى نزوح الملايين داخليا بينما لجأ قسرا إلى دول الجوار ما يفوق مليون شخص».

وأكد أن «ميليشيا الدعم السريع استوفت كافة المعايير لتصنيفها جماعة إرهابية، متعهدا بالتزام السودان بالعمل على إيجاد حلول جذرية للنزوح القسري وتشجيع العودة الطوعية ومعالجة سبل كسب العيش للاجئين والمجتمع المضيف على حد السواء».

وحث الصادق المجتمع الدولي والمانحين للوفاء بتعهداتهم التي أعلنوا عنها لتنفيذ خطة المفوضية السامية للاجئين للاستجابة للأوضاع الإنسانية في السودان ودول جواره بتقديم المزيد من الدعم العاجل الإنساني والتنموي متوسط وطويل المدى.

وأعرب الصادق عن شكره وتقدير السودان لدول الجوار لاستضافتهم الفارين من ويلات الحرب.


مقالات ذات صلة

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا «مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

«مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

استنكرت الجزائر باسم «مجموعة أ 3 بلس» بمجلس الأمن الدولي، التقارير الحديثة عن عمليات القتل الجماعي والاختطاف والاغتصاب في السودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

واشنطن تعلن تقديم 200 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الخميس)، تقديم نحو 200 مليون دولار إضافية من المساعدات الغذائية والمأوى والرعاية الصحية للسودان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان في نواكشوط الأربعاء (الخارجية الموريتانية)

السعودية تطالب بوقف القتال في السودان وتنفيذ «إعلان جدة»

احتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط، اجتماعاً تشاورياً بين المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان، في إطار مساعي توحيد هذه المبادرات.

الشيخ محمد (نواكشوط)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
TT

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد، عادّاً أن المسار الوحيد الممكن هو «وقف إطلاق النار والتفاوض».

وقال ماكرون خلال جولة في القرن الأفريقي، عقب اجتماع مع رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد: «ندعو طرفي النزاع إلى إلقاء السلاح، وكل الجهات الفاعلة الإقليمية التي يمكنها أن تلعب دوراً إلى القيام بذلك بطريقة إيجابية، لصالح الشعب الذي عانى كثيراً».

وأضاف وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «العملية الوحيدة الممكنة في السودان هي وقف إطلاق النار والتفاوض، وأن يستعيد المجتمع المدني الذي كان مثيراً للإعجاب خلال الثورة، مكانته» في إشارة إلى التحرك الشعبي الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، وأثار تفاؤلاً كبيراً.

ومنذ أبريل (نيسان) 2023 اندلعت حرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو؛ وأدى القتال إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 11 مليون شخص.

ويواجه نحو 26 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وفقاً للأمم المتحدة التي دقت ناقوس الخطر مجدداً، الخميس، بشأن الوضع في البلاد التي قد تواجه أخطر أزمة غذائية في التاريخ المعاصر.

وهناك حاجة إلى مساعدات بقيمة 4.2 مليار دولار لتلبية حاجات السودانيين عام 2025، بحسب إيديم ووسورنو، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.