هل يحارب نتنياهو السلطة بعد «حماس» وينقل المواجهة إلى الضفة؟

قال إن «أوسلو» خطأ إسرائيل الأكبر... و«حماس» تطالب السلطة بالانضمام للمقاومة

الأهالي يتفقدون الموقع الذي قُتل فيه 4 فلسطينيين بطائرة مسيرة في جنين الثلاثاء (رويترز)
الأهالي يتفقدون الموقع الذي قُتل فيه 4 فلسطينيين بطائرة مسيرة في جنين الثلاثاء (رويترز)
TT

هل يحارب نتنياهو السلطة بعد «حماس» وينقل المواجهة إلى الضفة؟

الأهالي يتفقدون الموقع الذي قُتل فيه 4 فلسطينيين بطائرة مسيرة في جنين الثلاثاء (رويترز)
الأهالي يتفقدون الموقع الذي قُتل فيه 4 فلسطينيين بطائرة مسيرة في جنين الثلاثاء (رويترز)

وضعت الحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة، السلطة الفلسطينية في عين العاصفة، وأشعلت توترات في الضفة الغربية التي تخشى إسرائيل أن تتحول إلى جبهة ثالثة، وهو تخوف يبدو أحيانا أن الإسرائيليين يدفعون باتجاهه، مع فرضهم أجواء حرب يومية مستمرة هناك، بدأ يرافقها في الأسابيع القليلة الأخيرة، تحريض مباشر وواضح على الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية.

وعلى الرغم من أنه لا بوادر لتحرك داخل الضفة، تهاجم إسرائيل الفلسطينيين هناك، وتقتل مسلحين وغير مسلحين وتعتقل مسلحين وناشطين وأطباء وصحافيين ومتضامنين. وعلى الرغم من أن أي أحد في السلطة لم يقدم على أي فعل، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ليقول إن جيشه يستعد لقتال محتمل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

فهل يريد نتنياهو استكمال الحرب على الفلسطينيين من خلال السلطة بعد «حماس» في الضفة بعد القطاع؟

الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، قال إن التصريحات التي أدلى بها نتنياهو وقال فيها إن جيشه يستعد لاحتمال المواجهة مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، تعبر بشكل واضح عن نياته المبيتة بوجود قرار إسرائيلي لإشعال الضفة الغربية، وذلك استكمالاً للحرب الشاملة التي تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وأرضه، ومقدساته في قطاع غزة، والضفة الغربية، بما فيها القدس.

أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يتابع من داخل عربة عسكرية مداهمة في جنين قتل فيها 4 فلسطينيين الثلاثاء (رويترز)

واتهم أبو ردينة، الحكومة الإسرائيلية بشن حرب إبادة جماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، عبر القتل والاعتقال واقتحامات للمدن والقرى والمخيمات، وتهجير قسري للسكان، وحجز أموال المقاصة الفلسطينية. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ستجر المنطقة إلى حروب لا تنتهي، وهي تهدد الأمن والسلم الدوليين.

وفي إطار هجوم مزدوج ليس جديدا، لم ينس أبو ردينة أن يحمل الولايات المتحدة الأميركية، المسؤولية عن استمرار الحرب والعدوان والجرائم، قائلا إن استعمالها لحق النقض «الفيتو»، هو الذي أعطى الضوء الأخضر للاحتلال الإسرائيلي بالاستمرار في كل هذا.

وكان أبو ردينة يرد على تصريحات نتنياهو، التي قال فيها بأن جيشه يستعد لوضع يغير فيه اتجاه بنادقه نحو السلطة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

قتال السلطة الفلسطينية

نتنياهو قال خلال جلسة مغلقة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، إن هذا السيناريو ليس جديدا، وإن جيشه يستعد لاحتمال قتال السلطة الفلسطينية، وهو يعمل على وضع تكون فيه الطائرات في الجو «مستعدة وقادرة على التدخل وحسم المسألة». وهاجم نتنياهو السلطة، وقال إن الفارق بينها وبين «حماس» أن «(حماس) تريد إبادتنا حالا، أما السلطة فتخطط لتنفيذ ذلك على مراحل».

وعد نتنياهو أن اتفاق أوسلو «كان خطأ إسرائيل الأكبر»، موضحاً أن عدد القتلى الإسرائيليين نتيجة «أوسلو» منذ عام 1993 هو عدد القتلى نفسه في عملية «طوفان الأقصى» يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والبالغ 1200 شخص. وأعاد نتنياهو التأكيد على أن السلطة لن تحكم قطاع غزة بعد الحرب، وإنما سلطة مدنية لم يحددها.

هجوم نتنياهو على السلطة ليس جديداً، لكنه الأوضح الذي يكشف جزءاً من خطته التي قد تكون قائمة على تقويض السلطة.

الرئيس محمود عباس أثناء اجتماعه بالقيادة الفلسطينية برام الله في الثاني من ديسمبر الحالي (وفا)

عباس مدرك للمؤامرة

ولا يبدو أن تقويض السلطة سيتم من خلال استبعادها عن غزة فقط، بل عبر زجها في مواجهة بالضفة التي تشهد منذ بدأت إسرائيل الحرب على قطاع غزة توترات متصاعدة. وأكدت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مدرك لوجود مؤامرة كبيرة على القضية الفلسطينية.

وأخبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعضاء القيادة الفلسطينية، في اجتماع عقد في الثاني من الشهر الحالي، أنه لن يسمح بتمرير المؤامرة، وقال لهم إنه «يوجد عنوان واضح لكل شيء، وهو منظمة التحرير بمن فيها، لا سلطة جديدة ولا متجددة ولا أي شيء آخر». في إشارة إلى رفضه لما يطرحه الأميركيون.

ويؤمن عباس وأركان القيادة الفلسطينية، أن ثمة مؤامرة على السلطة تحاك في ذروة الحرب المدمرة على قطاع غزة، وهي قناعة عبر عنها رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، في وقت سابق عندما قال إن إسرائيل تشن حربا على السلطة الفلسطينية وعلى كل الفلسطينيين لأن السلطة هي رمز الوطنية الفلسطينية، ورمز الدولة، ورمز وحدة العنوان السياسي، ورمز وحدة الأراضي الفلسطينية، وهو لا يريد ذلك.

الحرب التي يشنها نتنياهو على السلطة ليست متعلقة بدورها فقط، بل إنه يحرض على عباس شخصياً، ويقول إنه منكر «للمحرقة» و«للمجزرة» و «يمول الإرهاب»، وسلطته ضعيفة في الضفة واختبر سابقا في غزة.

مقتل أربعة في جنين

يأتي ذلك في وقت تفرض فيه إسرائيل أجواء حرب على الضفة تقتل معها وتعتقل الفلسطينيين كل يوم، بمن فيهم أعضاء في السلطة الفلسطينية التي حجبت أموال المقاصة عنها وتركتها عاجزة عن دفع الرواتب.

وقصفت إسرائيل، الثلاثاء، مطلوبين في جنين شمال الضفة وقتلت 4 فلسطينيين.

وأعلنت وزارة الصحة، أن رفيق الدبوس، ومحمود أبو سرور، وبكر زكارنة، وثائر أبو التين (18 عاما)، قضوا بقصف مسيرات إسرائيلية.

إيقاف صحافيين في مخيم جنين للاجئين خلال هجوم إسرائيلي (إ.ب.أ)

وخاض الجيش الإسرائيلي اشتباكات واسعة في جنين طيلة ساعات، خلفت جرحى ومعتقلين ودمارا كبيرا في البنية التحتية. والاقتحام كان جزءا من اقتحام أوسع في مناطق أخرى في الضفة، حيث اعتقلت إسرائيل 50 فلسطينيا.

وأمام هذا الوضع، عدت حركة «حماس» أن تصريحات نتنياهو، التي أشار فيها إلى جهوزية جيش الاحتلال لمهاجمة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية في الضفة الغربية، «تؤكّد نيات الاحتلال الرامية لاستهداف شعبنا الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة، وأنه لا يكترث حتى بمن قبل بالتسوية السياسية معه، وأنه يسعى لترسيخ الاحتلال في أراضينا المحتلة وفي مقدمتها القدس والمسجد الأقصى». ودعت «حماس» السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، إلى «تجاوز مفاعيل اتفاقيات أوسلو، ووقف أشكال التنسيق الأمني كافة مع الاحتلال، والانتقال إلى مربع المقاومة الشاملة وحشد الطاقات كافة لمواجهة الاحتلال حتى تحرير الأرض والمقدسات، وتحقيق تطلعات شعبنا بانتزاع حقوقنا الوطنية كاملة من احتلال لا يفهم إلا لغة القوة».


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
أوروبا البابا فرنسيس يلقي خطاب عيد الميلاد أمام كرادلة كاثوليك في الفاتيكان السبت (د.ب.أ)

بابا الفاتيكان عن غزة: هذه وحشية وليست حرباً

عادة ما يكون بابا الفاتيكان فرنسيس حذراً بشأن الانحياز إلى أي من أطراف الصراعات، لكنه صار في الآونة الأخيرة أكثر صراحةً تجاه حرب إسرائيل على غزة.

«الشرق الأوسط» (مدينة الفاتيكان)
المشرق العربي الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)

«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

بدأت السلطة الفلسطينية، قبل نحو أسبوعين، عمليةً واسعةً ضد مسلحين في مخيم جنين، في تحرك هو الأقوى منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

كفاح زبون (رام الله)
تحليل إخباري «كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

تحليل إخباري «سلاح أبيض» و«أحزمة ناسفة»... تكتيكات جديدة لـ«القسام» في غزة

الواقع الميداني أجبر عناصر «القسام» على العمل بتكتيكات وأساليب مختلفة، خصوصاً وأن الجيش الإسرائيلي نجح في تحييد الكثير من مقدرات المقاومين.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
TT

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

نالت المستشفيات في جنوب لبنان، حصتها من الحرب الإسرائيلية، باستهدافات مباشرة وغير مباشرة. ومع دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين لبنان وإسرائيل، ها هي تحاول النهوض مجدداً رغم كل الصعوبات، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل أو تعمل بأقسام محددة، وتحت الخطر.

مستشفى بنت جبيل

في بلدة بنت جبيل، عاد مستشفى صلاح غندور للعمل. ويقول مدير المستشفى الدكتور محمد سليمان: «فتحنا الأبواب في اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار، بداية مع قسم الطوارئ، الذي استقبلنا فيه حالات عدّة، وقد جرى العمل على تجهيز الأقسام الأخرى، منها قسم العمليات، الذي بات جاهزاً، إضافة إلى قسمي المختبر والأشعة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ستتمّ إعادة فتح القسم الداخلي خلال أيام، أما العيادات الخارجية فتحتاج إلى مزيد من الوقت كي تستقبل المرضى، وكذلك الصيدلية».

ويتحدَّث عن أضرار كبيرة أصابت المستشفى، قائلاً: «لكننا نعمل من أجل إصلاحها. قبل أن نُخلي المستشفى كان لدينا مخزون كافٍ من المستلزمات الطبية، وهو ما سهّل عملنا».

ومع استمرار الخروقات الإسرائيلية والمسيَّرات والطائرات الحربية التي لا تفارق الأجواء، يؤكد سليمان أن «المستشفى يعمل بشكل طبيعي، والأهم أن الطاقمين الطبي والإداري موجودان».

وكان المستشفى قد استُهدف بشكل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي تسبّب بإصابة 3 أطباء و7 ممرضين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث تمّ حينها الإخلاء، علماً بأن محيط المستشفى قُصف لمرات عدة قبل ذلك.

لكن مستشفى بنت جبيل الحكومي لم يفتح أبوابه، في حين استأنف مستشفى مرجعيون الحكومي استقبال المرضى اعتباراً من يوم الخميس، 5 ديسمبر (كانون الأول).

مستشفى ميس الجبل

«لم يُسمح لنا بالتوجه إلى ميس الجبل، لذا بقي المستشفى مقفلاً ولم نعاود فتح أبوابه»، يقول مدير الخدمات الطبّيّة في مستشفى ميس الجبل الحكومي، الدكتور حليم سعد، لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «يقع المستشفى على الحدود مباشرة، أُجبرنا على إقفال أبوابه بعد نحو أسبوع من بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقد تمّ قصفه مرات عدة، ونحن حتّى يومنا هذا لم نتمكّن من العودة إليه»، وذلك نتيجة التهديدات الإسرائيلية المستمرة في هذه المنطقة ومنع الجيش الإسرائيلي الأهالي من العودة إلى عدد من القرى، ومنها ميس الجبل.

أما مستشفى تبنين الحكومي، فإنه صامد حتّى اليوم، بعدما كان يعمل وحيداً خلال الحرب، ليغطي المنطقة الحدودية هناك كلها، علماً بأنه استُهدف مرات عدة بغارات سقطت في محيط المستشفى، كما أصابت إحدى الغارات الإسرائيلية قسمَي العلاج الكيميائي والأطفال، وأخرجتهما عن الخدمة.

النبطية

من جهتها، عانت مستشفيات النبطية طوال فترة الحرب من القصف الكثيف والعنيف في المنطقة، والدليل على ذلك حجم الدمار الهائل في المدينة وجوارها؛ ما تسبب في ضغط كبير على المستشفيات هناك.

تقول مديرة مستشفى «النجدة الشعبية» في النبطية، الدكتورة منى أبو زيد، لـ«الشرق الأوسط»: «كأي حرب لها نتائج سلبية، أثرت بنا وعلينا، خصوصاً أننا في القطاع الصحي، نعيش أساساً تداعيات أزمات كثيرة، منذ قرابة 5 سنوات، منها جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية والمالية؛ ما منعنا عن تطوير إمكاناتنا وتحسين الخدمات الطبية لمرضانا».

قوات إسرائيلية تتنقل بين المنازل المدمرة في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أثر نفسي

وتتحدَّث الدكتورة منى أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» عن أمور أساسية مرتبطة بتداعيات الحرب. وتقول: «نقطتان أساسيتان، لا بد من التطرق إليهما عند الحديث عمّا أنتجته الحرب الإسرائيلية، الأولى: الوضع النفسي لجميع العاملين في المستشفى، الذين مكثوا داخله طوال فترة الحرب التي استمرّت 66 يوماً على لبنان. وفور انتهاء الحرب، وجد بعضهم منزله مدمراً وأصبحت عائلته دون سقف أو مأوى، وفقد آخرون أحباباً وأقارب لهم».

وعلى خلفية هذا الواقع، لا يزال كثير من الأطباء خارج المستشفى، لإعادة تنظيم حياتهم؛ ما تسبب بنقص في الكادر البشري داخل المستشفى، وفق ما تؤكد الدكتورة منى، التي اضطرت لدمج أقسام وتسكير أخرى.

وعن يوم إعلان وقف إطلاق النار، تروي الدكتورة منى كيف كان وقع عودة الأهالي إلى بلداتهم وقراهم: «استقبلنا 57 مريضاً في اليوم الأول، الغالبية منهم أُصيبت بوعكة صحية جراء رؤيتهم الدمار الذي حلّ بمنازلهم وممتلكاتهم».

معاناة متفاقمة

أما النقطة الثانية التي تطرّقت إليها، فإنها تتعلق بتبعات مالية للحرب أثرت سلباً على المستشفى، إذ «في الفترة الماضية تحوّلنا إلى مستشفى حرب، ولم يكن لدينا أيّ مدخول لتغطية تكلفة تشغيل المستشفى، ومنها رواتب الموظفين» حسبما تقول.

وتضيف: «لدي 200 موظف، وقد واجهنا عجزاً مالياً لن أتمكّن من تغطيته. نمرُّ بحالة استثنائية، استقبلنا جرحى الحرب وهذه التكلفة على عاتق وزارة الصحة التي ستقوم بتسديد الأموال في وقت لاحق وغير محدد، وإلى ذلك الحين، وقعنا في خسارة ولن يكون بمقدورنا تأمين كامل احتياجات الموظفين».

وعمّا آلت إليه أوضاع المستشفى راهناً، بعد الحرب، تقول: «فتحت الأقسام كلها أبوابها أمام المرضى؛ في الطوارئ وغرفة العناية وقسم الأطفال وغيرها».

وتؤكد: «رغم الضربات الإسرائيلية الكثيفة التي أصابتنا بشكل غير مباشر، ونوعية الأسلحة المستخدَمة التي جلبت علينا الغبار من مسافات بعيدة، فإننا صمدنا في المستشفى حتّى انتهت الحرب التي لا تزال آثارها مستمرة».

صور

ولا تختلف حال المستشفيات في صور، عن باقي مستشفيات المنطقة، حيث طال القصف، وبشكل متكرر، محيط المستشفيات الخاصة الموجودة هناك، وهي 3 مستشفيات: حيرام، وجبل عامل، واللبناني الإيطالي، لكنها استمرّت في تقديم الخدمة الطبية، وكذلك المستشفى الحكومي، لكنه يعاني أيضاً كما مستشفيات لبنان بشكل عام ومستشفيات الجنوب بشكل خاص؛ نتيجة أزمات متلاحقة منذ أكثر من 5 أعوام.