إيران تتهم دبلوماسياً أوروبياً بالتعاون مع إسرائيل

بدأت محاكمة الدبلوماسي السويدي بعد 600 يوم على احتجازه

صور وزعتها وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني من محاكمة الدبلوماسي السويدي يوهان فلوديروس الأحد
صور وزعتها وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني من محاكمة الدبلوماسي السويدي يوهان فلوديروس الأحد
TT

إيران تتهم دبلوماسياً أوروبياً بالتعاون مع إسرائيل

صور وزعتها وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني من محاكمة الدبلوماسي السويدي يوهان فلوديروس الأحد
صور وزعتها وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني من محاكمة الدبلوماسي السويدي يوهان فلوديروس الأحد

بعد 600 يوم على احتجازه، بدأت إيران محاكمة دبلوماسي سويدي يعمل لدى الاتحاد الأوروبي، ووجهت إليه تهمة «التآمر مع إسرائيل للإضرار بالجمهورية الإسلامية»، وفق ما أعلن القضاء في طهران، الأحد.

وأفادت وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية الإيرانية بأن «يوهان فلوديروس متّهم بالقيام بتدابير واسعة النطاق ضد أمن البلاد والتعاون الاستخباراتي الواسع مع النظام الصهيوني والإفساد في الأرض»، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

ويعدّ "الإفساد في الأرض" من الجرائم الأكثر خطورة في إيران والتي تصل عقوبتها القصوى إلى الإعدام.

وقال وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم في بيان: «لقد أبلغت أن محاكمة يوهان فلوديروس بدأت، السبت، في طهران».

الدبلوماسي السويدي يوهان فلوديروس يتحدث إلى محاميه ويظهر أيضاً مسؤول قضائي خلال جلسة محاكمة في طهران الأحد (ميزان)

والسويدي يوهان فلوديروس (33 عاماً) الذي يعمل في السلك الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي، محتجز في سجن إيفين السيئ الصيت في طهران، بعدما أوقف في 17 أبريل (نيسان) 2022 في مطار طهران أثناء عودته من عطلة مع أصدقاء.

وقال بيلستروم إن فلوديروس «محتجز تعسفياً»، مضيفاً: «لا يوجد أي أساس على الإطلاق لإبقاء يوهان فلوديروس رهن الاحتجاز، ناهيك عن تقديمه للمحاكمة». وتابع: «لقد أوضحت السويد والاتحاد الأوروبي هذا الأمر بشكل جلي لممثلي إيران».

وردّ مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأحد بالقول إنّ فلوديروس «بريء» و«لا يوجد أيّ سبب على الإطلاق لإبقائه رهن الاحتجاز»، داعياً من جديد إلى «الإفراج عنه».

و الدبلوماسي متّهم بأنّه «كان نشطاً ضدّ الجمهورية الإسلامية في مجال جمع المعلومات الاستخبارية لصالح النظام الصهيوني، في هيئة مشاريع (تهدف إلى) الإطاحة بالجمهورية الإسلامية (بقيادة) المؤسسات الأميركية والإسرائيلية والأوروبية المعروفة بنشاطها ضد إيران»، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ممثل النائب العام.وأضاف أنّ «من بين أنشطته الأخرى القيام برحلات إلى فلسطين المحتلة والتواصل مع العملاء» في إسرائيل و«جمع معلومات استخباراتية عن برامج الجمهورية الإسلامية، والتي لاتمت بصلة إلى المجال المهني للمتهم».

وبقي احتجاز فلوديروس طي الكتمان منذ اعتقاله حتى سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما كسرت عائلته الصمت، وطالبت الحكومة السويدية والاتحاد الأوروبي بالتحرك لإطلاق سراحه. وسعى الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق سراحه بهدوء.

وفي سبتمبر، أعلن القضاء الإيراني أن فلوديروس «ارتكب جرائم» في البلاد، ويجري الانتهاء من التحقيق في قضيته. وصرّح مسؤول في الاتحاد الأوروبي حينها لوكالة الصحافة الفرنسية أنهم لم يتلقوا «إجابة واضحة» عن سبب اعتقال فلوديروس.

وذكرت عائلة فلوديروس أن ظروف احتجازه «غير مقبولة»؛ إذ تبقى زنزانته مضاءة طوال الوقت، ولا يحصل على غذاء مناسب، ولا يجري فحوصاً طبية ولا تمرينات رياضية في الخارج.

صور وزعتها وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني من محاكمة الدبلوماسي السويدي يوهان فلوديروس الأحد

وبعد مضي 600 يوم على احتجازه، طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بالإفراج الفوري وغير المشروط عن فلوديروس وجميع المحتجزين الأجانب بشكل تعسفي.

وقالت في بيان: «يجب على السويد أن تضغط على الاتحاد الأوروبي للتعاون مع حلفائه، وممارسة مزيد من الضغوط من أجل إطلاق سراحهم، واحترام حقوق الإنسان في إيران. وأضاف: «ينبغي للمجتمع الدولي أن يطلب من إيران إنهاء الاعتقالات التعسفية والعمل بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان».

وكثيراً ما استخدمت إيران الرعايا الأجانب المحتجزين ورقة مساومة لتأمين إطلاق سراح مواطنيها، أو استرداد أموال مجمدة في الخارج.

جاء اعتقال فلوديروس بعد الحكم على مواطن إيراني بالسجن مدى الحياة في السويد لدوره في عمليات الإعدام الجماعية التي نفذها النظام الإيراني عام 1988 بحق آلاف المعارضين.

وتضررت علاقات الاتحاد الأوروبي مع إيران بسبب مدها روسيا بالأسلحة وقمع الاحتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني. وفرض الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة حزمات متتالية من العقوبات على إيران بسبب إمدادات الأسلحة، وقمع المتظاهرين.

وتزامن بدء محاكمة فلوديروس مع تسليم جائزة نوبل للسلام للناشطة الإيرانية نرجس محمدي المسجونة في بلادها والتي تسلّم الجائزة نيابة عنها ولداها في أوسلو الأحد.ومن المقرر أن تُسلم الثلاثاء في ستراسبورغ جائزة ساخاروف التي منحها البرلمان الأوروبي إلى مهسا أميني بعد وفاتها التي أثارت في سبتمبر(أيلول) 2022 موجة احتجاجات واسعة في البلاد.


مقالات ذات صلة

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

العالم العربي عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

خلص تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن «حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية» (حماس) ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال هجومها على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية مسلحون من حركتي «حماس» و«الجهاد» يعثرون على جثة خلال عملية البحث عن جثث الرهائن القتلى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تتسلّم جثمان رهينة عبر الصليب الأحمر من غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، أن تل أبيب تسلمت عبر الصليب الأحمر، نعش أحد الرهائن كان جثمانه في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
شؤون إقليمية وصول سيارة تحمل رفات شخص تقول «حماس» إنه رهينة متوفى تم تسليمه في وقت سابق اليوم من قبل مسلحين في غزة إلى السلطات الإسرائيلية إلى معهد للطب الشرعي في تل أبيب... إسرائيل 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

إسرائيل تعلن تسلّم بقايا جثمان رهينة كان محتجزاً في غزة

قالت الشرطة الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، إنها تسلّمت بقايا جثمان إحدى الرهينتين المتبقيتين في قطاع غزة قبل نقله إلى معهد الطب الشرعي قرب تل أبيب للتعرف عليه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
تحليل إخباري عراقجي يصل إلى باريس للقاء نظيره الفرنسي صباح الأربعاء (الخارجية الإيرانية)

تحليل إخباري تباين الأولويات يحد من فرص الانفراج بين باريس وطهران

عراقجي من باريس: لسنا مستعجلين... وننتظر الأميركيين للتفاوض حول «النووي»... وصفقة تبادل المساجين بيننا وبين فرنسا أصبحت جاهزة وستتم بعد شهرين.

ميشال أبونجم (باريس)
تحليل إخباري عراقجي يلقي كلمة أمام المؤتمر السنوي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي الثلاثاء (الخارجية الإيرانية)

تحليل إخباري هل تمهد محادثات عراقجي لانفتاح إيراني على الثلاثي الأوروبي؟

لم يكن اختيار وزير الخارجية الإيراني باريس لتكون محطته الثالثة في الجولة التي يقوم بها راهناً، والتي شملت مسقط ولاهاي، من باب الصدفة.

ميشال أبونجم (باريس)

أوجلان يشيد بـ «اتفاق 10 مارس»


رجل يمر أمام جدارية لأنصار «قسد» في القامشلي تُظهر علمها وصورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
رجل يمر أمام جدارية لأنصار «قسد» في القامشلي تُظهر علمها وصورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أوجلان يشيد بـ «اتفاق 10 مارس»


رجل يمر أمام جدارية لأنصار «قسد» في القامشلي تُظهر علمها وصورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
رجل يمر أمام جدارية لأنصار «قسد» في القامشلي تُظهر علمها وصورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

وأعياد صاخبة لكسر الخوف عدَّ زعيم «حزب العمال الكردستاني»، السجين في تركيا عبد الله أوجلان، اتفاقَ 10 مارس (آذار) الموقع بين «قوات سوريا الديمقراطية» والحكومة السورية، نموذجاً للحكم الذاتي المشترك، داعياً أنقرة إلى لعب دور يسهل تنفيذه.

وحثَّ أوجلان، في رسالة بمناسبة العام الجديد نشرها حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد في تركيا على «إكس»، الثلاثاء، أنقرةَ على أداء دور تيسيري وبنّاء يركّز على الحوار في هذه العملية.

وجاءت رسالة أوجلان في الوقت الذي كادت تنتهي فيه المهلة المحددة لتنفيذ «اتفاق 10 مارس» نهاية العام الحالي، وسبقتها رسالة كشفت عنها وسائل إعلام تركية قريبة من الحكومة، الأسبوع الماضي، بعث بها إلى مظلوم عبدي مطالباً فيها بإنهاء وجود العناصر الأجنبية ضمن صفوف «قسد».


احتجاجات إيران من البازار إلى الجامعات

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء
صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء
TT

احتجاجات إيران من البازار إلى الجامعات

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء
صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء

اتَّسعتِ الاحتجاجات في إيران مع انتقالها من الأسواق التجارية في طهران إلى الجامعات وعدد من المدن، في تطوّر لافت للحراك الذي بدأ الأحد، على خلفية تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتراجع الريال إلى مستويات قياسية، وارتفاع معدلات التضخم وتزايد الضغوط المعيشية.

وأفادت وسائل إعلام إيرانية بتنظيم مظاهرات طلابية في جامعات عدة بالعاصمة، إضافة إلى أصفهان، مع تسجيل تجمعات في كرمانشاه وشيراز ويزد وهمدان وأراك، وحضور أمني مكثف في مشهد.

ودعتِ الحكومة إلى التهدئة عبر الحوار، إذ أعلن الرئيس مسعود بزشكيان تكليفَ وزير الداخلية الاستماعَ إلى «المطالب المشروعة» للمحتجين. في المقابل، حذّر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من محاولات «استغلال الاحتجاجات».

وقالتِ المتحدثة باسم اللجنة الاقتصادية في البرلمان، النائبة فاطمة مقصودي، لوكالة «إيلنا»، إنَّ تقلباتِ السوق ترتبط أساساً بالأجواء السياسية والحديث عن الحرب. وأضافت: «يكفي أن يقول ترمب لنتنياهو: تعالَ نشرب قهوة، حتى ترتفع أسعار العملات فجأة».


احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
TT

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران

اتسعت الاحتجاجات في إيران لليوم الثالث على التوالي، مع انتقالها من الأسواق التجارية في طهران إلى جامعات ومدن أخرى، في وقت تزامن فيه الحراك مع إجراءات أمنية وتحذيرات رسمية، وخطوات حكومية اقتصادية طارئة وإعلانات عن تعطيل مؤسسات عامة.

وبينما دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى الإنصات للمحتجين عبر الحوار، حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من محاولات استغلال التطورات، وسط تفاعلات داخلية وخارجية رافقت أحدث موجة من الاحتجاجات، عكست حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد.

وفي تطور لافت، برز انضمام طلاب الجامعات إلى الحراك الاحتجاجي. وأفادت وكالة «إيلنا» الإصلاحية بأن مظاهرات طلابية نُظّمت في عدد من الجامعات بطهران، إضافة إلى مدينة أصفهان وسط البلاد. وحسب الوكالة، شملت التحركات جامعات «بهشتي، وخواجة نصير، وشريف، وأمير كبير، وجامعة العلوم والثقافة، وجامعة العلوم والتكنولوجيا» في طهران، إلى جانب جامعة التكنولوجيا في أصفهان.

كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة تجمعات ومسيرات طلابية تضامناً مع الاحتجاجات على الغلاء والأزمة الاقتصادية، فيما رددت شعارات احتجاجية مناهضة لنظام الحكم، في بعض الجامعات، وفق ما نقلته قنوات طلابية على تطبيق «تلغرام». وفي مقطع فيديو نُشر من تجمع احتجاجي في شارع ملاصدرا بطهران، يظهر محتجون يرددون شعار: «لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران».

طهران تستعد للذكرى السادسة لمقتل الجنرال قاسم سليماني بضربة أميركية يناير 2020 في بغداد (إ.ب.أ)

وأفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في طهران بأن معظم المتاجر والمقاهي في العاصمة كانت مفتوحة كالمعتاد، صباح الثلاثاء، على امتداد جادة ولي عصر، التي تمتد لمسافة 18 كيلومتراً من شمال العاصمة إلى جنوبها، رغم استمرار الاحتجاجات في مناطق أخرى. وأضافت الوكالة أن شرطة مكافحة الشغب كانت تراقب الساحات الرئيسية في وسط المدينة، من دون الإشارة إلى مواجهات واسعة النطاق خلال ساعات النهار.

في المقابل، أظهرت صور ومقاطع فيديو من مناطق أخرى، من بينها ميدان شوش، استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين، إضافة إلى دخول قوات أمنية إلى بعض الأسواق وتهديد التجار بإعادة فتح محالهم.

إلى جانب طهران وأصفهان، أفادت تقارير إعلامية بوقوع تجمعات احتجاجية في مدن أخرى، من بينها كرمانشاه، وشيراز، ويزد، وهمدان وأراك، فضلاً عن كرج وملارد وقشم خلال اليومين السابقين. وفي سياق امتداد التحركات إلى مدن أخرى، أظهرت الصور وجوداً كثيفاً لقوات الأمن ومكافحة الشغب في مشهد، ثاني كبريات المدن في البلاد، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية وشبكات اجتماعية.

بالتزامن مع الاحتجاجات، أفادت وسائل إعلام رسمية بأن مدارس ومصارف ومؤسسات عامة ستغلق في طهران و19 محافظة أخرى، الأربعاء، بسبب موجة البرد ولتوفير الطاقة. وأوضحت السلطات أن هذا القرار لا يرتبط بالاحتجاجات، مشيرة إلى أن المراكز الطبية والإغاثية، والوحدات الأمنية، وفروع البنوك المناوبة، مستثناة من التعطيل.

حسب مصادر محلية، جاءت الاحتجاجات رداً على الغلاء المتزايد، والتضخم المرتفع، وتراجع القدرة المعيشية. وسجل الريال الإيراني، وفق سعر السوق السوداء غير الرسمي، مستوى قياسياً جديداً مقابل الدولار، الأحد، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد 1.4 مليون ريال، مقارنة بنحو 820 ألف ريال قبل عام، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

إيرانية تمر من دار صرافة بينما تظهر أسعار العملة الثلاثاء (رويترز)

ورغم تسجيل تحسُّن طفيف في قيمة العملة، الاثنين، فإن تقلبات سعر الصرف المستمرة أدت إلى تضخم مرتفع وتقلبات حادة في الأسعار، حيث ترتفع بعض أسعار السلع من يوم لآخر.

انطلقت التحركات، الأحد الماضي، من أكبر أسواق الهواتف المحمولة في طهران، حيث أغلق تجار محالهم بشكل عفوي احتجاجاً على الركود الاقتصادي وتدهور القدرة الشرائية، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

وتوسعت الاحتجاجات لتشمل مناطق أوسع من وسط العاصمة، حيث واصل التجار إغلاق محالهم ونظموا تجمعات محدودة، تعبيراً عن استيائهم من الانخفاض السريع لقيمة الريال تحت وطأة العقوبات الغربية.

وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن عدداً من التجار فضلوا تعليق أنشطتهم «لتجنب خسائر محتملة»، في وقت ترددت فيه شعارات احتجاجية داخل بعض الأسواق.

وفق مركز الإحصاء الإيراني الرسمي، بلغ معدل التضخم في ديسمبر (كانون الأول) نحو 52 في المائة على أساس سنوي. غير أن وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة «اعتماد»، أشارت إلى أن هذه النسبة لا تعكس بالكامل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية.

ونقلت الصحيفة عن أحد المتظاهرين قوله: «لم يدعمنا أي مسؤول أو يسعَ لفهم كيف يؤثر سعر صرف الدولار على حياتنا»، مضيفاً: «كان يجب أن نظهر استياءنا».

الحكومة وخيار الحوار

في وقت متأخر الاثنين، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للاستماع إلى «المطالب المشروعة» للمتظاهرين. وقال بزشكيان، في منشور على منصة «إكس» نقلته وكالة «إرنا»: «طلبت من وزير الداخلية الاستماع إلى مطالب المحتجين المشروعة من خلال الحوار مع ممثليهم، حتى تتمكن الحكومة من التصرف بمسؤولية وبكل ما أوتيت من قوة لحل المشاكل والاستجابة لها».

كما أشار إلى أن «معيشة الناس» تشكل هاجسه اليومي، مؤكداً أن الحكومة تضع «إجراءات أساسية لإصلاح النظام النقدي والمصرفي والحفاظ على القوة الشرائية» على جدول أعمالها.

وقالت المتحدثة باسم ‌الحكومة، ⁠فاطمة ​مهاجراني، إنه ‌سيتم إطلاق آلية حوار تشمل إجراء محادثات مع قادة الاحتجاجات.

وحسب وكالة «مهر» شبه الرسمية، التقى بزشكيان، الثلاثاء، مسؤولين نقابيين، واقترح عدداً من الإجراءات الضريبية المؤقتة التي يفترض أن تساعد الشركات لمدة عام، في محاولة لتخفيف الضغوط الاقتصادية.

ولم تورد الوكالة تفاصيل إضافية عن طبيعة هذه الإجراءات أو آلية تنفيذها.

وقالت مهاجراني، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام رسمية، إن الحكومة «ستستمع بصبر حتى لو واجهت أصواتاً حادة». ونقلت «رويترز» قولها في هذا الصدد: «نتفهم الاحتجاجات... نسمع أصواتهم وندرك أن هذا نابع من الضغط الطبيعي الناجم عن الضغوط المعيشية على الناس». وأضافت أن الحكومة «تعترف بالاحتجاجات»، وتؤكد «حق التجمعات السلمية المعترف به في دستور الجمهورية الإسلامية».

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» من ثاني أيام احتجاجات البازار (أ.ب)

وكانت إيران قد شهدت خلال الأعوام الماضية احتجاجات واسعة لأسباب اقتصادية واجتماعية، من بينها موجة 2022 التي اندلعت عقب وفاة مهسا أميني، وتعاملت معها السلطات بإجراءات أمنية مشددة.

وأشارت مهاجراني إلى أن الحكومة تعمل على «إعداد برنامج للظروف الطارئة»، موضحة أن اجتماعاً للفريق الاقتصادي عُقد لوضع برنامج لإدارة الوضع الاقتصادي على المدى القصير، ضمن إطار زمني يقارب 15 شهراً، بهدف تحقيق الاستقرار.

وكانت الحكومة قد أعلنت، الاثنين، استبدال حاكم البنك المركزي. وقال مهدي طباطبائي، مسؤول الإعلام في الرئاسة الإيرانية، في منشور على منصة «إكس»: «بقرار من الرئيس، سيتم تعيين عبد الناصر همتي حاكماً للبنك المركزي».

ويعود همتي إلى هذا المنصب بعد أن كان البرلمان قد عزله في مارس (آذار) الماضي من منصبه كوزير للاقتصاد، بسبب فشله في معالجة المشاكل الاقتصادية في ظل الانخفاض الحاد لقيمة الريال، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

يواجه الاقتصاد الإيراني صعوبات متراكمة جراء عقود من العقوبات الغربية، التي ازدادت وطأتها بعد إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، عقب انهيار الترتيبات المرتبطة بالاتفاق النووي. وحسب تقارير اقتصادية، ساهمت هذه العقوبات في تقييد التجارة الخارجية، والضغط على العملة الوطنية، ورفع معدلات التضخم.

تحذيرات البرلمان

في المقابل، حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من مخاطر «استغلال التظاهرات لبث الفوضى والاضطرابات».

وأعلن قاليباف أن النواب عقدوا اجتماعاً مغلقاً لبحث التطورات الأخيرة، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول جدول الأعمال أو مخرجات الجلسة.

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء

وقال قاليباف، في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، إن «الأعداء» يسعون إلى جر مطالب الناس إلى الفوضى، مضيفاً أن الشعب «سيمنع انحراف الاحتجاجات».

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الاقتصادية في البرلمان، النائبة فاطمة مقصودي، لوكالة «إيلنا» إن تقلبات سوق العملة والذهب ترتبط أساساً بالأجواء السياسية وتصريحات قادة دوليين ومحليين، لا بتطورات اقتصادية فعلية، مؤكدة أن تصاعد الحديث عن الحرب أو صدور خبر واحد كفيل بدفع الأسعار إلى الارتفاع.

وأضافت مقصودي: «يكفي أن يقول ترمب لنتنياهو: تعال نشرب قهوة، حتى ترتفع أسعار العملات فجأة. إذا تحدث نتنياهو بكلمة واحدة، فترتفع الأسعار».

في الداخل، أفاد عدد من مستخدمي الهواتف المحمولة بتلقي رسائل نصية تحذيرية من جهاز استخبارات «الحرس الثوري» الإيراني، تحذرهم من المشاركة في تجمعات وصفت بأنها «غير قانونية»، حسبما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي.

ردود داخلية وخارجية

على الصعيد السياسي، أصدر حزب «نهضت آزادى (حركة الحرية)» رسالة مفتوحة انتقد فيها أداء الحكومة، معتبرة أن «تجاوز التحديات من دون إصلاح بنيوي لن يكون سوى وهم». وقالت الحركة إن سجل الحكومة خلال العام ونصف العام الماضيين «غير قابل للدفاع عنه إلى حد كبير، ولا ينسجم مع مطالب الشعب».

كما وصف مصطفى تاج زاده، السجين السياسي ونائب وزير الداخلية السابق، الاحتجاجات بأنها «حق» للمواطنين، معتبراً أن جذور الأزمة تعود إلى «البنية السياسية الحاكمة»، حسبما نقلت منصات إعلامية معارضة.

في الخارج، عبّر رضا بهلوي، نجل آخر شاه لإيران، عن دعمه العلني للاحتجاجات، معتبراً أن تدهور الأوضاع الاقتصادية سيستمر «ما دام هذا النظام في السلطة». وفي رسالة نشرها على منصة «إكس»، دعا بهلوي مختلف فئات المجتمع إلى الانضمام للاحتجاجات، كما وجه نداءً إلى القوات الأمنية والعسكرية بعدم الوقوف في وجه المحتجين، لصالح «نظام في طور الانهيار».

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، عبر حسابها الناطق بالفارسية على منصة «إكس»، دعمها لما وصفته بـ«صوت الشعب الإيراني»، معتبرة أن الاحتجاجات تعكس حالة السخط الواسع من «السياسات الفاشلة وسوء الإدارة الاقتصادية».

ودعت الوزارة السلطات الإيرانية إلى احترام الحقوق الأساسية للمواطنين والاستجابة لمطالبهم المشروعة، مؤكدة أن الولايات المتحدة تتابع التطورات عن كثب. وفي منشورات لاحقة، نشرت الخارجية الأميركية مقاطع مصورة من مدن إيرانية عدة، مشددة على أن موقف واشنطن ينسجم مع دعمها المعلن لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وقال مايك والتز، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن الشعب الإيراني يريد الحرية وقد عانى سنوات من حكم رجال الدين.

في إسرائيل، علق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت على الاحتجاجات الجارية في إيران عبر رسالة مصوّرة نشرها على منصة «إكس»، قال فيها إن المتظاهرين الإيرانيين يستحقون «مستقبلاً أفضل» و«شرق أوسط أكثر استقراراً». واعتبر بينيت أن ما يجري يعكس، على حد تعبيره، فشل السياسات الاقتصادية والسياسية في طهران، موجهاً حديثه مباشرة إلى المحتجين.