بحث وفد من «مسجد باريس الكبير»، زار الجزائر، مواجهة تصاعد خطاب معاد للمسلمين في فرنسا، على خلفية جرائم نسبها قطاع من الإعلام المحلي لمهاجرين مغاربيين، زيادة على تداعيات الاعتداء الذي ترتكبه إسرائيل في غزة منذ قرابة شهرين.
وأفادت وزارة «الشؤون الدينية والأوقاف» في حسابها بالإعلام الاجتماعي، أن الوزير يوسف بلمهدي استقبل، الاثنين بمكتبه بالعاصمة، ثلاثة مسؤولين بمسجد باريس، هم فريد حناش ومحمد رفيق تمغاري وبومدين العربي بن يحيى. موضحة أنهم أنهوا زيارة للجزائر، كانت «للتنسيق والتعاون بين الوزارة والمسجد الكبير بباريس»، من دون تقديم تفاصيل.
وكان الوزير بلمهدي زار الصرح الديني الإسلامي الأهم في فرنسا، الشهر الماضي، وبحث مع عميده الجزائري شمس الدين حفيز، «تنامي الكراهية وخطاب العنصرية ضد مسلمي فرنسا». والتقى بكثير من الأئمة الجزائريين، الذين أوفدتهم الوزارة لتأطير المساجد في فرنسا، وجمعه بهم حديث عن الحملة التي تستهدف المسلمين، خصوصاً الجزائريين الذين يعدون أكبر جالية أجنبية في فرنسا بعد البرتغاليين.
وعقد وفد المسجد، الأحد، اجتماعات في الوزارة، مع مسؤولين بـ«مديرية التوجيه الديني والثقافة الإسلامية» و«اللجنة الوزارية للفتوى»، و«مديرية التوجيه الديني وإدارة المساجد»، و«مديرية الثقافة الإسلامية والإعلام والوثائق» وفق ما نشرته الوزارة، من دون إعلان ما جرى فيها. وأكدت مصادر مهتمة بهذه اللقاءات، أنها «تناولت تفعيل توجيهات الحكومة الجزائرية بخصوص التعامل مع الحملة التي تستهدف المسلمين في فرنسا، خصوصا المهاجرين الجزائريين»، و«ضرورة الحذر من استدراجهم إلى العنف من طرف اليمين المتطرف ووسائل الإعلام التابعة له في فرنسا».
ودعت عمادة مسجد باريس، في بيان السبت، إلى «إحباط تجاوزات المتطرفين»، إثر تنظيم مظاهرات في فرنسا عدت معادية للمسلمين، زيادة على انتشار شعارات نازية وعبارات عنصرية على جدران مساجد تابعة لمسجد باريس الكبير». وعبّر البيان عن «قلق شديد بعد يوم من مسيرة في باريس، معادية بشكل واضح لجمهوريتنا». وأضاف البيان، أنه «تم إغلاق مدارس ملحقة بمساجد، يجري فيها تدريس اللغة العربية والتعليم الديني، «خوفا من هجمات محتملة». وأشار البيان إلى «تجمع لعناصر من اليمين المتطرف، الجمعة في باريس، تم في سياق حملة التنديد بمقتل شاب في الـ16 الشهر الماضي، خلال حفل في منطقة دروم جنوب شرقي فرنسا».
ويشار إلى أن «مسجد باريس» تموله الجزائر، ومسؤوله الأول تختاره الحكومة الجزائري في الغالب.
وعاشت مدن فرنسية مظاهرات، في الأيام الأخيرة، منددة بسلسلة من الجرائم نسبتها أحزاب وشخصيات اليمين، والإعلام الموالي لهم، للمهاجرين من ذوي أصول مغاربية. كما شهد خطاب العنصرية تصعيداً ضد مسلمي فرنسا، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة.
واستنكر عميد المسجد، في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط»، نشرتها السبت الماضي، «تزايدا ملحوظا للاعتداءات ضد المسلمين بفرنسا». وقال إنه رفع رسالة إلى روك أوليفيي ماستر رئيس «سلطة ضبط الإعلام السمعي البصري والرقمي»، «عبرت فيها عن القلق من الخطاب المناهض للمسلمين في وسائل الإعلام الفرنسية، التي قد تؤدي بالنهاية إلى انعكاسات سلبية وخطيرة على مسلمي فرنسا». لافتا إلى أن مسؤولي المسجد «تابعوا بدقة مدى تزايد الاعتداءات على المسلمين منذ بداية الأحداث (الحرب الإسرائيلية على غزة). كما أنه من الجانب الآخر، حتى نكون واقعيين، لا بد أن نشير إلى تزايد أحداث العنف اللفظي والجسدي المعادي للسامية أيضا».