الجيش الإسرائيلي يواجه «خضة داخلية»

تشكيك في مصداقيته وتمرد في إحدى الفرق داخل غزة

جنديان من قوات الدفاع الإسرائيلية 18 نوفمبر (رويترز)
جنديان من قوات الدفاع الإسرائيلية 18 نوفمبر (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يواجه «خضة داخلية»

جنديان من قوات الدفاع الإسرائيلية 18 نوفمبر (رويترز)
جنديان من قوات الدفاع الإسرائيلية 18 نوفمبر (رويترز)

يواجه الجيش الإسرائيلي خضة جدية تتعلق بمصداقيته، في إحدى المرات النادرة التي تحصل خلال الحرب، إذ إنه يشهد حالة تمرد في فرقة كبيرة جراء إقالة قائدين بتهمة «التراجع عن الاشتباك مع مقاتلي (حماس)»، ويتعرض لانتقادات شديدة من الصحافة التي تتهمه بالكذب وتضخيم الانتصارات.

في القضية الأولى، كشف النقاب عن أن حوالي نصف الجنود والضباط في كتيبة أعلنوا رفضهم العودة إلى الخدمة، احتجاجا على فصل قائدي سرية فيها.

ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، (الاثنين)، قرر الجيش الإسرائيلي إقالة ضابطين، هما قائد سرية ونائبه، على خلفية انسحاب السرية من إحدى المعارك العنيفة التي اندلعت مع عناصر المقاومة الفلسطينية التي حاولت التصدي للتوغل البري الإسرائيلي شمال قطاع غزة.

وسبب الانسحاب، عدم حصول السرية على دعم عسكري وغطاء ناري خلال المواجهات. وقالت الصحيفة، إن هذه الحادثة «الاستثنائية» تسببت في أزمة حادة بين مقاتلي السرية وقائد الكتيبة التابعة لها، ما دفع نحو نصف المقاتلين إلى عدم العودة للوحدة بسبب قرار اللواء، الذي عدوه منحازاً لقائد الكتيبة على حساب قائد السرية. وقالوا إنهم لم يتلقوا الدعم والغطاء الجوي، عندما وقعوا في كمين لمقاتلي «القسام»، وحيال ذلك انسحبت السرية العسكرية للخلف أمام عشرات المسلحين الذين نصبوا كميناً لقوات الجيش الإسرائيلي المتوغلة، فيما ادعى قائد الكتيبة أنه «قدم غطاء جويا مسبقا للسرية».

وأشار ضباط في الجيش الإسرائيلي إلى عدم جاهزية السرية عندما أوكلت لها هذه المهمة، وأنها «أرسلت للمهمة بشكل سيئ بعد أن كانت في نشاط عسكري متواصل في (غلاف غزة) دون راحة».

سيارة تابعة للصليب الأحمر تحمل رهائن إسرائيليين عند معبر رفح قبل دخولها إلى مصر السبت (أ.ب)

من جهة ثانية، صدم نجوم النخبة الإعلامية الإسرائيلية من مشاهدة حركة «حماس» تطلق سراح الرهائن الإسرائيليين في موقع من قلب مدينة غزة، مساء الأحد. وقالوا إن رئيس أركان الجيش وكبار الجنرالات والناطق بلسان الجيش، أجمعوا خلال تصريحاتهم في الأسابيع الأخيرة على أن «حماس» أنهكت ولم يعد لديها شيء في شمال القطاع، وإنه تم «تدمير غالبية الأنفاق التي تستخدمها تحت الأرض»، ويتبين الآن، أنها تعمل بشكل قوي وتتحكم بالقطاع كله «وتتحدى الجيش الإسرائيلي»؛ وفق رفيف دروكر في القناة 13 للتلفزيون الإسرائيلي.

وأضاف «يوجد هنا خلل يجب علاجه فورا. بيننا وبين الجيش. ليس عندي مشكلة مع نتنياهو، فهو معروف بأنه لا يقول الحقيقة. لكن الجيش، ليس مسموحاً له أن يتعامل معنا هكذا».

إسرائيل سعت للوصول إلى مستشفيات غزة أملاً في العثور على رهائن فيها (رويترز)

وقال داني كشمارو في القناة 12، «إنه لأمر مؤلم ومحزن أن نكتشف اليوم أن قادة عزيزين جدا على قلوبنا في الجيش لم يقولوا لنا الحقيقة. قالوا إننا حطمنا (حماس) في الشمال، ويتضح أن المقاومة الصلبة التي تواجه الجيش، تأتي بالذات من الشمال. قالوا لنا إن غزة سقطت بأيدينا، ويتضح أن (حماس) ما زالت موجودة وقوية في قلب غزة. لا بل إنها توجه لنا صفعة مدوية، وتبين أنها احتفظت بالمخطوفين فيها أو نقلتهم إليها، وسارت بهم بالقرب من المواقع التي يحتلها الجيش الإسرائيلي». واختتم قوله بأنه «يوجد هنا أناس يجب أن يخجلوا».

جنود إسرائيليون يقفون قرب ما يقولون إنها فتحة نفق في مجمع «مستشفى الشفاء» في مدينة غزة (رويترز)

في الأثناء، فجّر المراسل العسكري في القناة 13، أوري هيلر، قنبلة عندما أثار التساؤلات حول احتمال وجود أنفاق بين قطاع غزة وسيناء المصرية يمكن أن تؤدي إلى إخراج الرهائن الإسرائيلية إلى إيران أو اليمن. وقال إنه مصدوم من معلومات قالتها له مصادر إسرائيلية مطلعة، بأن «هناك مخاوف أمنية في إسرائيل من احتمال أن يستغل كبار مسؤولي (حماس) وقف إطلاق النار للفرار مع الرهائن عبر الأنفاق».

وأضاف «يتضح الآن أن شبكة الأنفاق تحت الأرض التابعة لـ(حماس)، أكثر أهمية وتطوراً وأكثر تعقيداً مما اعتقدت إسرائيل عشية الحرب. وأن هذه الأنفاق لم تتضرر من القصف الإسرائيلي الهائل، وربما تكون هناك أنفاق في منطقة رفح - محور فيلادلفيا، قد يستغلها قادة (حماس) للفرار من القطاع والتوجه إلى سيناء رفقة رهائن إسرائيليين، بمن في ذلك الجنود الأسرى. وأنهم يكملون من هناك إلى دولة توافق على استقبالهم على غرار إيران أو اليمن أو لبنان». وقال: «من شأن مثل هذا السيناريو، أن يقلب مجرى الحرب رأساً على عقب».

جندي إسرائيلي ينظف دبابة على حدود قطاع غزة 25 نوفمبر (أ.ب)

وكان ناحوم بارنياع، قد نشر مقالا افتتاحيا على الصفحة الأولى في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، (الأحد)، شكك فيها هو أيضا بالجيش وفجّر نقاشات حادة في صفوف النخبة الإسرائيلية؛ إذ كتب «(حماس) منظمة إرهاب إجرامية، لا مشكلة لها في أن تستخدم الابتزاز أو أن تطرح ادعاءات كاذبة. مع ذلك، كنت أقترح منذ بداية الحرب التعاطي بشك حتى مع الادعاءات التي تأتي على لسان (مصدر سياسي رفيع) أو (مصدر أمنى رفيع) في إسرائيل. فمحافل في الحكومة، تخوض صراع بقاء، شخصيا وسياسيا، بالتوازي مع خوض الحرب».

يُذكر أن التشكيك في الحكومة ورئيسها المعروف بأنه لا يكثر من قول الحقيقة، ليس مشكلة في إسرائيل. ولكن التشكيك في الجيش مسألة أخرى وغير عادية. فقط قبل أيام نشر معهد أبحاث الأمن القومي نتائج استطلاع أكاديمي، دل على أن الجمهور الإسرائيلي استعاد الثقة في الجيش، التي فقدها بداية الحرب، وأصبحت نسبة الذين يعدونه موثوقا بلغت 90 في المائة، والأمر نفسه تقريباً للناطق بلسان الجيش دانئيل هجاري (86 في المائة).


مقالات ذات صلة

مصر تُكذّب مزاعم إسرائيل حول فتح معبر رفح للخروج فقط

العالم العربي فلسطينيون أمام معبر رفح من جهة قطاع غزة في نوفمبر 2023 (أ.ف.ب) play-circle

مصر تُكذّب مزاعم إسرائيل حول فتح معبر رفح للخروج فقط

كذّبت مصر مزاعم إسرائيلية حول الاتفاق على فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان غزة فقط، في وقت هاجم فيه مقاتلو «حماس» جيش الاحتلال جنوب القطاع.

محمد محمود (القاهرة) «الشرق الأوسط» (غزة)
خاص عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة فبراير 2025 (رويترز) play-circle 02:41

خاص بعضهم شارك في تسليم أسير إسرائيلي... كيف تخفَّت عناصر «حماس» في أنفاق رفح؟

أثارت إعلانات الجيش الإسرائيلي حول قتله وأسره عناصر «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في رفح، كثيراً من التساؤلات عن ظروف معيشتهم ومدة تخفِّيهم بالأنفاق.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية مقاتلون من «الجهاد الإسلامي» وعمال مصريون يبحثون عن جثث رهائن إسرائيليين شمال النصيرات بقطاع غزة 22 نوفمبر 2025 (أ.ب)

«حماس» و«الجهاد» تعلنان تسليم جثة رهينة إسرائيلي اليوم

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن تأخير حركة «الجهاد الإسلامي» تسليم رفات رهينة إسرائيلي يُعدّ «خرقاً إضافياً» لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص موقع غارة إسرائيلية أسقطت قتلى بمدينة غزة يوم السبت (د.ب.أ) play-circle

خاص «تلاعب بالتوقيت»... مصادر تكشف لـ«الشرق الأوسط» خدعة إسرائيلية في اغتيالات غزة

مصادر ميدانية في غزة كشفت أن الجيش الإسرائيلي «تلاعب» بتوقيت إعلان عمليات اغتيال في غزة لخلق ذريعة لشن هجومه على عدد من قيادات «حماس» و«الجهاد».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دبابات «ميركافا» إسرائيلية ومدرّعة «إم 113» على حدود قطاع غزة (أ.ب) play-circle

«السر في السوشيال ميديا»... كيف عرفت «حماس» معلومات حساسة عن «الميركافا» الإسرائيلية؟

تحقيق صحافي لإذاعة الجيش الإسرائيلي، كشف عن معلومات صادمة حول قدرات حركة «حماس» الاستخبارية، وتمكنها من إحداث اختراق أمني بوسائل إلكترونية بسيطة نسبياً.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)

رئيس الأركان الإسرائيلي: «الخط الأصفر» في غزة يمثل «حدوداً جديدة»

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير (أ.ف.ب)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير (أ.ف.ب)
TT

رئيس الأركان الإسرائيلي: «الخط الأصفر» في غزة يمثل «حدوداً جديدة»

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير (أ.ف.ب)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير (أ.ف.ب)

أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، في بيان، اليوم الأحد، أن «الخط الأصفر» الفاصل في غزة هو الحدود الجديدة للقطاع مع إسرائيل.

وقال زامير في بيان أصدره الجيش الإسرائيلي إن «الخط الأصفر يشكل خط حدود جديداً، وخط دفاع متقدماً للمستوطنات، وخط هجوم».

ويقضي اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» الذي دخل حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول)، بتراجع القوات الإسرائيلية إلى ما وراء «الخط الأصفر» المحدّد للمنطقة التي انسحبت منها.


نتنياهو نحو حملة «تطهير» داخل «الليكود»

زعيم حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو إلى جانب زوجته سارة يخاطب مؤيديه في مقر الحملة بالقدس خلال انتخابات 2022 (أ.ف.ب)
زعيم حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو إلى جانب زوجته سارة يخاطب مؤيديه في مقر الحملة بالقدس خلال انتخابات 2022 (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو نحو حملة «تطهير» داخل «الليكود»

زعيم حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو إلى جانب زوجته سارة يخاطب مؤيديه في مقر الحملة بالقدس خلال انتخابات 2022 (أ.ف.ب)
زعيم حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو إلى جانب زوجته سارة يخاطب مؤيديه في مقر الحملة بالقدس خلال انتخابات 2022 (أ.ف.ب)

بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التخطيط لحملة «تطهير» ضد المناوئين له داخل حزبه، وسيستهدف هذه المرة مؤسستَي الرقابة والقضاء داخل «الليكود».

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن نتنياهو قرر الاستفادة من الفرصة التي أعقبت الانتخابات لمؤتمر الحزب، واتخاذ خطوة إلى الأمام في المواجهة لإسكات الانتقادات الداخلية.

وأضافت أنه بعد أن قرر الحزب من أعلى القمة وقف التعاون مع مراقب «الليكود» (أمين المظالم)، شاي غليلي، بعد نشره عدة تقارير انتقادية، يخطط نتنياهو للسيطرة على منصب رئيس هذه الهيئة، إلى جانب منصب رئيس هيئة القضاء داخل الحزب التي يقودها ميخائيل كلاينر.

وقالت مصادر داخل الحزب: «إنهما معارضان بشدة لنتنياهو. كان رئيس المحكمة يفعل ما يخطر بباله؛ بل تشاور مع كبار مسؤولي (الليكود) الذين انتقدوا نتنياهو. أما مراقب (الليكود) فقد أجرى تحقيقات ونشر تقارير لم تكن ضمن اختصاصه».

وفي مناقشات مغلقة، ادَّعى مقرَّبون من نتنياهو أن هاتين الهيئتين أظهرتا «استقلالية مفرطة»؛ بل و«مواجهة» تجاه نتنياهو، عبر نشر تقارير التدقيق الداخلي والقرارات القضائية للمحكمة. وقد اتخذ نتنياهو قراره باستبدال مراقب حسابات «الليكود» ورئيس المحكمة، عقب الانتخابات الداخلية لمؤتمر «الليكود» التي عُقدت قبل نحو أسبوعين.

ووفقاً لدستور الحزب، ستُجرى انتخاباتٌ خلال 90 يوماً تقريباً من انتخابات المؤتمر العام للحزب، للمناصب الرئيسية في الحزب: رئيس اللجنة المركزية، ورئيس الأمانة العامة، ورئيس المكتب. وفي إطار العملية الانتخابية، يُمكن لمؤسسات «الليكود» استبدال مراقب حسابات «الليكود»، ورئيس محكمة الحزب.

مسيرة انتخابية لأنصار «الليكود» في سوق بالقدس (أ.ف.ب)

وزعمت مصادر في «الليكود» أن نتنياهو يسعى منذ فترة طويلة لاستبدالهما، رغم أن الهيئتين يُفترض أن تكونا مستقلتين تماماً، وقد نشر مراقب «الليكود» ورئيس المحكمة تقارير أو قرارات تتعارض مع موقف رئيس الحزب؛ بل أحرجته.

ويُعتبر غليلي ناقداً لاذعاً، ولم يتردد في مواجهة نتنياهو وأنصاره في «الليكود»، وقد نشر عدة تقارير انتقد فيها توزيع رواتب مساعدي رئيس الوزراء في «الليكود»، بينما أظهرت محكمة «الليكود» استقلاليتها. وعلى سبيل المثال، أكد كلاينر وجود صعوبة قانونية في إقالة وزير الدفاع السابق يوآف غالانت من «الليكود»، رغم الرأي الذي قدمه المستشار القانوني للحزب والمقرب من نتنياهو، المحامي آفي هاليفي، وأعرب عن دعمه القاطع لإقالة غالانت.

وتناقش المحكمة طلب طرد غالانت من «الليكود» منذ أشهر، ولكنها ترفض حالياً البت في القضية. كما اتخذت المحكمة، قبيل انعقاد مؤتمر «الليكود»، عدة قرارات أضرت بقيادة الحزب.

وقال مصدر في «الليكود»: «لقد قضوا علينا بقراراتهم التي أعقبت مختلف الالتماسات التي قُدمت، وصعَّبوا انعقاد المؤتمر». وأكد أحد مساعدي نتنياهو أن رئيس الوزراء يعمل على استبدال الاثنين، وعلَّل ذلك بقوله: «نحن في (الليكود) نطالب بالحوكمة. ولا يُعقل ألا يكون هذا حتى في حزبنا».


نتنياهو يرى أن المرحلة الثانية اقتربت في غزة... ويرهنها بـ «إنهاء حكم حماس»

TT

نتنياهو يرى أن المرحلة الثانية اقتربت في غزة... ويرهنها بـ «إنهاء حكم حماس»

نتنياهو يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني فريدريك ميرتس في القدس يوم الأحد (رويترز)
نتنياهو يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني فريدريك ميرتس في القدس يوم الأحد (رويترز)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستنتقل قريباً إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في قطاع غزة، لكنه رهن ذلك بإنهاء حكم حركة «حماس» ونزع سلاحها، وواصفاً المرحلة بأنها «أكثر صعوبة».

وأضاف نتنياهو في مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريك ميرتس في إسرائيل، الأحد، «انتهينا من الجزء الأول؛ كما تعلمون، المرحلة الأولى. نحن على وشك الانتهاء. بعد عودة جثمان آخر رهينة، الرقيب ران غفيلي، تجب إعادته إلى هنا. نتوقع الانتقال قريباً إلى المرحلة الثانية، وهي أصعب، أو على الأقل بنفس صعوبة الأولى. لم يكن أحد يتوقع أن يضغط ترمب على (حماس) لإطلاق سراح الرهائن، لكننا نجحنا. والآن المرحلة الثانية، من أجل نزع سلاح (حماس) ونزع سلاح غزة. وهناك مرحلة ثالثة، وهي نزع التطرف من غزة».

وبحسب تقارير سابقة يُفترض أن يُعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، قبل أعياد الميلاد.

وتشمل المرحلة الثانية من الاتفاق انسحاباً إسرائيلياً إضافياً من أجزاء من غزة، ونشر قوة دولية للاستقرار، وبدء العمل بهيكل الحكم الجديد الذي يتضمن «مجلس السلام» بقيادة ترمب.

ورأى نتنياهو أن «السلام الآن في متناول اليد، بعد الضربات الإسرائيلية ضد المحور الإيراني»، وقال إنه سيناقش هذه المسألة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي سيلتقيه هذا الشهر كما سيناقش معه «كيفية إنهاء حكم (حماس) في غزة؛ لأن هذا جزء أساسي من ضمان مستقبل مختلف لغزة ومستقبل مختلف لنا».

كما جدد نتنياهو رفضه لفكرة وجود دولة فلسطينية، زاعماً أن «هدف الدولة الفلسطينية هو تدمير الدولة اليهودية الوحيدة».

وقال: «كان لديهم بالفعل دولة في غزة، دولة بحكم الأمر الواقع، واستُخدمت لمحاولة تدمير الدولة اليهودية الوحيدة. نعتقد أن هناك سبيلاً للدفع بسلام أوسع نطاقاً مع الدول العربية، وطريقاً آخر لإرساء سلام عملي مع جيراننا الفلسطينيين، لكننا لن ننشئ على عتبتنا هنا دولةً ملتزمةً بتدميرنا».

ميرتس يكسر العزلة

مثلت زيارة ميرتس كسراً لعزلة أوروبية على نتنياهو وحكومته على خلفية الحرب في غزة، وتجاهله لتفاهمات ومطالب فردية وجماعية بإدخال المساعدات إلى القطاع ووقف الحرب التي دمرت القطاع الفلسطيني، فضلاً عن صدور مذكرة بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.

سيدة فلسطينية في مخيم الشاطئ بغزة تحمل طفلها يزن أبو فول الذي يعاني من سوء تغذية حاد في يوليو الماضي (إ.ب.أ)

وقال ميرتس الذي أثار استياء السلطات الإسرائيلية بقراره في أغسطس (آب) الماضي، فرض حظر جزئي على صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل رداً على تكثيفها قصف غزة، «إن الوقوف إلى جانب هذا البلد (إسرائيل) يشكل جزءاً من جوهر سياسة جمهورية ألمانيا الاتحادية الثابت والأساسي، وسوف يظل كذلك». وأضاف ميرتس، الذي رفع هذا الحظر في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد وقف هش لإطلاق النار: «شكلت تصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة بعض المعضلات بالنسبة لنا (...)، وقمنا بالرد عليها». ومع ذلك، فقد استبعد ميرتس توافر شروط اعتراف ألمانيا بدولة فلسطينية في «المستقبل المنظور». ورأى أن «المهم الآن هو تنفيذ خطة السلام خطوة خطوة».

وقال المستشار الألماني، إن توجيه دعوة إلى نتنياهو لزيارة ألمانيا «ليس مطروحاً في الوقت الحالي»، مضيفاً: «لا يوجد في الوقت الحالي داعٍ للحديث عن ذلك. إذا سمح الوقت، فقد أوجه دعوة كهذه في الوقت المناسب، لكن هذا ليس موضوعاً مطروحاً بالنسبة لكل منا في الوقت الحاضر».

لقاء سري مع بلير

في غضون ذلك، كشفت وسائل إعلام عبرية عن لقاء سري، عُقد قبل أسبوع تقريباً، وجمع نتنياهو، برئيس وزراء بريطانيا السابق، توني بلير، لبحث ترتيبات اليوم التالي في غزة.

وقالت مصادر إسرائيلية لهيئة البث الرسمية «كان» إن بلير يعمل على «مبادرة تسمح بتولي السلطة الفلسطينية إدارة مناطق محددة في قطاع غزة؛ على أن يبدأ ذلك أولاً بشكل تجريبي، ويمكن أن يتحول إلى دائم في حال حقق نجاحاً».

وبحسب «كان» فإن «الجهات الأمنية في إسرائيل ناقشت المقترح، ولم يتم رفض المبادرة المطروحة بشكل قاطع»، لكن ديوان رئيس الوزراء امتنع عن التعليق بشأن هذا الموضوع.

وأكدت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عقد الاجتماع، وقال مصدر مطلع للصحيفة إن بلير يعمل بشكل وثيق مع المبعوث الأميركي جاريد كوشنر (صهر ومستشار ترمب) لتعزيز تشكيل هيئة انتقالية فلسطينية من المفترض أن تدير القطاع بدلاً من «حماس».

لكن المصدر نفى بشدة ما أوردته قناة «كان» حول عرض بلير خلال الاجتماع خطة لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة تدريجياً.

وجاء لقاء بلير بنتنياهو في كل الأحوال، بعد لقائه في رام الله حسين الشيخ نائب الرئيس الفلسطيني، في نهاية الشهر الماضي.

الشيخ وفريقه يلتقي بلير وفريقه في رام الله نوفمبر الماضي (موقع الشيخ على إكس)

وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «الشيخ أبلغ بلير بأن السلطة لن تتنازل عن الحكم في قطاع غزة لأي جهة أو مسمى أو قوة». وأضاف أن الرسالة نفسها وصلت إلى الجانب الأميركي».

وشرح المصدر وجهة نظر رام الله بالقول: «من سيضبط الأمن في الشارع؟... من سيتعامل مع المواطنين أو يعتقل المخالفين للقانون، وينظم شؤون الحياة؟... لا يمكن لجهة أجنبية أن تقوم بذلك، ولن يسمح بالتعامل مع الفلسطينيين إلا من خلال فلسطيني».

وترى السلطة أن إدارة الشؤون الفلسطينية هي وظيفة اللجنة الإدارية والشرطة الفلسطينية التي ستحكم غزة، بينما يتولى «مجلس السلام»، والهيئة التنفيذية التي تحته تسوية قضايا أخرى متعلقة بضمان تطبيق الاتفاق بما يشمل انسحاب إسرائيل من القطاع، ودفع عملية إعادة الإعمار.

ووفقاً للمسؤولين الأميركيين، سيكون «مجلس السلام» بقيادة ترمب، والذي سيضم نحو 10 قادة من دول عربية وغربية، على قمة هيكل الحكم الجديد في غزة، وسيأتي تحته مجلس تنفيذي دولي يضم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، ومستشاري ترمب جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، إضافة إلى مسؤولين كبار من الدول الممثلة في «مجلس السلام».

أما الحكومة الفلسطينية في القطاع، فستكون «حكومة تكنوقراط» تعمل تحت المجلس التنفيذي، وستضم بين 12 و15 فلسطينياً ممن لديهم خبرة إدارية وتجارية وغير منتمين إلى الفصائل الفلسطينية.

وترى السلطة أن القوات الدولية «يجب أن تكون مهمتها مهمة الفصل بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، وتقديم الحماية للشعب الفلسطيني».

وبحسب المصدر «لم يتم الاتفاق على ذلك حتى الآن، وتوجد عقبات من جهة إسرائيل، ولم يرد بلير بشكل واضح أو حاسم»، مشيراً إلى أن «بلير يفترض أن يعود إلى المنطقة في وقت قريب جداً، من أجل مزيد من المشاورات».