غزة... حيث لا تنتهي الطوابير

الناس ينتظرون ساعات للحصول على الماء والغاز والبنزين

طابور أمام محطة وقود في رفح يوم الأحد (د.ب.أ)
طابور أمام محطة وقود في رفح يوم الأحد (د.ب.أ)
TT

غزة... حيث لا تنتهي الطوابير

طابور أمام محطة وقود في رفح يوم الأحد (د.ب.أ)
طابور أمام محطة وقود في رفح يوم الأحد (د.ب.أ)

لأكثر من 7 ساعات، وقف بلال أحمد من سكان منطقة حي اليرموك، شرق مدينة غزة، في طابور طويل مع مئات آخرين على أمل التزود بالقليل من الغاز المنزلي الذي سُمح بإدخاله للقطاع بكميات ضئيلة جداً، بعد 50 يوماً من الحرب الإسرائيلية المدمرة. ومعاناة بلال في الواقع هي معاناة يُضطر كل الغزيين للتعايش معها يومياً من أجل اقتناء الغاز أو الماء أو الوقود.

وسمحت القوات الإسرائيلية بدخول كميات قليلة جداً من الوقود والغاز إلى مدينة غزة وشمال القطاع، على عكس الكميات الكبرى التي سُمح بإدخالها إلى وسط قطاع غزة وجنوبه.

وقال بلال أحمد لـ«الشرق الأوسط» إنه اضطر لقطع مسافة كيلومترين تقريباً مع فجر اليوم الثالث للتهدئة (الأحد)، للوصول إلى محطة تعبئة الغاز، سعياً إلى حجز دور له في طابور لا ينتهي، وعلى الرغم من ذلك اضطُر أن ينتظر أكثر من 7 ساعات حتى حصل على كمية بسيطة، وكان محظوظاً قياساً بغيره الذين باتوا ليلتهم هناك.

طابور غاز في رفح يوم السبت (أ.ب)

وأضاف: «بعد كل ذلك سمحوا لي بتعبئة 6 كيلوغرامات من الغاز، لا تكاد تكفيني وعائلتي (14 فرداً)، سوى نحو 15 يوماً».

لكن على الرغم من ذلك كان بلال أحمد ممتناً؛ لأنه منذ اليوم الثاني عشر للحرب، وهو يحاول الحصول على أي كمية من الغاز.

أمام كل محطة تعبئة غاز في قطاع غزة اليوم تجد طوابير لا تنتهي. الكبار، الشبان، النساء... الجميع ينتظرون دورهم من أجل الحصول على نصف جرة فقط من الغاز.

يقول محمد حمادة، وهو صاحب إحدى محطات تعبئة الغاز، إن ما دخل من كميات إلى القطاع قليل، ولا يساوي ما كان يدخل قبل الحرب، مضيفاً أن ما حصل عليه «يكفينا نصف يوم واحد، ولذلك لا نستطيع تعبئة أكثر من 6 كيلوغرامات (للفرد الواحد في الطابور) حتى يحصل أكبر قدر ممكن من المواطنين على الغاز».

ينتظرون في طابور للحصول على غاز الطهي في خان يونس (أ.ب)

وسُمح بإدخال الوقود والغاز إلى مدينة غزة وشمال القطاع، بعد أزمة تتعلق بتنفيذ بنود اتفاق الهدنة الإنسانية، علّقت خلالها «كتائب القسّام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، تسليم المحتجزين الإسرائيليين، يوم السبت، اعتراضاً على عدم إدخال المساعدات لتلك المناطق، قبل أن تعاود السلطات الإسرائيلية السماح بإدخالها، كما سمحت بترخيص خاص بإدخال محروقات لصالح شركات الاتصالات لتشغيل الشبكات، وكميات قليلة من الخضار المفقود بتلك المناطق.

وانشغل الكثير من الغزيين خلال فترة الهدنة الإنسانية بمحاولة توفير جزء يسير من الاحتياجات الأساسية التي يحتاجون إليها، لكن مثل الغاز كل شيء يحتاج إلى الوقوف في طابور.

طابور للحصول على غاز في خان يونس يوم السبت (أ.ب)

قالت أم تيسير صيام من سكان حي الزيتون جنوب مدينة غزة، وهي تعول 7 من أبنائها القاصرين، إنها اضطرت لشراء غالون مياه محلاة تصل سعته إلى 14 لتراً، بمبلغ 10 شواقل (أي ما يعادل أقل من 3 دولارات) بعد انتظار طويل في طابور طويل.

وصيام النازحة مع أفراد عائلتها إلى حي الشيخ رضوان، انتظرت ساعتين حتى تحصل على هذه الكمية البسيطة من المياه، والتي لا تكاد تكفي يومين. وقالت: «منذ إدخال كميات قليلة من الوقود لتشغيل محطات تحلية المياه، ونحن نقف في طوابير طويلة من أجل القليل من الماء».

وسمح ضمن المساعدات التي دخلت إلى مناطق مدينة غزة وشمال القطاع، بدخول قارورات مياه صغيرة، إلا أنها لا تكفي إلا نحو 2000 نازح فقط داخل بعض المدارس التي وصلت إليها المساعدات بحلول صباح الاثنين.

الخبز يُحَضَّر على الحطب في خان يونس يوم 13 نوفمبر (إ.ب.أ)

وتقول منظمات دولية، وكذلك جهات حكومية بغزة، إن ما دخل القطاع من مساعدات يُعد نقطة في بحر الاحتياجات اليومية.

وقبل الحرب الإسرائيلية، كان يدخل قطاع غزة يومياً نحو 800 شاحنة محملة بمختلف أنواع البضائع حتى تغطي احتياجات السكان.

ومن مفارقات أزمة المساعدات الإنسانية أن سكان مدينة غزة وشمال القطاع، لا يجدون أي كميات وقود لتشغيل مركباتهم، على عكس ما يجري وسط وجنوب القطاع.

وقال الشاب أيمن حمدان من سكان خان يونس، إنه اضطر إلى الاصطفاف نحو 10 ساعات كاملة للحصول على 30 لتراً من الوقود لصالح مركبته المتوقفة عن العمل منذ اليوم التاسع عشر للحرب. أضاف: «أزمة غير طبيعية. يجب أن تقف ساعات طويلة حتى في البرد والمطر حتى تحصل على قليل من الوقود. يجب أن تذهب أيضاً إلى طابور للحصول على ماء، وطابور آخر للحصول على الغاز... الحياة في غزة صارت طوابير وراء طوابير».


مقالات ذات صلة

معاناة «قارصة» للنازحين في خيامهم... البرد يقتل 3 رضَّع بغزة

المشرق العربي رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)

معاناة «قارصة» للنازحين في خيامهم... البرد يقتل 3 رضَّع بغزة

يعاني نحو مليوني نازح، تعيش غالبيتهم العظمى في خيام، ظروفاً قاسية خلال فصل الشتاء الثاني على التوالي الذي يقضونه في ظروف مماثلة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (إ.ب.أ)

إسرائيل تقر لأول مرة بمسؤوليتها عن اغتيال إسماعيل هنية في طهران

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن بلاده اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في الصيف الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية بقطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي ينشئ منتجعات لجنوده في غزة ومفاعلاً لتحلية مياه البحر

أنشأ الجيش الإسرائيلي 3 منتجعات لجنوده في مواقع عدة له بقطاع غزة، مما يدل على أنه يعمل ليبقى هناك مدة طويلة إذا احتاج الأمر.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

إعلان مقتل خمسة من طاقم مستشفى في غزة بغارة إسرائيلية

بقايا سيارة بعد غارة إسرائيلية بالقرب من مستشفى «العودة» في قطاع غزة (رويترز)
بقايا سيارة بعد غارة إسرائيلية بالقرب من مستشفى «العودة» في قطاع غزة (رويترز)
TT

إعلان مقتل خمسة من طاقم مستشفى في غزة بغارة إسرائيلية

بقايا سيارة بعد غارة إسرائيلية بالقرب من مستشفى «العودة» في قطاع غزة (رويترز)
بقايا سيارة بعد غارة إسرائيلية بالقرب من مستشفى «العودة» في قطاع غزة (رويترز)

قال مدير مستشفى «كمال عدوان» في شمال غزة، الخميس، إن خمسة من أفراد طاقم المرفق، بينهم طبيب، قُتلوا بغارة إسرائيلية.

عناصر الدفاع المدني يخمدون حريقاً في سيارة بث تلفزيوني إثر قصف إسرائيلي في محيط مستشفى «العودة» في النصيرات بقطاع غزة في 26 ديسمبر 2024 (رويترز)

وأفاد مدير مستشفى «كمال عدوان» الطبيب حسام أبو صفية في بيان بـ«استشهاد 5 من كوادر الطاقم الطبي في المستشفى جراء عدوان الاحتلال المتواصل».