الجزائر: التدخلات الخارجية في ليبيا غذّت الانقسام الداخلي

مباحثات بين عطاف وباتيلي حول الانتخابات والمصالحة

المباحثات بين وزير خارجية الجزائر وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا (الخارجية الجزائرية)
المباحثات بين وزير خارجية الجزائر وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا (الخارجية الجزائرية)
TT

الجزائر: التدخلات الخارجية في ليبيا غذّت الانقسام الداخلي

المباحثات بين وزير خارجية الجزائر وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا (الخارجية الجزائرية)
المباحثات بين وزير خارجية الجزائر وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا (الخارجية الجزائرية)

أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، أن الأزمة الليبية «ما كانت لتكون لولا التدخل العسكري الأجنبي، وما كانت لتدوم لولا التدخلات الخارجية التي أسهمت في تغذية الانقسام بين الاشقاء الليبيين».

وكان عطاف يتحدث في مقر وزارة الخارجية، الاثنين، إثر انتهاء لقائه الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عبد الله باتيلي، حيث أفاد بأن للجزائر «قناعة راسخة أن جوهر الأزمة الليبية ولبّ الصراع يتمثل في التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الليبي»، وفق ما نشرته «الخارجية الجزائرية» على حسابها في الإعلام الاجتماعي، بخصوص محادثات الرجلين.

وشدد عطاف على أن الجزائر «ترفض رفضاً تاماً هذه التدخلات، وتدعو لإنهاء جميع أشكالها وأساليبها وصورها في المشهد الليبي، سياسية كانت أم عسكرية». مبرزاً أنها «زادت من تعقيد المساعي الرامية لمرافقة أطراف النزاع الداخلي نحو صياغة التوافقات السياسية الضرورية لرأب النزاع وصدعه».

وتحدث عن «حتمية معالجة هذه المسألة بصفة أولوية، عبر الاحتكام إلى القرارات التي اعتمدها مجلس الأمن بهذا الشأن، وعبر إعلاء التعهدات التي أفضى إليها مختلف المؤتمرات الدولية، لا سيما مؤتمري برلين الأول (مطلع 2020) والثاني (يونيو-حزيران 2021)».

وزير خارجية الجزائر مع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا (الخارجية الجزائرية)

ويشار إلى أن زيارة الدبلوماسي السنغالي باتيلي تأتي في إطار مهمته لاحتواء الخصومات الداخلية، وإحداث تقارب بين أطرافها. وقالت مصادر سياسية إن مباحثاته مع عطاف، «تناولت الانتخابات المرتقبة ومساعي الصلح بين المتنازعين».

وحسبما أوردت الخارجية الجزائرية، أكد عطاف في تصريحاته، أن بلاده «ستواصل دعمها التام وانخراطها الكامل، في الجهود المبذولة سواء من منظمة الأمم المتحدة أو من الاتحاد الأفريقي»، مشيداً بـ«المساعي المبذولة تحت لواء هاتين المنظمتين، ونرى فعلياً أن المسارين، الأممي والأفريقي، مترابطان في المسعى ومتكاملان في المقصد، وأنهما يدعم كل منهما الآخر في تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في إنهاء الأزمة وطي صفحة الانشقاقات، وإعادة اللحمة بين بنات وأبناء ليبيا الواحدة والموحدة، وطناً ودولة وشعباً».

وأضاف عطاف أن «مسار الانتخابات الذي تسعى الأمم المتحدة لتوفير الشروط القانونية والسياسية لنجاحه، حلاً دائماً ومستداماً للأزمة في ليبيا، بحاجة أيضاً إلى مسار لمصالحة وطنية، من شأنه أن يسهم الاتحاد الأفريقي في ترقيته كأرضية توافقية، تجمع بين بنات وأبناء ليبيا الشقيقة في إطار مشروع وطني شامل وجامع، بعيدٍ كل البُعد عن منطق التجاذبات والانقسامات، وعن منطق الغالب والمغلوب».

الرئيس الجزائري مستقبلاً المبعوث الأممي 25 يناير 2023 (الخارجية الجزائرية)

وتابع أن «السياق الدولي والإقليمي المثقل بالصراعات والأزمات والاضطرابات لا يُمكن ولا يَجب أن يُنسينا أن الشعب الليبي الشقيق لا يزال بحاجة ماسّة إلى دعم المجموعة الدولية وهو يحاول رفع التحديات التي تفرضها المرحلة الراهنة، ويسعى جاهداً لتضميد جراحه وتوحيد صفوفه ووضع حد نهائي للأزمة التي ألمَّت به وابتلته شر البلية». مشيراً إلى أن الجزائر «رحّبت على وجه التحديد بالجهود المبذولة من أجل اعتماد النصوص القانونية الضرورية، لتأطير العملية الانتخابية في ليبيا، وتجاوز الخلافات التي تعترض هذا المسار. ومن جهة أخرى، رحَّبنا كذلك بالاجتماعات التي ينظمها الاتحاد الأفريقي، بمشاركة جميع الأطياف السياسية الليبية من شرق البلاد وغربها وجنوبها، تحضيراً لعقد مؤتمر مهم للمصالحة الوطنية».

ومنذ اندلاع الأزمة في 2011 كانت الجزائر عُرضة لتسلل مسلحين وتهريب أسلحة عبر حدودها مع ليبيا (900 كلم). وكثيراً ما نشر جيشها تقارير وصوراً عن اعتقالات وحجز أسلحة، ذات صلة بالأوضاع المضطربة في ليبيا، الأمر الذي دفعها إلى إطلاق مساعٍ لتطويق الأزمة وحصر تهديداتها، ومناهضة التدخلات الخارجية لإيجاد حل توافقي يُرضي جميع الأطراف في ليبيا. وكانت قد دعت مرات عدّة، أطراف الصراع الليبي، إلى عقد اجتماعات على أرضها بهدف البحث عن توافق يمهد لانتخابات عامة. ومنذ أسبوعين، عادت شركة المحروقات «سوناطراك» إلى ليبيا، حيث لديها أنشطة في مجال الاستكشاف، بعد سنوات من الغياب بسبب الأوضاع الأمنية.


مقالات ذات صلة

الجزائر تجري محاكاة لخطف طائرة فرنسية بعد 30 سنة من الحادثة

شمال افريقيا نخبة الشرطة في أثناء اقتحام الطائرة (سلطات المطار)

الجزائر تجري محاكاة لخطف طائرة فرنسية بعد 30 سنة من الحادثة

أجرت مجموعة من نخبة الشرطة الجزائرية تمريناً يحاكي خطف طائرة مع مسافرين بداخلها، بمطار عاصمة البلاد، في مشهد أعاد للأذهان حادثة خطف طائرة تابعة للخطوط الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري مع رئيس وزرائه (على يمينه) ووزير الداخلية قبل انطلاق اجتماع الحكومة مع الولاية (الرئاسة)

تبون: الجزائر لا يمكن افتراسها بـ«هاشتاغ»

رد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء، على وسم انتشر في المنصات الرقمية، عنوانه «مانيش راضي» (لست راضياً) بالعامية الجزائرية، يحمل انتقادات للأوضاع.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري مع رئيس وزرائه (على يمينه) ووزير الداخلية قبل انطلاق اجتماع الحكومة مع الولاية (الرئاسة)

رئيس الجزائر يعلّق على هاشتاغ «لست راضياً»

ردّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على شعار يجري ترديده في فضاءات الإعلام الاجتماعي عبّر فيه أصحابه عن تذمرهم من حالة الحريات في البلاد، وأوضاعها الاقتصادية.

شمال افريقيا الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبّون: «السياسة التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، الهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت في تقليص فاتورة الواردات بنسبة 40 في المائة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون وعد بـ«حوار شامل مع جميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين» لكن دون تحديد موعد له (أ.ف.ب)

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

طالب قادة 3 أحزاب من المعارضة الجزائرية السلطة بـ«تكريس انفتاح سياسي حقيقي»، و«إطلاق تعددية حقيقية»، و«احترام الحريات العامة»، و«إطلاق مشروع للسيادة والصمود».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حسمت مصر إشاعات فرض ضريبة جديدة على الجوالات المستوردة من الخارج، بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت أنه لا جمارك جديدة ستفرض، لكن ستطرح منظومة جديدة لمواجهة التهريب، الذي كان يصل لنحو 95 في المائة من الواردات ويضر خزينة الدولة.

وأكد مسؤول مصري في تصريحات، الأربعاء، أن المنظومة ستطبق خلال أيام، بهدف مزيد من الحوكمة، وتطويق عمليات تهريب أجهزة الجوالات غير المسبوقة من الخارج، وسط تأكيد مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراء سيحمي الاستثمارات الداخلية، ويشجع الصناعة المحلية دون أي تأثير على أسعار الهواتف داخل مصر.

وكشف نائب وزير المالية المصرية، للسياسات الضريبية، شريف الكيلاني، في مقطع مصور الأربعاء، عن أن هناك «إشاعات انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة بفرض ضريبة جديدة على الجوّال»، مؤكداً أنه «لا فرض ضريبة إضافية على الجوالات».

هواتف «غوغل بيكسل» الجديدة (غوغل)

كما أوضح المسؤول المصري أن «كل ما في الأمر هو أن هناك حوكمة أكبر للجوالات القادمة من المنافذ الجمركية»، لافتاً إلى أن «الآونة الأخيرة شهدت للأسف الشديد ظاهرة تهريب الجوالات بطريقة فاقت التوقعات».

«ويتم تهريب 95 في المائة من الجوالات المستوردة، وتدفع فقط 5 في المائة الرسوم الجمركية المقررة منذ زمن»، بحسب الكيلاني، الذي شدد على أن التهريب أضر بالخزينة العامة للدولة، دون تحديد قيمة الخسائر.

وتعد رسوم استيراد أجهزة الاتصالات محددة وثابتة، وتشمل 14 في المائة ضريبة قيمة مضافة، و10 في المائة رسوم جمارك.

ولمواجهة آفة التهريب، قال نائب وزير المالية، إن الوزارة صممت تطبيقاً على الجوالات يسمح للقادمين من الخارج، سواء في المواني أو المطارات، بتسجيل جوالاتهم الشخصية عن طريق التطبيق بمجرد دخولهم إلى البلاد، دون أي جمارك أو رسوم إضافية، على أن يتم إرسال رسالة نصية للجوالات المهربة غير المسجلة على ذلك التطبيق، تنص على المطالبة بدفع الرسوم الجمركية المقررة خلال 90 يوماً، ليتم بعدها وقف تشغيل الجوالات المهربة غير المسددة للرسوم.

مصر لمواجهة تهريب الهواتف المحمولة (آبل)

ويوضح رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، في حديث لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل أخرى، مبرزاً أن هناك شكاوى قدمت للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، من صناع ومعنيين في السوق المحلية، من إدخال البعض جوالات مستوردة من الخارج، دون دفع جمارك أو ضرائب، مما يضر باستثماراتهم والسوق المحلية. وأكد أن التطبيق «سيواجه ذلك التهريب، وينتظر الإعلان عن موعد دخوله حيز التنفيذ، ولن يؤثر سلباً على السوق»، موضحاً أن تلك الجوالات كانت تدخل بطريقة غير رسمية للبلاد، وكانت تضر السوق.

وكانت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب، قد كشفت قبل أيام عن أن هناك بلبلة بشأن وقف إدخال الجوالات المستوردة من الخارج، ابتداء من يناير 2025.

وأوضحت أن «هناك مشكلة في الرقابة، ذلك أن دخول الجوالات من السوق الأوربية لمصر بشكل كبير أثر على عملية البيع المحلي في مصر»، لافتة إلى أن الجوالات «سيتم السماح بدخولها لكن سيتم دفع الرسوم المقررة».

وأكدت وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب أن دخول الجوال المستورد من الخارج بالضريبة «سيجعل تكلفته أغلى من سعره في الداخل، ومن ثمّ سيساهم في تقليل الاستيراد، وتعزيز البيع المحلي، وعدم اللجوء للخارج»، مؤكدة أن التوجهات الرسمية تفيد بدخول جوال واحد كل سنة دون ضريبة، وإن زاد على ذلك فلابد من دفع الرسوم المقررة.

وانتقد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، استيراد كميات كبيرة من السلع، من بينها الجوالات؛ ما يسبب أزمة في توافر الدولار، وقال خلال افتتاحه مشروعات نقل جديدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده تستورد بنحو 9 مليارات دولار (الدولار الأميركي يعادل 49.30 جنيه مصري) جوالات سنوياً»، ودعا إلى «ضرورة الاتجاه للتصنيع المحلي؛ لتقليل فاتورة الاستيراد».

ويتوقع رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، أن يعزز عمل المنصة الجديدة مواجهة الجوالات المهربة داخل السوق، مرجحاً أنها قد تتلاشى مع مخاوف من عدم عملها داخل مصر، خاصة أنها قد لا تدفع الجمارك المقررة عليها، مشدداً على أن تلك الخطوة «ستشجع الاستثمارات المحلية بشأن تصنيع الجوالات، ولن تؤدي إلى أي ارتفاع جديد في أسعار الجولات داخل البلاد».

هاتف «شاومي 14 ألترا» (إدارة الشركة)

ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأجنبية المصنعة للجوالات في مصر إلى نحو 11.5 مليون وحدة سنوياً، حسب إفادة من وزارة الاتصالات المصرية، أغسطس (آب) الماضي.

وارتفعت واردات مصر من الجوالات بنسبة 31.4 في المائة، خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الحالي 2024، حيث سجلت 1.828 مليون دولار مقابل 1.391 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، حسب إفادة من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أغسطس الماضي.