احتجاز إسرائيل جثث قتلى في غزة يثير شبهات «سرقة أعضاء» منها

دفن جثث فلسطينيين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على غزة بعد نقلهم من مستشفى الشفاء (رويترز)
دفن جثث فلسطينيين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على غزة بعد نقلهم من مستشفى الشفاء (رويترز)
TT

احتجاز إسرائيل جثث قتلى في غزة يثير شبهات «سرقة أعضاء» منها

دفن جثث فلسطينيين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على غزة بعد نقلهم من مستشفى الشفاء (رويترز)
دفن جثث فلسطينيين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على غزة بعد نقلهم من مستشفى الشفاء (رويترز)

بينما تقدّر الأرقام الحكومية في غزة وجود نحو 7 آلاف مفقود تحتجز إسرائيل عشرات منها، فإن جهات حقوقية أعربت، اليوم السبت، عن مخاوفها من شبهات «سرقة أعضاء» منها.

ودعا «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في احتجاز الجيش الإسرائيلي جثث القتلى من مجمع الشفاء الطبي في غزة، والمستشفى الإندونيسي في شمال القطاع.

كما لفت إلى حالات أخرى لاحتجاز جثث من محيط ممر النزوح إلى وسط وجنوب القطاع الذي خصصه على طريق صلاح الدين الرئيسي.

وذكر «الأورومتوسطي» أن الجيش الإسرائيلي عمد كذلك إلى نبش مقبرة جماعية جرت إقامتها قبل أكثر من عشرة أيام في إحدى ساحات مجمع الشفاء الطبي، واستخراج جثث القتلى منها واحتجازها.

وأشار إلى أنه بينما جرى الإفراج عن عشرات الجثث عبر تسليمها إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تولت بدورها نقلها إلى جنوب قطاع غزة لإتمام عملية الدفن، فإن الجيش الإسرائيلي لا يزال يحتجز جثث عشرات القتلى الآخرين، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

وأثار «المرصد الأورومتوسطي» شبهات سرقة أعضاء من جثث قتلى، بينها ملاحظات أدلى بها أطباء في غزة أجروا فحصاً سريعاً لبعض الجثث بعد الإفراج عنها، ولاحظوا سرقة أعضاء مثل قرنية العين وقوقعة الأذن، وأعضاء حيوية أخرى مثل الكبد والكلى والقلب.

وقال أطباء يعملون في عدة مستشفيات لفريق «الأورومتوسطي»، إن الكشف الظاهري الطبي الشرعي لا يكفي لإثبات أو نفي سرقة الأعضاء، لا سيما في ظل وجود تداخلات جراحية سابقة لعدة جثث.

وذكر هؤلاء أنه كان من المستحيل عليهم إجراء فحص تحليلي دقيق لجثث القتلى التي كانت محتجزة لدى الجيش الإسرائيلي تحت الهجمات الجوية والمدفعية المكثفة، واستمرار تدفق الجرحى، لكنهم رصدوا عدة علامات باحتمال سرقة أعضاء.

وقال «المرصد الأورومتوسطي» إن لدى إسرائيل تاريخاً حافلاً باحتجاز جثث القتلى الفلسطينيين؛ إذ تحتجز في برادات خاصة جثث 145 فلسطينياً على الأقل، إضافة إلى نحو 255 في مقابر الأرقام و75 مفقوداً ترفض الاعتراف باحتجاز جثثهم.

ولفت إلى اعتماد إسرائيل على احتجاز جثث القتلى الفلسطينيين عبر دفنهم فيما تسميه (مقابر مقاتلي العدو)، وهي مقابر سرية جماعية تقع في مناطق محددة مثل مناطق عسكرية مغلقة، ويتم فيها الدفن بشكل مجهول بأرقام محفورة على لوحات معدنية ملحقة بالجثث أو الرفات.

وذكر «الأورومتوسطي» أنه سبق رصد تعمد السلطات الإسرائيلية الإفراج عن جثث قتلى لذويها من سكان الضفة الغربية بعد مدة من احتجازها، وهي متجمدة بدرجة قد تصل إلى أربعين تحت الصفر، مع اشتراط عدم تشريح الجثث، وهو قد يخفي وراءه سرقة بعض الأعضاء.

وأبرز أن إسرائيل لجأت في السنوات الأخيرة إلى إضفاء صبغة قانونية تتيح بلورة مسوغات لاحتجاز جثث القتلى الفلسطينيين وسرقة أعضائهم، منها قرار المحكمة العليا في إسرائيل الصادر عام 2019 الذي يتيح للحاكم العسكري احتجاز الجثث ودفنها مؤقتاً فيما يعرف بمقابر الأرقام.

وقد سنّ الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي نهاية عام 2021 تشريعاً قانونياً يخول للشرطة والجيش الاحتفاظ برفات قتلى فلسطينيين.

وفي السنوات الأخيرة، تواترت تقارير عن استغلال غير قانوني لجثث قتلى فلسطينيين محتجزة لدى إسرائيل، يشمل سرقة أعضاء منها واستخدامها في مختبرات كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية.

وفى كتابها (على جثثهم الميتة)، كشفت الطبيبة الإسرائيلية «مئيرة فايس» عن سرقة أعضاء من جثث قتلى فلسطينيين لزرعها في أجساد مرضى يهود، واستعمالها في كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية لإجراء الأبحاث عليها.

لكن الأخطر من ذلك ما أقر به «يهودا هس»، المدير السابق لمعهد أبو كبير للطب الشرعي في إسرائيل، بشأن سرقة أعضاء بشرية وأنسجة وجلد لقتلى فلسطينيين في فترات زمنية مختلفة، دون علم أو موافقة ذويهم.

وأكد «المرصد الأورومتوسطي» أن إسرائيل التي تعد الدولة الوحيدة التي تحتجز جثث القتلى وتمارس ذلك بوصفه سياسة ممنهجة، وتصنف كأكبر مركز عالمي لتجارة الأعضاء البشرية بشكل غير قانوني، تكتفي بتبرير سياسة احتجاز الجثث بأنه «محاولة للردع الأمني»، متجاهلة المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحظر ذلك.

وشدد على وجوب إلزام إسرائيل بقواعد القانون الدولي التي تنص على ضرورة احترام جثث القتلى وحمايتها أثناء النزاعات المسلحة، فيما تشدد اتفاقية جنيف الرابعة على ضرورة اتخاذ أطراف النزاع كل الإجراءات الممكنة لمنع سلب الموتى وتشويه جثثهم.

كما أكد «المرصد الأورومتوسطي» أن رفض تسليم جثث القتلى لعوائلهم لدفنها بكرامة وتبعاً لمعتقداتهم الدينية، قد يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي المحظور في المادة الـ50 من لوائح لاهاي، والمادة الـ33 من معاهدة جنيف الرابعة.


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني
صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني
TT

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني
صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل، وذلك بعدما تراجعت التهديدات الإيرانية لإسرائيل في أعقاب فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وكانت طهران توعدت بالرد على ثلاث هجمات جوية شنتها إسرائيل على أهداف عسكرية إيرانية في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، والتي جاءت بعد أسابيع قليلة من إطلاق إيران نحو 200 صاروخ باليستي صوب إسرائيل.

وقال لاريجاني، في مقابلة مفصلة مع وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، إن المسؤولين العسكريين يخططون لخيارات مختلفة للرد على إسرائيل.

وأوضح لاريجاني أنه «حمل رسالة مهمة من المرشد علي خامنئي إلى الرئيس السوري بشار الأسد، ورئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي، تناولت قضايا تتعلق بالأوضاع الحالية في البلدين».

ولفت لاريجاني، وهو عضو في مجلس «تشخيص مصلحة النظام»، إلى أن الرسالة «تضمنت أفكاراً وحلولاً لمواجهة التحديات الحالية»، مشيراً إلى ضرورة التمسك بالعوامل التي أدت إلى «النجاحات السابقة». لكن لاريجاني رفض الكشف عن التفاصيل، وأوضح أن طبيعة الرسالة «تتطلب احترام السرية، وأن الكشف عن تفاصيلها يعود للأطراف المعنية». لكنه أشار إلى أن الرسالة «لاقت استجابة إيجابية»، معرباً عن أمله في أن «تسهم في تعزيز الحلول المطروحة واستمرار الطريق بثبات».

وعاد لاريجاني إلى واجهة المشهد السياسي الإيراني في الأيام الأخيرة، بعدما حمل رسالة من المرشد علي خامنئي إلى سوريا ولبنان، وذلك بعد أشهر من رفض طلبه الترشح للانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس المدعوم من الإصلاحيين، مسعود بزشكيان.

ورفض لاريجاني تأكيد أو نفي الأنباء عن عودته لمنصب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، وقال إن «الحديث عن تعييني أميناً عاماً للمجلس الأعلى ظهر في وسائل الإعلام فقط»، ولم يقدم أي عرض.