هل تعزّز الجوائز الدولية فرصة «وداعاً جوليا» في «الأوسكار»؟

فاز بـ15 مسابقة وحاز «وسام الجمهور» للمرة الرابعة

مشهد من فيلم «وداعاً جوليا» (فريق العمل)
مشهد من فيلم «وداعاً جوليا» (فريق العمل)
TT

هل تعزّز الجوائز الدولية فرصة «وداعاً جوليا» في «الأوسكار»؟

مشهد من فيلم «وداعاً جوليا» (فريق العمل)
مشهد من فيلم «وداعاً جوليا» (فريق العمل)

بحصوله، للمرة الرابعة، على «جائزة الجمهور» من «مهرجان ليدز السينمائي» في بريطانيا (الأحد)، يُتوَّج الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» بـ15 جائزة من مهرجانات دولية، فهل تعزّز الجوائز فرصته في منافسات «الأوسكار»؟

«جائزة الجمهور» من الجوائز المهمّة في المهرجانات الكبرى، تعتمد على الاختيار الحرّ للجمهور، بعيداً عن حسابات لجان التحكيم. وفاز «وداعاً جوليا» بها 3 مرات في مهرجانَي «الحرب على الشاشة» و«المناظر الطبيعية لصانعي الأفلام» بفرنسا، وفي «مهرجان السينما العربية والبحر المتوسط» بكتالونيا (إسبانيا).

يمثّل الفيلم، السودان، في منافسات «الأوسكار» لفئة أفضل فيلم دولي في النسخة الـ96 للمسابقة، كما ينافس في الفئة عينها على جوائز «غولدن غلوب»، التي تُعدّ مؤشراً لـ«الأوسكار».

حظي «وداعاً جوليا» بنجاحات دولية منذ عرضه الافتتاحي بقسم «نظرة ما» في «مهرجان كان السينمائي الدولي»، خلال دورته الماضية، وفاز فيها بـ«جائزة الحرية»، ليحوز بعدها جوائز عدّة؛ من بينها، أفضل فيلم أفريقي بجوائز «سبتيموس الدولية»، وجائزة «روجر إيبرت» ضمن فعاليات النسخة الـ59 من «مهرجان شيكاغو السينمائي»، و3 جوائز من «مهرجان Paysages de Cineastes»، كما حاز جائزة أفضل مخرج من «Debut Feature Film»، وأفضل ممثلة من «مهرجان الفيلم المسلم الدولي»، وأفضل فيلم من «مهرجان بلفاست السينمائي» ببريطانيا خلال دورته الـ23 ضمن أفلام المسابقة الدولية.

في هذا السياق، تُعبّر بطلته الممثلة والمغنّية إيمان يوسف عن فخرها بنيل الفيلم كل هذه الجوائز، واصفة ترشّحه لـ«الأوسكار» بأنه «حدث كبير وخطوة تاريخية للسينما السودانية». تضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الجوائز الدولية التي حازها تبرهن على أهميته. ذلك دليل على أنه يعالج قضايا إنسانية مهمّة لقيت صداها لدى الجمهور في جميع المهرجانات التي شارك بها»، معربة عن أملها بأن تمهّد هذه الجوائز طريقه للفوز بـ«الأوسكار».

وترى يوسف أنّ فوز السينما السودانية بمهرجانات عالمية في ظل الظروف الحالية «رسالة أمل كبيرة للسودانيين، تؤكد قدرتهم مواصلة المشوار».

وحقّق «وداعاً جوليا» أعلى إيرادات لفيلم عربي في دور العرض المصرية، وفق مراقبين ونقاد، وهو يُعرض حالياً في فرنسا، كما سيبدأ عرضه في السعودية والكويت وقطر والبحرين في 7 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بينما يُعرض بالإمارات بدءاً من 14 منه.

وكانت الممثلة الكينية لوبيتا نيونغو، الجائزة «أوسكار» عن دورها في فيلم «12 عاماً من العبودية»، انضمت إلى فريق عمل الفيلم مؤخراً، منتجةً منفذة، ما يُعدّ دعماً مهماً له في منافسات «الأوسكار»، وفق نقاد.

من جهته، يرى الناقد المصري طارق الشناوي، أنّ «الجوائز التي يحوزها الفيلم تلعب دوراً مهماً في الاهتمام به من المحكّمين بـ(الأوسكار)»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «(وداعاً جوليا) فيلم مهم، والجوائز التي حصدها ستجعل عيون المحكّمين عليه».

ويعزو ما يصفه بـ«النجاح التجاري للفيلم» لوجود جالية سودانية كبيرة في مصر حالياً، بالإضافة إلى أنه «خاطب الجمهور المصري الذي أقبل على مشاهدته، بدليل استمرار عرضه حتى اللحظة وتحقيقه إيرادات لم يحقّقها من قبل أي فيلم عربي». ويختم الشناوي: «(وداعاً جوليا) يُعدّ صاحب الفرصة الكبرى بين الأفلام العربية في منافسات (الأوسكار)».

يُذكر، أنّ أحداث الفيلم تدور في العاصمة السودانية الخرطوم قبيل انفصال الجنوب، حيث تتسبّب امرأة شمالية بمقتل رجل جنوبي، ثم تستعين بزوجته عاملةً في منزلها للتخلّص من الشعور بالذنب؛ وهو من بطولة إيمان يوسف، وسيران رياك، ونزار جمعة، وقير دويني، ومن تأليف محمد كردفاني وإخراجه.


مقالات ذات صلة

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

يوميات الشرق المخرج الإيراني أصغر فرهادي الحائز جائزتَي أوسكار عامَي 2012 و2017 (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

المخرج الإيراني الحائز جائزتَي أوسكار، أصغر فرهادي، يحلّ ضيفاً على مهرجان عمّان السينمائي، ويبوح بتفاصيل كثيرة عن رحلته السينمائية الحافلة.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تمثال «الأوسكار» يظهر خارج مسرح في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

«الأوسكار» تهدف لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار

أطلقت أكاديمية فنون السينما وعلومها الجمعة حملة واسعة لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
يوميات الشرق الممثل الشهير ويل سميث وزوجته جادا (رويترز)

«صفعة الأوسكار» تلاحقهما... مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية تُغلق أبوابها

من المقرر إغلاق مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية بعدما شهدت انخفاضاً في التبرعات فيما يظهر أنه أحدث تداعيات «صفعة الأوسكار» الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

مع أنها حظيت بـ32 ترشيحاً إلى «أوسكار» 2024 فإن أفلام منصات البث العالمية مثل «نتفليكس» و«أبل» عادت أدراجها من دون جوائز... فما هي الأسباب؟

كريستين حبيب (بيروت)
سينما مخرجة الفيلم مع رئيسة مجلس أمناء مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي جمانا الراشد ومحمد التركي الرئيس التنفيذي للمهرجان

«صندوق البحر الأحمر» وراء المنافس العربي الوحيد في «الأوسكار»

فيلم «بنات ألفة» المدعوم من مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي، كان المنافس العربي الوحيد في كل فئات جوائز «الأوسكار».

«الشرق الأوسط» (هوليوود)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».