وثيقتان تؤكدان أن المخابرات الإسرائيلية توقعت هجوم «حماس» وحذّرت نتنياهو

شعبة «أمان» أشارت إلى أن قادة إيران و«حزب الله» و«حماس» يرصدون ضعفاً داخلياً في إسرائيل

دمار خلّفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة يوم 8 نوفمبر (إ.ب.أ)
دمار خلّفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة يوم 8 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

وثيقتان تؤكدان أن المخابرات الإسرائيلية توقعت هجوم «حماس» وحذّرت نتنياهو

دمار خلّفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة يوم 8 نوفمبر (إ.ب.أ)
دمار خلّفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة يوم 8 نوفمبر (إ.ب.أ)

كُشف النقاب في تل أبيب، الثلاثاء، عن وثيقتين تبيّنان أن قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان) كان قد تنبأ بهجوم تشنه حركة «حماس» أو «حزب الله» أو كلاهما خلال هذه السنة، ووجّه تحذيراً بشأن ذلك إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لكن الأخير لم يكترث، كما يبدو، ولم يفعل شيئاً لتغيير سياسته التي تشجع الحركة الفلسطينية أو الحزب اللبناني على التخطيط لهجمات.

وقد جاء هذا الكشف من خلال تسريب وثيقتين كان قد أعدهما العميد عميت ساعر، رئيس «أمان»، وسلّمهما إلى مكتب رئيس الوزراء، نتنياهو، في 19 مارس (آذار) و 16 يوليو (تموز) الماضيين، أي قبل بضعة شهور فقط من الهجوم المباغت الذي شنته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وحذّر ساعر في الوثيقتين من أن الأزمة السياسية والاجتماعية في إسرائيل والتي تفاقمت من جراء مساعي ائتلاف نتنياهو الحكومي لتغيير منظومة الحكم، وإضعاف القضاء، «تشجّع إيران، و(حزب الله)، و(حماس)، على المخاطرة باتخاذ إجراءات أو تحرّكات ضدّها (إسرائيل)، وحتى القيام بذلك في الوقت نفسه».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تلقى وثيقتين من شعبة «أمان» تحذران من هجوم محتمل تشنه «حماس» (رويترز)

وقد جاءت المذكرة الأولى قبل أسبوع من المحاولة الأولى للحكومة المصادقة على القوانين الرامية إلى ضرب الكثير من الأسس الديمقراطية، وإضعاف القضاء، وقرار نتنياهو يومها عزل وزير دفاعه، يوآف غالانت، والذي أثار موجة سخط عارمة ومظاهرات عفوية شارك فيها عشرات الآلاف، ما اضطر نتنياهو إلى التراجع عن قراره. أما المذكرة الثانية فقد جاءت بعد 4 شهور، عندما باشرت الحكومة تنفيذ خطتها، وعزمت على سن قانون إلغاء حجّة «عدم المعقوليّة» في الكنيست، والذي جرت المصادقة عليه فعلاً بعد أسبوع، ما يدل على أن نتنياهو لم يكترث للتحذيرات، وفق ما يقول منتقدوه.

وكتب ساعر المذكرتين اللتين نشرتهما صحيفة «هآرتس» العبرية، الثلاثاء، بطريقة مهنية وفق متطلبات الوثائق الرسمية التي تصلح أدلة في محكمة، وأرفقها بملحق يتضمن معلومات استخباراتية خام أولية، ليفسر سبب اعتقاده أن هناك خطراً قصير المدى ووشيكاً لتصعيد عسكريّ.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (د.ب.أ)

وجاء في الوثيقة الأولى التي كانت تحت عنوان: «الأشياء التي يرونها من هناك - كيف يُنظر إلى إسرائيل في المنظومة؟»، أن «جميع اللاعبين في النظام (إيران وحزب الله وحماس) يشيرون إلى أن إسرائيل تعيش أزمة حادّة وغير مسبوقة، تهدّد تماسكها وتُضعفها»، وأضاف: «أعداؤنا هؤلاء يعدون هذا الضعف مساراً لتطورات عملية ستنتهي بانهيار إسرائيل، والوضع الحاليّ هو فرصة لتسريع وتعميق أزمتها». وقال إن «هذا التقويم يشير إلى وجود خلل في ميزان الردع، وإمكانية توحيد الساحات، وفُرصة للمساس بالتماسك، والإضرار بالإسرائيليين في الساحة القانونية والدولية».

وكتب ساعَر لنتنياهو أن «هذا التحليل ليس رؤية تحليليّة للواقع، بل هو الأساس لتقييم الوضع من قِبل القيادة، وأفراد المخابرات، وأنظمة الاتصالات. إنه يؤدي بالفعل إلى تغييرات في عملية اتخاذ القرار، والمجازفة من قبل مختلف اللاعبين، الذين يقومون بتحليل الوضع الداخلي في إسرائيل، واستخلاص العواقب (المحتملة) منه».

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في مرفأ غزة يوم 16 نوفمبر الحالي (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

وتابع ساعر أن «الأزمة الداخلية تخلق قيوداً كبيرة على إسرائيل، تجعلها تحاول تجنّب التصعيد الأمني، وتجعل من الممكن زيادة المخاطر التي تواجهها إسرائيل، وتؤدي أيضاً إلى تآكل الدعم الأميركي والأوروبي، لدرجة التقليل من قدرتها على التعامل مع أزمة أمنيّة واسعة النطاق». وزاد قائلاً إن «أعداء إسرائيل يتكاتفون ضدها لأنهم يعتقدون أن هناك فرصة لإثارة عاصفة شاملة، وأزمة داخلية، وتصعيد واسع في الساحة الفلسطينية، وتحدٍّ من جبهات أخرى، ما يخلق ضغطاً متعدد الأبعاد ومستمرّاً».

وهنا يكتب ساعر بوضوح عن الهجوم فيقول: «وفق فهمنا، فإن هذه الرؤية تكمن وراء الدافع الكبير لدى (حماس)، لتنفيذ هجمات من الشمال، في الوقت الحاضر، كما أنها تشجع إيران على زيادة وكلائها لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، إذ إن جميع اللاعبين يدركون أن هناك فرصة لتحركات للتأثير على الوعي، والتي من شأنها تعميق الانقسام الداخلي». وأشار إلى أن قادة إيران و«حزب الله» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» يعتقدون أنه يمكن البدء في التصعيد في ظل ضعف إسرائيل.

جنديان إسرائيليان خلال الهجوم الجاري حالياً على قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

وتقول «هآرتس» إن الوزير غالانت، توجّه، بعد أيام قليلة من إرسال الرسالة لنتنياهو، مطالباً «بوقف العملية التشريعية في هذا الوقت؛ لأنها ستؤدّي إلى خطر واضح وفوريّ على أمن الدولة»، لكن نتنياهو رد باتخاذ قرار بعزله من منصبه، ولم يتراجع عن ذلك إلا بعد اندلاع مظاهرات احتجاجية ضد خطوته هذه.

وفي الرسالة الثانية التي بعث بها ساعر إلى نتنياهو، حذّر مجدداً من أن «تفاقُم الأزمة يعمّق تآكل صورة إسرائيل، ويؤدي إلى تفاقم ضعف الردع الإسرائيلي، ويزيد من احتمالات التصعيد». وجاءت هذه الرسالة تحت عنوان: «تفاقم الأزمة الداخلية - العواقب على الجانب الأحمر (يقصد العدوّ بلغة المخابرات)»، وجاء فيها: «بينما كان اللاعبون الإقليميون متردّدين في البداية، بشأن ما إذا كانت هذه جولة أخرى من الأزمة السياسية المستمرّة، قدّروا مع مرور الوقت وتفاقُم الأحداث، أن هذه أزمة عميقة وضعت إسرائيل في إحدى نقاط ضعفها منذ قيامها. وهذا التقييم يُسمع في العلن، لكنه يُسمع أيضاً... في قلب تقييمات الوضع لدى أعدائنا، في غرف مغلقة ونقاشات مهنية للقوات الأمنية في إيران ولبنان وقطاع غزة». وقال إنه «بالنسبة لأعدائنا، مع التركيز على النظام الإيراني و(حزب الله)، فإن الأمر لا يتعلق فقط بتقييم الوضع، بل بالتنفيذ الفعليّ لرؤيتهم الأساسيّة للعالم: إسرائيل دخيلة، ومجتمعها ضعيف ومنقسم، ونهايتها هي الزوال. ووضعها الداخلي، على أقل تقدير، سيمنعها من القيام بمبادرات عسكرية كبيرة، مع التركيز على هجوم في إيران، وتحرُّك في لبنان، وحتى خطوة كبيرة ضد (حماس) في القطاع»، غير أنه أشار إلى أنه لا يوجد تغيير في ما يتعلق بالعمليات العسكرية في الضفة الغربية وسوريا.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعيد سكان الشمال وسط استعدادات لحرب جديدة على لبنان

شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إسرائيل تعيد سكان الشمال وسط استعدادات لحرب جديدة على لبنان

يتسبب التناقض في قرارات الحكومة الإسرائيلية تجاه التهديدات الحربية للبنان، في بلبلة لدى سكان المناطق الشمالية في أعالي الجليل.

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

عثر الجيش اللبناني على أحد الأنفاق التي بناها «حزب الله»، في بلدة تولين بجنوب لبنان، إثر كشف قام به بناء على طلب لجنة «الميكانيزم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صواريخ معدّة للتهريب عثرت عليها القوات السورية (حساب وزارة الداخلية السورية على «إكس»)

دمشق تعلن إحباط محاولة تهريب جديدة لشحنة أسلحة إلى لبنان

أغلبية المستودعات التي بناها الحزب في الأراضي السورية غير مرئية، ومن ثم يرجح أن هناك عدداً منها لم يتم ضبطه بعد...

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» تعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

3 أولويات لاجتماع باريس لدعم الجيش اللبناني

3 أولويات لاجتماع باريس لدعم الجيش اللبناني، ولأن فرنسا قلقة من تصعيد إسرائيل، فإنها تقترح آلية تحقق مما يقوم به الجيش جنوباً في عملية نزع سلاح «حزب الله».

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

مثل رجلان بريطانيان من أصول لبنانية أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، بعد توجيه اتهامات لهما بالانتماء إلى جماعة «حزب الله»

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسرائيل تعيد سكان الشمال وسط استعدادات لحرب جديدة على لبنان

جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

إسرائيل تعيد سكان الشمال وسط استعدادات لحرب جديدة على لبنان

جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)

يتسبب التناقض في قرارات الحكومة الإسرائيلية تجاه التهديدات الحربية للبنان في بلبلة بين سكان المناطق الشمالية في أعالي الجليل، الذين تدفعهم السلطات إلى العودة إلى البلدات التي هجروا منها في بداية الحرب. ويتساءلون عمّا إذا كانت التهديدات بالحرب جدية أم لا، ويتذمرون من الإهمال الشديد لوضعهم الحرج والأخطار التي تهددهم في حال استئناف الحرب.

البلبلة المحلية

ويشكو المواطنون من أن الحكومة تحثهم على العودة إلى بلداتهم في وقت تشهد فيه منطقة الشمال تحركات عسكرية كبيرة. وهم لا يمانعون في مواجهة حرب أخرى على «حزب الله»، لأنهم يثقون بأنه ما زال قويًا ويشكل تهديدًا لمستقبلهم في بيوتهم ومصالحهم. لكنهم يرغبون أيضًا في التيقن من أن الحكومة تحترم تضحياتهم وتمنحهم حقوقهم وتعويضاتهم عن خسائرهم. والتناقضات التي تبثها الحكومة إزاء لبنان تثير لديهم شكوكًا حول جدية التهديد.

التناقضات الحكومية

وقال تقرير نشره موقع «واينت»، اليوم الأربعاء، إن الجيش الإسرائيلي يقوم بالتمهيد للعملية التي يخطط لها في الشمال، ويضغط على المستوى السياسي لتنفيذها، وذلك رغم أن حزب الله قرر مواصلة سياسة ضبط النفس قبل نحو شهر عقب اغتيال ما تصفه إسرائيل برئيس أركان «حزب الله» هيثم علي طبطبائي.

جنود إسرائيليون خلال دورية في مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية بالجليل الأعلى (أ.ب)

ولم يُطلِق الحزب حتى قذيفة هاون واحدة ردًا على تصفية قائده العسكري الأبرز. لكن هذا لن يكون الحال في جولة التصعيد المقبلة، إذ يقدّر جيش الاحتلال أن «حزب الله» سيعمل وفق خطة نارية منظمة تشمل إطلاق مئات الصواريخ والقذائف والطائرات المسيّرة والذخائر الانتحارية على مدى عدة أيام.

التهديد المرتقب

وبحسب التقرير، فإنه وعلى عكس الجولات السابقة مع غزة على مرّ السنين، وكذلك مع «حزب الله» بين الحين والآخر، ستكون هذه المرة آلية لإغلاق التصعيد والعودة إلى وقف إطلاق النار، ويقصد بذلك غرفة عمليات فعّالة ومجربة من العام الماضي تضم ضباطًا أميركيين ولبنانيين، وتوزّع نشاطها بين بيروت ومقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش في صفد.

وعلى أي حال، يقدّر مسؤولون في جيش الاحتلال أن إسرائيل لن تنفذ هذه العملية من دون موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومن ثم فمن المشكوك فيه أن تتم قبل زيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض في نهاية الشهر.

غرفة عمليات

ويقدر قادة شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله» يفضّل في هذه المرحلة مواصلة امتصاص الهجمات شبه اليومية لجيشهم، وإدارة صراعاته الداخلية في لبنان التي يراها أكثر قابلية للسيطرة. ويشيرون إلى أن هيمنة «حزب الله» كحركة سياسية مدنية تضررت خلال العام الماضي، وأن المنظمة تواجه صعوبة في دفع إيجارات عشرات آلاف اللبنانيين النازحين داخل بلادهم، الذين لم يعودوا بعد إلى منازلهم المدمرة في جنوب لبنان إثر العدوان البري للجيش الإسرائيلي.

جنود إسرائيليون يقفون بجوار دباباتهم على الحدود مع لبنان في الجليل الأعلى شمال إسرائيل 28 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ويزعم مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية: «نرى عددًا متزايدًا من المؤيدين الشيعة الذين يفضلون الانتقال لدعم حركة أمل، المنافسة لـ(حزب الله)، الذي لم يعد قادرًا على دعم آلاف العائلات الثكلى والمصابين. ومع ذلك، لا يزال (حزب الله) أقوى عسكريًا من الجيش اللبناني، وعندما تنقلب هذه المعادلة سنعلم أن هناك تغييرًا لصالحنا».

الوضع الداخلي

وبحسبهم: «إلى أن يحدث ذلك، سيواصل «حزب الله» إعادة بناء قدراته، أساسًا عبر الإنتاج الذاتي وتحويل صواريخه إلى صواريخ دقيقة، وسنكون مضطرين إلى مواصلة القتال ضده بأي ثمن».

التسلح المستمر

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، هناك نقاشات حادة بشأن المرحلة المقبلة لدى متخذي القرار في قيادتي الجيش والمستوى السياسي، ويتساءلون: هل تستحق جولة لإضعاف (حزب الله) شللاً جديدًا للجليل، وسقوط صواريخ في حيفا، وصفارات إنذار في تل أبيب التي بدأت للتو في استضافة مباريات رياضية أوروبية مجددًا؟

المرحلة المقبلة

يذكر أن الحكومة كانت قد بادرت إلى إخلاء حوالي 70 ألف مواطن من بيوتهم في الشمال مع اندلاع الحرب. وقد عاد 85 بالمئة منهم إلى بيوتهم، وبحسب تقديرات الوزير زئيف الكين، المسؤول عنهم، فإن الباقين (15 بالمئة) لن يعودوا أبدًا، وقد ثبتوا مكوثهم في مناطق أخرى داخل إسرائيل أو خارجها. ويشير العائدون إلى تذمرهم من تعامل الحكومة، متهمين إياها بالتقصير والإهمال ونكث الوعود، ويقولون إن غالبيتهم لم يحصلوا على ما يستحقونه من تعويضات عن خسائرهم المادية والنفسية.


نتنياهو يعلن «أكبر صفقة غاز لإسرائيل» مع مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يعلن «أكبر صفقة غاز لإسرائيل» مع مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، الموافقة على صفقة الغاز مع مصر، مشيراً إلى أن الصفقة هي الأكبر في تاريخ إسرائيل.

وقال نتانياهو في خطاب متلفز «وافقت اليوم على أكبر اتفاق غاز في تاريخ إسرائيل. تبلغ قيمة الصفقة 112 مليار شيكل (34,7 مليار دولار). ومن هذا المبلغ الإجمالي، سيذهب 58 مليار شيكل (18 مليار دولار) إلى خزائن الدولة».

وأضاف «الاتفاق مع شركة شيفرون الأميركية، بالتعاون مع شركاء إسرائيليين سيقومون بتزويد مصر بالغاز». وقال وزير الطاقة إيلي كوهين الذي كان حاضرا أثناء الخطاب «هذا أكبر اتفاق تصدير في تاريخ الدولة».


إسرائيل تحذر من محاولة طهران إحياء برنامجها النووي

القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)
القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)
TT

إسرائيل تحذر من محاولة طهران إحياء برنامجها النووي

القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)
القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)

بعد ستة أشهر من قصف منشآت طهران النووية، كشفت تقارير عن تفاصيل جديدة عن اغتيال مسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج الإيراني خلال حرب الأيام الـ12، فيما حذر رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ديفيد برنياع من عودة طهران إلى نشاطها النووي، رافضاً في الوقت نفسه أي اتفاق جديد وصفه بـ«السيئ».

وقال برنياع ، مساء الثلاثاء، إن «فكرة مواصلة تطوير قنبلة نووية ما زالت تخفق في قلوبهم»، مضيفاً أن «المسؤولية تقع على عاتقنا لضمان ألا يفعّل مجدداً المشروع النووي الذي تضرر بشكل بالغ، وذلك بتعاون وثيق مع الأميركيين»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشاد برنياع الذي تنتهي ولايته في 13 يونيو (حزيران) المقبل، بالضربات الافتتاحية المفاجئة التي شنّتها إسرائيل في الحرب، معتبراً أنها كشفت عن حجم المعلومات الاستخباراتية التي جمعها عملاء إسرائيليون عن إيران. وقال: «استفاق نظام الملالي، في لحظة واحدة، ليكتشف أن إيران مكشوفة بالكامل ومخترَقة».

رئيس «الموساد» ديفيد برنياع في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب يناير 2023 (أرشيفية - رويترز)

وأعرب برنياع عن تشكيكه في أي حل دبلوماسي مع طهران، وحذر من رهانها على التوصل إلى تسوية جديدة، مضيفاً: «تعتقد إيران أنها قادرة على خداع العالم مرة أخرى وإبرام اتفاق نووي سيئ جديد. نحن لم نسمح ولن نسمح بتحقيق اتفاق سيئ».

وأضاف أن إيران «دولة التزمت بتدمير إسرائيل»، وأن مستويات تخصيب اليورانيوم التي وصلت إليها «لا يمكن تفسيرها إلا برغبتها في امتلاك قدرة نووية عسكرية».

وتتهم القوى الغربية إيران بالسعي إلى امتلاك سلاح نووي، وتعمل على منعها من ذلك، في حين تنفي طهران باستمرار هذه الاتهامات.

وخلال ولايته الأولى، انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق التاريخي الموقّع عام 2015 والذي قيّد تخصيب إيران للمواد النووية مقابل رفع العقوبات، وهو اتفاق عارضته إسرائيل.

وبدأت إيران والولايات المتحدة مفاوضات للتوصل إلى اتفاق جديد في أبريل (نيسان)، بوساطة عُمانية، لكن تلك المحادثات توقفت فجأة بعد الهجوم الإسرائيلي المباغت على إيران في 13 يونيو، والذي أشعل نزاعاً استمر 12 يوماً. وانضمت الولايات المتحدة لاحقاً إلى المواجهة بشنّ ضربات على ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

عملية «نارنيا»

تزامنت تحذيرات برنياع مع تحقيق مشترك نشرته صحيفة «واشنطن بوست» بالتعاون مع برنامج «فرونتلاين» على قناة «بي بي إس» الأميركية.

وبحسب التقرير، فإن إسرائيل أعدت، قبل حرب يونيو مع إيران، شبكة من العملاء داخل البلاد، وجهزت طياريها وأسلحة دقيقة، ضمن حملة متعددة المسارات استهدفت البنية النووية الإيرانية ومنصات الصواريخ والدفاعات الجوية، إلى جانب اغتيال علماء نوويين بارزين.

واعتبر مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن إلحاق ضرر محدود بالبرنامج النووي الإيراني لا يكفي، وأن الهدف شمل أيضاً ضرب ما وصفوه بـ«العقل المدبر» من مهندسين وفيزيائيين يعتقد أنهم يعملون على جوانب حساسة مرتبطة بتحويل مواد انشطارية إلى قنبلة.

وذكر التقرير أن الأسلحة الإسرائيلية بدأت عند نحو الساعة 3:21 صباحاً يوم 13 يونيو في ضرب مبانٍ سكنية وشقق في طهران. وقال إن العملية التي حملت اسم «نارنيا» ركزت على كبار العلماء النوويين بعدما جمعت معلومات عن 100 عالم.

وأضاف أن محمد مهدي طهرانجي قتل في شقته في مبنى يعرف باسم «مجمع الأساتذة» بطهران، فيما قتل فريدون عباسي الذي ترأس اللجنة النووية في البرلمان السابق، وترأس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية خلال عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، بعد ذلك بساعتين في ضربة أخرى. ونقل التقرير عن إسرائيل قولها إنها اغتالت 11 عالماً نووياً إيرانياً بارزاً في 13 يونيو والأيام التالية.

طهرانجي يتحدث إلى المرشد الإيراني علي خامنئي خلال لقاء الأخير مع مسؤولين للبرنامج النووي (أرشيفية - موقع خامنئي)

وقالت «واشنطن بوست» إن تقريرها يستند إلى مقابلات مع مسؤولين حاليين وسابقين في إسرائيل وإيران ودول عربية والولايات المتحدة، تحدث بعضهم شريطة عدم الكشف عن هويته لوصف عمليات سرية وتقييمات.

ونقل التقرير عن مسؤولين من إسرائيل والولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية قولهم إن البرنامج النووي الإيراني ربما تأخر لسنوات، لكنه لا يرقى إلى ما وصفه ترمب بأنه «تدمير كامل وتام» للبرنامج.

وأضاف التقرير أن إيران لا تزال تتخذ موقفاً متحدياً عبر التمسك بأنشطة التخصيب. ونقل عن أمير طهرانجي قوله لـ«فرونتلاين» إن عمل شقيقه سيستمر، مضيفاً أن «المعرفة لم تفقد لبلدنا».

وقال التقرير إن إسرائيل نفذت في السابق عمليات اغتيال لعلماء إيرانيين مع هامش إنكار، من بينها قنابل مغناطيسية لُصقت بسيارات في شوارع طهران، ومحاولة عام 2010 نجا منها عباسي، واغتيال محسن فخري زاده في 2020 عبر سلاح يُدار عن بعد.

وذكر التقرير أن «واشنطن بوست» وموقع «بيلينغكات» تمكنا من التحقق بشكل مستقل من مقتل 71 مدنياً في خمس ضربات استهدفت علماء نوويين، بالاستناد إلى صور أقمار اصطناعية وتحديد مواقع فيديوهات وإشعارات وفاة وسجلات مقابر وتغطية جنازات.

وأضاف أن التحقق شمل مقتل 10 مدنيين، بينهم رضيع عمره شهران، في ضربة «مجمع الأساتذة» في حي سعادت آباد بطهران، مع مؤشرات إلى أن قوة الانفجار قاربت قنبلة تزن نحو 500 رطل.

وأشار التقرير إلى استهداف محمد رضا صديقي صابر في منزله بطهران خلال الموجة الأولى، لكنه لم يكن موجوداً وقتها وقُتل ابنه البالغ 17 عاماً. وفي 24 يونيو، قال التقرير إنه قُتل في منزل قريب له بمحافظة جيلان خلال مراسم عزاء، مع التحقق من مقتل 15 مدنياً، بينهم أربعة قُصر، وتدمير منزلين.

ونقل التقرير عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنهم سعوا لتقليل الضحايا المدنيين. وفي المقابل، قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الضربات الإيرانية الانتقامية أصابت مدارس ومستشفيات ومواقع مدنية وقتلت 31 إسرائيلياً. وقال متحدث باسم الحكومة الإيرانية في يوليو (تموز) إن 1062 شخصاً قُتلوا في الضربات الإسرائيلية، بينهم 276 مدنياً.

الضربات الأميركية

وحملت الحملة الأوسع ضد إيران اسم «الأسد الصاعد»، وشملت ضربات جوية ومسيرات وعملاء على الأرض، ودمّرت أكثر من نصف منصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية، وحيّدت دفاعات جوية، واستهدفت محطات كهرباء وأنظمة تهوية قالت إنها ضرورية لتشغيل أجهزة الطرد المركزي في نطنز وفوردو. وأضاف أن ضربات أميركية لاحقة شملت قاذفات الشبح «بي 2 سبيريت» وصواريخ توماهوك.

وقال التقرير إن «الموساد» حشد أكثر من 100 عميل إيراني، وزود بعضهم بسلاح «خاص» من ثلاثة أجزاء لتنفيذ ضربات دقيقة ضد أصول عسكرية،، وإن السلطات الإيرانية عثرت على بعض المنصات لكن ليس الصواريخ أو «المكون الثالث» السري.

سياسياً، كشف التقرير عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرض على ترمب في بداية ولايته الثانية أربعة سيناريوهات لعمل عسكري ضد إيران، وأن الإدارة الأميركية أبقت باب الدبلوماسية مفتوحاً علناً بالتزامن مع التنسيق الاستخباراتي والعملياتي. وأضاف أن محادثات نووية كان مقرراً عقدها في 15 يونيو استُخدمت كجزء من مناورة لخداع إيران، وإبقاء الانطباع بوجود تباعد بين واشنطن وتل أبيب.

وذكر التقرير أن الولايات المتحدة نقلت في 15 يونيو، عبر وسطاء قطريين، مقترحاً إلى إيران تضمن وقف دعم جماعات مثل «حزب الله» و«حماس»، وأن تستبدل بمنشأة فوردو وأي منشأة تخصيب عاملة، مرافق لا تسمح بالتخصيب، مقابل رفع «جميع العقوبات» عن إيران. وأضاف أن طهران رفضت المقترح، ثم أذن ترمب بتوجيه ضربات أميركية.

ترمب يتحدث في المكتب البيضاوي بينما وضع أمامه مجسماً من قاذفات «بي 2» التي قصفت منشآت إيران النووية 6 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

وبشأن تأثير العلميات العسكرية على البرنامج الإيراني، نقل التقرير عن «معهد العلوم والأمن الدولي» قوله في تقييم صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن الأضرار الناجمة عن الضربات على مواقع نووية كانت واسعة وفي بعض الحالات «كارثية». وقال مسؤولون إسرائيليون إن منشأة نطنز دمرت، وأجزاء من مجمع أصفهان طمست، وتعرضت منشأة فوردو لأضرار جسيمة.

وقال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لـ«فرونتلاين» إن الأضرار «كبيرة جداً»، وإن إيران لا تزال تمتلك نحو 900 رطل من يورانيوم مخصب حتى 60 في المائة في أصفهان وفوردو ونطنز، لكن الوصول إليها غير واضح، مع منع المفتشين من دخول مواقع رئيسية.

وأضاف التقرير أن إيران كثفت البناء في موقع تحت الأرض قرب نطنز يُعرف باسم «جبل كالانغ»، وأنها تحاول إعادة بناء مخزون الصواريخ الباليستية بمساعدة من الصين، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين ومحللين أميركيين. كما نقل عن ترمب تهديده بضربات جديدة إذا عادت إيران إلى تخصيب اليورانيوم بمستويات مرتفعة.

وبشأن التقديرات الأميركية، قالت مصادر مطلعة إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جمعت منذ 2023 معلومات تفيد بأن باحثين يعملون ضمن وحدة بوزارة الدفاع الإيرانية تُعرف باسم «سبند» كانوا يستكشفون سبل تسريع بناء سلاح نووي إذا تغير قرار القيادة الإيرانية.

وقدرت الوكالة، وفق هذه المصادر، أن الإيرانيين بحثوا تصنيع «جهاز نووي بدائي» يمكن إنتاجه خلال نحو ستة أشهر باستخدام مخزونات اليورانيوم المخصب لديهم، مع الإشارة إلى أن هذا الجهاز سيكون محدوداً من حيث الاختبار المسبق أو وسائل الإيصال بعيدة المدى.

وأضافت المصادر أن تقديرات استخباراتية أميركية وإسرائيلية لم تخلص إلى أن إيران بدأت فعلياً تصنيع قنبلة، لكنها أشارت إلى تزايد القلق بحلول ربيع 2025 من احتمال صعوبة رصد أي انتقال سريع إلى مرحلة التجميع في الوقت المناسب. كما قالت إن الإيرانيين بدوا وكأنهم يدرسون أيضاً مفاهيم مرتبطة بأسلحة اندماجية، لكن محللين أميركيين وإسرائيليين اعتبروها «خارج المتناول» في المدى المنظور.

ونقل التقرير عن علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قوله لـ«فرونتلاين»: «لا يمكن تدمير البرنامج النووي الإيراني أبداً... لأنهم لا يستطيعون سلبك الاكتشاف بعد أن تكتشف التقنية».