وثيقتان تؤكدان أن المخابرات الإسرائيلية توقعت هجوم «حماس» وحذّرت نتنياهو

شعبة «أمان» أشارت إلى أن قادة إيران و«حزب الله» و«حماس» يرصدون ضعفاً داخلياً في إسرائيل

دمار خلّفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة يوم 8 نوفمبر (إ.ب.أ)
دمار خلّفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة يوم 8 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

وثيقتان تؤكدان أن المخابرات الإسرائيلية توقعت هجوم «حماس» وحذّرت نتنياهو

دمار خلّفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة يوم 8 نوفمبر (إ.ب.أ)
دمار خلّفته الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة يوم 8 نوفمبر (إ.ب.أ)

كُشف النقاب في تل أبيب، الثلاثاء، عن وثيقتين تبيّنان أن قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان) كان قد تنبأ بهجوم تشنه حركة «حماس» أو «حزب الله» أو كلاهما خلال هذه السنة، ووجّه تحذيراً بشأن ذلك إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لكن الأخير لم يكترث، كما يبدو، ولم يفعل شيئاً لتغيير سياسته التي تشجع الحركة الفلسطينية أو الحزب اللبناني على التخطيط لهجمات.

وقد جاء هذا الكشف من خلال تسريب وثيقتين كان قد أعدهما العميد عميت ساعر، رئيس «أمان»، وسلّمهما إلى مكتب رئيس الوزراء، نتنياهو، في 19 مارس (آذار) و 16 يوليو (تموز) الماضيين، أي قبل بضعة شهور فقط من الهجوم المباغت الذي شنته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وحذّر ساعر في الوثيقتين من أن الأزمة السياسية والاجتماعية في إسرائيل والتي تفاقمت من جراء مساعي ائتلاف نتنياهو الحكومي لتغيير منظومة الحكم، وإضعاف القضاء، «تشجّع إيران، و(حزب الله)، و(حماس)، على المخاطرة باتخاذ إجراءات أو تحرّكات ضدّها (إسرائيل)، وحتى القيام بذلك في الوقت نفسه».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تلقى وثيقتين من شعبة «أمان» تحذران من هجوم محتمل تشنه «حماس» (رويترز)

وقد جاءت المذكرة الأولى قبل أسبوع من المحاولة الأولى للحكومة المصادقة على القوانين الرامية إلى ضرب الكثير من الأسس الديمقراطية، وإضعاف القضاء، وقرار نتنياهو يومها عزل وزير دفاعه، يوآف غالانت، والذي أثار موجة سخط عارمة ومظاهرات عفوية شارك فيها عشرات الآلاف، ما اضطر نتنياهو إلى التراجع عن قراره. أما المذكرة الثانية فقد جاءت بعد 4 شهور، عندما باشرت الحكومة تنفيذ خطتها، وعزمت على سن قانون إلغاء حجّة «عدم المعقوليّة» في الكنيست، والذي جرت المصادقة عليه فعلاً بعد أسبوع، ما يدل على أن نتنياهو لم يكترث للتحذيرات، وفق ما يقول منتقدوه.

وكتب ساعر المذكرتين اللتين نشرتهما صحيفة «هآرتس» العبرية، الثلاثاء، بطريقة مهنية وفق متطلبات الوثائق الرسمية التي تصلح أدلة في محكمة، وأرفقها بملحق يتضمن معلومات استخباراتية خام أولية، ليفسر سبب اعتقاده أن هناك خطراً قصير المدى ووشيكاً لتصعيد عسكريّ.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (د.ب.أ)

وجاء في الوثيقة الأولى التي كانت تحت عنوان: «الأشياء التي يرونها من هناك - كيف يُنظر إلى إسرائيل في المنظومة؟»، أن «جميع اللاعبين في النظام (إيران وحزب الله وحماس) يشيرون إلى أن إسرائيل تعيش أزمة حادّة وغير مسبوقة، تهدّد تماسكها وتُضعفها»، وأضاف: «أعداؤنا هؤلاء يعدون هذا الضعف مساراً لتطورات عملية ستنتهي بانهيار إسرائيل، والوضع الحاليّ هو فرصة لتسريع وتعميق أزمتها». وقال إن «هذا التقويم يشير إلى وجود خلل في ميزان الردع، وإمكانية توحيد الساحات، وفُرصة للمساس بالتماسك، والإضرار بالإسرائيليين في الساحة القانونية والدولية».

وكتب ساعَر لنتنياهو أن «هذا التحليل ليس رؤية تحليليّة للواقع، بل هو الأساس لتقييم الوضع من قِبل القيادة، وأفراد المخابرات، وأنظمة الاتصالات. إنه يؤدي بالفعل إلى تغييرات في عملية اتخاذ القرار، والمجازفة من قبل مختلف اللاعبين، الذين يقومون بتحليل الوضع الداخلي في إسرائيل، واستخلاص العواقب (المحتملة) منه».

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في مرفأ غزة يوم 16 نوفمبر الحالي (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

وتابع ساعر أن «الأزمة الداخلية تخلق قيوداً كبيرة على إسرائيل، تجعلها تحاول تجنّب التصعيد الأمني، وتجعل من الممكن زيادة المخاطر التي تواجهها إسرائيل، وتؤدي أيضاً إلى تآكل الدعم الأميركي والأوروبي، لدرجة التقليل من قدرتها على التعامل مع أزمة أمنيّة واسعة النطاق». وزاد قائلاً إن «أعداء إسرائيل يتكاتفون ضدها لأنهم يعتقدون أن هناك فرصة لإثارة عاصفة شاملة، وأزمة داخلية، وتصعيد واسع في الساحة الفلسطينية، وتحدٍّ من جبهات أخرى، ما يخلق ضغطاً متعدد الأبعاد ومستمرّاً».

وهنا يكتب ساعر بوضوح عن الهجوم فيقول: «وفق فهمنا، فإن هذه الرؤية تكمن وراء الدافع الكبير لدى (حماس)، لتنفيذ هجمات من الشمال، في الوقت الحاضر، كما أنها تشجع إيران على زيادة وكلائها لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، إذ إن جميع اللاعبين يدركون أن هناك فرصة لتحركات للتأثير على الوعي، والتي من شأنها تعميق الانقسام الداخلي». وأشار إلى أن قادة إيران و«حزب الله» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» يعتقدون أنه يمكن البدء في التصعيد في ظل ضعف إسرائيل.

جنديان إسرائيليان خلال الهجوم الجاري حالياً على قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

وتقول «هآرتس» إن الوزير غالانت، توجّه، بعد أيام قليلة من إرسال الرسالة لنتنياهو، مطالباً «بوقف العملية التشريعية في هذا الوقت؛ لأنها ستؤدّي إلى خطر واضح وفوريّ على أمن الدولة»، لكن نتنياهو رد باتخاذ قرار بعزله من منصبه، ولم يتراجع عن ذلك إلا بعد اندلاع مظاهرات احتجاجية ضد خطوته هذه.

وفي الرسالة الثانية التي بعث بها ساعر إلى نتنياهو، حذّر مجدداً من أن «تفاقُم الأزمة يعمّق تآكل صورة إسرائيل، ويؤدي إلى تفاقم ضعف الردع الإسرائيلي، ويزيد من احتمالات التصعيد». وجاءت هذه الرسالة تحت عنوان: «تفاقم الأزمة الداخلية - العواقب على الجانب الأحمر (يقصد العدوّ بلغة المخابرات)»، وجاء فيها: «بينما كان اللاعبون الإقليميون متردّدين في البداية، بشأن ما إذا كانت هذه جولة أخرى من الأزمة السياسية المستمرّة، قدّروا مع مرور الوقت وتفاقُم الأحداث، أن هذه أزمة عميقة وضعت إسرائيل في إحدى نقاط ضعفها منذ قيامها. وهذا التقييم يُسمع في العلن، لكنه يُسمع أيضاً... في قلب تقييمات الوضع لدى أعدائنا، في غرف مغلقة ونقاشات مهنية للقوات الأمنية في إيران ولبنان وقطاع غزة». وقال إنه «بالنسبة لأعدائنا، مع التركيز على النظام الإيراني و(حزب الله)، فإن الأمر لا يتعلق فقط بتقييم الوضع، بل بالتنفيذ الفعليّ لرؤيتهم الأساسيّة للعالم: إسرائيل دخيلة، ومجتمعها ضعيف ومنقسم، ونهايتها هي الزوال. ووضعها الداخلي، على أقل تقدير، سيمنعها من القيام بمبادرات عسكرية كبيرة، مع التركيز على هجوم في إيران، وتحرُّك في لبنان، وحتى خطوة كبيرة ضد (حماس) في القطاع»، غير أنه أشار إلى أنه لا يوجد تغيير في ما يتعلق بالعمليات العسكرية في الضفة الغربية وسوريا.


مقالات ذات صلة

ماذا كشف سقوط الأسد عن تجارة «الكبتاغون» في سوريا؟

المشرق العربي أقراص من «الكبتاغون» مبعثرة بعد العثور عليها قرب العاصمة السورية دمشق الأسبوع الماضي (رويترز) play-circle 02:40

ماذا كشف سقوط الأسد عن تجارة «الكبتاغون» في سوريا؟

منذ سقوط الرئيس السوري بشار الأسد تم الكشف عن منشآت تصنيع مخدر «الكبتاغون» على نطاق واسع في جميع أنحاء سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية بمخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق (أ.ف.ب)

العثور على جثث مجهولة الهوية في منطقة السيدة زينب بدمشق

أعلن عضو مجلس إدارة في الدفاع المدني السوري، عمار السلمو، اليوم الأربعاء، أن فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان السويسري في العاصمة برن (أ.ف.ب)

البرلمان السويسري يحظر «حزب الله»

صوّت البرلمان السويسري، اليوم الثلاثاء، لصالح حظر «حزب الله» في خطوة يندر أن تقوم بها الدولة المحايدة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
تحليل إخباري رجل يحمل راية «حزب الله» على مبانٍ مدمرة في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)

تحليل إخباري الحرب الإسرائيلية وسقوط الأسد أفقدا «حزب الله» معادلة التحكّم بالاستحقاق

فرضت الحرب الإسرائيلية على لبنان وسقوط الأسد واقعهما على استحقاق انتخابات الرئاسة اللبنانية وأفقدا «حزب الله» وحلفاء النظام السوري قدرة التحكّم بانتخاب الرئيس.

يوسف دياب
المشرق العربي شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

الدمار والتعويضات يخلقان نقمة في بيئة «حزب الله»

خلقت أزمة الدمار الكبير في جنوب لبنان والالتباس حول تعويض المتضررين نقمة بدأت تخرج إلى العلن في بيئة «حزب الله». وظهرت ملامح تململ في رفض البعض العودة إلى الضاح

كارولين عاكوم (بيروت)

إصابة 14 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

إصابة 14 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية وسط تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي عبر منصة «إكس»: «عقب إطلاق صاروخ من اليمن وتفعيل إنذاراتٍ وسط إسرائيل، جرت محاولات اعتراض غير ناجحة»، مضيفاً «التفاصيل لا تزال قيد الفحص».

من جهتها ذكرت أجهزة الإسعاف أن 14 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة، وأفادت الشرطة بوقوع «أضرار» في عدد من المساكن.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الصاروخ سقط في بني براك شرقي تل أبيب.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن صباح الخميس أنّه شنّ غارات جوية على«أهداف عسكرية» تابعة للحوثيين في اليمن في هجوم أعقب اعتراضه صاروخاً أطلقته الجماعة المدعومة من إيران.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، يشنّ الحوثيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن انطلاقاً من المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن، في ما يعتبرونه «دعماً» للفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تدور حرب مدمّرة بين إسرائيل وحماس منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفي يوليو (تمّوز) 2024، أدّى انفجار مسيّرة مفخّخة في تلّ أبيب في هجوم نفّذه الحوثيون إلى مقتل مدني إسرائيلي. وردّا على ذاك الهجوم شنّت إسرائيل ضربات انتقامية على محافظة الحديدة الساحلية اليمنية.