لاكروا: قوات حفظ السلام ليست «عصا سحرية»

مسؤول عمليات السلام في الأمم المتحدة يشكو من قلة الإمكانات والتمويل

عناصر من  قوات حفظ السلام «اليونيفيل» عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من قوات حفظ السلام «اليونيفيل» عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

لاكروا: قوات حفظ السلام ليست «عصا سحرية»

عناصر من  قوات حفظ السلام «اليونيفيل» عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من قوات حفظ السلام «اليونيفيل» عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (أرشيفية - د.ب.أ)

أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيار لاكروا، أنّ قوات حفظ السلام ليست «عصا سحرية»، في وقت تؤدي فيه محدودية عملها أحياناً إلى شعور السكان بـ«الإحباط»، معرباً عن دعمه لتطوير أدوات تكميلية لحماية المدنيين في مناطق تشهد أوضاعاً معقدة جداً.

ويخدم نحو 90 ألف جندي من قوات حفظ السلام تحت علم الأمم المتحدة، في اثنتي عشرة مهمّة حول العالم، من لبنان إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن جنوب السودان إلى الصحراء الغربية. غير أنّ هذه البعثات لا تحظى بالضرورة بالإجماع، كما هو الحال في مالي حيث أجبرت الحكومة قوات حفظ السلام على المغادرة، أو في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث أظهر بعض السكان عداءهم لهذه القوات.

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا يتحدث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في الأمم المتحدة بنيويورك الاثنين

وقال جان بيار لاكروا في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» إنّ قوات حفظ السلام تحمي «مئات آلاف المدنيين» كلّ يوم، لكنّه يعترف بأنّ «تفويضنا، الذي يركّز بشكل أساسي على حماية المدنيين، يثير (في بعض الأحيان) تطلعات لا يمكننا تلبيتها، بسبب إمكاناتنا وميزانيّتنا والميدان والقيود اللوجستية».

وأضاف: «نشهد إحباطاً لدى جزء معيّن من السكان»، وهو إحباط «يستغلّه أولئك الذين يفضّلون استمرار الفوضى»، مستنكراً «الأخبار الكاذبة» والمعلومات المضلّلة «التي تحوّلت إلى أسلحة»، لكنه أكد أنّه من دون هذه العمليات «قد يكون (الوضع) أسوأ بكثير في معظم الحالات»، مضيفاً أنّ «هذا لا يعني أنّ عمليات حفظ السلام هي عصا سحرية، أو الحل الشامل لجميع أنواع الأزمات».

ومن أجل تعزيز فعاليتها، ذكّر أولاً مجلس الأمن بمسؤولياته في هذا المجال.

وأوضح أنّ قوات حفظ السلام تُنشر «لتهيئة الظروف التي تسمح بتقدّم عملية سياسية وتؤدي إلى سلام دائم»، لكنّه أضاف أنّ «دولنا الأعضاء اليوم منقسمة ولم تعد هذه الجهود السياسية تحظى بالدعم القوي والموحّد منها».

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في منطقة أبيي بالسودان (أرشيفية - الموقع الرسمي للأمم المتحدة)

لذا، أمل أن يشكّل اجتماعاً وزارياً يُعقد في غانا في الخامس والسادس من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فرصة لـ«إعادة التزام» الدول الأعضاء لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، فضلاً عن تقديم مساهمات جديدة، خصوصاً على مستوى القوات.

«لا تفرض السلام»

وعلى غرار ما أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فقد حان الوقت أيضاً للتفكير في مستقبل بعثات السلام، خصوصاً عندما لا يكون هناك سلام يمكن الحفاظ عليه.

وفيما يمكن لقوات حفظ السلام حماية المدنيين عندما يكون هناك وقف لإطلاق النار، أشار جان بيار لاكروا إلى أنّ هذه القوات «لا تفرض السلام». كذلك، لا تشكل هذه البعثات قوة لمكافحة الإرهاب أو لمحاربة العصابات.

مع ذلك، يتمّ نشرها في أوضاع «خطرة بشكل متزايد»، في ظل وجود «جماعات مسلّحة، وجهات غير حكومية، وشركات أمنية خاصة»، وجهات «ضالعة في الإرهاب أو في استغلال الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود الوطنية»، على حدّ وصفه.

بالتالي، بدأت فكرة إفساح المجال أمام بعثات غير تابعة للأمم المتحدة بتفويض من مجلس الأمن، تكتسب المزيد من الاهتمام.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يستعد للقاء صحافيين على هامش جلسة لمجلس الأمن حول الحفاظ على السلام والأمن الدولي في نيويورك الاثنين (أ.ف.ب)

وفي هذا الإطار، قال لاكروا: «يجب أن يكون لدينا المزيد من الخيارات لتقديم استجابة مناسبة» وفقاً للأزمات «التي تزداد تنوعاً».

وأضاف: «نحن بحاجة إلى مجموعة أكثر تنوّعاً من الأدوات: عمليات حفظ السلام كما هي اليوم، وأشكال جديدة من عمليات حفظ السلام للاستجابة بشكل أفضل لمحرّكات الصراع (مثل تغيّر المناخ أو الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود) أو عمليات فرض السلام ينفّذها الاتحاد الأفريقي أو غيره من المنظمات الإقليمية»، ولكن ماذا عن غزة بعد الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»؟

تحدّث أنطونيو غوتيريش، الاثنين، عن «انتقال» سياسي بمشاركة عدّة جهات فاعلة مثل الولايات المتحدة والدول العربية.

وتساءل لاكروا: «هل يمكن أن يكون هناك نوع من آلية أمنية؟»، مجيباً أنّ «هناك ملايين السيناريوهات التي يمكن تصوّرها، لكنّها افتراضية للغاية في الوقت الراهن».

سواء كانت تابعة للأمم المتحدة أو لا، يبقى التحدي متمثلاً في إيجاد متطوّعين وأموال لتنفيذ عمليات السلام. وبعد عام من المماطلة، وافق مجلس الأمن في بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على نشر بعثة متعدّدة الجنسيات بقيادة كينيا لمحاربة العصابات في هايتي. غير أنّ نيروبي التي وعدت بإرسال ألف عنصر من الشرطة، طلبت من الدول الأعضاء تمويل العملية التي لم يتمّ تنفيذها بعد.


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
TT

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقرّبة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل، بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب الرئيس المنتخب على منصته «تروث سوشيال»، بعد ساعات قليلة على انسحاب غايتز: «يُشرفني أن أعلن اختيار المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثّل في مكافحة الجريمة، وجعل أميركا آمنة مرة أخرى. لقد عرفت بام لسنوات عديدة - إنها ذكية وقوية، وهي مقاتلة في (حركة) أميركا أولاً، وستقوم بعمل رائع بصفتها وزيرة للعدل».

من هي بام بوندي؟

وفي عام 2010، أصبحت بوندي أول امرأة تُنتخب لمنصب المدعي العام لولاية فلوريدا وشغلته لفترتين، من 2011 إلى 2019، وهي تشغل مناصب قيادية في مركز التقاضي ومركز القانون والعدالة في «معهد أميركا أولاً» للسياسة الذي لعب دوراً كبيراً في المساعدة على تشكيل السياسات لإدارة ترمب المقبلة.

وتُعد من الداعمين الأساسيين لترمب منذ فترة طويلة؛ حيث دعّمت ترشيحه للرئاسة عام 2016 ضد سيناتور ولايتها ماركو روبيو. وكانت جزءاً من فريق الدفاع عن ترمب خلال محاولة عزله الأولى، التي اتُّهم فيها بالضغط على أوكرانيا لإجراء تحقيق فساد بحق جو بايدن، منافسه الرئاسي آنذاك، من خلال حجب المساعدات العسكرية عنها.

هيغسيث وكينيدي تحت المجهر

وكان غايتز قد أعلن، الخميس، انسحابه من الترشح لمنصب وزير العدل، بعد تصاعد الضغوط عليه، جراء أدلة بدت دامغة، تُظهر تورّطه في تجاوزات أخلاقية، كانت لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب قد فتحت تحقيقاً فيها منذ عام 2021. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، إن «ترشيحه أصبح مصدر إلهاء». وعُد انسحاب غايتز أول ضربة سياسية لمرشحي ترمب، لشغل مناصب في إدارته المقبلة، واختبار قدرته في الدفاع عن مرشحيه من الذين يواجهون تُهماً مماثلة.

كينيدي متوسّطاً تولسي غابارد ومايك جونسون خلال عرض مصارعة حضره ترمب في نيويورك 16 نوفمبر 2024 (إيماجن)

ويواجه ترمب ضغوطاً لإعادة النظر على الأقل في ثلاثة مرشحين آخرين، هم: بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع والمتهم كذلك بتجاوزات أخلاقية، وروبرت كينيدي لمنصب وزير الصحة الذي يخشى بعض الجمهوريين مواقفه المتشددة في اللقاحات، وتولسي غابارد المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، التي وصفتها نيكي هايلي المندوبة السابقة لدى الأمم المتحدة بـ«المتعاطفة مع الصينيين والإيرانيين والروس».

وحتى الآن، يُشدد الجمهوريون على دعم هيغسيث وكينيدي وغابارد. وأعلنوا استعدادهم في الوقت الحالي على الأقل، لتثبيتهم في مناصبهم، في جلسات الاستماع التي ستبدأ بعد تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال السيناتور الجمهوري، كيفن كرامر، إن ترمب بصفته «ضحية للحرب القانونية» يدرك تماماً أن الملاحقات القضائية غير عادلة، وأن غايتز والآخرين لم تتم إدانتهم بأي جرائم.

وقال السيناتور الجمهوري، جون كينيدي، إنه لن يحكم على أي من المرشحين بناءً على «الشائعات»، ويريد عقد جلسات استماع لفحص اختيارات ترمب. وقال السيناتور ماركوين مولين: «نحن نعيش في عصر يتم فيه الكشف عن ماضي الجميع، بغض النظر عن ظروفهم، ويستخلص الناس رأيهم قبل أن يكون لديهم الوقت لمعرفة الحقيقة كاملة».

ارتياح جمهوري

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

وعقد غايتز اجتماعات متعددة مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، لاختبار فرصه في الحصول على تأكيد ترشحه. لكنهم أبلغوه، بمن فيهم أولئك الذين دعّموه، أنه قد يخسر على الأقل 3 أصوات جمهورية، مما قد يؤدي إلى رفض ترشحه، في ظل الأغلبية الضيقة للجمهوريين على مجلس الشيوخ الجديد.

وفور إعلانه الانسحاب، بدا العديد من أعضاء مجلس الشيوخ مرتاحين لقراره. وقالت السيناتورة الجمهورية سينثيا لوميس: «أعتقد (...) أنه شعر أن هذا سيكون مصدر إلهاء كبير، ومن الجيد أن يدرك ذلك، وأن يكون على دراية بنفسه». وقال بعض أعضاء مجلس الشيوخ إنهم يريدون رؤية تقرير لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب الذي طال انتظاره، والذي يُفسّر بعض هذه الادعاءات.

وكان النائب الجمهوري مايكل غويست الذي يرأس اللجنة، قد رفض التعليق، قائلاً إنه «لم يكن هناك اتفاق من جانب اللجنة على إصدار التقرير». وفي الأسبوع الماضي، ضغط رئيس مجلس النواب مايك جونسون على اللجنة لعدم نشر التقرير بشأن غايتز، بحجة أن ذلك سيشكّل «خرقاً فظيعاً للبروتوكول» للقيام بذلك بعد استقالة غايتز، مما يجعله خارج اختصاص اللجنة. وحثّ جونسون النائب غويست بشكل خاص على عدم نشر النتائج.