السعودية وأفريقيا... وضع أسس لتكامل قاري ومستقبل مستدام

ولي العهد يعلن مبادرة خادم الحرمين الإنمائية بمليار دولار

صورة تذكارية لولي العهد السعودي وقادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في القمة (واس)
صورة تذكارية لولي العهد السعودي وقادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في القمة (واس)
TT

السعودية وأفريقيا... وضع أسس لتكامل قاري ومستقبل مستدام

صورة تذكارية لولي العهد السعودي وقادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في القمة (واس)
صورة تذكارية لولي العهد السعودي وقادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في القمة (واس)

أكد قادة السعودية ودول أفريقيا، الجمعة، عزمهم على تطوير علاقات والتعاون والشراكة والتنمية ووضع أسس لتكامل قاري يرسم مستقبلا مستداما لدول وشعوب الجانبين.

وأعلن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال افتتاح القمة السعودية - الأفريقية، الجمعة في الرياض، عن إطلاق مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية في أفريقيا، لتدشين مشروعات وبرامج إنمائية في دول القارة بقيمة تتجاوز مليار دولار على مدى عشر سنوات.

وتعهد الأمير محمد بن سلمان بضخ استثمارات سعودية جديدة في مختلف القطاعات بما يزيد على 25 مليار دولار، وتمويل وتأمين 10 مليارات دولار من الصادرات وتقديم 5 مليارات دولار تمويلاً تنموياً إضافياً إلى أفريقيا حتى 2030، وزيادة عدد سفارات السعودية في أفريقيا لأكثر من 40 سفارة.

القادة الأفارقة من جانبهم، وصفوا القمة السعودية الأفريقية بـ«التاريخية»، مستذكرين العلاقات الروحية والثقافية والاقتصادية والتجارية بالسعودية، داعين إلى وضع أسس للتعاون لاستراتيجية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، لا سيما في المجال التنموي والاقتصادي.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يلقي كلمته في افتتاح أعمال القمة (واس)

وعدّ قادة أفريقيا، السعودية نموذجاً يحتذى به عبر جهودها التنموية في أفريقيا، ولها دور محوري في دفع عجلة التنمية في القرن الأفريقي وحوض البحر الأحمر، بخلاف الدعم المالي والجوانب السياسية والأمنية والاندماج الإقليمي.

وفي ختام القمة، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، اعتماد «إعلان الرياض» الذي يمثل خارطة الطريق للعلاقات السعودية - الأفريقية.

التزام سعودي للتعاون والتكامل

أكد الأمير محمد بن سلمان في كلمته أمام قادة أفريقيا حرص السعودية على تعزيز التعاون بما يسهم في إرساء الأمن والسلام في المنطقة والعالم أجمع، وقال: «يسرنا نيابة عن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أن أرحب بكم، وأن أنقل لكم تمنياته بنجاح هذه القمة السعودية الأفريقية الأولى».

وأضاف: «تحرص المملكة والدول الأفريقية على تعزيز التعاون بما يسهم في إرساء الأمن والسلام في المنطقة والعالم أجمع، وإننا إذ ندين ما يشهده قطاع غزة من اعتداء عسكري واستهداف المدنيين واستمرار انتهاكات سلطة الاحتلال الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني؛ لنؤكد ضرورة وقف هذه الحرب والتهجير القسري، وتهيئة الظروف لعودة الاستقرار وتحقيق السلام».

وأوضح الأمير محمد أن المملكة والدول الأفريقية تدعمان «جميع الجهود الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار». مضيفا: «وفي هذا الصدد فإننا نرحب باستئناف مباحثات جدة بممثلي طرفي الأزمة في السودان ونأمل أن تكون لغة الحوار هي الأساس للحفاظ على وحدة جمهورية السودان وأمن شعبه ومقدراته».

الأمير محمد بن سلمان مترئساً أعمال القمة السعودية - الأفريقية في الرياض (واس)

وتابع: «لقد قدمت المملكة العربية السعودية أكثر من 45 مليار دولار لدعم المشروعات التنموية والإنسانية في 54 دولة أفريقية، كما بلغت مساعدات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أكثر من 450 مليون دولار في 46 دولة أفريقية، ونحن في المملكة العربية السعودية عازمون على تطوير علاقات التعاون والشراكة مع الدول الأفريقية وتنمية مجالات التجارة والتكامل».

وأضاف ولي العهد بقوله «من هذا المنطلق يسرنا أن نعلن عن إطلاق مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية في أفريقيا، وذلك عبر تدشين مشروعات وبرامج إنمائية في دول القارة بقيمة تتجاوز مليار دولار على مدى 10 سنوات، كما نتطلع إلى ضخ استثمارات سعودية جديدة في مختلف القطاعات بما يزيد على 25 مليار دولار، وتمويل وتأمين 10 مليارات دولار من الصادرات وتقديم 5 مليارات دولار تمويلاً تنموياً إضافياً إلى أفريقيا حتى 2030، وستزيد المملكة عدد سفاراتها في أفريقيا لأكثر من 40 سفارة».

وشدد الأمير محمد بن سلمان على أن «السعودية كانت من أوائل الدول التي قدمت دعمها المعلن لحصول الاتحاد الأفريقي على عضوية دائمة في مجموعة العشرين إيماناً منها بدور أفريقيا، وتحرص المملكة على دعم الحلول المبتكرة لمعالجة الديون الأفريقية؛ حيث سعت خلال ترؤسها لمجموعة العشرين عام 2020 لإطلاق مبادرات تعليق مدفوعات خدمة الدين خلال الجائحة للدول المنخفضة الدخل، ومبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون وإعادة هيكلتها في العديد من الدول الأفريقية».

الأمير محمد بن سلمان خلال ترؤسه أعمال القمة السعودية - الأفريقية بالرياض (واس)

وتابع: «وتدعم المملكة التنمية المستدامة وتؤكد دوماً حق الدول في تنمية مواردها وقدراتها الذاتية، ونجدد التزامنا بأمن إمدادات الطاقة واستدامتها والاستفادة من جميع مصادر الطاقة وتطوير التقنيات وحلول وأنظمة الوقود النظيف وتوفير الغذاء لأكثر من 750 مليون إنسان أفريقي».

ولفت ولي العهد إلى أن المملكة تهدف إلى «استضافة معرض إكسبو 2030 في الرياض، وتقديم نسخة استثنائية غير مسبوقة في تاريخ هذا المعرض تسهم في استشراف مستقبل أفضل للبشرية، ونتطلع إلى مشاركتكم مع المملكة في إبراز الدور المهم لأفريقيا وما تتمتع به من موارد بشرية وطبيعية وفرص نمو وإمكانات مستقبلية، ونثق في أن هذه القمة ستحقق بإذن الله ما نصبو إليه جميعاً من نقلة نوعية في مجالات التعاون والشراكة في المملكة العربية السعودية والدول الأفريقية».

حقبة جديدة من التعاون والشراكة

أكد رئيس جمهورية جزر القمر المتحدة عثمان غزالي أن الدول الأفريقية تسعى من خلال مشاركتها في القمة الأولى مع السعودية إلى تنمية العلاقات وفتح حقبة جديدة من التعاون والشراكة، مشيراً إلى أهمية العمل لتحقيق الأمن والأمل للجانبين.

ولفت غزالي إلى أن أهم احتياجات أفريقيا تركز على التقنية الحديثة والاستثمارات والبنية التحتية، مبيناً أن المبادرة السعودية بعقد هذه القمة تمكن أفريقيا من الانطلاق للأمام، وقال: «السعودية وأفريقيا لديهما الإمكانات، أفريقيا سوق كبيرة والسعودية تستطيع الاستفادة منها».

جانب من أعمال القمة السعودية - الأفريقية الأولى في الرياض (واس)

شراكة مبنية على مبادئ واضحة

من جانبه، تطرق موسى محمد مفوض الاتحاد الأفريقي إلى العلاقات الروحية والتاريخية والثقافية والاقتصادية والتجارية بين أفريقيا والسعودية الغنية عن البيان والتبيين على حد تعبيره، مشيراً إلى أن هذه العلاقات «تترجمها العلاقات الثنائية بين السعودية وعدد كبير من أعضاء الاتحاد الأفريقي، والحقل الواسع من المشروعات المتنوعة ذات النفع في ميادين كبيرة».

وأضاف: «قمتنا الأولى مطالبة بالتأسيس لهذا المسار ووضع الخطط الناجعة لدفعه وتوسيعه والمضي به قدماً بخطى ممنهجة ثابتة، نؤمن أن الشراكة أي شراكة لا بد أن تبنى على رؤية ومبادئ واضحة (...) القارة الأفريقية والسعودية كلانا لنا رؤية مشتركة ومن الحكمة أن تكون شراكتنا مبنية على أجندة محددة لعقود قادمة، لتطويرها ومضاعفتها بالتزامن مع الاستراتيجية القصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، لا سيما التنموية والاقتصادية».

ووفقاً لمفوض الاتحاد الأفريقي فإن أولوية القارة تتمثل في البنية التحتية والطاقة والأمن الغذائي والزراعة والتقنية الحديثة، وتحريك الموارد المالية للأغراض التنموية وبناء القدرات البشرية بما يتسق مع احتياجات الملايين من النساء والشباب للتقليل من البطالة والحد من معدلات الهجرة.

النموذج السعودي التنموي في أفريقيا

الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي بدوره أشاد بالمبادرة السعودية لعقد القمة في ظل تحويلات جيواستراتيجية تعيشها المنطقة، والتي جاءت لترسيخ مبدأ العمل الجماعي لبناء مستقبل أفضل للمنطقة والعالم على حد تعبيره.

ولفت جيلة في كلمته إلى أن هذه القمة تعكس مكانة السعودية الإقليمية والدولية وثقلها السياسي بعدّها دولة مبادرات وإيجاد الحلول، وأضاف: «السعودية نموذج يحتذى به في مواكبة الجهود التنموية في أفريقيا وللمملكة دور محوري في دفع عجلة التنمية في القرن الأفريقي وحوض البحر الأحمر، وإسهاماتها لا تقتصر على الدعم المالي بل إلى مناحي الحياة بما فيها الجوانب ذات الطابع السياسي والأمني والاندماج الإقليمي».

بناء شراكة وعلاقات أعمق

في كلمته، أكد هاكيندي هيشيليما رئيس جمهورية زامبيا أن المبادرة السعودية لطالما انتظرتها أفريقيا، متطلعاً إلى بناء شراكة تعاون عميق مع المملكة، وأن القارة السمراء جاهزة للتعاطي مع المملكة فيما يتعلق بتنمية اقتصاداتها ودعم شعوبها.

وقال: «نبحث عن العلاقات التي ستسمح لنا بالاستفادة من ثروات دولنا بشكل فردي وجماعي، أفريقيا لديها هذه الثروات المطلوبة لتحقيق الرفاهية للعالم أجمع (...) ما نحتاج له تكوين الشراكات التي يمكنها إنجاز هذه المجالات، ونشكر المملكة على جهودها لتحقيق السلام في المنطقة وغيرها، ونود أن نرى علاقات أعمق بين السعودية والقارة الأفريقية».

استغلال الفرص واستكشاف المستقبل

وصف رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد القمة السعودية الأفريقية بأنها تمثل لحظة تاريخية مهمة في العلاقات السعودية الأفريقية تتيح فرصة للحديث عن إمكانات التعاون، لافتاً إلى أن أفريقيا وفرت الملاذ الآمن لأتباع الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، ورحبت وحمت الصحابة.

ونوه أحمد بالالتزام السعودي الثابت خلال العقود الماضية بتنمية القارة الأفريقية، مشيراً إلى أن القارة السمراء الآن تضع الأسس للتكامل القاري لتوظيف مصادرها، وبما يتناغم مع الرؤية السعودية 2030 لتحقيق المنافع الاقتصادية والتجارية.

وأضاف: «كل طموحاتنا للتنمية وتبنيها على مستوى أجندة الاتحاد الأفريقي وتماشيا مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية السعودية علينا استغلال الفرص في كل هذه الرؤى لتحقيق التقدم الاقتصادي، والبحث في مجالات أخرى في القارة لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري واستكشاف مجالات أخرى».

طاقة الحاضر والمستقبل

الرئيس الكيني ويليام روتو بدأ حديثه بالتأكد أن الشخص يمكنه اختيار صديقه، لكنه لا يستطيع اختيار جاره، مبيناً أن السعودية وأفريقيا جارتان ولديهما تاريخ من العلاقات والتعاون.

ويرى روتو أن الجانبين لديهما طاقة الحاضر والمستقبل، التي يمكن استخدامها لتمكين التنمية، وفتح الإمكانات في أفريقيا.

وتابع: «لدينا شعب شاب في السعودية وأفريقيا، 65 في المائة من سكان أفريقيا أقل من 30 عاما، و40 في المائة من سكان السعودية أقل من 30 عاماً، لدينا القوى العاملة للحاضر والمستقبل»، مضيفا: «يمكننا البدء بفرص كبيرة وهائلة للاستثمارات بوجود الموارد الرأسمالية في المملكة والموارد الطبيعية في قارتنا».

تحقيق مخرجات القمة

من ناحيتها، أشادت سامية صولوحو حسن، رئيسة تنزانيا خلال كلمتها بسعي المملكة العربية السعودية إلى تحقيق شراكات قوية مع القارة الأفريقية وبناء قوى اقتصادية مشتركة واستغلال الموارد البشرية في الجانبين، مؤكدة أهمية الاستثمار في رأس المال البشري، خاصة الشباب وجعله خريطة طريق نحو التطور والازدهار.

وتطرقت حسن إلى أهمية الأمن الغذائي والعمل عليه، مبينة أن أفريقيا يمكنها أن تكون سلة الغذاء العالمية، وذلك بتحديث أنماط العمل الزراعي واستثمار جميع الإمكانات للوصول إلى الناتج المطلوب، مشيرة إلى أن تنزانيا مهتمة بالأمن الغذائي ولديها أجندة طموح لدعم نمو القطاع الزراعي وزيادة رأس المال الذي يسهم في تطوره.

وشددت رئيسة تنزانيا على أهمية تحقيق مخرجات هذه القمة، وذلك بالتنسيق والتواصل المستمر وحشد جميع الموارد ودعمها لتحقيق التقدم، منوهة بما تقدمه المملكة في هذا الاتجاه وتعزيزها مجالات التجارة والاستثمار في أفريقيا وخلق فرص جديدة للتعاون.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

صحتك طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
رياضة عالمية منتخب سيدات المغرب من المرشحات لجائزة الأفضل في القارة الأفريقية (الشرق الأوسط)

«كاف» يعلن قوائم المرشحات للفوز بجوائز السيدات 

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، اليوم (الأربعاء)، القوائم المرشحة للحصول على جوائزه لعام 2024 في فئة السيدات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية كولر مدرب الأهلي المصري ينافس 4 مدربين لمنتخبات على الأفضل في أفريقيا (أ.ف.ب)

«كاف»: 5 مرشحين لجائزة أفضل مدرب في أفريقيا

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) عن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة أفضل مدرب في القارة السمراء في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية أشرف حكيمي (أ.ب)

حكيمي يتصدر قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

ينافس المغربي الدولي أشرف حكيمي بقوة على جائزة أفضل لاعب في أفريقيا للعام الثاني على التوالي بعد دخوله القائمة المختصرة للمرشحين، التي أعلنها الاتحاد الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».