طالب وزراء خارجية «مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى» بـ«هدنات إنسانية» تتيح إدخال المساعدات الإنسانية في غزة ودعم حماية المدنيين الفلسطينيين وإطلاق الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، بينما قدم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أوضح تصورات إدارة الرئيس جو بايدن لما يسمى «اليوم التالي» في القطاع بعد انتهاء الحرب، محذراً حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من السعي إلى إعادة احتلال غزة، في أحدث مؤشر على زيادة الضغوط من الولايات المتحدة والدول الغربية على إسرائيل لوقف الهجوم الذي أدى حتى الآن إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص.
وبعد نحو أسبوعين من بدء الغزو البري الإسرائيلي لغزة رداً على هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تعالت الأصوات عبر الأمم المتحدة ودول العالم للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية الملحة لنحو 2.4 مليون من الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحصار الخانق في غزة.
ويضم المجموعة الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان. وتتولى الأخيرة حالياً الرئاسة الدورية لهذا التكتل، الذي عقد اجتماعات استمرت يومين في طوكيو على مستوى وزراء الخارجية. ولم يرق البيان الختامي إلى حد الدعوة إلى وقف شامل لإطلاق النار، خشية أن يؤدي ذلك إلى المخاطرة ببقاء سلطة القطاع تحت سيطرة «حماس»، طبقاً لتصريحات الوزير بلينكن.
هدنات وممرات
وأورد البيان الموحد لوزراء الخارجية: «نحن نؤيد الهدنات الإنسانية والممرات لتيسير المساعدة المطلوبة بشكل عاجل وحركة المدنيين وإطلاق الرهائن»، مؤكدين على «أهمية حماية المدنيين والامتثال للقانون الدولي، وخاصة القانون الإنساني الدولي».
وإذ كرر الوزراء تنديدهم بهجوم «حماس»، الذي أعلنت السلطات الإسرائيلية أنه أدى إلى مقتل نحو 1400 شخص، قالوا إن «هناك حاجة ملحة إلى مزيد من المساعدات الإنسانية للمدنيين» في غزة، حيث أدى الغزو والغارات الجوية وعمليات القصف إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص، وإصابة أكثر من 26 ألفاً، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.
ورغم الدعم الكبير من إدارة الرئيس جو بايدن لما تسميه «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» وهدفها القضاء على «حماس»، لكنها رفعت بشكل مطرد دعواتها لوقف مؤقت للقتال لأسباب إنسانية من أجل توصيل المساعدات إلى غزة. وخلال شهر كامل من الحرب، تمكنت الأمم المتحدة من إدخال نحو 520 شاحنة مساعدات إلى غزة، علماً أن هذا العدد من الشاحنات كان يرسل يومياً إلى القطاع المحاصر قبل بدء هذه الحرب.
عنف المستوطنين
وعبّر بيان وزراء «مجموعة السبع» عن قلقهم من «تصاعد عنف المستوطنين المتطرفين ضد الفلسطينيين» في الضفة الغربية، مؤكدين أنهم سيعملون سويّة من أجل «حرمان (حماس) من القدرة على جمع الأموال واستخدامها لارتكاب الفظائع»، بما في ذلك عبر فرض عقوبات جديدة. ودعا البيان أيضاً إلى العودة إلى «حل الدولتين» بوصفها «الطريق الوحيدة لتحقيق سلام عادل ودائم وآمن» في الشرق الأوسط. وحضّ إيران على «الامتناع عن تقديم الدعم لحركة «حماس»، وعن اتخاذ مزيد من الإجراءات التي تزعزع استقرار الشرق الأوسط، بما في ذلك دعم «حزب الله» اللبناني وغيره من الجهات غير الحكومية، داعياً طهران إلى «استخدام نفوذها لدى تلك المجموعات لتهدئة التوترات الإقليمية».
وحدة الموقف
ويبدو أن البيان يتوافق بشكل أوثق من البيانات السابقة لـ«مجموعة السبع» مع النهج الذي اتبعته اليابان منذ بداية الحرب. وفي حين أن معظم أقرانها في مجموعة السبع عرضوا دعماً كاملاً لإسرائيل، وميزت اليابان نفسها بإصدار بيانات عامة أكثر اعتدالاً تدعو «كل الأطراف» إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس» في النزاع، والتعبير عن القلق في شأن عدد ضحايا في كل من إسرائيل وغزة.
وخلال الاجتماعات في طوكيو، نبه بلينكن إلى أنه لا ينبغي لإسرائيل أن تعيد احتلال غزة، في رد مباشر على تصريحات نتنياهو بأن إسرائيل يمكن أن تتحمل المسؤولية عن أمن غزة «لفترة غير محددة». وقال: «نريد جميعاً إنهاء هذا النزاع في أقرب وقت ممكن، وفي الوقت نفسه تقليل معاناة المدنيين إلى الحد الأدنى. ولكن، كما ناقشت مع زملائي في «مجموعة السبع»، فإن أولئك الذين يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار عليهم التزام شرح كيفية وقف إطلاق النار، ومعالجة النتيجة غير المقبولة التي من المرجح أن تؤدي إلى بقاء «حماس» في السلطة مع أكثر من 200 رهينة، مع القدرة والنية المعلنة على تكرار ما حدث في 7 أكتوبر مراراً وتكراراً».
فترة انتقالية
وأضاف بلينكن «نحن واضحون للغاية في شأن عدم إعادة الاحتلال، تماماً كما نحن واضحون للغاية في شأن عدم تهجير السكان الفلسطينيين في الهجوم الإسرائيلي على غزة». وأضاف أنه في المقابل «لا يمكن أن تستمر (حماس) في إدارة غزة»، موضحاً أن «الحقيقة الآن هي أنه قد تكون هناك حاجة لفترة انتقالية ما في نهاية النزاع، ولكن من الضروري أن يكون الشعب الفلسطيني محورياً في الحكم في غزة والضفة الغربية». ولفت إلى أن الزعماء الإسرائيليين أبلغوه «أنهم لا يعتزمون إعادة احتلال غزة»، من دون أن يسمي أياً من هؤلاء المسؤولين.
وجاء هذا الرد من كبير الدبلوماسيين الأميركيين ليكون أحدث مؤشر إلى التوتر المحتمل بين الحكومة الإسرائيلية والداعم العسكري الأكبر لها، الولايات المتحدة.
وقال مسؤولون أميركيون اشترطوا عدم نشر أسمائهم بسبب المناقشات الداخلية الحساسة، إن تصريحات نتنياهو «أطلقت إنذاراً لإدارة بايدن، التي يتمثل موقفها في أن إسرائيل بحاجة إلى تجنب أي إشارة إلى احتلال مفتوح لغزة». ويبدو أن المسؤولين الأميركيين يشعرون بقلق متزايد من خطط إسرائيل فيما يتعلق بغزة ما بعد النزاع. وقال بلينكن إن الإدارة «تريد أيضاً ضمان أشكال أخرى من الحماية لسكان غزة»، موضحاً أن العناصر الأساسية لإنهاء النزاع يجب أن تشمل «عدم التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، لا الآن ولا بعد الحرب»، فضلاً عن أنه «لا ينبغي تقليص أراضي غزة».