بوتين: نحارب في أوكرانيا مصدرَ الخطر علينا وعلى الفلسطينيين

اتهم واشنطن بالسعي إلى تأجيج الوضع في روسيا

TT

بوتين: نحارب في أوكرانيا مصدرَ الخطر علينا وعلى الفلسطينيين

الرئيس فلاديمير بوتين خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي في 30 أكتوبر (إ.ب.أ)
الرئيس فلاديمير بوتين خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي في 30 أكتوبر (إ.ب.أ)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بلاده تقاتل في أوكرانيا «مصدر الخطر» عليها وعلى الفلسطينيين. وصعّد بوتين لهجته ضد واشنطن على خلفية أعمال الشغب التي شهدتها، الأحد، جمهورية داغستان الذاتية الحكم في منطقة شمال القوقاز. وربط، خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي، مساء الاثنين، بين محاولات تأجيج الوضع الداخلي في روسيا بتحريض مباشر من الغرب والتطورات الدامية في فلسطين. وقال إن «مساعدة الفلسطينيين تكون بمكافحة من يقف وراء هذه المأساة، وهم من تقاتلهم روسيا في إطار العملية العسكرية الخاصة» التي تخوضها في أوكرانيا.

وكانت داغستان شهدت أعمال شغب بعد اقتحام مطار العاصمة محج قلعة من جانب متظاهرين مناصرين لفلسطين، سعوا إلى منع دخول ركاب طائرة أقلت إسرائيليين من مزدوجي الجنسية. وسيطر المتظاهرون لساعات على المطار، قبل أن تعلن السلطات إطلاق عملية أمنية انتهت باستعادة فتح المطار أمام الرحلات الدولية من دون أن يعلن عن اعتقالات وسط المهاجمين.

لكن الحادث أثار قلقاً واسعاً في روسيا، خصوصاً أن دعوات للعنف سبقته وفقاً لإعلان السلطات الداغستانية.

ورأت الحكومة الروسية أن أجهزة غربية وأوكرانية وقفت وراء التحريض على العنف، وسط مخاوف من انتشار هذه الظاهرة إلى مناطق روسية تسكنها غالبية مسلمة. ودعا بوتين إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن، أكد خلاله أن بلاده تتصدى لخطر التحريض الخارجي ومحاولات استفزاز انقسام واسع في المجتمع الروسي.

لكن اللافت أن الرئيس الروسي وجّه خلال الاجتماع إشارات تحذيرية حادة، كما تعمد ربط محاولات استهداف روسيا داخلياً بالحرب الدائرة على غزة، في تطور لا سابق له. وفضلاً عن توجيه رسائل إلى الغرب، هدف إلى امتصاص النقمة الداخلية على الأحداث التي تشهدها غزة، وتوجيهها نحو «العدو الأساسي». وقد برز ذلك من خلال تأكيده أن روسيا «تقاتل نفس مصدر تلك المأساة تحديداً، لا من أجل روسيا فحسب، وإنما من أجل تحقيق العدالة والحرية الحقيقية».

مجلس الأمن القومي الروسي بحث الوضع في داغستان 30 أكتوبر 2023 (رويترز)

وألقى بوتين باللوم في أحداث داغستان على وكالات الاستخبارات الغربية، بتنظيم أعمال الشغب التي وقعت عقب وصول طائرة من إسرائيل. وكان الرئيس قد أشار في وقت سابق، خلال اجتماع عقد مؤخراً مع زعماء الطوائف الدينية، إلى مخاطر «استغلال الوضع المأساوي في الشرق الأوسط والصراعات الإقليمية الأخرى ضد روسيا، لزعزعة استقرار المجتمع الروسي متعدد الجنسيات والأديان وتقسيمه».

وخلال اجتماع مجلس الأمن الروسي، مساء الاثنين، قال بوتين: «إنهم يستخدمون مجموعة متنوعة من الوسائل للقيام بذلك، كما نرى الأكاذيب والاستفزازات والتقنيات المتطورة للعدوان النفسي والمعلوماتي».

وأشار إلى أن «الأحداث التي وقعت في محج قلعة انطلقت من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وفي صدارة ذلك انطلاقاً من أراضي أوكرانيا، على أيدي عملاء أجهزة الاستخبارات الغربية». وطرح بوتين سؤالاً؛ هل من الممكن مساعدة فلسطين من خلال محاولة استهداف يهود أصولهم تعود إلى الجبال في القوقاز؟

وتحدث عن منظمي أعمال الشغب، قائلاً: «لا أتوقف أبداً عن الاندهاش من نظام كييف، ممن يضعون ستيبان بانديرا (زعيم جماعة منشقة حاربت الاتحاد السوفياتي إلى جانب هتلر) على منصة تمثال ويصفقون للنازيين. واليوم، بقيادة الرعاة الغربيين، يحاولون التحريض على المذابح في روسيا. هل تعلم الولايات المتحدة ما تفعله أجهزتها الاستخباراتية؟ إنه أمر مشين، ولا توجد طريقة أخرى لوصف الأمر».

هل من الممكن مساعدة فلسطين من خلال محاولة استهداف يهود أصولهم تعود إلى الجبال في القوقاز؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

وشدد بوتين على أن جذور الاضطرابات الداغستانية «تنبع من المأساة التي تتكشف في فلسطين»، موضحاً أنه «حينما تنظر إلى الأطفال الملطخين بالدماء، والقتلى من الأطفال، وإلى معاناة النساء وكبار السن، وكيف يموت الأطباء، بالطبع تنقبض قبضات يدك وتنفجر الدموع في عينيك، ولا يمكن التعبير عن ذلك بأي طريقة أخرى (...) إلا أنه لا ينبغي، ولا حق لنا، ولا يمكن أن نسمح لأنفسنا بأن نسترشد بالعواطف».

وقال الرئيس الروسي إن بلاده «لا تشارك فقط في تشكيل عالم جديد، بل هي أحد قادة هذه العملية». وزاد: «إننا نقاتل من أجل مستقبلنا في ساحة المعركة. نقاتل باستمرار ونفقد رفاقنا. إن وراء مأساة الفلسطينيين، ووراء الصراع في أوكرانيا، وفي أفغانستان وسوريا، تقف النخب الحاكمة في الولايات المتحدة. هم من يزرعون قواعد عسكرية في كل مكان، ويريدون تقسيمنا من الداخل».

وأضاف: «نحن عبر المواجهة مع هذا العدو (الغرب) تحديداً في إطار العملية العسكرية الروسية الخاصة، أؤكد على ذلك، نعزز مواقف كل من يناضل من أجل حريته وسيادته».

وتابع أن «مساعدة الفلسطينيين تكون بمكافحة من يقف وراء هذه المأساة (...) ومن يدافعون حقاً عن الحقيقة والعدالة، ويحاربون الشر والقمع، ويكافحون العنصرية والنازية الجديدة التي يشجعها الغرب، يقفون الآن على الجبهة بالقرب من دونيتسك وأفديفكا على نهر الدنيبر. إنهم جنودنا وضباطنا. واختيار الرجال الحقيقيين والمحاربين الحقيقيين هو حمل السلاح والوقوف في صف الأخوة. وحينها يتقرر مصير روسيا والعالم أجمع».

التجسس البيولوجي

على صعيد آخر، كشفت وزارة الدفاع الروسية أن البنتاغون عزز نشاطات «التجسس البيولوجي» على أراضي العراق، وأفغانستان القريبة من الصين، وتركيا وباكستان والسعودية.

وقال قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيماوي والبيولوجي، التابعة للقوات المسلحة الروسية، الجنرال إيغور كيريلوف، خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء، أن «لدينا معطيات تؤكد أن الإدارة العسكرية الأميركية كانت مكلفة بمراقبة الوضع البيولوجي في أراضي العراق وأفغانستان المتاخمة للصين وتركيا وباكستان والمملكة العربية السعودية».

وأشار كيريلوف إلى أن إحدى مهام البنتاغون هي ما يسمى بـ«التجسس البيولوجي»، وتحليل الوضع الوبائي على طول حدود المعارضين الجيوسياسيين وفي المناطق المقترحة لنشر الوحدات العسكرية.

وثائق روسية

وبحسبه، فإن الوثائق المتوفرة لدى وزارة الدفاع الروسية تؤكد ضرورة اجتذاب موظفي المنظمات المتعاقدة مع البنتاغون إلى مناصب قيادية، وكان من المفترض أن يعهد العمل الميداني إلى متخصصين محليين يكونون قادرين على التفاعل مع الوزارات اللازمة.

وتابع كيريلوف: «إلا أنه، في الوقت نفسه، يوصى بالحد من الآثار التي تكشف الصلة بالمقاول، والقيام برحلات قصيرة إلى أفغانستان والعراق من المكتب في دبي عند الضرورة فقط».

ووفقاً له، فمن أجل تجنب الاتهامات ضد البنتاغون، تم تنفيذ بعض المشروعات تحت غطاء الخارجية الأميركية، وقال: «يجب الانتباه إلى برنامج أبحاث وزارة الخارجية في أفغانستان، الذي تضمن دراسة العوامل المسببة لأمراض خطيرة بشكل خاص، وذات أهمية اقتصادية، مثل مرض التولاريميا، والجمرة الخبيثة، ومرض الحمى القلاعية، إضافة إلى جمع العينات البيولوجية في البلاد وفحصها وإرسالها إلى الولايات المتحدة».


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في غارة جوية على منزل بمخيم النصيرات وسط غزة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً في موقع غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مقتل 5 في غارة جوية على منزل بمخيم النصيرات وسط غزة

قال مسعفون لـ«رويترز»، اليوم السبت، إن خمسة أشخاص، بينهم طفلان، قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي صورة وزعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز)

تقرير: ثغرة في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي وراء الفشل في اعتراض صاروخ الحوثي

قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن الفشل الأخير في اعتراض الصواريخ اليمنية التي تستهدف إسرائيل قد يكون مرتبطاً بضعف في نظام الدفاع الجوي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جندية إسرائيلية تشغّل طائرات مسيّرة (موقع الجيش الإسرائيلي)

تقرير: إسرائيل كوّنت أول وحدة قتالية للفتيات المتدينات جراء نقص الجنود

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن إسرائيل كوّنت لأول مرة وحدة قتالية للفتيات المتدينات بالكامل بها مستشارة دينية نسائية بسبب نقص الجنود المقاتلين مع تعدد الحروب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية تنشط في منطقة جبل الشيخ بسوريا في هذه الصورة المنشورة بتاريخ 9 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:10

ماذا يربط «7 أكتوبر» باحتلال إسرائيل لجبل الشيخ؟

إصرار إسرائيل على احتلال جانب آخر من جبل الشيخ، ضمن جنيها ثمار انهيار نظام الأسد، يشير إلى «عقدة 7 أكتوبر» في تل أبيب.

نظير مجلي (تل أبيب)

بوتين يستقبل رئيس الوزراء السلوفاكي في الكرملين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو في الكرملين (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو في الكرملين (أ.ف.ب)
TT

بوتين يستقبل رئيس الوزراء السلوفاكي في الكرملين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو في الكرملين (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو في الكرملين (أ.ف.ب)

استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم (الأحد) في الكرملين رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، أحد القادة الأوروبيين القلائل الذين بقي مقرباً منهم، وفق لقطات بثها التلفزيون الروسي.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، جاء في منشور على «تلغرام» للصحافي بافيل زاروبين العامل في التلفزيون الروسي والمقرب من الكرملين، أن «بوتين يلتقي حالياً في الكرملين رئيس الوزراء السلوفاكي فيكو». وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، رداً على سؤال لزاروبين، إن هذه الزيارة غير المعلن عنها رسمياً كانت مبرمجة «قبل بضعة أيام».

ويجري بوتين وفيكو محادثات ثنائية، وفق «وكالة أنباء تاس» الحكومية. لم يشأ بيسكوف تحديد المواضيع المدرجة على جدول أعمال الاجتماع، لكنه قال إنه يمكن «افتراض» مناقشة مسألة عبور الغاز الروسي. وأعلنت أوكرانيا الصيف الماضي أنها لن تجدد عقداً مع موسكو ينتهي في آخر 2024 لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر شبكتها الواسعة من خطوط الأنابيب.

في الأسابيع الأخيرة، ندّدت سلوفاكيا والمجر اللتان تعتمدان بشكل كبير على الغاز الروسي، بتداعيات هذه الخطوة التي من شأنها قطع الغاز تماماً عنهما في نهاية العام، مع عدم وجود حلول بديلة فورية ذات موثوقية. وقرّر فيكو الذي يرأس حكومة سلوفاكيا، العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقف كل المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

وهو يدعو، على غرار نظيره المجري فيكتور أوربان، إلى محادثات سلام مع روسيا.

وكان فيكو أعلن في نوفمبر (تشرين الثاني) أنه سيتوجّه إلى موسكو في مايو (أيار) لحضور احتفالات الذكرى الثمانين للانتصار على ألمانيا النازية.