أدانت السعودية العمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وقالت إنها تتابع بقلقٍ بالغ التصعيد الإسرائيلي العسكري، مشددة على أن هذه العمليات «تهدد حياة المدنيين الفلسطينيين وتعرضهم لمزيد من الأخطار والأوضاع غير الإنسانية».
وحذرت وزارة الخارجية السعودية في بيان يوم السبت، من خطورة الاستمرار في الإقدام على هذه الانتهاكات التي وصفتها بـ«الصارخة وغير المبررة والمخالفة للقانون الدولي» بحق الشعب الفلسطيني، كما حذرت مما سيترتب على ذلك من تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة والسلم والأمن الإقليمي والدولي.
ودعت الرياض المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته للوقف الفوري لهذه العملية العسكرية، وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر بتاريخ 27 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وحقناً لدماء الأبرياء، وحفاظاً على البنى التحتية والمصالح الحيوية واحتراماً للقانون الدولي الإنساني، ولتمكين المنظمات الإنسانية والإغاثية من إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة والضرورية إلى المدنيين في قطاع غزة دون عوائق.
ويعتقد محللون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن موقف السعودية تجاه القضية الفلسطينية أعطى مصداقية لرؤيتها بشأن ذلك، وجعل القيادات العالمية تتجه إليها نظراً لوزنها الدولي والإقليمي، ووضوح منهجها، مشيرين إلى أن البيان أظهر مدى خطورة تلك العمليات العسكرية على المدنيين في غزة.
أسس واضحة
تتحرك السعودية في كل ما يخص القضية الفلسطينية من أسس واضحة ومعيار يتمثل في «الشرعية الدولية التي اكتسبتها القضية»، يقول الأستاذ الدكتور عبد الله الرفاعي، أستاذ كرسي اليونسكو للحوار والإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود لـ«الشرق الأوسط»: «هذا محور مهم تحرص عليه المملكة للحفاظ على التأييد الدولي للقضية بشكل عام، ولذلك هي تدعم كل الجهود التي تعزز من الحق الفلسطيني، وتتصدى لكل محاولات القوى المناوئة لهذا الحق، سواء كانت تستخدم أسماء فلسطينية أو جهات فلسطينية».
ويقرأ الرفاعي تحرك السعودية من باب دعم القضية الفلسطينية من خلال دعم المشروعات الدولية التي تكون مسؤولة عنها بشكل مباشر السلطة الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو حتى في غزة، وزاد: «السعودية استطاعت أن تتعامل بذكاء سياسي، بحيث تصل المساعدات والدعم من خلال القنوات الرسمية الشرعية الدولية للفلسطينيين، وحشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية والمعاناة لسكان غزة. لذلك كانت لها مبادرات كثيرة في إعادة الإعمار، ودعم الخدمات التي يحتاجها سكان غزة بشكل مباشر».
وأشار إلى أن السعودية بذلت جهداً كبيراً مع المجتمع الدولي للتفريق ما بين ما تقوم به «حماس» والحقوق الفلسطينية التي يجمع عليها العالم، عادّاً ذلك «أكبر تحدٍ يواجه كل الملتزمين بالقضية الفلسطينية نتيجة التداخلات التي طرأت بعد فرض (حماس) هيمنتها على قطاع غزة، وهذا له دور كبير في زيادة المعاناة للشعب الفلسطيني هناك»، وأردف: «لذلك لو تابعنا جهود المملكة في الأمم المتحدة نجد محاولة عدم ربط القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بأعمال المنظمات التي ليست تحت مظلة الشرعية الدولية».
الصورة الأكبر للعلاقات الدولية
وفي قراءة من منظور دولي، يقول براين كاتوليس نائب رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن: «يُظهر بيان السعودية الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار مدى قلقها بشأن المخاطر التي تشكلها هذه العملية العسكرية على المدنيين الفلسطينيين والمخاطر التي ترى أن هذه العملية تثير حرباً إقليمية أوسع».
ويعتقد كاتوليس أن «هناك بعض الاحتمالات بأن تعمل أميركا والسعودية معاً بشكل أوثق دبلوماسياً إذا تصاعد الصراع أكثر»، مشيراً إلى أن «المملكة تتمتع بعلاقات وروابط مهمة مع الجهات الفاعلة الرئيسية في جميع أنحاء العالم العربي، وحتى في إيران، وقد يكون مثل هذا التنسيق الدبلوماسي الثنائي مهماً للغاية في احتواء الصراع».
وأضاف أن «الفجوة بين المواقف السياسية للولايات المتحدة والسعودية في الوقت الحالي مؤشر على مدى الصعوبة التي تواجهها أميركا في بناء تحالف إقليمي متماسك»، ويرى أن «عام 2023 ليس عام 2014، عندما تتمكن أميركا من إيجاد قضية مشتركة مع شركاء مثل السعودية ضد (داعش)، أو عام 1991، عندما قامت أميركا ببناء تحالف واسع لإخراج العراق من الكويت».