شنت إسرائيل توغلاً برياً ثالثاً في غزة يوم الجمعة، لاختبار قدرات حركة «حماس»، قبل أن تشرع في اجتياح بري واسع، وحددت في اليوم الـ21 للحرب، مستشفى «الشفاء»، أهم وأكبر مستشفى في غزة هدفاً لها، بعد اتهام الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي قيادة «كتائب القسام» بالتحصن في عدة مجمعات أرضية تحت المشفى، وهو ما ردت عليه «حماس» بتكذيب الرواية محذرة من ارتكاب إسرائيل مجزرة في المستشفى الذي لجأ إليه 40 ألف مدني للحماية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه كشف معلومات متنوعة تدل على استخدام «حماس» سواء في أوقات الروتين أو الطوارئ البنى التحتية الإنسانية في قطاع غزة لغرض ممارسة نشاطاتها مع استغلال الحصة الإنسانية لغرض حماية عناصرها وقادة المنظمة.
وقال الناطق باسم الجيش مع فيديو توضيحي للمبنى: «محور نشاطات المنظمة في القطاع هو مستشفى (الشفاء) الذي يُعد أهم وأكبر مستشفى في قطاع غزة، والذي يقع في قلب مدينة غزة. هناك عدة مجمعات تحت أرضية في مستشفى (الشفاء) التي يستخدمها قادة (حماس) لتوجيه نشاطاتها. كما هناك نفق يصل إلى المستشفى ويسمح الدخول إلى مقر قيادة حماس ليس عن طريق الدخول إلى المستشفى. بالإضافة إلى ذلك يقع داخل المستشفى مركز سيطرة تابع لجهاز الأمن الداخلي في (حماس) حيث يحضره المسلحون في الأوقات الاعتيادية والطوارئ. كما يحتوي المستشفى على مقر قيادة إرهابي يتم منه توجيه عمليات لإطلاق القذائف الصاروخية، وتوجيه القوات، وتخزين الوسائل القتالية، والأسلحة والذخيرة».
رد «حماس»
وردت «حماس» بنفي الاتهام الإسرائيلي، وقال القيادي في الحركة عزت الرشق، إنه «لا أساس من الصحة لما ورد باسم المتحدث باسم جيش العدو، وهذه تضاف لسلسلة الأكاذيب التي يبني عليها روايته». وأضاف: «هذه الأكاذيب تمثل تمهيداً لارتكاب مجزرة جديدة بحق أبناء شعبنا، ستكون أكبر من مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني، حيث يلجأ أكثر من 40 ألف مواطن لمستشفى الشفاء، نزحوا في محاولة لتجنب القصف الذي طال كل شيء». وتابع: «نحذر من مجزرة جديدة، ونطالب قادة الدول العربية والإسلامية ودول العالم بالتحرك لوقف جرائم الإبادة بحق شعبنا».
و«الشفاء» واحد من بين 24 مستشفى تريد إسرائيل إخلاءها، في إطار خطتها قصف المناطق المراد اجتياحها بقنابل خارقة للتحصينات. وواصلت إسرائيل يوم الجمعة قصف مناطق واسعة في قطاع غزة، بينما توغلت قواتها في مناطق حدودية بشكل محدود. وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري، أن قوات مشاة، ومدرعات وقوات هندسية تابعة لفرقة 36 وبمرافقة طائرات مسيرة من دون طيار ومروحيات قتالية تابعة للجيش توغلت في وسط قطاع غزة. وكجزء من عملية التوغل، شنت طائرات ومدفعيات تابعة للجيش غارات على أهداف تابعة لـ«حماس» في حي الشجاعية وفي أنحاء القطاع.
قوات «الكوماندوز»
وأعلن الجيش الإسرائيلي كذلك أن قوات «الكوماندوز» البحري نفذت عملية دهم بحرية في جنوب قطاع غزة، ودمروا بنى تحتية داخل مجمع تستخدمه أفراد القوة البحرية لـ«حماس»، لكن «كتائب القسام» أعلنت إحباط محاولة إنزال إسرائيلية على شاطئ مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وقالت «كتائب القسام» في بيان إن «قوات إسرائيلية حاولت يوم الجمعة القيام بعملية إنزال على شاطئ رفح، حيث تم اكتشاف المحاولة من قبل عناصرنا والتصدي لها والاشتباك معها؛ ما استدعى تدخل سلاح الجو الإسرائيلي لإنقاذ القوة وانسحابها باتجاه البحر». وأضافت أن «القوة المنسحبة تركت خلفها كمية من الذخائر».
والعمليات البرية المحدودة، تبدو كأنها بديل للعملية البرية الواسعة في هذه المرحلة، لاختبار قدرات «حماس» من جهة، وانتظار نضوج صفقة لإطلاق سراح أسرى إسرائيليين في قطاع غزة مقابل هدنة إنسانية، وهي صفقة بدأت بالنضوج.
وبينما تعهد الجيش الإسرائيلي أنه ماضٍ في عملية برية في غزة في الوقت المناسب، توعدت حركة «حماس» بتدفيع تل أبيب ثمناً باهظاً، وقال القيادي في «حماس» صالح العاروري إنه «إذا دخل الاحتلال براً إلى غزة فسيُمنى بهزيمة غير مسبوقة في تاريخه».
قصف مناطق واسعة
وحتى إقرار العملية البرية، واصلت إسرائيل قصف مناطق واسعة في غزة عبر الجو، وأثناء الضربات، سقطت مسيرة إسرائيلية جنوب القطاع أثناء قيامها «بمهمة عملياتية». وقتلت إسرائيل المزيد من الفلسطينيين يوم الجمعة، وأعلنت وزارة الصحة، «أن حصيلة ضحايا عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة والضفة الغربية، منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ارتفع إلى أكثر من 7415 شهيداً، و20517 جريحاً».
وقالت الوزارة في تقريرها اليومي، «إن 7305 شهداء ارتقوا في قطاع غزة، و110 شهداء في الضفة، بينما جُرح في القطاع 18567 مواطناً، و1950 في الضفة»، وذكرت الوزارة في تقريرها أن 70 في المائة من الشهداء في قطاع غزة هم من الأطفال والسيدات والمسنين.
وردت «كتائب القسام» بوابل كثيف من الصواريخ تجاه تل أبيب مُوقِعَة إصابات. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن 5 إسرائيليين أصيبوا على الأقل، إثر سقوط صاروخ على مبنى في تل أبيب. وأعلن عمدة تل أبيب أنه من غير الممكن إعلان استئناف الدراسة في المدينة، بسبب كون المدينة تحت القصف بالصواريخ. وقالت «كتائب القسام» إنها قصفت تل أبيب وضواحيها رداً على المجازر التي يرتكبها الاحتلال بغزة.