عندما يعرض متحف عالمي يضم مجموعة نادرة من اللوحات عدداً من قطعه الفنية للبيع تكون هناك حاجة ماسة لدعم عمليات المتحف ومساعدته على الصمود. وهو ما يقوم به متحف «فيلا لانغمات» في مدينة بادن السويسرية، وهو متحف كان في البداية منزلاً للزوجين سيدني وجيني براون اللذين قاما بتكوين مجموعة فنية متميزة من أعمال المدرسة الانطباعية. ونظراً لأعمال الترميم والعناية بالمتحف سيتم عرض ثلاث لوحات من أعمال الفنان بول سيزان للبيع في مزاد دار «كريستيز» لفنون القرن العشرين، الذي سيقام في نيويورك 9 نوفمبر (كانون الأول) المقبل.
اللوحات الثلاث هي: «فواكه وإبريق من الزنجبيل»، و«أربع تفاحات وسكين»، و«البحر في ليستاك».
تعد لوحة «فواكه وإبريق من الزنجبيل» أبرز الأعمال الثلاثة المعروضة في المزاد (القيمة التقديرية: 35 - 55 مليون دولار). حقق سيزان من خلال هذا العمل مستوى جديداً من البلاغة في معالجته للطبيعة الصامتة مما أظهر تعقيداً غنياً في نهجه التكويني للمساحات والألوان. وتنحدر هذه اللوحة من السلسلة الشهيرة والمهمة من أعمال الطبيعة الصامتة التي قدمها سيزان، والتي يتم الاحتفاء بها الآن باعتبارها من إنجازاته الفنية البارزة. رسمت هذه اللوحة على الأرجح في استديو سيزان في عزبة والديه الواقعة في ضواحي آكس أون بروفانس، وهو الاستديو نفسه الذي رسم فيه سلسلته الشهيرة «لاعبو الورق».
أما اللوحة الثانية في المزاد «أربع تفاحات وسكين» (7-10 ملايين دولار) فتتناول واحداً من موضوعات سيزان المفضلة وأكثرها شهرة - التفاح. وبعد أن غاب التفاح إلى حد كبير عن أعماله في ستينات القرن التاسع عشر بدأت الفاكهة بجميع أنواعها ووضعياتها التي ترتبط الآن ارتباطاً وثيقاً بهوية الفنان في الظهور ضمن أعمال سيزان بتواتر متزايد في سبعينات القرن التاسع عشر، ثم على مدى بقية حياته المهنية. يستخدم الفنان في هذه اللوحة أسلوباً مميزاً ومنهجاً محكماً في الرسم متبنياً تقنيةً ونهجاً أكثر تنظيماً في التصوير الشكلي.
أما اللوحة الأخيرة المعروضة ضمن المزاد «البحر في ليستاك» (3-5 ملايين دولار) فتصور منظراً طبيعياً هادئاً، وتعد أقدم الأعمال الثلاثة المعروضة، حيث رسمها سيزان نهاية سبعينات القرن التاسع عشر. وتجسد هذه اللوحة الزيتية الجرأة المتنامية لأسلوب سيزان خلال الفترة التي قضاها متأملاً آفاق ليستاك وهي قرية صيد خلابة تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتي كانت مصدر إلهام أكثر أعمال المناظر الطبيعية ابتكاراً في مسيرة الفنان.
من جانبه، قال ماركوس ستيغمان، مدير متحف «لانغمات»: «يؤلمنا جداً أن نضطر إلى بيع من واحد إلى ثلاثة أعمال من مجموعة متحفنا، لكنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ هذه المجموعة الخاصة الفريدة على المدى الطويل وإبقائها في متناول الجمهور، لا سيما أنها تحتوي حوالي 50 عملاً تعود إلى الحركة الانطباعية الفرنسية».
لكن البيع لن يكون عادياً هذه المرة، نظراً لأهمية الأعمال المعروضة للمتحف فقد تقرر أن تقدم «كريستيز» اللوحات الثلاث ضمن مزادها لفنون القرن العشرين في نيويورك، ويتم عرضها للمزايدة تباعاً حتى الوصول إلى المبلغ الذي يسعى إليه متحف «لانغمات»، وهو 45 مليون دولار، وعندها ستتوقف عملية البيع، ويتم سحب بقية الأعمال من المزاد لتعود لمقرها.