البحسني لـ«الشرق الأوسط»: السعودية تبذل جهوداً غير عادية لدعم السلام في اليمن

أكد تعيين مجلس القيادة وفداً للتفاوض مع الحوثيين

TT

البحسني لـ«الشرق الأوسط»: السعودية تبذل جهوداً غير عادية لدعم السلام في اليمن

اللواء فرج سالمين البحسني نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني (تصوير: تركي العقيلي)
اللواء فرج سالمين البحسني نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني (تصوير: تركي العقيلي)

أكد اللواء فرج البحسني، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، أن جهود تحقيق السلام التي تقودها السعودية وسلطنة عمان مستمرة على قدم وساق، مبيناً أن خريطة الطريق التي تتم مناقشتها حالياً تحظى بدعم إقليمي ودولي كبيرين.

وأوضح البحسني في حوار موسع مع «الشرق الأوسط»، أن أبرز ملامح خريطة الطريق وقف إطلاق النار، وتطبيع الأوضاع، وفتح الطرقات لتيسير أمور المواطنين، وفتح المطارات والموانئ.

وكشف اللواء فرج عن أن مجلس القيادة الرئاسي اليمني أقر أسماء وفده المفاوض الذي سيجتمع مع الحوثيين في أي محادثات قادمة، معبراً عن تفاؤله بتحقيق تقدم في عملية السلام الذي انتهجته الشرعية خدمة للشعب اليمني وليس ضعفاً، على حد تعبيره.

وشدد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي على أن السعودية تبذل جهوداً غير عادية في سبيل الوصول إلى خريطة طريق لإحداث تقدم في عملية السلام في اليمن، مبيناً أن هنالك تنسيقاً عالياً مع الجانب السعودي في جميع الخطوات التي تدفع باتجاه تحقيق السلام في البلاد.

وتحدث اللواء فرج البحسني كذلك عن مكافحة التنظيمات الإرهابية في اليمن، والانتقادات الموجهة للحكومة، بالإضافة إلى القضية الجنوبية وسبل حلها، وغيرها من الملفات المهمة، فإلى تفاصيل الحوار.

اللواء فرج البحسني أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

تطورات السلام في اليمن

في رده على سؤال حول جهود السلام في اليمن وأين وصلت، أجاب البحسني بقوله: «مجلس القيادة الرئاسي اليمني منذ إنشائه أعلن أنه سيسعى إلى السلام، لكن السلام العادل والمبني على قرارات الأمم المتحدة، والقرارات الخليجية ذات الصلة، اليوم نرى القيادة السعودية تبذل جهوداً غير عادية في سبيل أن نسلك هذا الخط، وأن ينصاع الحوثي إلى كلمة السلام، لذلك المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تبذل جهوداً مضنية في سبيل الوصول إلى خريطة طريق لإحداث تقدم في عملية السلام».

ولفت نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى أن السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر «أظهر مرونة كبيرة وبادر وخاطر وزار حتى الحوثيين في صنعاء، كل ذلك في سبيل أن تتقارب وجهات النظر». وتابع بقوله: «الآن المملكة قطعت شوطاً وأيضاً عُمان ساعدت في الكثير من الأمور».

وأفاد البحسني بأن «مجلس القيادة الرئاسي يواكب كل هذه التطورات بشأن السلام، معلناً عن إنشاء الوفد التفاوضي وتسمية أعضائه، كما سيتم من وقت لآخر تطعيمه بكوادر مهنية مختصة، ونحن جاهزون»، على حد تعبيره.

السلام ليس ضعفاً

في الوقت الذي عبر فيه عن تفاؤله بعملية السلام الحالية، حذر اللواء البحسني الحوثيين من أن انتهاج السلام ليس ضعفاً، وقال: «نحن متفائلون من إيماننا بأن عملية السلام لا بد منها، ومهما تعقدت المشاكل في الأخير المفاوضات تفضي إلى سلام، طالت الحرب لكن الخاسر الأكبر هو الشعب اليمني، ويجب أن يعي الحوثيون أن انتهاجنا لعملية السلام ليس ضعفاً، إنما خدمة للشعب ومعاناته الكبيرة على مختلف المستويات، ولذلك المملكة والعالم سيساعدان في إنجاح هذه العملية».

وفي رده على سؤال حول رفض الحوثيين لقاء الشرعية بشكل مباشر، أجاب البحسني بقوله: «يرفضون إلى متى؟ نحن أصحاب القضية. رفضوا اليوم وغداً وفي النهاية عليهم الجلوس معنا، هذا أمر لا مفر منه، والجهود السعودية ستجعل ذلك ممكناً في القريب العاجل».

خريطة طريق تحظى بدعم إقليمي ودولي

أشار نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني بأن جماعة الحوثيين تتخذ سياسة ونهجاً غريباً، وهذا ما يتطلب أن «نكون حذرين في التعامل معهم في كل المراحل»، لافتاً إلى أن هناك «خريطة طريق الآن ندرسها والمملكة تدعمها، وأميركا وأوروبا والعالم كله يدعمها، وعندما نتفق عليها ستمضي الأمور إلى الأمام».

ومن أبرز ملامح خريطة الطريق، بحسب البحسني: وقف إطلاق النار، وتطبيع الأوضاع، وفتح الطرقات لتيسير أمور المواطنين بكل سهولة، وفتح المطارات والموانئ.

ولفت اللواء فرج إلى أن «خريطة الطريق تتيح للمواطنين والشخصيات السياسية والقبلية والاجتماعية بأن يقولوا كلمتهم، وأن ينبذوا الحوثي وسياساته».

نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أثناء وصوله مقر «الشرق الأوسط» بالرياض (تصوير: تركي العقيلي)

تنسيق عال مع السعودية

وأكد نائب رئيس مجلس القيادة وجود تنسيق عال مع الجانب السعودي في جميع الجهود المتعلقة بالسلام في اليمن، مبيناً أن قيادة المملكة تبلغ مجلس القيادة الرئاسي اليمني بأي خطوات تتعلق بالدفع بعملية السلام في اليمن. وقال: «التنسيق السعودي على قدم وساق وعلى مستوى رائع جداً وحثيث، ويعد حافزاً أساسياً بالنسبة لدفعنا نحو عملية السلام».

وحدة مجلس القيادة الرئاسي

وعبّر اللواء فرج البحسني عن استغرابه للأنباء التي تتداول بشكل متكرر عن خلافات كبيرة بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، مبيناً أنها غير واقعية، وأن هنالك إجماعاً واتفاقاً كبيرين بين أعضاء المجلس في مختلف القضايا.

وفي الوقت الذي شدد فيه البحسني على «ألا مجال أبداً لضعف وحدة مجلس القيادة الرئاسي»، أكد أن «التباين في وجهات النظر لبعض القضايا أمر طبيعي».

وأضاف: «كل قرارات المجلس أخذت بصورة جماعية. صحيح هناك تباين في بعض القضايا وهذا أمر طبيعي، لكن في الأخير نجمع ونصوت على القرارات، يحدث نقاش كبير لكن في الأخير الحكمة بقيادة الرئيس (رشاد) العليمي تجعل من المجلس نموذجاً للقيادة في هذه المرحلة».

أداء الحكومة اليمنية

في رده على سؤال حول الانتقادات التي تعرضت لها الحكومة اليمنية خلال الفترة الماضية، قال نائب رئيس مجلس القيادة إن «الحكومة تعمل في ظروف جداً صعبة ومعقدة واستثنائية، وتخوض حرباً اقتصادية، وجهدها ينصب على توفير الإمكانيات والخدمات؛ من كهرباء ومياه وتعليم وصحة، وتوفير مرتبات الموظفين».

وتابع: «هذا جهد يحسب لها، لكن هناك هفوات، والشعب يريد أداء أفضل، لذلك نقيّم عمل الحكومة، وتَرِدنا تقارير لأدائها، وكان لدينا اجتماع قبل أيام، ناقشنا الأمر وأعطينا توجيهات لتلافي بعض الثغرات الموجودة في بعض الوزارات».

وفيما يتعلق بالمرتبات، أوضح البحسني أن «جماعة الحوثي تضع طروحات غير معقولة أو مقبولة في هذا الجانب»، لكن الجهود مستمرة للوصول إلى حلول لهذه المسألة، على حد وصفه.

حضرموت نموذج أمن واستقرار

وصف اللواء فرج البحسني الذي يتحدر من محافظة حضرموت وكان محافظها السابق، المحافظة بأنها نموذج للاستقرار والأمن، وقال: «حضرموت نموذج منذ عملية تحريرها في 2017 من تنظيمي (القاعدة) و(داعش)، للاستقرار والأمن، وهذه التجربة نجحت في حضرموت ومستمرة، ولذلك يجب أن نطمئن على حضرموت جميعاً، ورئيس مجلس القيادة يثمن جهد السلطة المحلية في المحافظة الحالية والسابقة».

القضية الجنوبية

أكد اللواء فرج البحسني أن مجلس القيادة الرئاسي اتخذ قراراً بأن يدخل عملية السلام بموقف قوي وموحد إزاء العديد من القضايا الجوهرية، ومنها القضية الجنوبية، وقال: «مجلس القيادة اتخذ قراراً أن يدخل عملية السلام ولديه اتفاق مبادئ أساسية، نتفق ماذا نريد بالنسبة لحل القضية الجنوبية، وقضايا جوهرية أخرى».

وأضاف: «نبحث وحدة رأي ومخرجاً لحل القضية الجنوبية، كل ذلك من أجل أن نسير متماسكين، ولئلا يأتي يوم ونختلف، ونتجنب هذا المنزلق، من جانب آخر على الحوثي أن يعلم أنه من دون حل القضية الجنوبية لن تنجح عملية السلام، والجميع يعرف ذلك».


مقالات ذات صلة

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيرة من طراز «إم كيو - 9» (أرشيفية - أ.ب)

اليمن: مقتل قيادي بارز بـ«القاعدة» بغارة أميركية في مأرب

أكد مصدر أمني يمني، مساء السبت، مقتل قيادي بارز في تنظيم «القاعدة»، في ضربة بطائرة أميركية من دون طيار في محافظة مأرب، شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر حوثيون أمام شاشة كبيرة تنقل صوراً لهجمات نفَّذتها الجماعة في البحر الأحمر (غيتي)

سباق الظلام… الحوثيون يحاولون تجاوز اختراقهم من إسرائيل

لجأ الحوثيون لتشديد إجراءاتهم الأمنية لحماية قياداتهم من الاستهداف الإسرائيلي، كتعطيل كاميرات المراقبة وتغيير هوياتهم يومياً وتنويع وسائل تنقلهم وتمويه تحركاتهم

وضاح الجليل (عدن)
خاص باتريك سيمونيه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تصوير: صالح الغنام)

خاص الاتحاد الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»: لا تساهل مع الحوثيين... وهدفنا عودة اليمنيين للمفاوضات

تؤكد بروكسل أنها لا تتساهل مع الحوثيين، وكل جهودها تنصب لإعادة الأطراف لطاولة المفاوضات وتطبيق خريطة السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الرئيس رشاد العليمي يستقبل الوزير البريطاني في عدن (سبأ)

وزير بريطاني: شراكتنا مع اليمن «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم

وصف وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر الشراكة مع اليمن بأنها «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.


العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
TT

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تقوّض وحدة القرار السيادي للدولة، وتمنح الجماعة الحوثية المدعومة من إيران فرصة لمراكمة المكاسب على حساب الاستقرار الوطني.

وجاءت تصريحات رئيس مجلس القيادة اليمني قبل مغادرته العاصمة المؤقتة عدن، الجمعة، متوجهاً إلى السعودية لإجراء مشاورات رفيعة مع شركاء إقليميين ودوليين، في ظل تطورات حساسة تشهدها المحافظات الشرقية، وعلى رأسها حضرموت.

وأكّد العليمي في تصريحات رسمية التزام المجلس والحكومة بنهج الشراكة الوطنية، والمسؤولية الجماعية في استكمال مهام المرحلة الانتقالية، بموجب مرجعياتها المتفق عليها، وفي المقدمة إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

كما أكّد مسؤولية الدولة وحدها عن حماية مؤسساتها الوطنية، وصون مصالح المواطنين، والحفاظ على وحدة القرار السيادي، ورفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة، والسلطات المحلية صلاحياتها الحصرية، والإضرار بالأمن والاستقرار، وتعميق المعاناة الإنسانية، أو تقويض فرص التعافي الاقتصادي، والثقة المتنامية مع المجتمع الدولي.

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: «إن معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية، وتنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، ستظل في صدارة الأولويات الوطنية». وحذّر من أن أي انشغال بصراعات جانبية، لا يخدم سوى المشروع الإيراني، وأدواته التخريبية، ومضاعفة معاناة اليمنيين، وفق ما نقلته عنه وكالة «سبأ» الرسمية.

تغليب مصلحة حضرموت

وأشاد العليمي في تصريحاته بجهود السعودية التي قادت إلى التوصل لاتفاق التهدئة الأخير في محافظة حضرموت (شرق)، مؤكداً أهمية الالتزام الكامل ببنود الاتفاق، والبناء على هذه الجهود الحميدة، وتغليب مصلحة حضرموت وأبنائها، بوصفها ركيزة أساسية للاستقرار في اليمن، والمنطقة.

كما جدد دعمه الكامل لقيادة السلطة المحلية والشخصيات والوجاهات القبلية في قيادة مساعي الوساطة، والتسريع بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم المحلية، إنفاذاً لتعهدات مجلس القيادة، وخطته لتطبيع الأوضاع في المحافظة.

مظاهرة في صنعاء حيث العاصمة اليمنية المختطفة دعا إليها زعيم الجماعة الحوثية (أ.ب)

ووجّه العليمي في هذا السياق، قيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، والجهات المعنية في الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والأضرار التي طالت المواطنين، والممتلكات العامة والخاصة، خصوصاً في مديريات الوادي والصحراء، واتخاذ ما يلزم لجبر الضرر، وعدم إفلات المتورطين من العقاب.

كما دعا رئيس مجلس القيادة اليمني جميع المكونات الوطنية إلى نبذ الخلافات، والتحلي بأعلى درجات المسؤولية، وتوحيد الصف في مواجهة التحديات، وإسناد الحكومة للوفاء بالتزاماتها الحتمية، وجعل مصلحة المواطنين، وكرامتهم الإنسانية، فوق كل اعتبار.


تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

ووسط صخب الانتقادات المصرية الحادة لإسرائيل، أفادت تقارير عبرية بحدوث تأهب إسرائيلي على الحدود مع سيناء، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «تصعيداً إسرائيلياً جديداً وفقاعة إعلامية بلا أي صدى».

وذكرت قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الخميس، أن خلافاً دبلوماسياً حاداً اندلع بين إسرائيل ومصر بعد إعلان الأولى نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لإخراج الفلسطينيين من غزة باتجاه مصر.

وأضافت أن الموقف المصري الذي نفى ذلك أثار ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: «إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مشكلتهم». وقال مصدر أمني إسرائيلي: «رغم بيان المصريين، تستعد إسرائيل لفتح المعبر كما خطط له».

شاحنة بترول مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

واندلعت شرارة التصعيد الجديد بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت هيئة الاستعلامات المصرية عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وقالت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» إن مصر تؤكد التزامها بمقررات اتفاق وقف إطلاق النار، «بما فيها تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، لاستقبال الجرحى والمصابين من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى القطاع»، وحذرت من أن «فتح معبر رفح في اتجاه واحد يكرس عملية تهجير الفلسطينيين».

«خطة تهجير مرفوضة»

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسرياً أو طوعياً خط أحمر بالنسبة لمصر».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد رشوان أن بلاده «لن تشارك في مؤامرات تهجير الفلسطينيين»، وذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين.

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إن على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينة واحدة في غزة.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي التصعيد الإسرائيلي «مجرد ضغوط وفرقعة إعلامية ومناوشات متكررة لا تحمل قيمة وليس لها مستقبل، في ضوء معرفتهم الجيدة بالموقف الصارم لمصر برفض تهجير الفلسطينيين خارج البلاد، وأن ذلك لن يحدث تحت أي ثمن»، مضيفاً: «ما تسعى له إسرائيل ضد خطة ترمب، ولن يؤدي لتغيير المواقف المصرية».

فيما يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن أن ما تثيره إسرائيل «دون داع» يعد أموراً «استفزازية»، يحاول نتنياهو من خلالها الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذي يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، مشيراً إلى وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين تريد العودة، «ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة».

واستطرد: «موقف مصر حاسم ولا تراجع فيه، حفاظاً على الأمن القومي المصري، وحقوق القضية الفلسطينية».

تأهب على الحدود

بالتزامن مع ذلك، كشفت صحيفة «معاريف»، الخميس، عن أن الجيش الإسرائيلي يعزز استعداداته على حدود مصر والأردن تحسباً لأي تطورات أمنية، لافتة إلى أن الجيش يتعامل مع سيناريوهات قد تتحول فيها التهديدات التكتيكية إلى تحديات استراتيجية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قام، مساء الأربعاء، بزيارة ميدانية للواء 80 على الحدود مع مصر، مشيراً إلى «وجود تحديات في الحدود مع مصر والأردن».

وتوترت العلاقات المصرية - الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة قبل أكثر من عامين، لا سيما مع رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادليفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدوديين، وإصرارها على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين إليها، وكذلك مع تلويح إسرائيلي مستمر بتعطيل اتفاقية للغاز مع مصر.

وقال العرابي: «تلك الإجراءات الإسرائيلية هي والعدم سواء، وإسرائيل تعلم أنها لا تملك قوة التصعيد، ولا فتح جبهة جديدة؛ لأن الداخل الإسرائيلي سيكون بالأساس ضد أي تصعيد مع مصر، وبالتالي الصدام مستبعد».

وأشار إلى أن هذا النهج متكرر منذ بداية حرب غزة «لتشتيت الاهتمامات والأولويات، وبات لعبة معروفة ولا جدوى منها، وليس أمام إسرائيل سوى تنفيذ الاتفاق، ونسيان أي خطط لتنفيذ التهجير المرفوض مصرياً وعربياً وأوروبياً ودولياً».

واستبعد حسن حدوث أي صدام بين مصر وإسرائيل؛ «لاعتبارات عديدة متعلقة باستقرار المنطقة»، معتبراً التأهب الإسرائيلي على الحدود «مجرد مناوشات لا قيمة لها».