لماذا لم تَحِن «ساعة الصفر» الإسرائيلية لشن هجوم بري على غزة؟

بين القلق من «حزب الله» والتكتيك ضد «حماس»... التريث سيد الموقف الإسرائيلي

وحدة مدفعية إسرائيلية بالقرب من حدود إسرائيل مع قطاع غزة في جنوب إسرائيل (رويترز)
وحدة مدفعية إسرائيلية بالقرب من حدود إسرائيل مع قطاع غزة في جنوب إسرائيل (رويترز)
TT

لماذا لم تَحِن «ساعة الصفر» الإسرائيلية لشن هجوم بري على غزة؟

وحدة مدفعية إسرائيلية بالقرب من حدود إسرائيل مع قطاع غزة في جنوب إسرائيل (رويترز)
وحدة مدفعية إسرائيلية بالقرب من حدود إسرائيل مع قطاع غزة في جنوب إسرائيل (رويترز)

منذ شنِّ «كتائب القسام» عملية «طوفان الأقصى»، تتوعد إسرائيل حركة «حماس» بأنها «سوف تمحوها من على وجه الأرض». تقصف من الجو وتتوعد بهجوم بري، وتهدد بأن غزة «لن تعود أبداً كما كانت في السابق».

في القطاع المحاصر، لم يتوقف القصف الجوي الدامي منذ 10 أيام، مُوقعاً ضحايا وجرحى بالآلاف. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، (الأحد)، ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة منذ بدء الصراع في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، إلى 2329 قتيلاً و9714 جريحاً.

وفي حين يسود ترقب حذر لساعة الصفر التي تشنُّ إسرائيل فيها هجومها البري على القطاع، والتشكيك بقدرة الجيش الإسرائيلي على خوض قتال بري بين الأحياء والمنازل، تدور تساؤلات عن سبب التأخر بشن هذا الهجوم المزعوم منذ يوم الجمعة الماضي.

واليوم، قال الجيش الإسرائيلي إنه يدرس خيارات أخرى بخلاف الهجوم البري، في إطار استعداده لـ«المراحل المقبلة للحرب» ضد حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيخت، (الثلاثاء)، من دون تقديم تفاصيل: «الجميع يتحدثون عن هجوم بري، ولكن يمكن أن يكون أمراً آخر».

منظر لمنازل مدمرة بعد الغارات الإسرائيلية على شرق مدينة غزة 16 أكتوبر 2023 (إ.ب.أ)

فلماذا تأخر الغزو البري لغزة منذ يوم الجمعة؟

في حين نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن 3 ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، لم تكشف أسماءهم، أنه كان من المفترض أن يبدأ الهجوم البري مطلع الأسبوع الحالي، ولكن تم تأجيله جزئياً بسبب السماء الملبدة بالغيوم التي كانت ستجعل من الصعب على الطيارين الإسرائيليين ومشغلي الطائرات من دون طيار توفير غطاء جوي للقوات البرية، تحدثت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن مخاوف أخرى أدت إلى إرجاء هذا الهجوم.

وقالت الصحيفة، (الثلاثاء)، إن «الأمر بدا واضحاً وضوح الشمس يوم الخميس: غزو الجيش الإسرائيلي المضاد لغزة سيبدأ؛ إما الجمعة أو السبت. كما أن الجيش الإسرائيلي أعطى مواعيد نهائية معينة للفلسطينيين لإخلاء شمال غزة، على أن تنتهي هذه المواعيد النهائية بحلول منتصف نهار الجمعة».

وأضافت أن «طبول الحرب بدأت تُقرع في وقت مبكر يومي الأحد والاثنين، ومهّدت القوات الجوية الطريق بأيام من القصف المدمر. ومع ذلك، فقد وصلنا الآن إلى يوم الثلاثاء، وكل العلامات تشير إلى أن الغزو أصبح بعيداً، وليس وشيكاً».

فما الذي تغير؟

أشارت الصحيفة إلى عوامل عدة سببت التأخير. أحدها ما نقلته مصادرها أن «أحد العوامل هو القلق المتزايد من أن (حزب الله) ينتظر اللحظة التي تكون فيها غالبية القوات البرية التابعة للجيش الإسرائيلي جاهزة للزحف البري على غزة ليفتح جبهة كاملة مع الجيش الإسرائيلي في الشمال».

وبالنسبة للصحيفة العبرية، «فحقيقة أن (حزب الله) لم يشارك منذ بداية الحرب، صباح السبت، وأبقى هجماته على إسرائيل عند عتبة منخفضة إلى حد ما لا تثبت أنه تم ردعه، بل هي جزء من خدعة حرب متقنة لإغراء إسرائيل وإعطاء الجيش الإسرائيلي شعوراً زائفاً بالأمن، على غرار ما حققته (حماس) في الجنوب».

ومن وجهة نظر الصحيفة، لن يمنع ذلك الجيش الإسرائيلي من غزو غزة، لكنه ربما تسبب بتأخير الغزو للتحقق بشكل أفضل من الإشارات المتعلقة بنيات «حزب الله»، فضلاً عن تعزيز القوات الشمالية تحسباً للأسوأ.

وأشارت «جيروزاليم بوست» إلى عامل آخر يتمثل بـ«اعتراف عميق داخل الجيش الإسرائيلي وعلى المستوى السياسي، بأن الجيش الإسرائيلي لم يخُضْ حرباً مثل هذه منذ عقود، وأن الاندفاع إلى التدخل من دون استعداد، لمجرد إشباع التعطش للانتقام بشكل أسرع، يمكن أن يكون خطأ كبيراً».

وأعطت الصحيفة مثالاً على وجهة النظر تلك، بما حصل في الغزو البري في حرب يوليو (تموز) مع لبنان عام 2006، «التي كانت عبارة عن فوضى كاملة، على الرغم من أن القوة الجوية كانت الجزء الناجح»، على حد وصفها.

استراتيجية ضد «حماس»

ورأت الصحيفة أن تحقيق «مفاجأة استراتيجية سيكون مستحيلاً، نظراً لأن حماس هي التي بدأت هذه الحرب، وبما أن الجيش الإسرائيلي يرغب أيضاً في تحقيق مفاجأة تكتيكية ضد «حماس»، فإن الأمر يتطلب التخطيط».

عوامل أخرى

وتحدثت «جيروزاليم بوست» أيضاً عن عوامل أخرى للتأخير، يمكن أن تشمل «الضغط الأميركي لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين، والمخاوف الداخلية بشأن الرهائن الإسرائيليين في غزة، وإعطاء الفلسطينيين مزيداً من الوقت لإخلاء غزة».

وبحسب الصحيفة، فإنه «رغم الدعم العالمي الكبير الذي حصلت عليه إسرائيل، فإن اللحظة التي ترتفع فيها أرقام الضحايا في غزة، والتي من المرجح أن تحدث عندما يبدأ الغزو البري، ستشهد ضغوطاً قوية من الولايات المتحدة والعالم لوقفه».

هجوم بري على مراحل

إلى ذلك، قد لا يكون الهجوم البري الإسرائيلي على قطاع غزة غزواً واسع النطاق، لكن من المرجح أن يحصل على مراحل، وفقاً لما كشف سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل، دانيال كيرتزر، لشبكة «سي إن بي سي».

وقال سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل من عام 2001 إلى عام 2005: «يمكن أن يحدث ذلك أيضاً على مراحل، مع توغلات إضافية لمجموعات صغيرة من الجنود الإسرائيليين بدلاً من الغزو الكامل».

وأشار كيرتزر إلى أن هناك أسباباً عملية لعدم تدخل إسرائيل على الفور، موضحاً أن «القلق الكبير هو أن إسرائيل قد تواجه كمائن ومقاتلين يخرجون من الأنفاق في غزة خلال الهجوم البري».

وعلى الرغم من الهجمات الجوية الإسرائيلية المستمرة على غزة، فإن «حماس» واصلت إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، وذلك بفضل متاهة من الأنفاق والمخابئ تحت قطاع غزة، وبحسب ما ورد يتم إخفاء الصواريخ في ممرات تحت الأرض حتى يمكن نقلها داخل شبكة الأنفاق، مما يحبط سلاح الجو الإسرائيلي.

ووفقاً للجيش الإسرائيلي، فإن النظام المتطور تحت الأرض يحتوي على مولدات كهربائية وغرف استخبارات وإمدادات لجيش «حماس» السري.

وأشار كيرتزر إلى أن «هذه قضايا صعبة للغاية في بيئة حضرية»، مضيفاً أنه لا يوجد جدول زمني محدد، ويمكن أن يحدث الهجوم البري في أي لحظة.

ووفقاً له، «هناك أيضاً جانب نفسي لإبقاء (حماس) على أهبة الاستعداد، والتأكد من حصول إسرائيل على بعض المفاجآت العملياتية».

وبحسب «جيروزاليم بوست»، فإنه «فقط بعد الحرب سنعرف ما إذا كان هذا الوقت الإضافي قد تم إنفاقه بحكمة في صياغة خطة غزو وما بعد الغزو، لتكون أكثر ذكاءً وفاعلية، أم أنه كان إهداراً للوقت».

فلسطينيون يعملون على إزالة أنقاض مبنى منهار عقب غارة جوية إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زيارة بايدن

وبينما يجري ترقب لما ستؤول إليه زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن غداً إلى إسرائيل حيث يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي والمسؤولين الإسرائيليين في تل أبيب، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي لشبكة «سي إن إن» اليوم، إن الجيش لا يتوقع أن تؤدي الزيارة المرتقبة لبايدن إلى تعقيد العملية البرية المحتملة في غزة أو تأخيرها.


مقالات ذات صلة

مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية play-circle 06:14

مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

«هذه ليست غزة. إنه مخيم اليرموك»... لا تكفي قراءة اللافتة مراراً عند مدخل المخيم الفلسطيني المحاذي لدمشق لترسخ هذه الحقيقة في ذهن الزائر.

بيسان الشيخ (مخيم اليرموك (دمشق))
شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

خاص «هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

مصادر مصرية وفلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأخرى من (حماس)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الشرع لجنبلاط: لن نتدخل في لبنان

الشرع لجنبلاط: لن نتدخل في لبنان
TT

الشرع لجنبلاط: لن نتدخل في لبنان

الشرع لجنبلاط: لن نتدخل في لبنان

تعهَّد القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، ألا تمارس بلاده نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة لبنان، مضيفاً خلال استقباله، أمس، وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، أنَّ بلاده «تقف على مسافة واحدة من الجميع».

جنبلاط هو أول قيادي سياسي لبناني يلتقي الشرع، في دمشق، مصطحباً معه وفداً من «الحزب التقدمي الاشتراكي»، ونجله تيمور، وشيخ عقل الدروز الشيخ سامي أبي المنى.

كما زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى الشرع، وأكَّد «دعم تركيا للإدارة السورية الجديدة، واستعدادها لتقديم كل ما يلزم، ودعم مرحلة إعادة الإعمار». وجرى التطرق إلى «مكافحة التنظيمات الإرهابية»، في إشارة إلى المسلحين الأكراد.

من جهته، كشف رئيس المكتب الاستشاري لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد)، رياض درار، لـ«الشرق الأوسط»، أنَّ «الإدارة الذاتية» بانتظار وساطة المبعوثين الأميركي والفرنسي لنزع فتيل الحرب مع تركيا.