إسرائيل تكثّف قصف غزة وتحدد مسارات النزوح

نتنياهو يتفقد جنوده على حدود القطاع ويسألهم عن جاهزيتهم لـ«المرحلة الثانية»... و«القسّام» تطلق صواريخ أقل استعداداً لـ«معركة طويلة»

ألسنة النار تتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة السبت (أ.ب)
ألسنة النار تتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة السبت (أ.ب)
TT

إسرائيل تكثّف قصف غزة وتحدد مسارات النزوح

ألسنة النار تتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة السبت (أ.ب)
ألسنة النار تتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة السبت (أ.ب)

كثّفت إسرائيل هجومها الواسع على مناطق شمال ووسط قطاع غزة مع بداية الأسبوع الثاني للحرب، في محاولة لإخلاء مناطق كاملة ودفع مزيد من الفلسطينيين إلى «وادي غزة»، تمهيداً لهجوم بري محتمل.

وشنت الطائرات الإسرائيلية هجمات متتالية على أبراج ومنازل وعمارات وأسواق في مناطق النصيرات وخان يونس ودير البلح ومخيم المغازي وحي الشيخ وبلدة لاهيا ومناطق أخرى، وقتلت عائلات بأكملها.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إن إسرائيل ارتكبت مجازر جديدة (السبت) في دير البلح ومخيم جباليا، وقتلت العشرات تحت الأنقاض بعد قصف منازلهم.

وأحصت مستشفيات قطاع غزة أكثر من 350 ضحية يوم السبت، ومئات الجرحى نصفهم من الأطفال والنساء.

نازحون من شمال غزة في مدرسة للأمم المتحدة بخان يونس في جنوب القطاع السبت (رويترز)

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن إسرائيل قتلت في قطاع غزة منذ بداية الهجوم في السابع من الشهر الحالي، 2215 شهيداً و8714 جريحاً حتى عصر يوم السبت، وفي الضفة الغربية 54 شهيداً وأكثر من 1100 جريح.

وجاء القصف الإسرائيلي المكثف في وقت حدد فيه الجيش الإسرائيلي ممرات ومواعيد لخروج الفلسطينيين من منطقة شمال القطاع إلى وادي غزة في الجنوب.

ودعا الجيش الإسرائيلي سكان شمال القطاع إلى التوجه نحو وادي غزة عبر شارعي «البحر» و«صلاح الدين»، وقال في بيان «إنه يسمح لهم بالتحرك على محورين رئيسيين بدءاً من هذه الساعة العاشرة صباحاً وحتى الرابعة عصراً».

وأضاف البيان: «سيُسمح لسكان الشاطئ والرمال وغرب الزيتون بالتحرك على شارعي دلدول والسناء باتجاه شارعي صلاح الدين والبحر».

دمار في دير البلح بجنوب قطاع غزة السبت (أ.ب)

وتعمل إسرائيل على تهجير أكثر من مليون و200 ألف فلسطيني من مناطق شمال ووسط قطاع غزة خلال يومين، وهي خطة قالت الأمم المتحدة إنها مستحيلة وتنذر بكارثة إنسانية كبيرة، ووصفها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنها نكبة ثانية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن انتقال أكثر من مليون شخص في غزة «عبر منطقة حرب مكتظة بالسكان إلى جنوب القطاع، حيث لا يوجد غذاء أو ماء أو أماكن إيواء أمر خطير للغاية، وقد لا يكون ممكناً». وأضاف غوتيريش أن الوضع في غزة وصل إلى مستوى خطير جديد.

وصرح وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بأن دعوة إسرائيل إلى إجلاء أكثر من مليون فلسطيني من شمال قطاع غزة خلال يوم واحد أمر «مستحيل تماماً تنفيذه».

لكن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانييل هَغاري هدد السبت «كل شخص يختار عدم مغادرة المنطقة بأنه يعرّض نفسه وعائلته للخطر».

وقال هغاري إن التقديرات تشير إلى أن مئات الآلاف من سكان شمال غزة استجابوا للدعوات وقاموا بإخلاء المنطقة، إلا أنه لا يزال هناك سكان في مدينة غزة لم يستجيبوا لدعوة الإخلاء بعد. وأضاف: «الجيش يعتزم مواصلة العمل بحزم وبقوة كبيرة في مدينة غزة وفي المناطق التي تم إخلاؤها».

نازحون عند معبر رفح مع مصر السبت (د.ب.أ)

وشوهد عشرات آلاف من النازحين يجوبون الشوارع في جنوب القطاع، ولا يعرفون إلى أين سيذهبون، ما يشير إلى أنه لا توجد خطة إخلاء واضحة، وإنما تهجير وحسب، وفق ما تقول مصادر فلسطينية.

ويعتقد أن إسرائيل تخلي منطقة الشمال والوسط تمهيداً لهجوم بري محتمل.

وشوهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منطقة غلاف غزة (السبت) يرتدي سترة مضادة للرصاص، ويتفقد جنوده هناك ويسألهم: «هل أنتم مستعدون للمرحلة التالية؟».

وقال الجيش الإسرائيلي إن قوات مشاة ودبابات دخلت قطاع غزة (الجمعة) في «مداهمات محلية» في مقدمة محتملة لتوغل واسع لم يتضح متى سيبدأ، وإلى أي مدى أو حد يمكن أن يصل، وكيف سينتهي.

آليات إسرائيلية على حدود قطاع غزة السبت (د.ب.أ)

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية إن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل تأجيل موعد عمليتها البرية في قطاع غزة إلى حين خلق ممر إنساني فيه من جهة، ومن جهة ثانية لأنه يوجد قلق لدى إدارة بايدن من أنه لا توجد لإسرائيل خطط للمرحلة ما بعد دخولها القطاع برياً.

ولم يتضح موقف إسرائيل على الفور من الطلب الأميركي، لكنها ماضية على الأقل في خطة إخلاء واسع تمهيداً للاجتياح البري، وطلبت من مستشفيات كبيرة الإخلاء الكامل.

وأمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء مستشفى العودة في جباليا شمال قطاع غزة وإخلاء مستشفى القدس في مدينة غزة.

وكانت الهجمات الإسرائيلية أخرجت مستشفى الدرة للأطفال شرق غزة عن العمل ومستشفى بيت حانون كذلك.

المدفعية الإسرائيلية تقصف غزة السبت (أ.ب)

وتوجهت حركة «حماس» بنداء عاجل لكل العالم بضرورة دعم وإسناد مستشفيات قطاع غزّة، مدينة «جريمة الاحتلال الجديدة بتهديده بعض المرافق الصحية في مدينة غزة والشمال ومطالبتها بالإخلاء باتجاه جنوب القطاع» باعتبار ذلك «انتهاكاً واضحاً لقواعد القانون الإنساني». وقال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في كلمة مساء السبت: «ندعو إلى الاستمرار في المظاهرات الشعبية الداعمة لغزة والشعب الفلسطيني حول العالم»، مؤكداً أن «أهل غزة متجذرون في أرضهم ولن يخرجوا منها» مهما فعلت إسرائيل. وشدد هنية على أن «حركة (حماس) لا تستهدف المدنيين كباراً أو صغاراً».

ولم تتوقف «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» عن استهداف مناطق بعيدة وقريبة خلال هجوم (السبت) المكثف، لكن لوحظ أنها خفضت من عدد الصواريخ في تكتيك يحاكي معركة طويلة تستعد لها. وقالت «القسام» إنها قصفت عسقلان وبئر السبع وكيبوتس نيريم وناحل عوز ومطار بن غوريون، وحشوداً للجيش الإسرائيلي في أكثر من موقع، كما أعلنت «مقتل 9 أسرى آخرين من أسرى المعركة، بينهم 4 أجانب، خلال الـ24 ساعة الماضية جراء القصف الصهيوني على أماكن يوجد فيها هؤلاء الأسرى».


مقالات ذات صلة

الأزهر ينعى «شهداء المقاومة الفلسطينية» ويصفهم بـ«الأبطال»

المشرق العربي مظاهرة في الجامع الأزهر بالقاهرة لرفض تهجير الفلسطينيين ودعم القضية (أ.ب)

الأزهر ينعى «شهداء المقاومة الفلسطينية» ويصفهم بـ«الأبطال»

نعى الأزهر الشريف في مصر اليوم الجمعة «شهداء المقاومة الفلسطينية»، الذين وصفهم بـ«الأبطال، الذين طالتهم يد صهيونية مجرمة، عاثت في أرضنا العربية فساداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي صورة التقطتها الطائرة المسيّرة ليحيى السنوار وهو مغطى الوجه (تايمز أوف إسرائيل) play-circle 00:50

جندي إسرائيلي يصف اللحظات الأخيرة في حياة السنوار... وماذا وُجد بحوزته؟

بثت وسائل إعلام عبرية، اليوم (الخميس)، تصريحات لأحد الجنود المشاركين في قتل زعيم حركة «حماس» الفلسطينية يحيى السنوار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي حذرت الأمم المتحدة بأن سكان قطاع غزة سيواجهون شتاءً كارثياً بعد تراجع إيصال المساعدات الإنسانية (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: 345 ألفاً من سكان غزة سيواجهون جوعاً «كارثياً» هذا الشتاء

أفاد تقييم صادر عن الأمم المتحدة، اليوم الخميس، بأن نحو 345 ألفاً من سكان غزة سيواجهون جوعاً «كارثياً» هذا الشتاء، بعد تراجع إيصال المساعدات.

«الشرق الأوسط» (روما)
الخليج السفير السعودي نايف السديري يسلِّم الشيك لفيليب لازاريني مفوض عام الوكالة (واس)

السعودية تدعم «الأونروا» لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين

قدَّمت السعودية دعماً مالياً لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)؛ لدعم برامجها وعملياتها في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
المشرق العربي نتنياهو يدرس خطة لإخلاء شمال غزة من المدنيين وقطع المساعدات على من يبقى play-circle 01:25

نتنياهو يدرس خطة لإخلاء شمال غزة من المدنيين وقطع المساعدات على من يبقى

يدرس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطة لقطع المساعدات الإنسانية عن شمال قطاع غزة، في محاولة منه «لتجويع» مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«حزب الله» يُدخل تدريجياً أسلحة جديدة إلى المعركة

راجمات صواريخ لـ«حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان (أرشيف الشرق الأوسط)
راجمات صواريخ لـ«حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان (أرشيف الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» يُدخل تدريجياً أسلحة جديدة إلى المعركة

راجمات صواريخ لـ«حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان (أرشيف الشرق الأوسط)
راجمات صواريخ لـ«حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان (أرشيف الشرق الأوسط)

تباعاً، وبشكل تدريجي، يُدخل «حزب الله» الأسلحة التي يمتلكها إلى حلبة المعركة المتواصلة مع إسرائيل منذ عام كامل، والتي احتدمت وتوسعت، لتشمل كل لبنان قبل شهر واحد.

وكان لافتاً ما أعلنه مؤخراً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن «(حزب الله) حفر في منطقة جنوب الليطاني مئات الأنفاق والمخابئ، وأن القوات الإسرائيلية عثرت هناك على كمية من الأسلحة الروسية الحديثة».

وجاء ذلك بعد ساعات من نقل صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن مسؤولين إسرائيليين، حديثهم عن العثور على أسلحة روسية وصينية مضادة للدبابات خلال التوغلات الإسرائيلية داخل لبنان.

ويردّ خبراء عسكريون تروّي الحزب في استخدام أسلحته، خصوصاً صواريخه، لأكثر من عامل، أولها عنصر المفاجأة الذي استخدمته إسرائيل مع تفجير أجهزة اتصالاته، واغتيال أمينه العام، وصولاً للحرب الجوية المكثفة التي تشنّها على مجمل المناطق اللبنانية، خصوصاً تلك الخاضعة لنفوذ الحزب وسيطرته، وثانيها عدم تمكنه من الوصول في الوقت المناسب لمستودعات الأسلحة، إضافة إلى تدمير إسرائيل جزءاً كبيراً منها، وصولاً لاقتناع الحزب بأن المعركة طويلة، ولن يكون من المناسب استخدام كل الصواريخ دفعة واحدة، في ظل تعمد تل أبيب قطع كل الإمدادات عنه.

أسلحة مضادة للدبابات

ويُعدّ الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد حسن جوني، أنه «لا يمكن تحديد الأسلحة الروسية الحديثة التي تحدّث عنها نتنياهو، ومدى صحة ما أدلى به، خصوصاً أن (حزب الله) لن يكشف عن سلاح مماثل قبل استخدامه»، مرجحاً أن تكون «ضمن الأسلحة المضادة للدبابات المطورة في روسيا والصين، لأن الأسلحة الخفيفة ليس مهماً أن تكون حديثة أو لا، فهي ليست ذات أهمية كبيرة. أما الصواريخ بعيدة المدى فموجودة لدى الحزب، لكنها ليست ضمن المنطقة التي دخل إليها الإسرائيلي».

لعبة المفاجآت

ويرى جوني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «(حزب الله) يتقن لعبة المفاجآت والتدّرج بكشف الأسلحة واستخدامها»، لافتاً إلى أن «المسيّرة التي أصابت قاعدة (غولاني) مؤخراً، وأدت لأعداد كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف الجنود الإسرائيليين كانت مختلفة عن سابقاتها، لجهة دقة الاستهداف والتوقيت والتأثير، ومن ثم فهي من جيل المسيّرات الحديثة التي بدأ الحزب استخدامها».

ويضيف: «أما بالنسبة للصواريخ، فالحزب يتدّرج باستخدامها، لعلمه أن المعركة طويلة، وقد استخدم مؤخراً صاروخ (نصر 1) الذي يبلغ مداه 100 كيلومتر، ويحمل رأساً متفجراً من 100 كيلوغرام، ولديه صواريخ تصل لمدى أبعد، وتطال كل المواقع في الكيان».

ويشير جوني إلى أنه «لا يمكن الحديث عن أسلحة تقلب المعادلة، إنما عن سعي الحزب لتثبيت معادلة الأمن المفقود في لبنان مقابل الأمن المفقود في إسرائيل، بمعزل عن التأثير غير المتساوي في البلدين».

تدّرج في استخدام الصواريخ

وشملت الصواريخ التي أطلقها «حزب الله» على إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، صواريخ «كاتيوشا» و«بركان» بحمولة متفجرة تتراوح بين 300 و500 كيلوغرام.

ولم يستخدم الحزب صواريخه الباليستية إلا في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي لقصف مقرّ الموساد في تل أبيب، الذي قال إنه «المسؤول عن اغتيال قادته، إضافة إلى مجزرة (البيجر) والأجهزة اللاسلكية».

وأشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي مؤخراً إلى أن «حزب الله» بات يكثف استخدام الصواريخ الباليستية، كما استخدم في الآونة الأخيرة أكثر من مرة صواريخ «كورنيت» المحمولة المضادة للدبابات، والمصنوعة في روسيا، وصواريخ من طراز «فادي 1» و«فادي 2»، وهما صاروخا «أرض – أرض» تكتيكيان يستخدمان في «القصف المساحي غير النقطي».

كما لجأ إلى صواريخ «سطح- جو» المضادة للطائرات، إيرانية الصنع، لإسقاط طائرات من دون طيار إسرائيلية.

وفي مرتين على الأقل، استخدم الحزب صاروخاً موجهاً بالرادار يمكنه الوصول إلى أهداف على ارتفاع 90 ألف قدم تقريباً ضد الطائرات المقاتلة الإسرائيلية، ما أجبرها على التراجع.

ترسانة الصواريخ

ووفق مراكز دراسات إسرائيلية، يمتلك الحزب بين 150 و200 ألف صاروخ عادي غير باليستي وغير دقيق، وهي صواريخ قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى، يصل مداها إلى 150 كيلومتراً. كما أنه يمتلك 10 آلاف صاروخ باليستي دقيق، ولديه صواريخ «يوخونت» الدقيقة «أرض- بحر»، التي يقدرها الإسرائيليون بـ75 صاروخاً، كما أن لديه زوارق سريعة مثل التي يستخدمها الحوثيون، من دون أن ننسى امتلاكه عدداً كبيراً من المسيّرات يُرجح أن يكون عددها بعشرات الآلاف.

ووفقاً لتقديرات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، فإن لدى «حزب الله» نحو 150 ألف صاروخ وقذيفة.