أعلنت الحكومة اليمنية تبلغها رسمياً قرار الحكومة السورية إعادة تسلم مقرّ سفارة الجمهورية اليمنية في دمشق بعد إخراج ممثل جماعة الحوثي الانقلابية منها ومغادرته بناءً على طلب السلطات السورية.
وأكد الدكتور أحمد عوض بن مبارك، وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الجانب السوري أبلغهم أمس (الأربعاء) قرار تسليم مقرّ سفارة اليمن في دمشق للحكومة الشرعية اليمنية، لافتاً إلى أن نظيره السوري فيصل المقداد أبلغه بهذا الإجراء، وأنه تم الطلب من ممثل جماعة الحوثي الانقلابية تسليم مبنى السفارة ومغادرتها.
وبحسب الوزير اليمني، فإن الحكومة بصدد تعيين بعثة دبلوماسية لبدء مهامها في دمشق خلال الفترة المقبلة. في حين اعتذر عن إعطاء مزيد من التفاصيل بشأن الموضوع.
بينما يعتقد مراقبون أن الخطوة القادمة قد تكون من طهران التي لا يزال ممثل جماعة الحوثي إبراهيم الديلمي يسيطر فيها على مقرّ السفارة اليمنية، وسط رفض الحكومة اليمنية الشرعية.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب أجواء المصالحة العربية التي قادتها المملكة العربية السعودية، بدءاً من قمة جدة التاريخية الأخيرة والتي حضرها الرئيس السوري بشار الأسد، ودشّنت عودة سوريا للجامعة العربية بعد نحو 12 عاماً من الانقطاع.
كما أن عودة العلاقات السعودية - الإيرانية في مارس (آذار) الماضي كانت لها انعكاسات إيجابية على الكثير من الملفات في المنطقة ومن أبرزها الأزمة اليمنية، وفقاً لمراقبين.
وأشار الدكتور بن مبارك، إلى أن هذه النتائج الإيجابية تعدّ «ثمرة للقاءات التي تمت مع الجانب السوري في كل من السعودية ومصر». مشدداً على أن اليمن «يدعم جهود المصالحة العربية كافة ولمّ الشمل وإنهاء الخلافات».
من جانبه، عدّ لطفي نعمان، وهو مستشار سياسي وإعلامي يمني، أن الخطوة السورية تنبئ عن بدء «صفحة جديدة في علاقات البلدين الرسمية بموجب التفاهمات الإقليمية». وأضاف نعمان في حديث لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «المنتظر قرار السلطات الإيرانية».
وكانت جماعة الحوثي التي سيطرت على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014 عيّنت في حينها بعثة دبلوماسية في كل من طهران ودمشق، وهو ما رفضته الحكومة الشرعية اليمنية وطالبت البلدين باحترام المواثيق والأعراف الدبلوماسية الدولية.
وكان عبد الله صبري هو ممثل جماعة الحوثي الأخير في دمشق الذي عُيّن في 2020 خلفاً لسلفه نايف القانص الذي عُيّن هو الآخر في مارس 2016.
إلى ذلك، اعترف قيادي حوثي، بإبلاغ السلطات السورية ممثلي الجماعة بإخلاء السفارة اليمنية في دمشق، عادّاً ذلك فشلاً لهم في «الاختبار الوحيد لتمثيلنا في العلاقات الدولية».
وقال خالد العراسي، وهو مدير في وزارة المالية التابعة للميليشيا، في منشور على صفحته بـ«فيسبوك»: إنه «قبل أربعة أيام أصدرت القيادة السورية قراراً بإغلاق سفارتنا في دمشق (...) قرار إغلاق سفارة ليس قراراً سهلاً أو عادياً، والموضوع يشكّل فاجعة؛ لأن معناه أننا فشلنا في إطار التمثيل الدبلوماسي».
مصادر دمشق
وفي حين لم يصدر أي شيء رسمي من الحكومة السورية، قالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن قرار دمشق استبعاد الحوثيين «محاولة لإنعاش تقاربها مع الدول العربية بعد تجميد هذا التقارب على خلفية تمنع دمشق عن تلبية متطلبات وشروط التقارب في الملفات الثلاثة المطروحة؛ وهي: وقف تهريب المخدرات، وعودة اللاجئين السوريين، والحوار مع المعارضة لإيجاد حل سياسي». ورجحت المصادر أن «يكون هذا القرار قد اتخذ دون تنسيق مع إيران، وفي وقت تواجه فيه المنطقة تهديداً إسرائيلياً خطيراً». ولاحظت المصادر «تمرير دمشق قرار تسليم السفارة اليمنية للحكومة الشرعية بصمت، مستغلة انشغال الإعلام بالهجوم على الكلية الحربية في حمص، ومن ثم عملية (طوفان الأقصى) وارتداداتها في سوريا ولبنان».