هل يحد التقارب المصري - التركي من تأثير «الإخوان» في الانتخابات الرئاسية؟

أنقرة شددت مجدداً من إجراءاتها لوقف التحريض ضد القاهرة

 لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة العشرين الشهر الماضي (الرئاسة التركية)
لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة العشرين الشهر الماضي (الرئاسة التركية)
TT
20

هل يحد التقارب المصري - التركي من تأثير «الإخوان» في الانتخابات الرئاسية؟

 لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة العشرين الشهر الماضي (الرئاسة التركية)
لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة العشرين الشهر الماضي (الرئاسة التركية)

طرح توقيف السلطات التركية لناشطين محسوبين على تنظيم «الإخوان»، بسبب «استمرارهم في التحريض ضد السلطات المصرية»، تساؤلات حول موقف أنقرة من «الإخوان»، لا سيما في ظل التقارب الدبلوماسي والاقتصادي مع القاهرة، وفي وقت عرفت فيه مصر انطلاق إجراءات الانتخابات الرئاسية.

ووصف باحثون التعامل التركي مع ملف «الإخوان» بأنه «يعطي إشارات متضاربة»، تراوحت بين «استثنائهم من بعض ضوابط الإقامة»، و«اتخاذ إجراءات صارمة ضد من لم يلتزموا باحترام وقف التحريض ضد السلطات بمصر». مشيرين إلى أن «تأثير إخوان تركيا تراجع بشكل واضح خلال الآونة الأخيرة».

وقبل يومين ألقت السلطات التركية القبض على الناشطة المصرية من أصل سوري، غادة نجيب، زوجة الممثل هشام عبد الله، أحد العناصر الداعمة لـ«الإخوان»، (مقيم في تركيا منذ عام 2013)، وذلك لـ«عدم التزامها بتعليمات التوقف عن الهجوم، والتحريض ضد مصر عبر منصات التواصل الاجتماعي». وقال عبد الله عبر صفحته على «فيسبوك» إن «الاستخبارات التركية اعتقلت زوجته (غادة نجيب) من المنزل لأسباب وصفها بـ(السياسية)».

زوجة الممثل هشام عبد الله (حساب هشام على «فيسبوك»)
زوجة الممثل هشام عبد الله (حساب هشام على «فيسبوك»)

وكثفت غادة خلال الأيام الأخيرة من تحريضها ضد السلطات المصرية، خاصة مع انطلاق سباق الانتخابات الرئاسية، وروجت للمرشح المحتمل أحمد الطنطاوي.

الباحث السياسي والمتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، أحمد بان، وصف الإجراءات التركية بحق «الإخوان» بأنها «متذبذبة»، مشيراً إلى أن هناك مسارين يتحكمان في هذه العلاقة، أحدهما «يتسم بالتعاطف، وتقديم تسهيلات للعناصر المقيمة على الأراضي التركية»، أما الثاني فيتمثل في محاول تطبيق القانون على جميع المقيمين على الأراضي التركية، سواء فيما يتعلق باشتراطات الإقامة، أو بمسألة التحريض ضد السلطات المصرية، موضحاً أن الربط بين الإجراءات التركية، وانطلاق الانتخابات الرئاسية في مصر «يتسم بالمبالغة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم الإخوان لم يعد لديه ذلك التأثير السياسي الكبير».

هشام عبد الله (حسابه على «فيسبوك»)
هشام عبد الله (حسابه على «فيسبوك»)

وكانت مصر وتركيا قد أعلنتا في يوليو (تموز) الماضي ترفيع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء. وتسلم السفير المصري في أنقرة، عمرو الحمامي، مهام عمله رسمياً، عقب لقاء مع الرئيس التركي الأسبوع الماضي. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نظيره التركي للمرة الثانية على هامش قمة العشرين بالعاصمة الهندية نيودلهي. كما التقى وزراء من الجانبين عدة مرات لبحث تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، والارتقاء بمعدلات التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، إذ «تعد مصر حالياً أكبر شريك تجاري لتركيا في أفريقيا، فيما تُعد تركيا من أهم مستوردي الغاز المصري»، حسب مراقبين.

غادة نجيب وزوجها هشام عبد الله (من حسابها على «فيسبوك»)
غادة نجيب وزوجها هشام عبد الله (من حسابها على «فيسبوك»)

وفي وقت سابق، التقى الرئيس التركي مع وفد من «اتحاد علماء المسلمين»، ضم شخصيات محسوبة على «الإخوان»، وخلال اللقاء قرر إردوغان منح «معاملة تمييزية» لمن سماهم بـ«المهاجرين»؛ في إشارة لعناصر «الإخوان»، وتحديداً من مصر وسوريا.

وكانت السلطات التركية قد شنت سابقاً حملة مداهمات واسعة النطاق طالت عناصر من «الإخوان» المقيمين في تركيا، وقامت باحتجاز من لا يحمل أي هوية أو إقامة أو جنسية، كما طلبت من اثنين من عناصر التنظيم مغادرة أراضيها، ورفضت منح الجنسية لنحو 12 عنصراً إخوانياً غيرهم.

في هذا السياق، يرى الباحث المتخصص في الشؤون التركية، كرم سعيد، أن «ورقة الإخوان لم تعد ذات قيمة تذكر في ملف العلاقات المصرية - التركية»، إلا أنه أشار إلى أن بعض المؤسسات السياسية والأمنية في تركيا لا تريد أن تؤدي ممارسات بعض عناصر التنظيم المقيمة على الأراضي التركية إلى «توتير العلاقة مع القاهرة»، خاصة في ظل ما يصفه بـ«المسار المُتقدم»، الذي اتخذته العلاقات الثنائية خلال العامين الماضيين.

وأوضح سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن «تأثير إخوان تركيا تراجع بشكل واضح خلال الآونة الأخيرة»، لافتاً إلى خروج العديد من العناصر والمنابر الإعلامية الإخوانية من تركيا، واتجاههم لدول أخرى، وهي التي «تقوم حالياً بالدور الأكبر في الهجوم على الانتخابات الرئاسية في مصر»، فضلاً عن إدراك العديد من عناصر «جبهة إسطنبول» (من الجبهات المتصارعة على قيادة التنظيم) للمحددات الجديدة في مواقف السلطات التركية من قضية السماح بالتحريض ضد مصر، في ظل التقارب مع القاهرة، حيث ألقي القبض على عدد من «غير الملتزمين» بالضوابط المعلنة في هذا الشأن أكثر من مرة.

يذكر أن السلطات التركية قررت في فبراير (شباط) الماضي ترحيل الإعلامي المقرب من «الإخوان» حسام الغمري، إلى إحدى الدول الأوروبية المجاورة، بعدما قيدت إقامته لمدة تزيد على شهرين بسبب تحريضه ضد مصر. وعاد الغمري الشهر الماضي إلى القاهرة بعد رفع اسمه من «قوائم الإرهاب».


مقالات ذات صلة

«جس نبض» الصدر يتحكم بمسار الانتخابات في العراق

المشرق العربي مؤيدو مقتدى الصدر خلال احتجاج في مدينة الصدر ببغداد (أرشيفية - أ.ب)

«جس نبض» الصدر يتحكم بمسار الانتخابات في العراق

تبادل الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد وزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، رسائل بشأن مشاركة الأخير في الانتخابات التشريعية المقبلة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة محمد شياع السوداني في ملتقى السليمانية (الشرق الأوسط)

السوداني: الشرع مرحب به في بغداد

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني نيته الترشح للانتخابات المقبلة، في حين أكد توجيه دعوة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية في بغداد.

حمزة مصطفى (السليمانية)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني وقادة في «الإطار التنسيقي» (إعلام حكومي)

«الإطار التنسيقي» إلى 4 قوائم في انتخابات 2025

تتحرك أحزاب عراقية لرسم خريطة أولية لتحالفاتها مع إعلان مفوضية الانتخابات المباشرة تسجيل القوائم الراغبة بالمشارَكة في الاقتراع المقرر في 11 نوفمبر 2025.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقتدى الصدر (فيسبوك)

الصدر «المقاطع» يوجّه فصيله المسلح بتحديث سجلّ الناخبين

في ظل إجراءات مقتدى الصدر التي تبدو «متضاربة» في عيون خصومه وأصدقائه، عاد السبت ليحث أتباعه في «سرايا السلام» الجناح العسكري لتياره، على تحديث سجل الناخبين

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي ممثلو ائتلاف «إدارة الدولة» الحاكم خلال أحد الاجتماعات في بغداد (أرشيفية - إعلام حكومي)

مساعٍ لإقناع الصدر بالمشاركة في انتخابات العراق

يسعى تحالف «إدارة الدولة» الذي يضم القوى المشاركة في حكومة محمد شياع السوداني، الخميس، إلى إقناع زعيم التيار الصدري بالعودة إلى العملية السياسية.

حمزة مصطفى (بغداد)

شراكة جزائرية - تركية تتعزز في الاقتصاد والتعليم والطاقة

اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
TT
20

شراكة جزائرية - تركية تتعزز في الاقتصاد والتعليم والطاقة

اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)

ناقش اجتماع لـ«اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط»، عُقد يوم الاثنين في العاصمة الجزائرية، مشروعات تعاون جارية بين البلدين تخصُّ الحديد والصلب، والنسيج، والطاقة، والأشغال العمومية والزراعة الصحراوية.

وقاد أشغال الاجتماع وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ونظيره التركي هاكان فيدان، وعبَّر عطاف في خطاب عن «ارتياح بلاده لمستوى التجارة البينية»، التي قال إنها حقَّقت أرقاماً «لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات الثنائية».

وقال إن حجم التجارة البينية بلغ 6 مليارات دولار في عام 2024، «لكننا لا نزالُ نطمحُ لتحقيق المزيد، لأن المطلوب هو بلوغ قيمة 10 مليارات دولار»، مشيداً أيضاً بالمستوى غير المسبوق الذي بلغته الاستثمارات التركية بالجزائر.

كما أشاد عطاف بـ«تقوية الأبعاد الإنسانية» للعلاقات الثنائية في مجالات الثقافة، والتعليم العالي، والبحث العلمي، والصحة وغيرها. وأضاف: «لكننا لا نزالُ نطمحُ لتحقيق المزيد».

وأضاف أن الجزائر: «هي اليوم أول شريك تجاري لتركيا على مستوى القارة الأفريقية. ومن جانبها، فإن تركيا قد اكتسبت عن جدارة واستحقاق مكانَتَها بوصفها أول مُستثمر أجنبي في الجزائر خارج قطاع المحروقات».

وتابع: «الأرقام المُسجَّلة في هذا الإطار مؤهلةٌ للارتفاع والنمو في المستقبل القريب والعاجل»، مشيراً إلى كثير من المشروعات الاستثمارية المشتركة، لا سيما في مجالَي الطاقة، والزراعة الصحراوية، إلى جانب توسيعِ الاستثمارات التركية في ميادين الحديد والصلب والنسيج.

وكان آخر لقاء ثنائي بين فيدان وعطاف قد عُقد في فبراير (شباط) الماضي، على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في جوهانسبرغ. كما شارك عطاف في «منتدى أنطاليا الدبلوماسي»، الذي نظَّمته تركيا في الفترة من 11 إلى 13 أبريل (نيسان) الحالي.

الرئيسان الجزائري والتركي بإسطنبول في مايو 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والتركي بإسطنبول في مايو 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وشكَّلت زيارتا الرئيس رجب طيب إردوغان إلى الجزائر، في فبراير 2018 ويناير (كانون الثاني) 2020، «دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين»، وفق تعبير وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.

وخلال زيارة الرئيس إردوغان إلى الجزائر عام 2020، تقرَّر إنشاء «مجلس للتعاون» رفيع المستوى بين البلدين، وقد عُقد الاجتماع الأول للمجلس يوم 16 مايو (أيار) 2022، بمناسبة زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تركيا، على رأس وفد كبير ضم 9 وزراء، تخللها توقيع 15 اتفاقية وبياناً مشتركاً بين البلدين.