البرهان يوجه بتدريب المدنيين المتطوعين لقتال «الدعم السريع»

تواصل المواجهات العسكرية في الخرطوم

رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان متفقداً مَعبر أرقين في 2 أكتوبر 2023 (سونا)
رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان متفقداً مَعبر أرقين في 2 أكتوبر 2023 (سونا)
TT
20

البرهان يوجه بتدريب المدنيين المتطوعين لقتال «الدعم السريع»

رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان متفقداً مَعبر أرقين في 2 أكتوبر 2023 (سونا)
رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان متفقداً مَعبر أرقين في 2 أكتوبر 2023 (سونا)

وجه رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، يوم الاثنين، بتدريب المدنيين المتطوعين للقتال في صفوف الجيش بصورة متقدمة ومتطورة للمساهمة في الدفاع عن البلاد، في وقت تتصاعد فيه حدة المواجهات العسكرية بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في عدة مناطق بالعاصمة الخرطوم.

وقال إعلام مجلس السيادة، إن البرهان خاطب اللجنة التي تشرف على استنفار المدنيين للقتال في صفوفه خلال تجمع لضباط وجنود في مقر المنطقة العسكرية بمدينة مروي، شمال البلاد. وأطلق البرهان في يونيو (حزيران) الماضي نداءً لكل من يستطيع حمل السلاح للانضمام إلى صفوف الجيش للقتال ضد «قوات الدعم السريع»، ثم تبعه بتوجيهات لقيادات الفرق والمناطق العسكرية في كل ولايات البلاد باستقبال وتجهيز المتطوعين للمشاركة في المعارك.

تصاعد الدخان فوق العاصمة الخرطوم جراء الاشتباكات بين الجيش وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)
تصاعد الدخان فوق العاصمة الخرطوم جراء الاشتباكات بين الجيش وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)

اتهام النظام السابق

وتتهم القوى السياسية، قيادات النظام السابق من الإسلاميين، بالوقوف وراء تجييش المدنيين والدفع بهم في الحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» للعودة للسلطة مرة أخرى. وأشاد قائد الجيش بـ«تضحيات العسكريين والمواطنين الذين تصدوا ببسالة لـ(قوات الدعم السريع) التي انطلقت شرارة تمردها من مدينة مروي، وأفشلوا مخطط الغدر والخيانة من قبل الجماعة الإرهابية بقيادة الأخوين»، في إشارة إلى قائد «قوات الدعم السريع»، الفريق محمد حمدان دقلو الشهير باسم «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم. وهاجم البرهان خلال حديثه في القاعدة العسكرية، السياسيين متهماً بعضهم بممارسة الكذب والتضليل دعماً لـ«قوات الدعم السريع»، مؤكداً أن القوات المسلحة تخوض معركة الكرامة، ويقاتل معها كل الشعب السوداني. وشدّد البرهان على أن القوات المسلحة «تقاتل مرتزقة من كل الاتجاهات استعانت بهم الميليشيا الإرهابية قوات الدعم السريع، وانتهكوا حرمات المواطنين وأزهقوا الأرواح بدواع لا تستند على منطق».

وشهدت مدينة مروي بداية التوتر بين الجيش و«قوات الدعم السريع» التي أقدمت قبل يومين من اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، على الدفع بقوات عسكرية كبيرة لمحاصرة القاعدة الجوية في المدينة لتحييد سلاح الجو التابع للجيش.

سيارات وبنايات مدمرة في السوق المركزية بالخرطوم خلال اشتباكات سابقة (رويترز)
سيارات وبنايات مدمرة في السوق المركزية بالخرطوم خلال اشتباكات سابقة (رويترز)

معارك بالخرطوم

ميدانياً، تجددت الاشتباكات والقصف الجوي والمدفعي المتبادل بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في محيط قيادة الجيش وسط الخرطوم، وقيادة سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة في جنوب الخرطوم، وشوهدت المسيّرات تحلق بكثافة في عدة مناطق بمدن العاصمة المثلثة.

وقال شهود عيان إن طائرات مسيرة تابعة للجيش قصفت ارتكازات «قوات الدعم السريع» في أحياء الرياض والمعمورة والمجاهدين شرق الخرطوم، كما وجهت ضربات مماثلة على حي الجريف (غرب). وقال سكان من جنوب الخرطوم لـ«الشرق الأوسط» بأنهم شاهدوا الطيران الحربي للجيش ينفذ غارات جوية مستهدفاً مواقع لـ«قوات الدعم السريع» في المنطقة، التي بدورها أطلقت الكثير من القذائف المدفعية باتجاه مواقع الجيش. وسمع دوي انفجارات، وتصاعدت أعمدة الدخان في محيط قيادة الجيش جراء القصف المدفعي المتبادل بين الجيش وقوات الدعم السريع من مناطق متفرقة بالخرطوم.

وقال مقيمون في جنوب الخرطوم: تجددت الاشتباكات والقصف المدفعي بقوة في محيط قيادة سلاح المدرعات بعد أيام من انخفاض حدة القتال بصورة ملحوظة، عدا مواجهات متقطعة بين الطرفين.

مواطن يتفقد الدمار الذي أصاب منزله في الخرطوم (أ.ف.ب)
مواطن يتفقد الدمار الذي أصاب منزله في الخرطوم (أ.ف.ب)

مساعدات إنسانية

إلى ذلك أعلنت وزارة الخارجية السودانية أن قنصليتها في دولة تشاد باشرت توزيع الدفعة الثانية من المساعدات الإنسانية المقدمة من الحكومة للاجئين السودانيين في الدولة الجارة. وقالت في بيان إن هذه الدفعة من المساعدات تستهدف تغطية حوالي 50 ألف لاجئ سوداني في منطقة سيلا بجنوب شرقي تشاد، مشيرة إلى أن المرحلة الأولى شملت تغطية 250 ألفا من اللاجئين بمنطقة «أدري» الحدودية بين البلدين. ونزح مئات الآلاف من المدنيين في ولايات إقليم دارفور إلى دولة تشاد جراء القتال العنيف بين الجيش و«قوات الدعم السريع» الذي تسبب في وقوع مئات القتلى والجرحى.


مقالات ذات صلة

الفاشر: مدينة تئن تحت النار والجوع وانسداد الأفق

شمال افريقيا النزوح من مخيمات النزوح ظاهرة جديدة في مدينة الفاشر المحاصرة منذ عدة أشهر(الشرق الأوسط) play-circle 00:35

الفاشر: مدينة تئن تحت النار والجوع وانسداد الأفق

بين سندان الموت تحت القصف والجوع والمرض، ومطرقة النزوح إلى المجهول، يواجه مئات الآلاف من سكان مدينة الفاشر بدارفور، والمخيمات حولها، واقعاً إنسانياً مؤلماً.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

بدء محاكمة «حميدتي» وشقيقه غيابياً في السودان

بدأت محكمة سودانية، أمس، أولى جلسات محاكمة غيابية لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم، بالإضافة إلى 14 من قادة «الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

بدء محاكمة حميدتي وشقيقه غيابياً في السودان

بدأت محكمة سودانية، يوم الأحد، أولى جلسات محاكمة غيابية لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم، بتهمة قتل والي ولاية غرب دارفور.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
العالم العربي لاجئة سودانية تحمل ابنها خلال مغادرتهما السفينة «يو إس إن إس برونزويك» في ميناء جدة (أ.ب) play-circle

في الفاشر السودانية المحاصَرة... إسعافات أولية بمواد بدائية ونباتات طبية

في مدينة الفاشر السودانية مرضى لا ينامون من الألم، ومناشدات من منظمات دولية لإدخال المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
تحليل إخباري هروب الآلاف بعد هجمات «قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين شمال دارفور 15 أبريل (رويترز) play-circle 00:35

تحليل إخباري «طويلة»... معسكر جديد لضحايا الحرب في السودان

تحوّلت بلدة «طويلة» بشمال دارفور، إلى معسكر جديد لضحايا الحرب، بعد تدفق الآلاف من النازحين الهاربين من القصف من مدينة الفاشر، ومخيمي زمزم وأبو شوك.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

​«الوحدة» الليبية تتعهد التحقيق في دهس مشجعين عقب مباراة لكرة القدم

لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
TT
20

​«الوحدة» الليبية تتعهد التحقيق في دهس مشجعين عقب مباراة لكرة القدم

لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)

وسط انتقادات محلية واسعة، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة أن وزيرها المكلف، عماد الطرابلسي، أصدر تعليمات عاجلة بفتح تحقيق «فوري وشامل» في حادثة دهس سيارة تابعة لجهة أمنية، مساء الاثنين، لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم بالمدينة الرياضية في العاصمة طرابلس.

وأكدت الوزارة على «ضرورة تحديد المسؤوليات بدقة»، مشيرة إلى جلب السيارة وسائقها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وأعربت عن أسفها البالغ لما حدث، وعدّت هذا التصرف «سلوكاً فردياً لا يعكس بأي حال من الأحوال سياستها أو نهجها المهني»، وشدّدت على أنها «لن تتهاون في اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية لمحاسبة المتورطين، وتحقيق العدالة، وإنصاف المتضررين».

لكن الوزارة قالت في المقابل إن الحادثة وقعت «نتيجة اعتداء بعض المشجعين على دوريات الشرطة، التي ادعت أنها سعت لتفادي التصعيد والابتعاد عن موقع الحادث».

وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)

وبعدما أكدت التزامها بالعمل وفق معايير أمنية وإنسانية وقانونية، وضمان احترام حقوق المواطنين وسلامتهم، دعت الجميع إلى «التزام التهدئة وتحري الدقة في تداول المعلومات، إلى حين انتهاء التحقيقات، وصدور نتائجها النهائية، وتعهدت إطلاع الرأي العام على أي مستجدات تتعلق بالقضية فور توفرها».

وأظهرت مقاطع فيديو تعمّد سيارات مسلحة، تحمل شعار وزارة الداخلية بالحكومة، الاصطدام بعدد من الجماهير خارج أسوار ملعب طرابلس الدولي، عقب انتهاء مباراة أهلي طرابلس والسويحلي، ما أدى إلى إصابة عدد غير معلوم تم نقلهم في حالة حرجة للعلاج، كما رصدت وسائل إعلام محلية اعتداء عناصر تابعة لوزارة الداخلية مسؤولة عن تأمين الجماهير، على المشجعين أثناء خروجهم من ملعب المباراة.

وبحسب شهود عيان، فقد أقدم بعض المشجعين على حرق وتكسير عدد من السيارات التابعة لـ«جهاز الأمن العام»، بإمرة شقيق عماد الطرابلسي، عبد الله الشهير بـ(الفراولة)، رداً على الواقعة.

بدورها، اتهمت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان سيارات الشرطة، التابعة لإدارة الدعم المركزي بوزارة الداخلية، بالاعتداء والدهس المباشر لمشجعي النادي الأهلي، ما أدى إلى إصابة بعضهم بإصابات خطيرة، نقلوا على أثرها إلى العناية الطبية. وعدّت ما قام به من وصفتهم بأفراد الأمن «غير المنضبطين» استخفافاً بحياة وأرواح وسلامة المواطنين، وتهديداً للأمن والسلم الاجتماعي، ومساساً بحياة وسلامة المدنيين، وترويعاً وإرهاباً مسلح لهم، وبمثابة أعمال وممارسات تُشكل جرائم يعاقب عليها القانون.

وبعدما حملت المسؤولية القانونية الكاملة للطرابلسي، طالبت المؤسسة بفتح تحقيق شامل في ملابسات وظروف هذه الجريمة، وضمان محاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة، وعدم إفلاتهم من العقاب.

وعقب عملية الدهس، تصاعدت الانتقادات للأجهزة الأمنية وللتشكيلات المسلحة ولحكومة «الوحدة». ودخل فتحي باشاغا، رئيس حكومة شرق ليبيا السابق، ليعبر عن أسفه مما «تشهده بعض الفعاليات الرياضية من تدخلات سلبية من جهات مدنية وأمنية وعسكرية، حوّلت هذا الفضاء الرياضي من جسر للتقارب إلى ساحة للتوتر والاحتقان».

فتحي باشاغا رئيس حكومة شرق ليبيا السابق (الشرق الأوسط)
فتحي باشاغا رئيس حكومة شرق ليبيا السابق (الشرق الأوسط)

وقال باشاغا في تعليق على الحادث: «تابعنا المباراة التي اتسمت بحضور جماهيري لافت، وأجواء تنافسية متميزة، إلا أن هذه الأجواء شابها مشهد مؤلم، يُظهر مركبات تابعة لوزارة الداخلية، وهي تدهس عدداً من الجماهير خارج محيط الملعب، في سلوك يناقض مقتضيات المسؤولية والواجب واحترام المهنة».

ورأى باشاغا أن ما وقع لبعض الجماهير من دهس «يشكل انتهاكاً صريحاً لنصوص الإعلان الدستوري، ولأحكام المادة (3) من قانون الشرطة، التي تُلزم رجال الأمن بحماية الأرواح والأعراض والأموال، والممتلكات العامة والخاصة، وصون الحقوق والحريات المكفولة».

كما أدان «المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان» عملية الدهس، محملاً الجهات الرسمية، ومن بينها وزارة الداخلية، المسؤولية القانونية والأخلاقية عما سمّاها «الانتهاكات الجسيمة، التي تمثل إخلالاً خطيراً بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في الحياة والسلامة الجسدية».

ولفت المجلس إلى أن استخدام القوة، أو وسائل النقل الرسمية في قمع المواطنين، أو الاعتداء عليهم «يعد مخالفة صريحة للدستور والقوانين الوطنية، فضلاً عن المواثيق الدولية»، وطالب بفتح تحقيق «عاجل وشفاف ومستقل» في الواقعة، وإخضاع المسؤولين عنها للقضاء.