هجمات «القاعدة» ومعارك الأزواديين تفاقم التردي الأمني في مالي

مقاتلون من حركة انفصالية في إقليم أزواد (أ.ف.ب)
مقاتلون من حركة انفصالية في إقليم أزواد (أ.ف.ب)
TT

هجمات «القاعدة» ومعارك الأزواديين تفاقم التردي الأمني في مالي

مقاتلون من حركة انفصالية في إقليم أزواد (أ.ف.ب)
مقاتلون من حركة انفصالية في إقليم أزواد (أ.ف.ب)

يزداد الوضع الأمني تعقيداً في مالي، بعد أن أصبحت البلاد ساحة مفتوحة لمواجهات متعددة المحاور تحاول أطرافها رسم خرائط جديدة للنفوذ والسيطرة. وبينما اختلف خبراء حول مستقبل تلك النزاعات، اتفقوا على أن «تلك الصراعات العسكرية مرشحة بقوة لأن تكون طويلة ومعقدة»، مستبعدين «فرصاً لحلول سياسية في الأفق القريب».

وتزداد المواجهات ضراوة بين جيش مالي وجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة»، والتي أعلنت في مطلع أغسطس (آب) الماضي «الحرب في منطقة تمبكتو». ومنذ ذلك الحين، تُواجه تمبكتو حصاراً يمنع عشرات الآلاف من مغادرتها وتلقّي الإمدادات. ومن جهة أخرى، تزداد المعارك باطراد بعدما أعلن تحالف «إطار العمل الاستراتيجي الدائم للسلام والأمن والتنمية»، وهو تحالف حركات من العرب والطوارق الأزواديين يدعو إلى انفصال شمال مالي، هذا الشهر أنه دخل في حالة حرب مع المجلس العسكري الحاكم ومجموعة «فاغنر» الروسية المتحالفة معه، وبعدها أعلنت تنسيقية حركات أزواد عن التعبئة العامة وتكوين ما يسمى «جيش تحرير أزواد»، ودعت سكان الإقليم للتوجه إلى ساحات القتال «لحماية الوطن والدفاع عنه».

ومنذ بدء المعارك تعلن التنسيقية سيطرتها على مواقع في الإقليم وإسقاط مروحيات للجيش في مواجهات هي الأولى من نوعها بين الطرفين من حيث شدتها منذ انتهاء الصراع الدامي بينهما الذي نشب عام 2012 حول السيادة على إقليم أزواد. وتعني هذه التطورات انتهاء اتفاقية السلام التي وقعت بين الطرفين في الجزائر عام 2015.

وفي جبهة ثالثة، ضاعف متطرفو تنظيم «داعش» تقريباً الأراضي التي يسيطرون عليها في مالي في أقل من عام، بحسب تقرير للأمم المتحدة نشر الشهر الماضي.

الخبير الموريتاني في الشؤون الأفريقية، محمد الأمين ولد الداه، يرى أن الأوضاع في مالي لم تبتعد عن الاستقرار فحسب، بل «أصبحت خطيرة للغاية؛ لأن البلاد تشهد نزاعات عسكرية معقدة وهجينة»، وأن ذلك التزامن في الصراعات العسكرية «يجعل مسألة الحسم لصالح المجلس العسكري مهمة شبه مستحيلة، لا سيما في ظل عدم فاعلية تحالف الجيش مع (فاغنر) في تعويض غياب القوات الأممية ومن قبلها القوات الفرنسية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن تنظيم «القاعدة» يستغل سخط الأزواديين في عمليات تجنيد من صفوفهم للتنظيم ما يخلق حاضنة شعبية للتنظيم آخذة في الاتساع، مشيرا إلى أن الأزواديين من جهتهم «يقومون بالتنسيق والتعاون مع الجماعات المتطرفة للمساهمة في تسديد ضربات موجعة للجيش المالي، لا سيما بعد أن أعلنوا الحرب عليه».

وتأتي تلك العسكرة المتزايدة للنزاعات بالتزامن مع إعلان بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) انسحابها التدريجي من جميع أنحاء البلاد بعد طلب المجلس العسكري؛ ما كان عاملاً محفزا آخر لتفجير الصراعات، حيث أدى بدء انسحاب القوات الأممية من قاعدة بير في أغسطس الماضي ليشعل المواجهات بين الأطراف المختلفة بسبب رغبة كل طرف في السيطرة على القاعدة التي أخلتها القوات الدولية.

وتعاني البلاد التي شهدت «انقلابين عسكريين» في عامي 2020 و2021، طالب بعدهما المجلس العسكري القوة الفرنسية بالرحيل في عام 2022، وضعاً إنسانياً صعباً، يفاقمه القتال العنيف المستمر منذ أكثر من عقد، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنّ نحو 8.8 مليون شخص في البلاد في حاجة إلى المساعدة الإنسانية.

ويرى المحلل السياسي التشادي، جبرين عيسى، أن الجيش المالي «يستطيع الحسم العسكري والانتصار في جبهة الصراع مع (داعش) و(القاعدة)، مستغلاً الخلافات والصراعات بين تلك التنظيمات، لكنها ستكون حرباً شرسة وطويلة الأمد».

واعتقد عيسى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك خلافات تضرب التحالف الأزوادي الانفصالي، حيث لديهم خلافات وصراعات فيما بينهم، وخلافات كذلك مع الجماعات الإرهابية، وقد تعزز تلك الخلافات من قدرة الجيش المعزز بالظهير الروسي والمعزز في الوقت ذاته بالمساندة الأميركية للحرب ضد الإرهاب عن طريق المعلومات الاستخباراتية وطائرات الدرونز». كما رأى عيسى أن «التحالف العسكري بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر سيساهم في تكوين جبهة موحدة شديدة القوة في مواجهة الحركات المتطرفة وحركات التمرد التي تهدد الأمن القومي في أي من البلاد أطراف التحالف».


مقالات ذات صلة

تونس: إحالة 40 متهماً بينهم 20 أمنياً إلى «دائرة الإرهاب»

أفريقيا الفارون الخمسة من أكبر سجون البلاد قبل 14 أحيلوا مع 40 متهماً بينهم 20 أمنياً على دائرة الإرهاب (صور متداولة في وسائل الإعلام التونسية)

تونس: إحالة 40 متهماً بينهم 20 أمنياً إلى «دائرة الإرهاب»

أعلنت مصادر حقوقية أن دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف في تونس قررت إحالة نحو 40 متهماً، بينهم 20 أمنياً إلى دائرة الإرهاب.

كمال بن يونس (تونس)
أفريقيا انفجار قنبلة غاز مسيل للدموع خارج مقر البرلمان الكيني في نيروبي حيث كان محتجون يتظاهرون رفضاً لرفع الضرائب في 25 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

الرئيس الكيني يتعهد وضع حد لعمليات اختطاف متظاهرين

تعهد الرئيس الكيني ويليام روتو «وضع حد لعمليات اختطاف» الشرطة متظاهرين وشباناً مناهضين للسلطة، بعد حالات جديدة نددت بها منظمات غير حكومية ومحامون وسياسيون.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
أفريقيا هروب 6 آلاف سجين على الأقل من سجن شديد الحراسة في عاصمة (أرشيفية - رويترز) play-circle 00:36

هروب 6 آلاف سجين في موزمبيق وسط أعمال عنف عقب الانتخابات

أعلن قائد شرطة موزمبيق هروب 6 آلاف سجين على الأقل من سجن شديد الحراسة في عاصمة البلاد يوم عيد الميلاد.

«الشرق الأوسط» (مابوتو)
أفريقيا اندلاع أعمال شغب في موزمبيق بعد تصديق المحكمة العليا على فوز حزب فريليمو الحاكم في الانتخابات (أ.ف.ب)

مقتل 21 شخصاً بموزمبيق في أعمال شغب بعد قرار المحكمة العليا بشأن الانتخابات

قال وزير داخلية موزمبيق، مساء اليوم الثلاثاء، إن 21 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم في أعمال شغب.

«الشرق الأوسط» (مابوتو)
أفريقيا نساء كينيات في مقاطعة سامبورو الشمالية (رويترز)

كينيا تعلن عن خطة لمكافحة العنف ضد النساء بعد قتل 100 امرأة

أعلنت كينيا، الخميس، أن «العنف القائم على النوع» هو التهديد الأمني الأكثر إلحاحاً الذي تتعرض له البلاد، حيث قُتلت 100 امرأة في الأشهر الأربعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

مصرع 71 شخصاً على الأقل بحادث سير في إثيوبيا

الأهالي يعملون على انتشال ركاب حافلة سقطت في النهر بمنطقة سيداما جنوب إثيوبيا (هيئة الإذاعة الإثيوبية عبر تلغرام)
الأهالي يعملون على انتشال ركاب حافلة سقطت في النهر بمنطقة سيداما جنوب إثيوبيا (هيئة الإذاعة الإثيوبية عبر تلغرام)
TT

مصرع 71 شخصاً على الأقل بحادث سير في إثيوبيا

الأهالي يعملون على انتشال ركاب حافلة سقطت في النهر بمنطقة سيداما جنوب إثيوبيا (هيئة الإذاعة الإثيوبية عبر تلغرام)
الأهالي يعملون على انتشال ركاب حافلة سقطت في النهر بمنطقة سيداما جنوب إثيوبيا (هيئة الإذاعة الإثيوبية عبر تلغرام)

قالت السلطات في منطقة سيداما بجنوب إثيوبيا، إن 60 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم عندما سقطت شاحنة محملة بالركاب في نهر.

وقال ووسينيليه سيميون، المتحدث باسم حكومة إقليم سيداما، اليوم الاثنين، إن 71 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم، موضحاً أنهم 68 رجلاً وثلاث نساء.

وأضاف لوكالة «رويترز» أن «خمسة أشخاص في حالة حرجة ويتلقون العلاج في مستشفى بونا العام».

وأوضح ووسينيليه إن الشاحنة سقطت في نهر، موضحاً أن الطريق به كثير من المنحنيات.

وذكر أن بعض الركاب كانوا عائدين من حفل زفاف، وبعض العائلات فقدت كثيراً من أفرادها، مضيفاً أن شرطة المرور في المنطقة أشارت إلى أن الشاحنة كانت محملة بأكثر من حمولتها، مما تسبب على الأرجح في الحادث.

مصرع نحو 70 من ركاب حافلة سقطت في النهر بمنطقة سيداما جنوب إثيوبيا (هيئة الإذاعة الإثيوبية عبر تلغرام)

وكان مكتب الاتصالات الإقليمي قد أفاد، في بيان صدر في وقت متأخر أمس الأحد، بأن الحادث وقع في منطقة بونا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وأضاف، من دون الخوض في التفاصيل: «يتلقى الناجون العلاج الآن في مستشفى بونا العام».

وأفادت هيئة الإذاعة الإثيوبية التي تديرها الدولة، بأن الركاب كانوا في طريقهم لحضور حفل زفاف عندما وقع الحادث.

ولقي ما لا يقل عن 38 شخصاً -معظمهم طلاب- حتفهم في عام 2018، عندما سقطت حافلة في وادٍ بشمال إثيوبيا الجبلي.