بلدية درنة تدعو المواطنين لتسجيل المباني المتضررة من السيول

باتيلي: الأزمة تتجاوز قدرة ليبيا على إدارتها

حفتر يجتمع برئيس أركان «الجيش الوطني» الناظوري (القيادة العامة)
حفتر يجتمع برئيس أركان «الجيش الوطني» الناظوري (القيادة العامة)
TT

بلدية درنة تدعو المواطنين لتسجيل المباني المتضررة من السيول

حفتر يجتمع برئيس أركان «الجيش الوطني» الناظوري (القيادة العامة)
حفتر يجتمع برئيس أركان «الجيش الوطني» الناظوري (القيادة العامة)

رأى عبد الله باتيلي رئيس بعثة الأمم المتحدة، الذي أنهى مساء السبت زيارة إلى مدينة درنة أن هذه الأزمة تتجاوز قدرة ليبيا على إدارتها، وتتجاوز السياسة والحدود، بينما عقد المُشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» اجتماعاً مع رئيس الأركان العامة فريق أول عبد الرازق الناظوري، لبحث تداعيات الإعصار.

وقال المبعوث الأممي لدى ليبيا، في بيان، إنه غادر المدينة «بقلب حزين»، بعد أن عاين الدمار الذي خلّفته الفيضانات في الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة، لافتاً إلى أنها مشاهد تدمي القلب، نظراً لحجم الكارثة التي شاهدها عن قرب.

وأكد تعاون الأمم المتحدة بفاعلية مع السلطات المحلية ووكالات الإغاثة على الأرض، «لتقديم المساعدة الضرورية للمحتاجين، بالتزامن مع إجراء فريق الأمم المتحدة أيضاً مزيداً من التقييم للوضع لتعزيز تنسيق جهود الاستجابة في درنة والمناطق المتضررة الأخرى».

وقال باتيلي بعد زيارته الجزء الأكثر تضررًا من المدينة: «لا يمكن حقاً العثور على الكلمات لوصف ما حدث هنا».

وقالت جورجيت غانيون نائبة باتيلي، ومنسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا، إنها وباتيلي عاينا «مشاهد مؤلمة من الدمار واليأس والألم»، مشيرة إلى أنهما التقيا في المستشفى الميداني، «بشاب أصيب في الفيضان وفقد زوجته وبناته الصغيرات، وعرض لنا صورهن، إنه أمر محزن للغاية». وأوضحت أن المنظمة الدولية «تعمل مع الشركاء والسلطات المحلية، لمواصلة تقديم وتنسيق المساعدة الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل للأشخاص المحتاجين».

وكان أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية قد رافق باتيلي ونائبته في جولة في أحياء ومناطق مدينة درنة المنكوبة، لافتاً إلى أن حكومته «هي أول من استجابت للعاصفة المتوسطية حتى قبل وقوعها، واتخذت إجراءات سريعة وحاسمة، وشكلت غرفاً للطوارئ، وقامت بمساندة قوات «الجيش الوطني، كما نظمت وصول فرق الإنقاذ والإغاثة حتى قبل وقوعها».

وأشار إلى أن وزارة الصحة تعمل على تقديم كل الخدمات الصحية، وتعمل مع النائب العام على ضمان الإجراءات القانونية للضحايا والمفقودين والعائلات التي تركت منازلها.

واستعرض ما قامت به الحكومة بشأن تسهيل وصول كل فرق الإنقاذ الدولية، ومساعدتها على التحرك للعمل في مختلف مناطق الجبل الأخضر ودرنة، علاوةً على تأمين المدارس وغيرها من الأماكن لإقامة العائلات التي دُمرت منازلها، وذلك لضمان الاستجابة الإنسانية الأسرع بما يكفل تخفيف وطأة الكارثة، ومعالجة تداعياتها.

جانب من تنسيق جهود الإنقاذ والإغاثة في درنة

كما أعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قيامه بجولة تفقدية لمدينة درنة للاطلاع على حجم الأضرار التي لحقت بالمدينة جراء الفيضانات التي اجتاحتها، وتقديم الخدمات اللازمة للعائلات المتضررة.

وأكد صالح خلال اجتماعه مع عميد بلدية درنة المكلف وعدد من مسؤولي الأجهزة الخدمية حرصه على توفير «كل ما يلزم لبلدية درنة لمواجهة الكارثة»، لافتاً إلى أنه تفقد أيضاً في مدينة القبة، أوضاع النازحين من مدينة درنة، حيث وجه بتوفير الدعم اللازم لهم.

ومن جهة أخرى، نفى بايرون كاميليري وزير الداخلية والأمن في مالطا وفاة أي عنصر من فريقها المشارك في أعمال الإنقاذ في درنة، وقال في بيان إن جميع أفراد الإنقاذ المالطيين بخير، وسيعودون إلى مالطا.

ومن جانبه، دعا مجلس درنة البلدي، المواطنين إلى تسجيل المباني المتضررة نتيجة السيول والفيضانات، بينما شدد مكتب الإصحاح البيئي التابع لبلدية درنة على أهمية سلامة المواطنين، لافتاً إلى أنه «شرع في العمل فوراً على تعقيم أماكن تجمع الجثامين والمقرات».

وبدورها، طالبت «جمعية الهلال الأحمر» بطرابلس، المواطنين ممن لديهم مفقودون التوجه لفروعها بأي مدينة، وتسجيل بيانات المفقودين، مشيرة إلى تجميع هذه البيانات في منصة ضحايا الإعصار الموحدة بالتعاون مع هيئة الاتصالات والمعلوماتية.

وبدوره، قدم نائب وزير الدفاع الروسي الجنرال يونس بك يفكوروف، واجب العزاء في ضحايا الفيضانات للمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني».

ووصل يونس في وقت سابق بشكل مفاجئ مساء السبت إلى مدينة بنغازي بشرق البلاد، حيث استقبله مدير مكتب حفتر ونجله خالد الذي يترأس أركان الوحدات الأمنية.

اجتماع حفتر مع الوفد الفرنسي (الجيش الوطني)

وأدرج حفتر اجتماعه المفاجئ الأحد في بنغازي مع السفير الفرنسي مصطفى مهراج والملحق العسكري الفرنسي، ضمن اجتماعاته المُكثفة حول تداعيات العاصفة المتوسطية «دانيال»، مشيراً إلى إعرابهما عن تضامن بلادهما الكامل مع ليبيا قيادة وشعباً في هذه الأزمة، وعرضا سبل دعم فرنسا لعمليات الإنقاذ والبحث وتقديم الخدمات الطبية للمتضررين داخل مدن الجبل الأخضر.

كما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تضامن بلاده مع الشعب الليبي، وقال في بيان عبر منصة «إكس»، إنه جرى تشغيل المستشفى الميداني، مشيراً إلى ما وصفه باستنفار المنقذين ورجال الإطفاء الفرنسيين طاقتهم إلى جانب الليبيين.

وقال مكتب المشير حفتر، إنه عقد اجتماعاً مع رئيس الأركان العامة فريق أول عبد الرازق الناظوري ومدير مكتب القائد العام، والأمين العام للقيادة العامة، ورئيس أركان الوحدات الأمنية؛ ضمن سلسلة الاجتماعات المتعلقة بتداعيات العاصفة المتوسطية «دانيال»؛ وذلك لمتابعة تطورات عمليات البحث والإنقاذ، والعمل على توفير كل ما يلزم لتسهيل عمل الفرق المحلية والدولية في مدن الجبل الأخضر والساحل الشرقي.


مقالات ذات صلة

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة طرابلس (الشرق الأوسط)

ليبيون يطالبون بعزل الدبيبة... و«الوحدة» تنفي «حالة الطوارئ»

شهدت طرابلس احتجاجات واسعة مساء الاثنين للمطالبة برحيل الحكومة، بعد ساعات من بث نجلاء المنقوش، تفاصيل اجتماعها السري مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

في أول ظهور إعلامي لوزيرة الخارجية المقالة بحكومة «الوحدة» الليبية، نجلاء المنقوش، قالت إن اللقاء الذي جمعها بنظيرها الإسرائيلي كوهين كان بتخطيط من «الوحدة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)
وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)
TT

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)
وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا. ولموسكو، الحليفة للأسد ودمشق منذ أعوام طويلة، ميناء عسكري وقاعدة جوية على الساحل السوري، ما يسهّل عملياتها في المتوسط والشرق الأوسط ووسط أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، غير أن إطاحة الأسد بعد ربع قرن في الحكم عرّضت هذا الحضور للخطر.

وسعى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، إلى طمأنة روسيا، واصفاً إياها بأنّها دولة «مهمّة»، قائلاً: «لا نريد أن تخرج روسيا من سوريا بالشكل الذي يهواه البعض».

* تراجع استراتيجي نحو ليبيا

في ظل عدم وضوح التشكيل السياسي في سوريا الجديدة، باتت موسكو مضطرة لبدء تراجع استراتيجي نحو ليبيا، وفي هذا السياق يقول جلال حرشاوي، الباحث في المعهد البريطاني «رويال يونايتد سرفيسز»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ ذلك يهدف «على وجه الخصوص للحفاظ على المهمات الروسية القائمة في أفريقيا»، مضيفاً أنّه «رد فعل لحفظ الذات» من جانب موسكو، الحريصة على «التخفيف من تآكل موقعها في سوريا».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

في مايو (أيار) 2024، كشف اتحاد التحقيقات السويسري «All Eyes On Wagner» (كل العيون على فاغنر) وجود الأنشطة الروسية في نحو 10 مواقع ليبية، من بينها ميناء طبرق، حيث وصلت معدّات عسكرية في فبراير (شباط) وأبريل (نيسان) الماضي. وكان عديد القوات الروسية في فبراير 2024 يناهز 800 عنصر، لكنه ارتفع إلى 1800 في مايو من العام نفسه.

* رجال ومعدّات

في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية بأنّه تمّ نقل رادارات وأنظمة دفاع جوي روسية، من بينها «إس-300» و«إس-400» من سوريا إلى ليبيا، مستندة في ذلك إلى مسؤولين ليبيين وأميركيين. وفي هذا الإطار، يؤكد حرشاوي أنّه منذ سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، «تم نقل كمية كبيرة من الموارد العسكرية الروسية إلى ليبيا من بيلاروسيا وروسيا»، مشيراً في الوقت نفسه إلى إرسال مقاتلين. ومن جانبها، أفادت الاستخبارات الأوكرانية في الثالث من يناير (كانون الثاني) الحالي بأنّ موسكو تخطّط لـ«استخدام سفينتي الشحن (سبارتا) و(سبارتا 2) لنقل معدات عسكرية وأسلحة».

تركيا دعمت حكومة الوفاق الوطني السابقة وبعدها حكومة الدبيبة في طرابلس (الوحدة)

في هذا السياق، يقول الخبير في المجلس الأطلسي في واشنطن، عماد الدين بادي، إنّ هذا التحوّل «لا ينبع من تغيير قسري بسيط للحليف الإقليمي، بل من البحث عن الاستمرارية»، مؤكداً أنّها «خطوة تؤكد أهمية ليبيا بوصفها عنصراً في استراتيجية طويلة الأمد»، وأنّ «الأسد قدّم لموسكو مرسى على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، ومنصّة لاختبار قدراتها». وأثارت التحرّكات الروسية انزعاج حكومة طرابلس، والقوة الاستعمارية السابقة إيطاليا، بينما يراقبها الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو» بقلق. وقد أكد وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروسيتو، أنّ موسكو تنقل «موارد من قاعدتها السورية في طرطوس باتجاه ليبيا».

* الوجود الروسي أكثر وضوحاً

تحدثت مصادر عدة عن مساعٍ أميركية لإقناع المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، برفض تمركز الروس بشكل دائم في ميناء طبرق، وهو أمر يسعون إليه منذ عام 2023، لكن الكرملين لن يتمتّع بالأريحية نفسها التي كانت متوافرة في عهد الأسد.

يقول أولف لايسينغ، المسؤول عن برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، إنّ سوريا «كانت مناسِبة على الصعيد العملي... كانت صندوقاً أسود دون دبلوماسيين أو صحافيين أجانب. (الروس) فعلوا إجمالاً ما أرادوه». ويضيف لايسينغ مستدركاً: «في ليبيا، سيكون الوضع أكثر تعقيداً بكثير. من الصعب الحفاظ على الأسرار هناك، كما أنّ الوجود الروسي سيكون أكثر وضوحاً».

المشير خليفة حفتر مع قادة قواته في بنغازي (الجيش الوطني)

إضافة إلى ذلك، سيتعيّن على موسكو التعامل مع قوى أخرى، من بينها تركيا، حليفة حكومة الوفاق الوطني، وبعدها «الوحدة» المؤقتة. كما ستكون حريصة على عدم تعريض مستقبلها للخطر إذا ساءت الأمور بالنسبة إليها. وفي هذا السياق، يقول فلاد كليبتشينكو، المراسل العسكري لموقع «تسارغراد» المؤيد للكرملين: «يجب عدم تكرار الأخطاء السورية والرهان، دون خيار بديل، على ديكتاتور محلي». وفي ليبيا المنقسمة، التي تشهد نزاعاً منذ الإطاحة بمعمَّر القذافي في عام 2011، يحاول كل طرف أن يُبقي خياراته مفتوحة مع الآخرين، حسبما يؤكد لايسينغ. فمنذ عام، تتقرب أنقرة من حفتر عبر مشاريع اقتصادية واجتماعات ذات غايات دبلوماسية، لكن هذا الأخير لن يستطيع أيضاً أن يدير ظهره للغربيين، الذين دعموه سراً انطلاقاً من قناعتهم بقدرته على وقف تمدُّد الإسلام السياسي. ويقول لايسينغ: «لذلك، هناك دون شك حدود لما يمكن لروسيا أن تفعله في ليبيا».