تحذيرات من عسكريين لنتنياهو: كل جندي إسرائيلي مهدَّد بتهمة جريمة حرب

رئيس الكنيست يعلن عدم الالتزام بتنفيذ قرارات المحكمة العليا

جنود احتياط يوقّعون إعلان رفض الخدمة في تل أبيب خلال يوليو الماضي (أ.ب)
جنود احتياط يوقّعون إعلان رفض الخدمة في تل أبيب خلال يوليو الماضي (أ.ب)
TT

تحذيرات من عسكريين لنتنياهو: كل جندي إسرائيلي مهدَّد بتهمة جريمة حرب

جنود احتياط يوقّعون إعلان رفض الخدمة في تل أبيب خلال يوليو الماضي (أ.ب)
جنود احتياط يوقّعون إعلان رفض الخدمة في تل أبيب خلال يوليو الماضي (أ.ب)

في خطوة أخرى نحو الأزمة الدستورية التي تنزلق نحوها إسرائيل، بسبب خطتها الانقلابية على منظومة الحكم والقضاء، وبعد أن أعلن رئيس الكنيست (البرلمان)، أمير أوحانا، أنه لن يلتزم بقرارات المحكمة العليا، توجه مجموعة من خبراء القانون ومجموعة من الضباط في جيش الاحتياط برسائل إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حذّروا فيها من أن «جميع الجنود الإسرائيليين الذين خدموا أو يخدمون في الضفة الغربية، سيكونون معرَّضين للاعتقال في دول أوروبية وأماكن أخرى، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وأكد هؤلاء أن الجيش الإسرائيلي حظي حتى الآن بغطاء قانوني لممارساته في الضفة الغربية، إذ إن الجهاز وفي مقدمته المحكمة العليا يراقب هذه الممارسات ويساند الجيش فيها. ولأنه جهاز قوي أثبت جدارته في المجتمع الدولي الغربي، امتنعت الحكومات الغربية عن اعتقال مسؤولين عسكريين إسرائيليين سابقين. وحتى عندما أصدرت محاكم معينة أوامر اعتقال ضد إسرائيليين كانت الحكومات تجد حلاً وتمنع الاعتقال وتمنح الحصانة.

فلسطينيون يتفقدون سيارة محترقة بعد هجوم مستوطنين على بلدة حوارة في مارس الماضي (أ.ف.ب)

إلا أنه بعد خطة «الإصلاح القضائي» الحكومية لإضعاف جهاز القضاء والمحكمة العليا خاصة، سيتغير الوضع، خصوصاً بعد أن أخذ المسؤولون الرسميون، أمثال نتنياهو وأوحانا وغيرهما، يلمحون إلى أنهم «لن يمتثلوا لقرارات معينة للمحكمة العليا».

وتم الكشف (الخميس) عن رسالة جرى تناقلها عبر البريد الإلكتروني الداخلي لمكتب كبير لمحامين في تل أبيب يضم مسؤولين سابقين في النيابة العسكرية، جاء فيها: «لمن يهمه الأمر، على أثر إلحاق الضرر بالمحكمة العليا، يوجد احتمال كبير اليوم أن من يؤدي الخدمة العسكرية في المناطق (الضفة الغربية) ويتم تصويره ووجهه مكشوف سيكون معرضاً للاعتقال في أوروبا وأماكن أخرى بشبهة المشاركة في ارتكاب جرائم حرب. وفي هذه الحالة سيكون من الصعب جداً تقديم المساعدة إذا تم المساس بمكانة المحاكم الإسرائيلية. فما دام لم يتم إلغاء جميع الخطوات التي تُلحق الضرر بالمحكمة العليا وجهاز المحاكم، فإن هذا الخطر سيكون قائماً وملموساً وحقيقياً. ويوصى الجميع بعدم الانصياع للدعوة إلى الخدمة في الاحتياط».

وقد وقعّ الرسالة المحامي روني بركمان، الذي ترافع في الكثير من القضايا الدولية، والخبير في القانون الدولي في ما يتعلق بمحاكمة أعضاء في القوات المسلحة بتهم جرائم الحرب.

احتجاج جنود احتياط إسرائيليين على حكومة نتنياهو في فبراير الماضي (أ.ب)

وفي رسالة أخرى، وقَّعها 1340 ضابطاً وجندياً من قدامى وحدة العمليات الخاصة في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش، هوجم خطاب رئيس الكنيست أمير أوحانا، الذي هدد بأن «الكنيست لن يقبل الدوس عليه بخنوع إذا رفضت المحكمة العليا تمرير تعديل قانون الأساس»، ورأى الموقعون في هذا الكلام إعلاناً واضحاً وسافراً لرئيس الكنيست، بأنه لن يحترم حكم المحكمة العليا».

وتابعوا: «نعرف أن الحكومة التي لا تطيع المحكمة العليا ستجد نفسها في صباح اليوم التالي من دون جيش، من دون الشاباك، ومن دون موساد».

تمرُّد على المحكمة

كان أوحانا قد صدم الجمهور الإسرائيلي بخطابه الذي هدد فيه بالتمرد على قرارات المحكمة، فقال: «إذا رأت المحكمة العليا أن القوانين الأساسية ليس لها وضع خاص، وبالتالي لها صلاحية إلغائها أو تغييرها بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك تاريخ دخولها حيز التنفيذ، فإن جميع الأحكام التي أبطلتها المحكمة العليا، على مر السنوات -قوانين وقرارات الكنيست والحكومة بموجب قوانين الأساس– باطلة وملغاة، وإلا كيف ستفسرون جدواها القانونية؟».

جنود احتياط إسرائيليون يغلقون مدخل قاعدة عسكرية 18 يوليو احتجاجاً على خطط حكومة نتنياهو للقضاء (أ.ب)

في السياق، كشفت مصادر مطلعة أنه خلال مداولات مغلقة وهيئات سرية في الجيش الإسرائيلي والنيابة العامة، وكذلك في شهادات سرية أمام المحكمة العليا، أكد الكثير من خبراء القانون أن الملاحقة القضائية لن تكون ضد الطيارين فقط الذين ينفّذون غارات على قطاع غزة، وإنما ضد جميع الجنود الإسرائيليين. وأن الخطر أعلى بكثير على ضباط وجنود ليسوا جزءاً من سلاح الجو ولا يعملون في السر. والسبب أنهم معرضون بشكل واسع للكاميرات التي لا تسيطر عليها الرقابة العسكرية.

وقد أدى هذا التخوف إلى مداولات سرّية في إسرائيل، بمشاركة النيابة العامة العسكرية وهيئة الأركان العامة ومسؤولين كبار في وزارة القضاء ومكتب المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، بصفتها مسؤولة عن النيابة العسكرية. ووصفت الجهات العسكرية هذه المخاطر، بأنها «البعد الرابع» الذي ينبغي التدقيق به على أثر الأزمة السياسية في إسرائيل وعواقبها الداخلية والخارجية.

وقدم المدير السابق للدائرة الدولية في النيابة العامة الإسرائيلية، غال لافارطوف، إفادة للمحكمة العليا، مؤخراً، قال فيها إنه «في جميع الحالات التي اعتنينا بها، تمكنّا من إغلاق الملفات وشطب الإجراءات الجنائية، لأننا استندنا إلى الادعاء المركزي، بأن لدينا جهاز قضاء مستقلاً بإمكانه اتخاذ إجراءات جنائية بنفسه ضد مواطنين، مهما كانوا رفيعي المستوى، ومن ضمنهم قادة أو ضباط الجيش، إذا خالفوا القانون».

رئيس «الشاباك» الحالي رونين بار (يمين نتنياهو) في زيارة ميدانية (مكتب الصحافة الحكومي)

أبرتهايد في الضفة

وأفاد موقع «واينت» الإلكتروني، أنه عقب أقوال رئيس الموساد الأسبق، تمير باردو، إن إسرائيل تمارس سياسة أبرتهايد في الضفة الغربية، عبَّر مسؤولون إسرائيليون وخبراء في القانون الدولي، عن تخوف بعد التصريحات العنصرية ضد الفلسطينيين التي يطلقها مسؤولون سابقون في جهاز الأمن ووزراء، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.

وحذروا من أن إسرائيل تقترب من إجراءات جنائية ضدها في محاكم دولية. وقال الموقع، إن تصريحات سموتريتش حول «محو بلدة حوارة» الفلسطينية، وهو وزير للمالية ويشغل منصب وزير ثانٍ في وزارة الدفاع، وتصريحات بن غفير، التي قال فيها إن «حقي وحق زوجتي وأولادي بالتجول في يهودا والسامرة، أهم من حق العرب بالتنقل»، تعزز الاتهامات لإسرائيل بأنها تمارس «سياسة أبرتهايد».


مقالات ذات صلة

برمجة إيرانية أتاحت لـ«حماس» معلومات عن آلاف الجنود الإسرائيليين

شؤون إقليمية موظفة في قسم السايبر في الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - حساب الناطق)

برمجة إيرانية أتاحت لـ«حماس» معلومات عن آلاف الجنود الإسرائيليين

كشف خبراء سايبر في تقارير نُشرت في ثلاث صحف كبرى عن برمجة إيرانية أتاحت لـ«حماس» نشر معلومات شخصية عن جنود في الشبكات الاجتماعية تشكل مصدر تهديد لهم ولعوائلهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فيديو مسرب نشرته صحيفة «الغارديان» مايو الماضي لمجزرة التضامن عام 2013

تحقيقات ألمانية - سويدية تقود لاعتقال 8 متهمين بجرائم حرب في سوريا

أوقفت ألمانيا والسويد 8 متهمين بارتكاب جرائم حرب في سوريا خلال الانتفاضة الشعبية عام 2011، بينهم ضابط مخابرات سوري وأعضاء من ميليشيات «حركة فلسطين الحرة».

راغدة بهنام (برلين)
المشرق العربي صورة أرشيفية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع وزير دفاعه يوآف غالانت (رويترز)

قانون إسرائيلي يعاقب المحكمة الجنائية الدولية

يدفع حزب «الليكود» الحاكم في إسرائيل بمشروع قانون يهدف إلى تقويض تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية بجرائم حرب إسرائيلية محتملة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا رئيس «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير» مازن درويش يتحدث إلى الإعلاميين بعد قرار محكمة الاستئناف في باريس حيال محاكمة الرئيس السوري على جرائم حرب (إ.ب.أ)

القضاء الفرنسي يثبت مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري

صادقت محكمة الاستئناف في باريس على مذكرة التوقيف التي أصدرها قضاة تحقيق بحق الرئيس السوري و3 من نظامه بالمسؤولية عن هجمات كيماوية استهدفت الغوطة الشرقية 2013

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا محكمة استوكهولم حيث عقدت جلسة محاكمة ضابط سوري سابق بتهمة ارتكاب جرائم حرب 20 يونيو 2024 (إ.ب.أ)

السويد: براءة ضابط سوري سابق من تهمة ارتكاب جرائم حرب

برّأت محكمة في ستوكهولم الخميس ضابطاً سورياً سابقاً من تهمة ارتكاب جرائم حرب في سوريا عام 2012 معتبرة أنّ الأدلّة بشأن ضلوعه غير كافية.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

خامنئي يصادق غداً على رئاسة بزشكيان

صورة نشرها مكتب خامنئي خلال مقابلة صحافية مع بزشكيان (موقع المرشد)
صورة نشرها مكتب خامنئي خلال مقابلة صحافية مع بزشكيان (موقع المرشد)
TT

خامنئي يصادق غداً على رئاسة بزشكيان

صورة نشرها مكتب خامنئي خلال مقابلة صحافية مع بزشكيان (موقع المرشد)
صورة نشرها مكتب خامنئي خلال مقابلة صحافية مع بزشكيان (موقع المرشد)

تبدأ، الأحد، مهمة الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، حين تُقام مراسم المصادقة عليه، برعاية المرشد علي خامنئي، بينما تفيد تقارير بأنه بات قريباً من إعلان وزرائه الجدد.

وقالت وكالة «مهر» الحكومية، السبت، إن مراسم المصادقة ستقام الأحد في العاشرة صباحاً، برعاية خامنئي، بحضور مسؤولين وعسكريين ورؤساء وأساتذة، وممثّلي مختلف النقابات في طهران بحسينية الخميني، التابعة لمكتب خامنئي.

وأوضحت الوكالة الإيرانية أن «خامنئي سيصادق علی قرار تنصیب مسعود بزشكيان رئیساً لإيران».

بزشكيان يحمل صورة تجمعه مع خامنئي حين كان وزيراً للصحة (موقع المرشد)

وسيقدّم وزير الداخلية في المراسم «تقريراً عن عملية إجراء الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات الرئاسية الـ14، وبعد تنفیذ قرار التنصیب سیُلقي کل من خامنئي وبزشكیان کلمة في هذه المراسم، وفقاً لـ«مهر».

ونشرت مواقع إيرانية صورة من تجهيز مرسوم رئاسة بزشكيان، الذي حالما ينتهي سيتوجه إلى البرلمان لأداء اليمين الدستورية.

ووفقاً للدستور الإيراني، فإن بزشكيان عليه أن يتلو كلمات خلال القسم، منها: «بصفتي رئيساً للجمهوریة، أقسم أمام القرآن الکریم وشعب إيران، بأنني سوف أحرس الدين الرسمي والنظام ودستور البلاد، وأستثمر كل ما لديّ من قدرات وإمكانات بالمسؤوليات المُلقاة علی عاتقي، وأَنذر نفسي لخدمة الشعب وازدهار البلاد، ونشر الدين والأخلاق، وأدعم الحق والعدالة».

وبعد مراسم التنصيب يكون أمام الرئيس الجديد أسبوعان لتقديم برنامجه، والوزراء المقترَحين إلى البرلمان الإيراني.

وكان بزشكيان شدّد على «اتّباع النهج العام» لخامنئي. وقال خلال مقابلة صحافية نشرها، الجمعة، موقع المرشد، إنه «قام بمراجعة التشكيلة النهائية للحكومة بمساعدة مستشاريه، ومن ثم سيتوجه في المرحلة الأخيرة إلى خامنئي، وبالتنسيق والتشاور معه سيصل إلى خلاصة نهائية بشأن تشكيلة الحكومة».

الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان يُلقي خطاباً أمام البرلمان الأحد (ميزان)

«وفاق وطني»

وزعم بزشكيان أنه يسعى إلى تشكيل حكومة «وفاق وطني»، مُبدِياً تمسّكه بشعار «عدم إدارة البلاد من قِبل مجموعة أو فصيل واحد».

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن بزشكيان قوله، لمجموعة من مسؤولي حملته الانتخابية في أنحاء البلاد، إن المسؤولين والشخصيات السياسية جميعهم يحاولون عقد اجتماعات معه، في حين يعمل على اختيار تشكيلته الوزارية.

وفاز بزشكيان في جولة الإعادة التي جرت في 5 يوليو (تموز) الحالي، وبلغت نسبة المشاركة فيها 50 في المائة، وفق الأرقام الرسمية، وذلك بعدما تقدّم بنحو 42 في المائة خلال الجولة الأولى، التي بلغت نسبة المشاركة فيها 39.9 في المائة، وهي أدنى مشاركة في الاستحقاقات الانتخابية الإيرانية.

وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت، الأسبوع الماضي، عن 5 مسؤولين إيرانيين، بينهم اثنان من المقرّبين من الدائرة الداخلية لخامنئي، أن الأخير مهّد الطريق أمام معتدِل مغمور لكن موثوق به، وهو مسعود بزشكيان، للصعود إلى الرئاسة، في سباق هيمن عليه المحافظون المتشدّدون، وذلك بعدما اطّلع على تقرير استخباراتي توقّع مشاركة 13 في المائة من الإيرانيين في الانتخابات.

وقالت المصادر إن السجل المعتدل لبزشكيان من شأنه إرضاء الإيرانيين الساخطين، وضمان الاستقرار الداخلي، وسط تصاعُد الضغوط الخارجية، كما يوفر لخامنئي حليفاً موثوقاً به في اختيار خليفة له في نهاية المطاف.