بايدن يعلن إقامة نصب تذكاري على مليون فدان في «غراند كانيون»

القرار يوقف نشاط تعدين اليورانيوم في المنطقة ويثير غضب الجمهوريين 

صورة أرشيفية  لـ«غراند كانيون» من فبراير 2018 (رويترز)
صورة أرشيفية لـ«غراند كانيون» من فبراير 2018 (رويترز)
TT

بايدن يعلن إقامة نصب تذكاري على مليون فدان في «غراند كانيون»

صورة أرشيفية  لـ«غراند كانيون» من فبراير 2018 (رويترز)
صورة أرشيفية لـ«غراند كانيون» من فبراير 2018 (رويترز)

في محاولة للدفع بأجندته لمكافحة التغير المناخي، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته لولاية أريزونا الثلاثاء عن إقامة نصب تذكاري وطني جديد لحماية ما يقرب من مليون فدان من الأراضي المحيطة بمتنزّه غراند كانيون الوطني في ولاية أريزونا، وهو ما يعني وقف أنشطة تعدين اليورانيوم في المنطقة والحفاظ على البيئة الأميركية للقبائل الأصلية من الهنود الحمر، التي كانت تعيش في المنطقة.

وقال علي زيدي مستشار شؤون المناخ في البيت الأبيض للصحافيين يوم الاثنين إن النصب التذكاري الجديد سيقام على مساحة حوالي 1562 ميلاً مربعاً (4046 كيلومتراً مربعاً) خارج متنزّه غراند كانيون الوطني وسيحمل اسم «باج نوافجو إيتاه كوكفينى». و«Baaj Nwaavjo» تعني «حيث تتجول القبائل» التي يمكن ترجمتها إلى «آثار أقدامنا» بلغة قبيلة هوبي، إحدى قبائل الهنود الحمر الأصليين التي سكنت المنطقة.

الرئيس الأميركي لحظة وصوله إلى مطار متنزّه غراند كانيون في أريزونا (رويترز)

ويشارك في الاحتفال بإنشاء النصب التذكاري الجديد ممثلو مختلف قبائل شمال ولاية أريزونا وقبائل كولورادو الهندية. وأوضح أن هذا النصب الجديد سيكون خامس نصب تذكاري يقيمه الرئيس بايدن خلال ولايته، وهو ما يعزز هدف إدارته في حماية 30 بالمائة من أراضي ومياه الولايات المتحدة بحلول 2030. وقالت وزيرة الداخلية ديب هالاند إن إنشاء النصب التذكاري «يحمي تاريخ سكان قبائل الأميركيين الأصليين وله أهمية تاريخية وعلمية للأجيال القادمة».

ويأتي القرار استجابة من إدارة بايدن لدعوات منظمات بيئية لحماية المنطقة المحيطة بمتنزّه غراند كانيون في مواجهة ضغوط من المشرعين الجمهوريين وشركات التعدين الكبرى، التي تسعى لاستغلال المنطقة لاستخراج اليورانيوم، خاصة من منجم بينيون بلين الشهير بالمنطقة.

ويشدد الجمهوريون على الفوائد الاقتصادية لصناعات التعدين، بوصفها «مسألة تتعلق بالأمن القومي الأميركي من منطلق الاعتماد على المنتج المحلي من اليورانيوم بدلا من استيراده من دول مثل روسيا».

مواطنون أميركيون يتابعون الرئيس بايدن عند وصوله إلى «غراند كانيون» (أ.ب)

وعرقل لوبي شركات التعدين تمرير تشريعات لحماية البيئة في المنطقة. وأدت ضغوط الجمهوريين في الكونغرس إلى تأجيل إنشاء نصب تذكاري لحماية المنطقة، وتراجع الرئيس الأسبق باراك أوباما عن ذلك في مواجهة اعتراض حاكم أريزونا الجمهوري في ذلك الوقت وأعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ. واكتفى أوباما بفرض حظر للتعدين في عام 2012 لمدة عشرين عاما.

واختلف الأمر من إدارة أوباما إلى إدارة بايدن، حيث دعمت حاكمة أريزونا الديمقراطية كاتي هوبس والسيناتور الديمقراطي مارك كيلي والسيناتورة المستقلة كيرستين سينيما، إنشاء النصب التذكاري الجديد، لكن معارضة شركات التعدين لا تزال عالية الصوت. وأشار باستر جونسون، المشرف على مقاطعة موهافي، إلى أن النصب التذكاري «ستتم إقامته بدافع سياسي فقط، وكان ينبغي عقد جلسة استماع أخرى بشأن هذه المسألة». وقال: «لا أرى الهدف من عدم الاستفادة من اليورانيوم وجعل البلاد أقل اعتماداً على روسيا، نحن بحاجة إلى اليورانيوم لأمن بلدنا».

صورة من الطائرة الرئاسية الأميركية لمنطقة غراند كانيون (أ.ب)

وانتقدت شركات تعدين كبرى خطوة الرئيس بايدن، وقالت شركة «إنرجي فيولز للتعدين»، إن الولايات المتحدة غنية باليورانيوم لكن المحطات النووية الأميركية لا تستخدم اليورانيوم المحلي، بل تستورده من روسيا وحلفائها، وانتقدت الشركة أجندة بايدن المناخية، وقالت: «تهدف إدارة بايدن إلى دعم الطاقة النووية والنظيفة لكن إنشاء نصب تذكاري سيئ التصميم يعيق تلك الجهود».

وجادل معارضو إنشاء النصب التذكاري بأنه لن يساعد في مكافحة الجفاف المستمر، ويمكن أن يمنع ترقق الغابات ويمنع الصيادين من إبقاء مجموعات الحياة البرية تحت السيطرة. يقول مزارعو الماشية في ولاية يوتا بالقرب من حدود أريزونا إن تسمية النصب التذكاري ستجردهم من الأراضي المملوكة ملكية خاصة لهم.

مشهد جوي آخر لمنطقة غراند كانيون (أ.ب)

وفي المقابل حذرت منظمات حماية البيئة من صناعات التعدين لاستخراج اليورانيوم، التي تؤثر سلبا على الأشجار والبيئة الحيوانية في المنطقة، وتتسبب في مخاطر تلوث المياه. ووجدت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية في عام 2021، أن معظم الينابيع والآبار في منطقة شاسعة من شمال أريزونا مشبعة بخام اليورانيوم الملوث لمياه الشرب، والذي يخالف المعايير الفيدرالية.


مقالات ذات صلة

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

كشفت صحيفة «بوليتيكو» أن الرئيس الأميركي سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا، يوم الاثنين، حيث سيدعم تحديد فترات ولاية القضاة وقواعد أخلاقية قابلة للتنفيذ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

أمر الرئيس جو بايدن بحماية اللبنانيين الموجودين على الأراضي الأميركية من خطر الإبعاد مدة تصل إلى 18 شهراً، فيما يؤثر على زهاء 12 ألف شخص، بينهم 1700 طالب.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن في 5 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

هاريس تقترب من انتزاع الترشيح الديمقراطي بعد تأييد أوباما

حظيت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، على تأييد الرئيس الأسبق باراك أوباما لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

ترمب لن يناظر هاريس قبل تثبيت الحزب الديمقراطي ترشيحها رسمياً

أعلنت الحملة الانتخابية لدونالد ترمب أن الرئيس الأميركي السابق يرفض في الوقت الراهن تحديد أيّ جدول زمني لمناظرة منافسته الديمقراطية المفترضة كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

لم تمض سوى أيام، على اختيار السيناتور عن ولاية أوهايو، جيمس دي فانس، نائباً للمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، على بطاقة السباق الرئاسي، حتى بدأت الاعتراضات تتصاعد عن احتمال أن يكون هذا الاختيار خاطئاً؛ فقد أعرب العديد من أعضاء الحزب الجمهوري عن استيائهم منه، بعد انتشار مقاطع فيديو قديمة وثقت انتقاده من وصفهن بـ«نساء القطط»، في إشارة إلى نساء الحزب الديمقراطي. ونشرت العديد من الصحف الأميركية، بينها مجلة «بوليتيكو» وصحيفة «نيويورك تايمز»، تصريحات مسؤولين جمهوريين، ورسائل بريد إلكتروني ونصية، تشير إلى تحولاته السياسية من خصم قوي لترمب إلى نائب له، وتحولاته «الثقافية» بعد تأييده الحظر الذي فرضته ولاية أركنساس عام 2021 على الرعاية الصحية للمتحولين جنسياً.

نساء القطط

تقول مجلة «بوليتيكو»، إن فانس واجه أسبوعاً صعباً بعد انتشار تصريحات قديمة، يصف فيها نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، وديمقراطيات أخريات بأنهن «نساء قطط بلا أطفال»، ويقترح أن الآباء يجب أن «يتمتعوا بسلطة سياسية أكبر» ممن لا أطفال لهم.

دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأضافت المجلة أن جمهوريين أعلنوا عن إحباطهم وقلقهم من تلك التصريحات (الحديثة نسبياً)، من بينهم المعلق المحافظ بن شابيرو الذي تساءل عما إذا كان يجب على ترمب اختيار فانس، قائلاً: «إذا كانت هناك آلة زمن، وإذا عاد الوقت أسبوعين إلى الوراء، فهل كان ترمب سيختار جي دي فانس مرة أخرى؟ أشك في ذلك».

وتساءل جمهوريون آخرون عما إذا كانت حملة ترمب قد توقعت حقاً الموجة العارمة من التعليقات القديمة للسيناتور فانس، وعمّا إذا كان انسحاب الرئيس الديمقراطي جو بايدن من السباق، وحلول كامالا هاريس شبه المؤكد على بطاقة السباق، من شأنه أن يغير اختيار ترمب له؟

وقال الاستراتيجي الجمهوري من ولاية ويسكونسن، بيل مكوشين: «من بين الأشخاص الذين تم ذكرهم بوصفهم مرشحين محتملين لتولي منصب نائب ترمب، كان فانس أكبر مخاطرة، لأنه لم يتم اختباره على المستوى الوطني من قبل». وأضاف: «سنرى خلال الأيام الـ100 المقبلة كيف سيصمد تحت الأضواء الساطعة في الحملة الانتخابية».

دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية (أرشيفية - أ.ب)

لا يوجد جمهوري يدعمه

قال أحد أعضاء مجلس النواب الجمهوريين إن هذه المخاوف لم تأت فقط من المنتقدين، متسائلاً: «اعثر لي على مسؤول منتخب علناً في مجلس الشيوخ يدعم جي دي فانس، غير السيناتور مايك لي».

وتأتي هذه التعليقات، فيما حملة هاريس تحطم أرقاماً قياسية في جمع التبرعات، وتقدمها في استطلاعات الرأي، مزيلة تفوق ترمب السابق. وفي ردها على تعليقات فانس، أصدرت حملة هاريس بياناً بعنوان «يوم سعيد للتلقيح الاصطناعي للجميع باستثناء جيه دي فانس».

ومنذ أن بدأت هاريس حملتها الانتخابية، بدأ الديمقراطيون في شن هجمات على فانس، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن هذه الهجمات بدأت تؤثر عليه. وقال محلل شبكة «سي إن إن»، هاري إنتن، إن فانس «حصل على نسبة تأييد (سالب 5 في المائة) في استطلاعات الرأي، وهو أقل من أي مرشح لمنصب نائب الرئيس في التاريخ».

وكانت شعبية فانس أقل بنحو 3 نقاط مئوية في استطلاعين للرأي أصدرتهما هذا الأسبوع صحيفة «نيويورك تايمز/كلية سيينا»، والإذاعة الوطنية «إن بي آر» مع «بي بي إس نيوز/ كلية ماريست»، حيث وجد الأخير أن 28 في المائة من الناخبين المسجلين لديهم وجهة نظر إيجابية لفانس، بينما نظر إليه 31 في المائة بشكل سلبي، و41 في المائة غير متأكدين أو لم يسمعوا عنه.

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

المعركة تغيرت

يقول خبراء إن اختيار فانس جاء خلال مرحلة مختلفة تماماً من السباق الرئاسي، حين كانت المنافسة بين بايدن وترمب قبل أسبوع واحد فقط، كوسيلة لتنشيط قاعدة كانت بالفعل موحدة بقوة خلف ترمب بدلاً من استقطاب أي دوائر انتخابية جديدة.

وقال جوشوا نوفوتني، وهو استراتيجي جمهوري: «لم يكن فانس اختياراً سياسياً. لم يتم اختياره للحصول على أفضلية في بعض المجالات، بل تم اختياره كشخص يثق به ترمب، ويريد أن يخدم معه».

ورغم ذلك، يصر ترمب على أنه «لا يشعر بأي ندم» على اختياره لفانس. وقال لشبكة «فوكس نيوز»، الخميس، إنه لم يكن ليختار بشكل مختلف، حتى لو كان يعلم أن هاريس ستكون هي مرشحة الديمقراطيين.

ويخشى الجمهوريون من أن يؤدي التركيز على سجل فانس وتعليقاته اليمينية المتشددة، تجاه قضايا الإجهاض والمرأة والجندر والمتحولين جنسياً، إلى حرمانهم، ليس فقط من الفوز في انتخابات الرئاسة، بل خسارة سباقات مهمة في مجلسي الشيوخ والنواب أيضاً. وغني عن الذِّكْر أن المعارك الانتخابية تدور على الفوز فيما يسمى بالولايات المتأرجحة، وغالبيتها تضم ناخبين لا يحملون توجهات اجتماعية متشددة، وقد لا يكفي تحريضهم على قضايا الاقتصاد وأمن الحدود، للفوز بأصواتهم.