اليمن يقترب من إغلاق ملف تهديد «صافر»

بعد نحو عامين من الجهود الأممية والإقليمية والدولية

الناقلة البديلة «نوتيكا» التي وصلت إلى سواحل رأس عيسى بالحديدة (الأمم المتحدة)
الناقلة البديلة «نوتيكا» التي وصلت إلى سواحل رأس عيسى بالحديدة (الأمم المتحدة)
TT

اليمن يقترب من إغلاق ملف تهديد «صافر»

الناقلة البديلة «نوتيكا» التي وصلت إلى سواحل رأس عيسى بالحديدة (الأمم المتحدة)
الناقلة البديلة «نوتيكا» التي وصلت إلى سواحل رأس عيسى بالحديدة (الأمم المتحدة)

أعلن ديفيد غريسلي، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، وصول الناقلة البديلة «نوتيكا» بأمان إلى جوار ناقلة النفط المتهالكة «صافر»، الراسية قبالة سواحل رأس عيسى بمحافظة الحديدة على البحر الأحمر.

ولم تخضع الناقلة «صافر»، التي صُنعت قبل 47 عاماً وتُستخدم بوصفها منصّة تخزين عائمة، لأية صيانة منذ 2015 بعد سيطرة جماعة «الحوثي» الانقلابية على محافظة الحديدة، ما أدّى الى تآكل هيكل الناقلة وتردّي حالتها.

وقادت «الأمم المتحدة»، بمعونة عدة دول؛ على رأسها بريطانيا وهولندا، جهوداً، خلال العامين الماضيين، لجمع التمويل المقدَّر بنحو 142 مليون، لصيانة ونقل النفط الخام من الناقلة «صافر» إلى ناقلة جديدة جرى شراؤها مؤخراً لهذا الغرض.

منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لدى اليمن ديفيد غريسلي وهو يصعد على متن الناقلة البديلة «نوتيكا» (الأمم المتحدة)

وقال غريسلي، في تغريدة على حسابه بـ«تويتر»، إن الناقلة الجديدة «رست بأمان، إلى جانب (صافر)، في وقت مبكر من يوم أمس السبت»، متوقعاً بدء نقل النفط المقدَّر بـ1.1 مليون برميل إلى الناقلة الآمنة «قريباً».

المنسق المقيم لـ«الأمم المتحدة» للشؤون الإنسانية قدَّم الشكر «لجميع المساهمين الذين ساعدوا في الوصول إلى هذه النقطة المهمة»، على حد تعبيره.

في موازاة ذلك، انتقد ناشطون يمنيون ما سمّوه عملية «تسليم» الناقلة الجديدة، لجماعة «الحوثي» الانقلابية، والمخاوف من استخدامها ورقة ابتزاز جديدة، خلال الفترة المقبلة.

تأتي هذه الانتقادات بعد أن نقلت وكالة «سبأ»، التابعة لجماعة «الحوثي» الإرهابية، خبراً تزعم فيه توقيع «الأمم المتحدة» اتفاقية مع الجماعة، لنقل ملكية السفينة البديلة «نوتيكا» إلى سيطرتها.

الناقلة الجديدة «نوتيكا» التي سيجري نقل نحو 1.1 مليون برميل من النفط الخام على متنها (الأمم المتحدة)

وأظهرت صور من فوق متن الناقلة الجديدة، لمنسق «الأمم المتحدة» للشؤون الإنسانية ديفيد غريسلي، أثناء التوقيع مع أحد ممثلي الجماعة الحوثية يُدعى إدريس الشامي.

وتساءل عبد القادر الخراز، وهو أستاذ جامعي في كلية علوم البحار بالحديدة، عن المغزى من التصريحات الحوثية بنقل ملكية السفينة الجديدة إلى سلطتهم! وقال، عبر حسابه بـ«تويتر»: «ماذا يعني هذا التصريح؟ وهل ستغادر (نوتيكا) بعد نقل النفط إليها من (صافر)، ونتخلص من الكارثة، أم ستبقى إلى جوار القنبلة العائمة (صافر)؟ وهل هذا يُعد تسليم الفزاعة الثانية (نوتيكا) إلى ميليشيا الحوثي من الأمم المتحدة باليمن؟».

في حين استغرب كامل الخوداني، وهو قيادي في المقاومة الوطنية التي يرأسها عضو «مجلس القيادة الرئاسي» طارق صالح، هذه الخطوة، قائلاً: «سيجري نقل النفط من (صافر)، ويتم إصلاحها وتُسلَّم للحوثي، إلى جانب (نوتيكا)، ومعهما مُعدات حديثة بملايين الدولارات».

سفينة الدعم «إنديفير» التي وصلت إلى سواحل رأس عيسى (الشرق الأوسط)

كانت «الأمم المتحدة» قد أكدت، في وقت سابق، أنه، وحتى بعد عملية نقل النفط، ستبقى الناقلة «صافر» تشكل تهديداً بيئياً، مبيِّنة الحاجة إلى 28 مليون دولار إضافية لسحب الناقلة «صافر» إلى باحة إنقاذ لإعادة تدويرها، وربط الناقلة البديلة بأمان إلى عوامة مرساة، لضمان التخزين الآمن للنفط.

وتفيد «الأمم المتحدة» بأنه في حال حدوث تسرب نفطي من الناقلة المتهالكة «صافر»، سيؤدي ذلك لأكبر كارثة بيئية في المنطقة والعالم، حيث إن البقعة النفطية يمكن أن تطول، إضافة إلى الساحل اليمني، سواحل السعودية وإريتريا وجيبوتي والصومال، وستبلغ تكلفة تنظيف المياه نحو 20 مليار دولار.

شركة الإنقاذ البحري «سمت»، وهي من الكيانات التابعة لشركة «بوسكالز»، قامت بتثبيت «صافر» مُنذ وصولها إلى الموقع، في 30 مايو (أيار) الماضي.

إلى ذلك، أكد أكيم ستاينر، الإداري في «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»، أن «إزالة التهديد الذي يشكله الخزان (صافر) سيكون إنجازاً كبيراً لعدد من الأشخاص الذين عملوا بلا كلل في هذا المشروع المعقد والصعب على مدار شهور وسنوات، للوصول بنا إلى هذه النقطة».

وأضاف: «لن نرتاح حتى يزول هذا التهديد، ونحن اليوم على وشك بدء العملية».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.