مؤتمر إقليمي في شرم الشيخ يبحث تنسيق مكافحة جرائم الاتجار بالبشر

الأمم المتحدة: النساء والفتيات يمثلن 60 % من الضحايا

صور لافتتاح المؤتمر (أ.ش.أ)
صور لافتتاح المؤتمر (أ.ش.أ)
TT

مؤتمر إقليمي في شرم الشيخ يبحث تنسيق مكافحة جرائم الاتجار بالبشر

صور لافتتاح المؤتمر (أ.ش.أ)
صور لافتتاح المؤتمر (أ.ش.أ)

بمشاركة ممثلين عن 20 دولة، انطلقت أعمال المؤتمر الإقليمي للتعاون الدولي في المسائل الجنائية المتعلقة بـ«التحقيق في الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، ومقاضاة مرتكبيها»، الاثنين، بمدينة شرم الشيخ المصرية، الذي ينظمه مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والمكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالتعاون مع اللجنة الوطنية التنسيقية المصرية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.

ويعد المؤتمر الذي تم تنظيمه في إطار البرنامج الإقليمي الذي يموله الاتحاد الأوروبي «تفكيك الشبكات الإجرامية لتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر في شمال أفريقيا»، وتستمر فعالياته 4 أيام: «علامة بارزة» في الجهود الجماعية لمكافحة ومنع الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، حسب الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كريستينا ألبرتين، التي أكدت في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية أنه «لا يوجد بلد ولا مجتمع ولا حدود بمنأى عن الأثر المدمر للأنشطة الإجرامية المنظمة، لا سيما جرائم الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين».

وأشارت إلى أن مشاركة كثير من البلدان والمناطق المرتبطة بتدفقات وطرق الهجرة في المؤتمر، علامة مطمئنة على الالتزام الجماعي بالعمل معاً لإنهاء ومكافحة الجرائم المنظمة عبر الحدود، مشددة على الحاجة إلى مزيد من التعاون القضائي الدولي لمنع هذه الجرائم والتحقيق فيها، ومقاضاة مرتكبيها بشكل فعال.

صور لافتتاح المؤتمر (أ.ش.أ)

ووفق أحدث بيانات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، لا تزال النساء والفتيات معرضات للخطر بشكل خاص؛ حيث يمثلن 60 في المائة من ضحايا الاتجار بالبشر، وتم الاتجار بمعظم النساء والفتيات اللائي تم اكتشافهن لأغراض الاستغلال الجنسي، في حين يتم الاتجار بالرجال والفتيان بشكل أساسي للعمل القسري، كما أشارت المسؤولة الأممية.

وتظهر الاتجاهات الأخيرة أن مناطق المنشأ الرئيسية المحددة للأشخاص المهربين على الصعيد العالمي هي: القرن الأفريقي، وغرب وشمال أفريقيا، وأميركا الوسطى، وأجزاء من الشرق الأوسط، ومناطق في جنوب وغرب وشرق وجنوب شرقي آسيا، وأوضحت المسؤولة أن الأشخاص المهرَّبين القادمين من القرن الأفريقي -على سبيل المثال- يسافرون عبر إحدى الطرق الرئيسية الثلاث المحددة، إلى دول مجلس التعاون الخليجي، أو جنوب أفريقيا، أو شمال أفريقيا، أو أوروبا.

وتعد جرائم الاتجار بالبشر من أكثر الجرائم المنظمة المدرة للربح؛ حيث تحقق أنشطتها أرباحاً طائلة تقدر بمليارات الدولارات، وفق المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مصر، الذي أشار إلى تقرير الخارجية الأميركية الصادر في 2022، والذي ذكر أن تلك الجرائم تولد 150 مليار دولار من الأرباح غير الشرعية لمرتكبي هذه الجرائم ومن يسهلون ارتكابها؛ لذلك دائماً ما يلجأ المجرمون إلى إخفاء تلك المتحصلات وغسلها.

وتطرق خليل في كلمته إلى أبرز نتائج تقرير التطبيقات حول غسل الأموال الناتج عن جريمتي الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، الصادر عن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في أواخر عام 2021؛ حيث أشار إلى أن جريمة تهريب المهاجرين تعد من الجرائم الأكثر شيوعاً في منطقة القرن الأفريقي وشمال أفريقيا، وذلك للقرب الجغرافي من القارة الأوروبية؛ كما أنه من أبرز النتائج التي تم التوصل إليها، من خلال دراسة عدد من الحالات العملية لدول المنطقة في هذا الشأن، وجود ارتباط وثيق بين تهريب المهاجرين والحجز مقابل الفدية، إذ قد يتعثر بعض الأشخاص الراغبين في الهجرة غير الشرعية في دفع المستحقات أثناء الرحلة للمهربين، ويتم حجزهم والاتصال بذويهم لدفع مقابل مادي لإخلاء سبيلهم.

وأشار رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إلى ضرورة توفر التعاون الفعال على المستوى المحلي، بين كافة الأجهزة المعنية، لمواجهة تلك الجرائم، وكذا تعزيز التعاون بين البلدان.

بدوره، أكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية، ورئيس قطاع الشؤون القانونية بالجامعة، السفير محمد الأمين ولد أكيك، أنه آن الأوان للعالم الذي أدرك خطورة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، أن يدرك ويعالج الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الظاهرة، وعدم الاكتفاء بمعالجة الأعراض والنتائج، ألا وهي: الفقر في البلدان المعنية، وانعدام الأمل، وتفشي البطالة، وانعدام الديمقراطية، وانعدام التوزيع العادل للثروة؛ ليس فقط على المستوى الوطني؛ بل على المستوى العالمي، وانعدام أسباب الحياة الكريمة، وكل أسباب ومسببات الذل والإذلال والقهر.


مقالات ذات صلة

زعيم حركة «طالبان» يأمر بشن حملة صارمة على الاتجار بالبشر

آسيا الزعيم الأعلى لحركة «طالبان» هيبة الله أخوند زاده (مواقع التواصل)

زعيم حركة «طالبان» يأمر بشن حملة صارمة على الاتجار بالبشر

أصدر زعيم حركة «طالبان» الأفغانية هيبة الله أخوند زاده مرسوماً يوجه المؤسسات الحكومية لمكافحة الاتجار بالبشر في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة خلال افتتاح مؤتمر «الجمعية العامة للإنتربول» في غلاسكو ببريطانيا يوم 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء البريطاني يطالب العالم باليقظة لمواجهة مهربي البشر

قال رئيس الوزراء البريطاني إن عصابات تهريب البشر، الذين يرسلون المهاجرين عبر القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة، يشكلون تهديداً للأمن العالمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جنود يوزعون زجاجات مياه على مجموعة كانت محتجَزة لدى تجار البشر في ليبيا (لقطة من فيديو نشره النائب العام الليبي)

ليبيا تعلن عن تفكيك شبكة للإتجار في البشر

أعلن مكتب النائب العام الليبي أن السلطات فككت شبكة ضالعة في الاتجار بالبشر في منطقة بجنوب غربي البلاد.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد ينظمون مسيرة حاشدة احتفالاً بيوم الجمهورية التونسية إلى جانب احتجاج أنصار أحزاب المعارضة للمطالبة بالإفراج عن المعارضين السياسيين في البلاد (د.ب.أ)

تطورات جديدة في قضايا المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة» في تونس

أعلنت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات مكافحة الإرهاب ووحدات أمنية من النخبة في محافظات عدة ألقت مؤخراً القبض على عدد من المتهمين في قضايا إرهاب وتهريب بشر.

كمال بن يونس (تونس)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
TT

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

نالت المستشفيات في جنوب لبنان، حصتها من الحرب الإسرائيلية، باستهدافات مباشرة وغير مباشرة. ومع دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين لبنان وإسرائيل، ها هي تحاول النهوض مجدداً رغم كل الصعوبات، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل أو تعمل بأقسام محددة، وتحت الخطر.

مستشفى بنت جبيل

في بلدة بنت جبيل، عاد مستشفى صلاح غندور للعمل. ويقول مدير المستشفى الدكتور محمد سليمان: «فتحنا الأبواب في اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار، بداية مع قسم الطوارئ، الذي استقبلنا فيه حالات عدّة، وقد جرى العمل على تجهيز الأقسام الأخرى، منها قسم العمليات، الذي بات جاهزاً، إضافة إلى قسمي المختبر والأشعة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ستتمّ إعادة فتح القسم الداخلي خلال أيام، أما العيادات الخارجية فتحتاج إلى مزيد من الوقت كي تستقبل المرضى، وكذلك الصيدلية».

ويتحدَّث عن أضرار كبيرة أصابت المستشفى، قائلاً: «لكننا نعمل من أجل إصلاحها. قبل أن نُخلي المستشفى كان لدينا مخزون كافٍ من المستلزمات الطبية، وهو ما سهّل عملنا».

ومع استمرار الخروقات الإسرائيلية والمسيَّرات والطائرات الحربية التي لا تفارق الأجواء، يؤكد سليمان أن «المستشفى يعمل بشكل طبيعي، والأهم أن الطاقمين الطبي والإداري موجودان».

وكان المستشفى قد استُهدف بشكل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي تسبّب بإصابة 3 أطباء و7 ممرضين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث تمّ حينها الإخلاء، علماً بأن محيط المستشفى قُصف لمرات عدة قبل ذلك.

لكن مستشفى بنت جبيل الحكومي لم يفتح أبوابه، في حين استأنف مستشفى مرجعيون الحكومي استقبال المرضى اعتباراً من يوم الخميس، 5 ديسمبر (كانون الأول).

مستشفى ميس الجبل

«لم يُسمح لنا بالتوجه إلى ميس الجبل، لذا بقي المستشفى مقفلاً ولم نعاود فتح أبوابه»، يقول مدير الخدمات الطبّيّة في مستشفى ميس الجبل الحكومي، الدكتور حليم سعد، لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «يقع المستشفى على الحدود مباشرة، أُجبرنا على إقفال أبوابه بعد نحو أسبوع من بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقد تمّ قصفه مرات عدة، ونحن حتّى يومنا هذا لم نتمكّن من العودة إليه»، وذلك نتيجة التهديدات الإسرائيلية المستمرة في هذه المنطقة ومنع الجيش الإسرائيلي الأهالي من العودة إلى عدد من القرى، ومنها ميس الجبل.

أما مستشفى تبنين الحكومي، فإنه صامد حتّى اليوم، بعدما كان يعمل وحيداً خلال الحرب، ليغطي المنطقة الحدودية هناك كلها، علماً بأنه استُهدف مرات عدة بغارات سقطت في محيط المستشفى، كما أصابت إحدى الغارات الإسرائيلية قسمَي العلاج الكيميائي والأطفال، وأخرجتهما عن الخدمة.

النبطية

من جهتها، عانت مستشفيات النبطية طوال فترة الحرب من القصف الكثيف والعنيف في المنطقة، والدليل على ذلك حجم الدمار الهائل في المدينة وجوارها؛ ما تسبب في ضغط كبير على المستشفيات هناك.

تقول مديرة مستشفى «النجدة الشعبية» في النبطية، الدكتورة منى أبو زيد، لـ«الشرق الأوسط»: «كأي حرب لها نتائج سلبية، أثرت بنا وعلينا، خصوصاً أننا في القطاع الصحي، نعيش أساساً تداعيات أزمات كثيرة، منذ قرابة 5 سنوات، منها جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية والمالية؛ ما منعنا عن تطوير إمكاناتنا وتحسين الخدمات الطبية لمرضانا».

قوات إسرائيلية تتنقل بين المنازل المدمرة في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أثر نفسي

وتتحدَّث الدكتورة منى أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» عن أمور أساسية مرتبطة بتداعيات الحرب. وتقول: «نقطتان أساسيتان، لا بد من التطرق إليهما عند الحديث عمّا أنتجته الحرب الإسرائيلية، الأولى: الوضع النفسي لجميع العاملين في المستشفى، الذين مكثوا داخله طوال فترة الحرب التي استمرّت 66 يوماً على لبنان. وفور انتهاء الحرب، وجد بعضهم منزله مدمراً وأصبحت عائلته دون سقف أو مأوى، وفقد آخرون أحباباً وأقارب لهم».

وعلى خلفية هذا الواقع، لا يزال كثير من الأطباء خارج المستشفى، لإعادة تنظيم حياتهم؛ ما تسبب بنقص في الكادر البشري داخل المستشفى، وفق ما تؤكد الدكتورة منى، التي اضطرت لدمج أقسام وتسكير أخرى.

وعن يوم إعلان وقف إطلاق النار، تروي الدكتورة منى كيف كان وقع عودة الأهالي إلى بلداتهم وقراهم: «استقبلنا 57 مريضاً في اليوم الأول، الغالبية منهم أُصيبت بوعكة صحية جراء رؤيتهم الدمار الذي حلّ بمنازلهم وممتلكاتهم».

معاناة متفاقمة

أما النقطة الثانية التي تطرّقت إليها، فإنها تتعلق بتبعات مالية للحرب أثرت سلباً على المستشفى، إذ «في الفترة الماضية تحوّلنا إلى مستشفى حرب، ولم يكن لدينا أيّ مدخول لتغطية تكلفة تشغيل المستشفى، ومنها رواتب الموظفين» حسبما تقول.

وتضيف: «لدي 200 موظف، وقد واجهنا عجزاً مالياً لن أتمكّن من تغطيته. نمرُّ بحالة استثنائية، استقبلنا جرحى الحرب وهذه التكلفة على عاتق وزارة الصحة التي ستقوم بتسديد الأموال في وقت لاحق وغير محدد، وإلى ذلك الحين، وقعنا في خسارة ولن يكون بمقدورنا تأمين كامل احتياجات الموظفين».

وعمّا آلت إليه أوضاع المستشفى راهناً، بعد الحرب، تقول: «فتحت الأقسام كلها أبوابها أمام المرضى؛ في الطوارئ وغرفة العناية وقسم الأطفال وغيرها».

وتؤكد: «رغم الضربات الإسرائيلية الكثيفة التي أصابتنا بشكل غير مباشر، ونوعية الأسلحة المستخدَمة التي جلبت علينا الغبار من مسافات بعيدة، فإننا صمدنا في المستشفى حتّى انتهت الحرب التي لا تزال آثارها مستمرة».

صور

ولا تختلف حال المستشفيات في صور، عن باقي مستشفيات المنطقة، حيث طال القصف، وبشكل متكرر، محيط المستشفيات الخاصة الموجودة هناك، وهي 3 مستشفيات: حيرام، وجبل عامل، واللبناني الإيطالي، لكنها استمرّت في تقديم الخدمة الطبية، وكذلك المستشفى الحكومي، لكنه يعاني أيضاً كما مستشفيات لبنان بشكل عام ومستشفيات الجنوب بشكل خاص؛ نتيجة أزمات متلاحقة منذ أكثر من 5 أعوام.