من محافظة واسط «قضاء النعمانية» في العراق، حزم حقائبه لتحقيق الحلم الذي راوده مراراً وتكراراً بقضاء الركن الخامس من الإسلام غير آبهٍ بمشقّة السفر والإرهاق الذي قد يطوله في ظل كبر سنه وأوجاع المرض الذي يشعر به.
الحاج إبراهيم مراد الذي فضّل السفر براً، قاطعاً مسافة تتجاوز 510 كم من مقر سكنه إلى منفذ «جديدة عرعر»، رافضاً السفر عبر خطوط الطيران، قال لـ«الشرق الأوسط» إن رغبته الجامحة في أداء فريضة الحج التي حالت دونها خلال السنوات الماضية ظروفه الخاصة، كانت أكبر من أي إرهاق ومشقة قد يشعر بها، وقد بددتها الأضواء الساطعة للمنفذ الحدودي واقترابه من مبتغاه ممتدحاً حفاوة الاستقبال والترحيب الكبير الذي وجده، وظل يشكره كثيراً في حديثه واصفاً إياه بأنه لا يضاهَى ولا يعلى عليه شيء.
يتحدث الحاج العراقي صاحب الـ76 عاماً بأن حج هذا العام هو الأول له، وأن رحلة سفره كانت ميسّرة بالتسهيلات والخدمات المتكاملة التي وجدها، مضيفاً: «لا أعلم كيف أصف تعب الناس هنا معنا لخدمتنا منذ قدومنا عبر الحدود، حيث كانت كل الأمور ميسَّرة إلى وصولنا إلى مكة لأداء الفريضة ونتشكرهم عليها كثيراً».
وأوضح الحاج مراد، القادم من محافظة تكثر بها بساتين النخيل والفواكه وتشتهر بالزراعة والصناعة، أن رغبته في الحج كانت منذ سنوات طويلة، وأنه سجَّل للقدوم لأداء الفريضة في عام 2021، قبل أن يأتي الخبر الذي أثلج صدره من مكتب المحافظة التي يقطنها بظهور اسمه مع حجاج هذا العام بالقرعة، الأمر الذي شكّل له فرحة غامرة، يقول عنها: «شعرت بفرح كبير بتحقيق الحلم الذي عملت من أجله بعد تقاعدي من الوظيفة الحكومية»، مضيفاً: «من زمان أرغب في الحضور إلى السعودية، وعندما حضرت شاهدت تطوراً كبيراً في كل شيء، فمنذ وصولنا إلى الحدود إلى دخولنا مكة كانت جميع الأمور ميسَّرة».
وبيّن الحاج مراد أن لديه 5 أبناء، اثنان منهم متوفيان، أنه حضر لأداء الفريضة وحيداً دون أسرته، وأنه حرص على الدعاء لأبنائه في رحلته الإيمانية، لافتاً النظر إلى دعائه كذلك للسعودية نظير ما تقدمه للحجاج من خدمات جليلة سهّلت كثيراً عليهم أداء النسك براحة واطمئنان.
وأضاف: «السعودية دولة متقدمة في ناسها وثقافتها، والبلد منظم من كل النواحي... استقبلونا بكرم ضيافة وجهود وخدمات كبيرة جداً بُذلت لراحتنا كضيوف للرحمن».
في المقابل قالت الحاجة العراقية حكومة حسين، القادمة من مدينة الناصرية الواقعة على نهر الفرات وتبعد 370 كم جنوب غربي بغداد، إن خبر إبلاغها بظهور اسمها ضمن القرعة من مكتب المدينة التي تقطنها شكَّل لها فرحة غامرة في ظل انتظارها حلم إتمام الشعيرة منذ 30 عاماً.
تقول الحاجة العراقية التي تجاوز عمرها سبعة عقود إن فكرة الحج كانت تراودها مع توسط عمرها، قبل أن تصبح الرحلة الإيمانية شغفاً كبيراً بالنسبة إليها في السنوات الخمس الأخيرة، مشيرةً: «قدّمت على القرعة في موسم حج هذا العام وعند ظهور اسمي في القرعة وإبلاغي بالتليفون كانت فرحتي لا توصف حقيقةً، هو حلم بات واقعاً الآن ولله الحمد».
وذكرت الحاجة حكومة حسين أنها قَدِمت لأداء الحج برفقة نجلها أحمد، موضحةً أن لديها 4 أبناء و4 بنات، متحدثةً ببهجة كبيرة من مخيمها في مشعر مِنى، حامدةَ الله أنْ مكَّنها من أداء الشعيرة، مبديةً إعجابها الشديد بالخدمات المقدَّمة لضيوف الرحمن، وكذلك بالبنى التحتية والمنشآت والطرق، مشيرةً إلى الرعاية والاهتمام اللذين يحظى بهما الحاج لتمكينه من أداء نسكه لا يعلوهما شيء لأداء الحجاج نسكهم بكل يسر، مضيفة: «نعمة من رب العالمين».