دارفور... «جرائم حرب» جديدة تعيد إلى الأذهان تاريخاً دامياً

جانب من الدمار في دارفور (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في دارفور (أ.ف.ب)
TT

دارفور... «جرائم حرب» جديدة تعيد إلى الأذهان تاريخاً دامياً

جانب من الدمار في دارفور (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في دارفور (أ.ف.ب)

بعدما رأت منزلها يُحرق وشقيقها يُقتل، لم تجد إنعام مفرّاً سوى الفرار من مدينة الجنينة في السودان إلى تشاد، هرباً من انتهاكات قد ترقى إلى «جرائم حرب» تعيد إلى سكان إقليم دارفور ذكريات مريرة.

منذ اندلاع المعارك في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، في 15 أبريل (نيسان)، شهد إقليم دارفور بغرب البلاد، بعضاً من أسوأ أعمال العنف التي ترافقت مع انتهاكات إنسانية وجنسية، وجرائم قتل على أساس عرقي، وعمليات نهب واسعة النطاق، وفق ما تؤكد منظمات إنسانية وشهود، في ظل انقطاع شبه تام للاتصالات في الإقليم.

وتقول إنعام إن مسلّحين ينتمون إلى «قوات الدعم السريع» وقبائل عربية حليفة لها «أحرقوا منزلنا وكل منازل الحي... قتلوا أخي أمام عينيّ» في مدينة الجنينة مركز ولاية غرب دارفور.

وتتابع الناشطة الحقوقية التي تحدثت إلى وكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف من شرق تشاد، وطلبت استخدام اسم مستعار حمايةً لأقاربها الذين لا يزالون في الجنينة: «عندما خرجنا كانت الجثث في كل مكان والنيران مشتعلة في البيوت، لذا سلكنا طريقاً بعيداً حتى لا يقابلنا (الدعم السريع) أو المسلحون العرب».

الفرار لا يوفر الحماية

في ظل الظروف الراهنة، اضطر عشرات الآلاف في الجنينة ودارفور إلى ترك منازلهم.

إنعام هي واحدة من أكثر من 150 ألف شخص لجأوا إلى تشاد، وفق أحدث أرقام منظمة الهجرة الدولية.

وفي مختلف أنحاء السودان، بلغ عدد النازحين «مليوني شخص»، وفقاً للأمم المتحدة، كما فرّ نحو 600 ألف شخص إلى الدول المجاورة، بعد أن أوقعت الحرب الدائرة في البلاد حتى الآن أكثر من ألفي قتيل، وفقاً لتقديرات يرى خبراء أنّها أقلّ بكثير من الواقع.

ويتحدر غالبية الفارين إلى تشاد وأفريقيا الوسطى من إقليم دارفور المكوّن من خمس ولايات ويمتد على ربع مساحة السودان، ويقطن فيه ربع عدد سكان البلاد المقدّر بـ48 مليون نسمة.

لكن الفرار لا يوفر حماية فورية، إذ تؤكد منظمات إنسانية أن سكان دارفور عانوا الأمرّين للهروب من مناطقهم.

ونقلت منظمة «أطباء بلا حدود» شهادة السودانية سلمى (اسم مستعار)، وتبلغ من العمر 18 عاماً، تعرضت شقيقتها للاغتصاب من رجال مسلحين في أثناء فرارها مع شقيقتيها من مدينة الجنينة.

وتحكي سلمى أنه في ظهر الخامس عشر من يونيو (حزيران)، أوقفهن ستة رجال مسلحين وقاموا باغتصاب واحدة من شقيقتيها تبلغ من العمر 15 عاماً.

وقالت سلمى، حسبما نقلت «أطباء بلا حدود»: «احتجزوها لبعض الوقت داخل الحافلة وبعد أن انتهوا منها ألقوا بها خارجها وغادروا».

وفي ظل صعوبة الاتصال مع مختلف ولايات الإقليم، تنتشر على مواقع التواصل تسجيلات وصور تُظهر نزوح الآلاف من سكان دارفور إلى الحدود مع تشاد.

جحيم الجنينة

في منتصف الشهر الجاري قُتل والي غرب دارفور خميس عبد الله أبكر، بعد ساعات على اتّهامه «قوات الدعم السريع» بـ«تدمير» مدينة الجنينة.

واتهم الجيش «قوات الدعم السريع» بخطف واغتيال أبكر، إلا أنها أدانت من جهتها مقتل الوالي، مؤكّدة أنّه جرى «على أيدي متفلتين... على خلفية الصراع القبلي المحتدم في الولاية».

كما حمّلت الأمم المتحدة «قوّات الدعم» مسؤوليّة «العمل الشنيع».

وقالت بعثة المنظّمة في بيان: «تنسب إفادات شهود عيان مُقنعة، هذا الفعل إلى الميليشيات العربيّة و(قوات الدعم السريع)»، داعيةً إلى «تقديم الجناة بسرعة للعدالة وإلى عدم توسيع دائرة العنف في المنطقة بشكل أكبر».

وتؤكد أطراف ومنظمات دولية أن الجنينة هي الأكثر تعرضاً لأعمال العنف في دارفور خلال الأسابيع الماضية.

ووصفت الأمم المتحدة الوضع فيها بـ«الخطير جداً» منذ مطلع يونيو.

وقال منسق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في دارفور طوبي هاروارد: «أُحرقت الأسواق، ونُهبت الخدمات الصحية، وتجوب المدينة جماعات مسلحة تقتل الناس بطريقة عشوائية، غالباً بسبب عرقهم»، متابعاً أنه «وضع خطير للغاية يمكن أن يتحول بسرعة إلى كارثة إنسانية إذا لم تستعد السلطات السيطرة وتُفرض هيبة الدولة».

ويقول محمد (اسم مستعار)، الذي كان يسكن الجنينة وفرّ إلى أدري في تشاد، لوكالة الصحافة الفرنسية: «منذ بداية الحرب والنظام الصحي بأكمله خارج الخدمة»، مضيفاً: «لا كهرباء ولا ماء ولا اتصالات».

وتابع: «جميع صهاريج المياه دُمِّرت ولم تعد هناك سوى الآبار للحصول على الماء»، مشيراً إلى أن من يقرر الذهاب إلى الآبار يتعرض لاستهداف القناصين».

وبالنسبة إلى تدبير المواد الغذائية، قال محمد إن الأسواق الصغيرة التي فتحت أبوابها لخدمة المواطنين «تعرضت للنهب».

ويوضح متحدث منظمة «أطباء بلا حدود»، رداً على أسئلة وجهتها «الصحافة الفرنسية»: «لم يهدّد النزاع حياتهم من العنف المباشر فحسب، بل أثّر أيضاً على نيل الرعاية الصحية، ما يؤثّر على كل شرائح المجتمع بمن فيها من يعانون الأمراض المزمنة، والحوامل، والأطفال، ومن يحتاجون إلى رعاية طبية»، وأنّ «توفّر الضروريات الأساسية مثل مياه الشرب النظيفة بات مقيّداً بشكل حاد».

ويروي إبراهيم عيسى، وهو أستاذ مدرسة فرّ من الجنينة إلى تشاد: «خرجنا من الجحيم... أعادت لنا الحرب ذكريات عامي 2003 و2004 حين كان القتل متصلاً بالهوية والعرق».

وحسبما يقول محمد، فقد تم توقيف الكثير من الفارين على الحدود من المسلحين: «يسألونك عن هويتك واسمك وقبيلتك... والبعض يتعرض للتصفية».

عنف عرقي

ترجع تسمية دارفور بهذا الاسم إلى أن الإقليم كان موطناً لشعب الفور قديماً وبتواتر الأجيال أصبحت المنطقة تضم بين سكانها مجموعات قبلية بينها العرب مثل قبائل الرزيقات التي ينتسب إليها دقلو ومجموعات عرقية أفريقية مثل الزغاوة والمساليت والتي يتحدر منها والي غرب دارفور أبكر.

كان إقليم دارفور ساحة لحرب أهلية مريرة عام 2003 بين متمردي الأقليات العرقية الأفريقية وحكومة الرئيس المعزول عمر البشير التي كان غالبية أعضائها من العرب.

وأوقع النزاع نحو 300 ألف قتيل وشرّد 2.5 مليون شخص، حسب الأمم المتحدة.

وفي أثناء حرب 2003، استعان البشير لمساندة قواته، بميليشيات «الجنجويد» التي شكّلت بعد ذلك نواة «قوات الدعم» التي أنشئت رسمياً في 2013.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتَي توقيف بحق البشير وبعض مساعديه لاتهامهم بارتكاب إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأعربت منظمة العفو الدولية في بيان عن قلقها «إزاء التقارير التي تُفيد بوقوع عمليات قتل موجهة ذات دوافع عرقية... على أيدي (قوات الدعم السريع) والميليشيات العربية المتحالفة معها».

وفي هذا الصدد قال محمد: «ليست هناك علاقة بين الحرب في دارفور وما يحصل في الخرطوم... في البداية كان (النزاع) بين الجيش و(قوات الدعم السريع) ولكن بعد ذلك تحول إلى حرب أهلية... على أساس الهوية».

وأشار إلى تاريخ العنف القديم بين المجموعات العربية و«الدعم السريع» ضد مجموعة المساليت، العرقية الأبرز في غرب دارفور التي تتخذ من الجنينة عاصمتها التاريخية.

من جهتها اتهمت المساليت «قوات الدعم السريع»، حسب تقرير أعدته عن الأوضاع في الجنينة في الفترة من 24 أبريل حتى 12 يونيو، بارتكاب معظم الانتهاكات في المدينة.

وأفاد التقرير الذي حصلت «الصحافة الفرنسية» على نسخة منه، بأن «انعدام الأمن وغياب سيادة الدولة أديا إلى مقتل أكثر من 5 آلاف شخص وما لا يقل عن 8 آلاف جريح»، وكان الشقيق الأكبر لزعيم المساليت من بين القتلى.

ولكن لم يتسنَّ التحقق من هذا العدد بشكل دقيق ومستقل في ظل الأوضاع الراهنة.

وأكدت المساليت في تقريرها أنه نظراً إلى «تدهور الوضع الأمني بمدينة الجنينة مع الانتشار الواسع للقناصة على أسطح المنازل والأماكن المرتفعة... أصبح المواطنون في الجنينة يواجهون مصيراً مجهولاً من حيث فقدان الأمن والمأوى والغذاء والدواء».

وأشارت إلى «حرق وتدمير جميع مراكز إيواء النازحين البالغ عددها 86»، إضافةً إلى «نهب وحرق قصر سلطنة دار مساليت»، مطالبةً المجتمع الدولي بوضعه تحت «الوصاية الدولية».

حامية أُمّ دافوق

كانت «قوات الدعم السريع» قد أعلنت في بيان «الاستيلاء الكامل» على حامية عسكرية مهمة في منطقة أُمّ دافوق الحدودية مع جمهورية أفريقيا الوسطى في جنوب دارفور.

وفي هذا الصدد قال ضابط سابق في الجيش السوداني سبق وعمل في منطقة أُمّ دافوق، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «سيطرة (الدعم السريع) على الحامية يزيد من فرص حصول قواتها على إمداد خارجي عبر حلفاء في ميليشيا (فاغنر) المنتشرة في أفريقيا الوسطى».

وأوضح: «هذه السيطرة ستنقل الصراع السوداني من شأنٍ داخلي إلى إقليمي»، وزعم أن «المعلومات تفيد بأن (قوات الدعم السريع) التي هاجمت حامية أُمّ دافوق جاءت بـ250 عربة وألفَي مقاتل من داخل حدود أفريقيا الوسطى».

من جهتها، تحدثت منظمة العفو الدولية عن «أوجه تشابه مثيرة للقلق بين العنف الجاري وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في دارفور منذ 2003، وحتى أولئك الذين يبحثون عن الأمان لا يسلمون من هذا العنف».

كانت المستشارة الأممية الخاصة المعنية بمنع الإبادة، أليس نديريتو، قد وصفت العنف في غرب دارفور بأنه «مروّع»، محذرةً حال استمراره «من أن يتطور إلى حملات متجددة من الاغتصاب والقتل والتطهير العرقي، التي ترقى إلى مستوى الجرائم الفظيعة». وبالنسبة إلى إيما دي نابولي، المحامية في القانون الإنساني الدولي، «من حيث المبدأ ربما ترقى جرائم كثيرة تم التبليغ عنها في دارفور إلى جرائم ضد الإنسانية أو حتى جرائم حرب».

وأضافت لوكالة الصحافة الفرنسية: «يجب على الناشطين على الأرض الحفاظ على الأدلة بأفضل شكل ممكن... لأن هذا ضروري للمحاكمات المستقبلية أمام المحكمة الجنائية الدولية أو أي مكان آخر».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

شمال افريقيا سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)

الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه يقدم مساعدات للفارين من العنف في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان «رغم التحديات الهائلة».

«الشرق الأوسط» (دارفور)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

أعرب بدر عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» مع روسيا، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا نازحون سودانيون فروا من الفاشر بعد سقوط المدينة في قبضة «قوات الدعم السريع» في 26 أكتوبر (أ.ف.ب) play-circle

تقارير: «الدعم السريع» تحتجز ناجين من الفاشر للحصول على فِدى

قال شهود لـ«رويترز» إن «قوات الدعم السريع»، التي حاصرت مدينة الفاشر في دارفور قبل اجتياحها، تحتجز ناجين من الحصار، وتطلب فدى لإطلاق سراحهم.

«الشرق الأوسط» (الطينة (تشاد))
شمال افريقيا 
صورة متداولة تبيّن جانباً من الدمار الذي ألحقته مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان play-circle

بعد بابنوسة «النفطية»... ما الهدف التالي لـ«الدعم السريع»؟

بعد قتال شرس استمر لأكثر من عامين، أعلنت «قوات الدعم السريع» الاثنين الماضي، سيطرتها «بشكل كامل» على مدينة بابنوسة... فما الهدف التالي؟

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار يناقش في لقاء سابق مع نظيره السوداني هيثم إبراهيم عوض الله تقديم الدعم اللازم (وزارة الصحة المصرية)

مرضى سودانيون في مصر رهن مبادرات الإغاثة

يعيش عشرات الآلاف من المرضى السودانيين في مصر، بعد فرارهم من الحرب السودانية، رهن مبادرات إغاثة دولية «محدودة»، وجهود حكومية مصرية لرعايتهم، في ظل ظروف صعبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
TT

توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)

وجَّه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ«تشديد العقوبات المُوقَّعة على مَن يثبت تورطهم في الغش بامتحانات الثانوية العامة»، في خطوة تستهدف ضمان تأمين منظومة الامتحانات مع استحداث نظام «البكالوريا» الذي يتم تطبيقه للمرة الأولى على المرحلة الثانوية هذا العام.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، إن السيسي «شدَّد على ضرورة التعامل بحزم مع حالات الغش في (الثانوية)»، وذلك خلال اجتماع عقده، السبت، مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، محمد عبد اللطيف.

وتواجه وزارة التربية والتعليم المصرية انتقادات عدة؛ نتيجة استمرار وقائع «الغش» و«تسريب الامتحانات»، ولم تعلن الوزارة خلال امتحانات العام الماضي أعداد الطلاب الذين تمَّ ضبطهم بتهمة «الغش»، غير أنها أعلنت في امتحانات الثانوية العامة عام 2024 إحالة 425 طالباً إلى جهات التحقيق؛ بسبب مخالفة قانون أعمال الامتحانات، بعد أن تم عمل محاضر غش لهم خلال أدائهم الامتحانات.

وخلال السنوات الماضية تمكَّنت «جروبات للغش» عبر تطبيقات عدة، من بينها «تلغرام»، من نشر أوراق الامتحانات خلال خوضها أو قبلها، وتعلن «التربية والتعليم» إحالة عدد من الطلاب للتحقيق، في بيانات رسمية تصدرها عقب الانتهاء من كل امتحان.

وفرض قانون «مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات» عقوبات مغلظة على جرائم الغش أو الشروع فيه، وتصل العقوبة إلى «الحبس سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية) ولا تزيد على 200 ألف جنيه على كل مَن طبع أو نشر أو أذاع أو روَّج، بأي وسيلة، أسئلة الامتحانات أو أجوبتها أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات».

ويُعاقَب على الشروع في ارتكاب الغش بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهي عقوبات يتم تطبيقها على المشاركين في أعمال الامتحانات وليس الطلاب.

في حين يعاقب القانون الطالب الذي يرتكب غشاً أو شروعاً فيه بالحرمان من أداء الامتحان في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه من العام ذاته، ويعدّ راسباً في جميع المواد، وفي حالة الامتحانات الأجنبية يُحرَم الطالب من أداء امتحانات المواد اللازمة للمعادلة وفقاً للنظام المصري دورَين متتاليَين.

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية داخل إحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم)

عضو لجنة التعليم بمجلس النواب المصري (البرلمان)، جيهان البيومي، أكدت أن «تغليظ العقوبات على الطلاب والتأكد من تطبيق القانون يعدّ أمراً مهماً للحد من ظاهرة الغش في امتحانات الثانوية العامة، والمشكلة تبدو على نحو أكبر تجاه اللوائح التنفيذية لقوانين مكافحة الغش، التي يترتب عليها قصور في إحالة أي طالب تورط في الغش للتحقيقات وعمل محضر فوري له».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن التوجيهات الرئاسية تستهدف الحدَّ من السلوكيات السلبية داخل لجان الامتحانات، والتأكيد على ضرورة تفعيل العقوبات مع بدء تطبيق منظومة «البكالوريا» لأول مرة هذا العام.

وبدأت وزارة التربية والتعليم المصرية تطبيق منظومة «البكالوريا» بشكل اختياري على طلاب المرحلة الثانوية هذا العام، وهي نظام تعليمي يمتد لـ3 سنوات يركز على تنويع المسارات التعليمية والتقييم المستمر مع فرص امتحانية متعددة (بما فيها فرص تحسين المجموع).

واستعرض وزير التربية والتعليم خلال لقائه الرئيس السيسي، مزايا منظومة «البكالوريا» مشيراً إلى «أن هذا النظام ينهي امتحان الفرصة الواحدة في نظام الثانوية العامة»، موضحاً «ازدياد إقبال الطلبة على نظام (البكالوريا)، حيث تجاوزت نسبة الالتحاق به في العام الدراسي الحالي 90 في المائة من إجمالي عدد طلاب المرحلة الأولى من الثانوية».

ووجَّه السيسي بـ«فرض الانضباط وترسيخ القيم الأخلاقية والإيجابية داخل المنظومة التعليمية، وعدم التهاون في هذا الأمر، مع اتخاذ إجراءات محاسبة عاجلة وحاسمة تجاه أي تجاوز أو انفلات».

وأكد خبير التعليم والاستشاري في «استراتيجية التعليم والتحول الرقمي»، تامر عبد الحافظ، أن العقوبات التي تقرها وزارة التربية والتعليم بشأن «الغش» تكفي لضبط منظومة الامتحانات، وأن التركيز يمكن أن ينصب بشكل أكبر على إجراءات عقد الامتحانات وتدريب المراقبين والملاحظين على مواجهة أساليب الغش الحديثة، وتدشين حملات توعية وطنية لأولياء الأمور والطلاب بخطورة هذه الممارسات على المجتمع بوجه عام.

وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود أنظمة إحصائية لمراجعة درجات الطلاب، والتيقن ما إذا كانت نتيجة لمحاولات غش أم بمجهودهم الفردي، يمكن أن تستفيد منها وزارة التربية والتعليم، وفي حال ثبوت «الغش» فإنه يمكن إلغاء الامتحان بوجه عام أو إلغاؤه في بعض اللجان ومعاقبة المتورطين في تلك المخالفات.

وفي كل عام تحدد وزارة التربية والتعليم المصرية قائمة من المحظورات خلال فترة أداء امتحانات الثانوية العامة، ومنها عدم اصطحاب أجهزة التابلت والهواتف المحمولة إلى لجان الامتحانات، وإن كانت مغلقة، وعدم ارتداء ساعات ذكية أو سماعات لاسلكية (بلوتوث).


ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
TT

ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)

تشهد عدة مناطق في ليبيا أحوالاً جوية صعبة نتيجة الأمطار الغزيرة، في ظاهرة غير مسبوقة منذ سنوات، ضربت مدن الشرق والغرب، فيما أجلت الجهات العسكرية والأمنية والإغاثية عائلات متضررة، وسط دعوات رسمية للمواطنين بتوخي الحذر، والابتعاد عن مجاري السيول.

وأجلت الوحدة البحرية للضفادع البشرية، التابعة للقوات الخاصة بالجيش الوطني، مساء الجمعة، عائلات عالقة في بعض أحياء مدينة بنغازي التي غمرتها مياه الأمطار، بالإضافة إلى فرق مديرية أمن بنغازي وفرق الهلال الأحمر الليبي، التي أجلت أيضاً عدداً من العائلات من منازلها في منطقة الكيش القديم، بعد تسرب مياه الأمطار التي ارتفع منسوبها.

عناصر عسكرية مشاركة فى إجلاء العالقين بسبب أمطار بنغازي (إعلام محلي)

وقال المسئول بجهاز الإسعاف والطوارئ بالمنطقة الشرقية، أنور صالح، إن الجهات الأمنية والإغاثية نقلت الأسر المتضررة إلى أماكن أكثر أماناً، لافتاً إلى إجلاء 6 عائلات من منزل واحد نتيجة ارتفاع منسوب المياه. فيما أعلنت مديرية أمن بنغازي الكبرى إخراج عدد من العائلات من منازلهم إلى مواقع أكثر أماناً، تحسّباً لأي طارئ قد يُهدد سلامتهم، بالتنسيق مع الجهات المختصة وفرق الطوارئ.

وأظهرت مقاطع مصورة متداولة معاناة عدد من العائلات في المنطقة من دخول مياه الأمطار إلى منازلهم؛ حيث شهدت عدة شوارع بمدينة بنغازي ارتفاعاً ملحوظاً في منسوب مياه الأمطار جرّاء التقلبات الجوية. كما استجابت دوريات جهاز الحرس البلدي لبلاغات سكان حي الشعبية بمنطقة توكرة شرق المدينة.

وطبقاً لمسؤول الإعلام بجهاز الحرس البلدي، العقيد صلاح الساحلي، فقد باشرت دوريات الجهاز بالتعاون مع هيئة السلامة الوطنية وشركة المياه والصرف الصحي، التعامل مع مياه الأمطار التي غمرت بعض البيوت والشوارع بالمنطقة، مشيراً إلى إجراء عمليات الشفط للمياه لضمان وصول الخدمات، وتقديم الدعم للعائلات المتضررة.

غرق مناطق في بنغازي (وسائل إعلام محلية)

وبسبب غرق عدد من مناطق مدينة بنغازي، وإغلاق الطرق السريعة، بالإضافة إلى تضرّر مداخل عدد من المدارس وامتلائها بالمياه، بما يعوق دخول الطلبة، أعلنت وزارة التربية والتعليم بحكومة «الاستقرار» تعليق الدراسة، حفاظاً على سلامة الطلبة، وحرصاً على حمايتهم من أي مخاطر صحية أو بيئية.

بدورها، أعلنت وزارة الكهرباء بالحكومة، إعادة التيار الكهربائي إلى 3 مناطق في مدينة بنغازي، بعد انقطاع بسبب العواصف المطرية، التي تسببت في أضرار وأعطال واسعة في الشبكة.

وكررت وزارة الموارد المائية تحذيراتها لمستخدمي الطرق من المخاطر الناتجة عن الأمطار الغزيرة التي هطلت على عدد من المناطق، وما خلّفته من تجمعات كبيرة للمياه وسط الطرق وعلى أطرافها، ولا سيما في الطرق السريعة خارج المدن، وكذلك داخل مدينة بنغازي، مشيرة إلى أنها لاحظت أوضاعاً قد تُشكّل خطورة مباشرة على مستخدمي الطرق.

وطالبت المواطنين بتوخي أقصى درجات الحيطة والحذر والالتزام بالتعليمات، والابتعاد عن مواقع تجمع المياه حفاظًا على سلامتهم. كما دعت الوزارة إلى تجنب الأودية وتقليل السرعة على الطرقات، مشيرة إلى أنه من المتوقع سقوط أمطار متوسطة إلى غزيرة على الساحل من سرت حتى مساعد، حتى يوم الثلاثاء المقبل.

وكانت الوزارة قد حذرت مستخدمي الطرق الممتدة من أجدابيا حتى المخيلي من التقلبات الجوية الشديدة التي قد تترافق مع هطول أمطار غزيرة، وجريان السيول، وانخفاض مستوى الرؤية. لكنها طمأنت المواطنين بأن السدود في المناطق التي تشهد تقلبات جوية آمنة تماماً، ولا تُشكل أي خطر، مؤكدة أن كميات المياه الواردة إليها من الأمطار تحت السيطرة.

ونقلت «وكالة الأنباء الليبية» عن مدير إدارة السدود أن الجريان المسجل في الوديان يقع على الطرق الرئيسية، ولا علاقة له بالسدود.

شفط مياه الأمطار في عدد من أحياء طرابلس (شركة المياه)

بدوره، أعلن «جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة»، التابع لحكومة «الاستقرار»، رفع درجة حالة الطوارئ القصوى في جميع الوحدات والأجهزة الأمنية والخدمية، مشيراً إلى تسيير الدوريات وتقديم المساندة والدعم اللوجيستي والتنسيقي لجميع الأجهزة الأمنية والخدمية لضمان حماية المواطنين، وتوفير كل ما يلزم خلال هذه الظروف.

كما رفعت الهيئة الليبية للإغاثة والمساعدات الإنسانية درجة الطوارئ إلى المستويات القصوى في كل فروعها بمختلف المدن، وأكدت أن فرقها الميدانية وفرق الاستجابة السريعة باشرت تنفيذ خطط الطوارئ المعتمدة للتعامل مع أي أضرار محتملة، مع رفع الجاهزية لتقديم الدعم والإغاثة للأسر المتضررة، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

ودعت الهيئة المواطنين إلى توخي الحيطة، ومتابعة تعليمات السلامة الصادرة عن الجهات المختصة، مؤكدة استمرارها في متابعة الأوضاع أولاً بأول حتى انتهاء الظروف الجوية الحالية

في المقابل، أصدرت وزارة الموارد المائية بحكومة «الوحدة المؤقتة»، تحذيراً مماثلاً من تقلبات جوية تشهدها البلاد، استناداً إلى توقعات المركز الوطني للأرصاد الجوية. وأوضحت الوزارة أن التوقعات تُشير إلى أجواء باردة على مختلف مناطق البلاد، مع استمرار فرصة هطول أمطار من حين لآخر على مناطق الشمال الغربي، ما قد يؤدي إلى تجمع المياه في الأماكن المنخفضة.

ودعت المواطنين إلى توخي الحيطة والحذر والابتعاد عن مجاري الأودية، والمناطق المعرضة لتجمع المياه، واتباع الإرشادات الصادرة عن الجهات المختصة.

وبدأت فرق الشركة العامة للمياه والصرف الصحي إزالة مياه الأمطار المتراكمة في عدد من المناطق بالعاصمة طرابلس، لتحسين الظروف البيئية، والتخفيف من الأضرار الناتجة عن الأمطار الغزيرة.

وأوضحت الشركة أن قسم خدماتها في غرب طرابلس تعامل مع تجمعات المياه في عدة مناطق، بما في ذلك تشغيل مضخة ثابتة لنزح المياه المتراكمة في منطقة السراج، بهدف تسهيل حركة المركبات، وفتح المسارات أمام حركة المرور.

وأظهرت لقطات مصوّرة لوسائل إعلام محلية محاولات قوة العمليات المشتركة إنقاذ الأسر العالقة في سياراتها جرّاء الأمطار الغزيرة، التي أغرقت شوارع مدينة مصراتة بغرب البلاد.


الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، السبت، إنه يقدم مساعدات للفارين من العنف في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان «رغم التحديات الهائلة».

ودعا المكتب الأممي، عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى توفير إمكانية الوصول الآمن والمستدام لتقديم المساعدات الإنسانية في شتى أنحاء السودان من دون عوائق.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» الآن على إقليم دارفور بالكامل في غرب السودان، بعدما أعلنت سيطرتها على مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور عقب حصارها مدة 18 شهراً، بينما يسيطر الجيش على النصف الشرقي من البلاد.