فنون تجسّد مناسك الحج ورحلة المُلبين

فنانون سعوديون يستلهمون شعائر الركن الخامس

لوحة للفنان فهد خليف
لوحة للفنان فهد خليف
TT
20

فنون تجسّد مناسك الحج ورحلة المُلبين

لوحة للفنان فهد خليف
لوحة للفنان فهد خليف

جموع الحجيج، وأصوات التلبية، والشعائر الروحانية... جميعها معانٍ تُلهم الفنان ليتغذى منها في إنتاجه الفني، ومن ذلك التشكيلي السعودي فهد خليف الذي اشتغل كثيراً على مضامين رحلة الحج والطواف في لوحاته، وبسؤاله عن ذلك يقول: «الفن هو تعبير ذاتي لنتاج خبرة جمالية أو مجموعة من الخبرات الجمالية والمعرفية والمهارية، التي تكون متعددة المصادر في أزمنة مختلفة، لذلك فإن المبدأ في الفن هو كيف ترى... وليس ماذا ترى».

لوحة للفنان فهد خليف
لوحة للفنان فهد خليف

حركة الحجيج

يتابع خليف حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «نظرة الفنان عميقة ومتعددة الزوايا والاتجاهات، تبحث في مكامن الجمال أينما وُجد، فقد نرى الجمال في حركة الحجيج، وذلك الدوران حول الكعبة المشرفة مع التلبيات والابتهالات والأدعية التي تجعلنا نحلّق في مفهوم الذات».

ومن هنا، يرى خليف إمكانية اختيار الأسلوب الأمثل في الممارسة الإبداعية بما يخلّد تلك اللحظات، مضيفاً: «عند الحديث عن اختيار الاتجاه الفني لتنفيذ العمل الإبداعي الذي أنتهجه، فهو الأسلوب التعبيري الرمزي بألوان متجانسة من البيئة المحيطة، وبدرجات لونية مختارة بعناية لها الأثر البالغ في التأثير على السلوك الإنساني بالنسبة للمتلقي».

رحلة الحج

وبسؤاله عن دافع الاهتمام بتجسيد رحلة الحج والعمرة في أعماله، يجيب: «لعل الانتماء والهوية هو الخطاب الأمثل للفنان على ما يعانيه العالم من أزمة الهوية، بعدما أصبح العالم قرية صغيرة واحدة في ظل انتشار العولمة، كما أن الفن قيمة جمالية عالمية تسود العالم بأسره في مفردات ورموز محددة، ولكن حالة الحج والعمرة فريدة بزمانها ومكانها وخصوصيتها».

ومن اللافت في لوحات خليف أنها تركز على الكثافة العمرانية لمكة المكرمة، بالتزامن مع حشود الحجاج والمعتمرين. عن رمزية ذلك يردف: «يُقال إن العمارة أم الفنون، ولعل استلهامي لتلك المفردات البنائية للعمارة المحلية هو هاجس يتنامى فكرياً ومعرفياً ومهنياً مع كل موروث يسرد قصصه وحكاياته في لوحات بانورامية مفتوحة الجوانب، ذات امتداد طولي وعرضي لا نهائي، وليست مجرد خطوط مستقيمة وزوايا متوازية ومتقاطعة، ولا مساحات لونية متراكبة فوق بعضها، بل هي منطقة تناقلات زمانية تحقق أكثر من زمن واحد بالعمل من أمام المشهد وخلفه وأعلاه وأسفله وجانبيه في مناطقية بيئية محددة».

ويؤكد التشكيلي السعودي فهد خليف أنه يرمي من خلال هذه التكوينات والألوان إلى تحقيق مفهوم الإثراء في العمل بوصفه مجنساً دلالياً وتعبيرياً ذاتياً يحمل دلالات نفسية وحسية، وانتماء للمكان بوصفه مقصداً لما يحققه ذلك المكان من الشعور بالارتياح وتفريغ ضغوط الحياة وانشغالاتها، كما يقول.

«على الفطرة»

أما الفنان السعودي سعد الهويدي، فيحمل رؤية فلسفية عميقة تجاه رحلة الطواف حول الكعبة المشرفة، مع الإشارة إلى أن الطواف هو من أركان الحج الأساسية، وترجم الهويدي رؤيته هذه في عمله البديع الذي سمّاه «على الفطرة»، وتبدو فيه الكعبة مكعباً مضيئاً، تحيط بها خطوط أشبه ببصمة الإصبع؛ للتعبير عن الأثر الذي يحفره الطواف داخل مرتاديه.

إذ يبحث هذا العمل الفني في دور وتأثير بصمة الإنسان، فهي سمة فيزيائية وبيولوجية تستخدم في تحديد الهوية، باعتبار أن بصمة الإصبع تعدّ رمزاً لحاجة الإنسان الملحة لترك أثر وجوده. لذلك يأتي هذا العمل الفني شعاعاً رأسياً يدل على الطاقة الكامنة داخل الإنسان وتأثيرها المحتمل. ويوحي شعاع الضوء بالاتصال بالكون من خلال العبادة الدينية، والأنشطة التأملية التي تنير الروح والعقل، وترسل الطاقة إلى أماكن أبعد من هذا المستوى الأرضي، وتُمكّن الإنسان من تجاوز حضوره المادي وبصمات أصابعه.

وبحسب الفنان الهويدي، فإن هذا العمل الذي شارك به في مهرجان «نور الرياض 2022»، يعكس «أثر الإنسان وطاقته الكامنة بداخله - كضوء مرشد نحو الفطرة البشرية - تظهر وتُترجم في أشكال اتصاله بالكون الأكبر، تضيء روحه وعقله مرسلة طاقته إلى أماكن أبعد من المساحات الأرضية».

عمل الفنان سعد الهويدي «على الفطرة»
عمل الفنان سعد الهويدي «على الفطرة»

«المغناطيسية»

ولا يمكن الحديث عن فلسفة الطواف دون التطرق للعمل الشهير «المغناطيسية»، وهو من أبرز أعمال الفنان السعودي أحمد ماطر، إذ يحاكي جاذبية الكعبة لجموع الطائفين من حولها، وكأنها تجذبهم إليها كما يجذب المغناطيس برادة الحديد، وهو وصف بحث حوله الفنان ليجد أنه يعبر عن شعور الطائفين تجاه الكعبة، ومن هنا وُلدت فكرة تصوير الكعبة بالمغناطيس.

ويلخص هذا العمل الذي يأتي بلوحة ثلاثية الأبعاد، روحانية بيت الله الحرام الفسيح باللون الأبيض النقي، وهو الموقع الذي يشد كل مسلمي العالم نحوه بما يفوق قوة الجذب المغناطيسي، وهي الفلسفة التي يقوم عليها عمل ماطر الذي يعد من الفنانين المهتمين بالأعمال المفاهيمية، حيث عُرضت أعماله في معارض عالمية عدة، وكان لها صدى كبير.


مقالات ذات صلة

السعودية تبدأ في استقبال أولى طلائع الحجاج

وزير النقل والخدمات اللوجستية يستقبل أولى رحلات الحجاج لموسم 1446هـ في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة (واس)

السعودية تبدأ في استقبال أولى طلائع الحجاج

استقبلت المملكة العربية السعودية، صباح الثلاثاء مطلع شهر ذي القعدة، أولى طلائع الحجاج القادمين لأداء مناسك حج 1446هـ.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي خلال استقباله أول رحلة للحجاج في جدة (واس)

بدء توافد طلائع الحجاج... ومبادرة «طريق مكة» تقدم خدماتها لعامها السابع

بدأت طلائع حجاج بيت الله الحرام، التوافد على المنافذ السعودية، حيث وصلت أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين؛ لأداء مناسك الحج خلال هذا عام 2025.

عزيز مطهري (الرياض)
محطة قطار «سار» في مطار الملك عبد العزيز بجدة (الشرق الأوسط)

شراكة استراتيجية بين «طيران ناس» و«سار» لربط حجوزات الطيران بقطار الحرمين

وقع «طيران ناس» الطيران الاقتصادي السعودي وشركة الخطوط الحديدية السعودية «سار» شراكة استراتيجية توفر تجربة سفر متكاملة من خلال ربط حجوزات الرحلات بقطار الحرمين.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الخليج حجاج بيت الله الحرام في طريقهم لرمي الجمرات العام الماضي (إ.ب.أ)

«كبار العلماء» في السعودية: الحج من دون تصريح إثم

شدّدت هيئة كبار العلماء في السعودية على وجوب استخراج التصريح لمن أراد الذهاب إلى الحج، مشددة على أن «من حج دون تصريح فهو آثم».

أسماء الغابري (جدة)
الخليج أحد المتورطين بالإعلان عن حملات الحج الوهمية بعد ضبطه في مكة المكرمة (الأمن العام)

السعودية: ضبط أشخاص نشروا إعلانات لحملات حج وهمية

ضبط الأمن العام السعودي عدداً من مرتكبي عمليات نصب واحتيال لنشرهم إعلانات حملات حج وهمية ومضللة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)

ريهام حجاج: انشغالي بالدراما أبعدني عن السينما

الفنانة المصرية ريهام حجاج (صفحتها على «فيسبوك»)
الفنانة المصرية ريهام حجاج (صفحتها على «فيسبوك»)
TT
20

ريهام حجاج: انشغالي بالدراما أبعدني عن السينما

الفنانة المصرية ريهام حجاج (صفحتها على «فيسبوك»)
الفنانة المصرية ريهام حجاج (صفحتها على «فيسبوك»)

كشفت الفنانة المصرية ريهام حجاج أنها ستخوض تجربة سينمائية جديدة قريباً؛ تعكف على قراءة السيناريو والتحضير لها، مؤكدة أن الدراما شغلتها وأبعدتها عن السينما خلال الفترة الماضية.

وأوضحت في حوار لها مع «الشرق الأوسط»، أنها تُحضر لتقديم أحدث أعمالها السينمائية، خصوصاً أن «السينما عاودت الازدهار خلال الفترة الأخيرة»، لافتة إلى أنها قرأت سيناريوهات عدة خلال السنوات الماضية، لكن انشغالها درامياً جعلها تؤجل الخطوة قليلاً.

وعن مسلسلها «أثينا»، الذي عرض خلال الموسم الرمضاني الماضي، قالت إنه «نتاج أفكار متشابهة بيني وبين المؤلف محمد ناير؛ فقد أردنا تقديم عمل يحمل رسالة مهمة، وحرصنا على تقديم ذلك عبر توليفة فنية مشوقة ومثيرة».

وتعدّ حجاج المسلسل دعوة لعدم الإفراط في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، موضحة أن «فكرة العمل ورسالته قائمتان على الشباب، ولم يكن يصح تقديمها بعيداً عن أسلوبهم وتوجهاتهم؛ لذلك اعتمدنا على كثير من الفنانين الشباب».

الملصق الترويجي لمسلسل «أثينا» (الشركة المنتجة)
الملصق الترويجي لمسلسل «أثينا» (الشركة المنتجة)

وقالت إن «المسلسل نجح بعيداً عن معطيات السوق المعتادة، فهو لم يتضمن أغنيات مهرجانات، أو ألفاظاً خارجة، بل اعتمد على فكرته ومضمونه فقط». وأضافت ريهام: «أعلم جيداً أن السوق لها متطلبات لا بد من توافرها، وعدم اعتمادنا عليها كان مجازفة، لكنني اكتفيت باقتناعي بما أقدمه، ويقيني بأننا سننجح لاجتهاد جميع الصناع في تقديم عمل يحترم عقلية المشاهد؛ لذلك لم أتخوف من تقديم فكرة (أثينا)، لأني نضجت وأرى العالم من زوايا مختلفة».

وأكدت الفنانة المصرية أنها داعمة للشباب في أعمالها بكل الطرق، وحريصة على تقديم فن هادف. وأوضحت أن «أثينا» كان يحكم على البشر، مثل بعض الناس على «السوشيال ميديا»، والذين يحكمون على غيرهم عبر منشورات وتعليقات سلبية تدمر الثقة بالنفس، وقد تؤدي أحياناً للتعاطي، وربما الانتحار.

وعن ظهورها من دون ماكياج في المسلسل، قالت إن شخصية «نادين»، لم تسمح لها بذلك، فهي صحافية استقصائية تواجه أحداثاً يومية، ولا تشغلها المظاهر.

قدّمت ريهام في المسلسل شخصية «نادين» بروح الصحافية المصرية التي تتابع وتشعر بحزن شديد على ما يجري في فلسطين، وتطمح لتحقيق العدالة الإلهية؛ حيث وجدت أن نقل وجهة النظر من خلال دوافع صحافي على أرض المعركة يرافقه شعور مغاير وطريقة سرد مختلفة.

وتتابع ريهام عبر حساباتها «السوشيالية»، مستجدات حرب غزة بشكل مستمر، ووصفت ما يحدث بالاغتيال الجماعي، موضحة أن «متابعتها للقضية الفلسطينية والتضامن معها ومشاركتها الأحداث عبر حساباتها تتفق مع العروبة والإنسانية».

الفنانة ريهام حجاج تستعد لتقديم عمل سينمائي (صفحتها على «فيسبوك»)
الفنانة ريهام حجاج تستعد لتقديم عمل سينمائي (صفحتها على «فيسبوك»)

ووصفت الخطوة المقبلة بعد «أثينا»، بأنها «صعبة، خصوصاً بعد الإشادات التي حصدها المسلسل من الجمهور والنقاد»، وفق قولها. لافتة إلى أن التفكير المنظم سيجعلها في المقدمة، بجانب حرصها على اختيار ما يُشبه فنها وما تحب، حتى تترك إرثاً فنياً تفخر به أمام أبنائها وأحفادها.

ونوهت ريهام إلى أنها تحب تقديم الفن الهادف المغلف بالترفيه والتشويق، وأنها من الشخصيات التي لا تحب العيش لنفسها بل تُحب الاهتمام بالجميع، مؤكدة أن عملها وإنجازاتها العائلية أجمل ما في حياتها، فهي لا تُحبذ تكريس حياتها للفن، بل الأولوية لحياتها الأسرية.

وعن مواكبتها أحدث المستجدات في فن التمثيل، تقول: «أسافر إلى إيطاليا كل عام من أجل مقابلة أشخاص لهم علاقة بالصناعة لمواكبة العصر، كما أشاهد أعمالاً منوعة، وأحب التجديد والتطور في اختيار النص وأساليب الإخراج». وترفض ريهام التعبير المبالغ فيه بالتمثيل، وتقول: «أفضل التعامل مع الشخصية التي أجسدها بحب وأريحية ودون انفعالات زائدة».

وتحدثت ريهام عن حضورها حفل «جوي أووردز»، لأول مرة في العاصمة السعودية الرياض، وأكدت أن «هذا الحدث السنوي الرائع فرصة للقاء الزملاء وأهل الصناعة»، واصفة ما يحدث على أرض المملكة بأنه «غير مسبوق ويدعو للفخر».

ريهام حجاج قدمت العديد من الأعمال الدرامية (صفحتها على «فيسبوك»)
ريهام حجاج قدمت العديد من الأعمال الدرامية (صفحتها على «فيسبوك»)

وعن تفكيرها في التمثيل المسرحي، قالت: «قدمت مسرحية مع الفنان محمد سعد في بداياتي وشعرت بسعادة بالغة، فالمسرح هو أهم أنواع الفنون وأجملها؛ لأننا نلتقي الجمهور وجهاً لوجه، ونشعر برد فعله مباشرة، لكنه يتطلب الالتزام المطلق، بداية من البروفات حتى ليالي العرض، وأنا لديَّ مشكلة تجاه الالتزام فلا أستطيع ترك عائلتي كثيراً؛ لذا تحتاج المسألة إلى تنظيم وقت فقط».

وأكدت الفنانة المصرية أنها لا تسير على خطى أحد، بل لها شخصية فنية مستقلة، وتحب الانفتاح في أعمالها، موضحة أن النجاح يكمن في القصة، وليس اسم النجم البطل؛ لذلك فهي ليست من أنصار «السيناريوهات التفصيل»، بل تفضل النص الجيد، والابتعاد عن السكون الفني والسير في خط واحد.

وفي ختام حديثها، كشفت ريهام أنها تطمح لتقديم شخصيات فنية متنوعة تضاف إلى رصيدها الفني، وأضافت: «أتمنى تكرار تجربة الشخصية الصعيدية، بعدما قدمتها قبل سنوات في مسلسل (يونس ولد فضة)، وكذلك تقديم كثير من الشخصيات الشعبية والكوميدية التي أديتها في بداياتي».