قال الدكتور توفيق الربيعة، وزير الحج والعمرة السعودي، إن ندوة الحج الكبرى التي تعقد منذ أكثر من أربعة عقود تأتي استشعاراً من المملكة بمسؤولياتها في خدمة الحرمين الشريفين والأمة الإسلامية؛ للوصول بغايات الحج إلى مقاصدها، وتقديم حلول وأفكار مبتكرة تؤسس للعمل الإسلامي المشترك، وتكرس قواعد العمل الجماعي الموحد لأبناء العالم الإسلامي، وتسهم في تحقيق أهم مقاصد الحج، والتي تتمثل في الألفة والمودة بين المسلمين.
وبين الربيعة أن ندوة الحج الكبرى هذا العام في دورتها السابعة والأربعين اتخذت من فقه التيسير في الحج عنواناً رئيسياً لها، والذي يأتي انطلاقاً من مقاصد الشريعة الإسلامية في أداء فريضة الحج وركيزة من الركائز الأساسية فيه، حيث يعد التيسير إحدى المزايا العظيمة التي يتسم بها الدين الإسلامي الحنيف في كل نواحي الحياة وتكاليفها الدينية والدنيوية.
وجاء حديث وزير الحج، مع انطلاق ندوة الحج الكبرى تحت شعار «فقه التيسير في الحج»، والتي يشارك فيها أكثر من 22 وزيراً ومديراً لمختلف القطاعات الحكومية المشاركة في الحج، إضافة إلى حضور نخبة من المسؤولين في العديد من الدول الإسلامية.
وانفردت ندوة الحج الكبرى هذا العام بتخصيص ندوة خاصة ناقش فيها كبار القياديين في المنظومة العديد من البرامج التشغيلية المعدّة لموسم الحج، بالتزامن مع عودة الأعداد المليونية للحج، ودورهم الرئيسي في إثراء تجربة الحجيج وتلبية مختلف رغباتهم، وتسليط الأضواء على العديد من الخطط الميدانية والتنظيمية والتشغيلية للإدارات الخدمية ومدى جاهزيتها، لتكون تجربة الضيف الكريمة حافلة بالمحطات السهلة والإثرائية.
وتحرص جميع القطاعات الحكومية والأهلية غير الربحية على تجويد الخدمات وتقديم أفضل الحلول المبتكرة العملية لضيوف الرحمن من خلال تطوير الأنظمة والتشريعات، امتداداً لمستهدفات رؤية السعودية 2030، كما تسلط الجلسة الافتتاحية في الندوة الأضواء على أهمية التشاركية والتكامل بين الخطط التنفيذية لجميع الشركاء في منظومة الحج والعمرة، لتتوالى النقلات النوعية في خدمة ضيوف الرحمن، والتي تشارك في صناعتها القطاعات الصحية والأمنية والتنظيمية والخدمية واللوجيستية؛ لتحقيق أقصى رضا لملايين الحجاج من خلال تجويد الخدمات أثناء أداء مناسكهم.
وتعد نـدوة الحـج الكبـرى التي يبلغ فيها متوسط عدد المشاركين في كل دورة 57 دولة، في حين يزيد متوسط عدد الضيوف على 500 ضيف، منصـةً عالميـة إسـلامية تهـدف إلـى مناقشـة العديـد مـن القضايـا التـي تهم العالم الإسـلامي فـي العديـد مــــن المجالات وتفتح باباً للمسـتقبل عبـــر تحليلهـا لأحــــدث القضايـا والتحديـات المعاصـرة التـي يواجهها العالم الإسـلامي.
وبدأت ندوة الحج الكبرى أعمالها بجلسة افتتاحية تحت عنوان «الدور التنسيقي والتكاملي في منظومة خدمات ضيوف الرحمن»، شارك فيها وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة، والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبد الرحمن السديس، ومدير الأمن العام الفريق محمد البسامي، وأيضاً أمين العاصمة المقدسة صالح التركي، ومدير عام الدفاع المدني اللواء الدكتور حمود الفرج، وأدار الجلسة الرئيس التنفيذي لبرنامج خدمة ضيوف الرحمن المهندس محمد أبو الخير.
وخلال الجلسة قال الربيعة إن الجهات المعنية تستعد للقيام بالفرضية الثالثة لتفويج الحجاج خلال الأيام المقبلة بعد الانتهاء من فرضيتين في الفترة السابقة، كما قامت وزارته بتطوير مركز لإدارة مشاريع الحج بأنواعها بالتنسيق بين جميع الجهات، مؤكداً أن عملية التطوير مستمرة، ودائماً تسعى وزارة الحج والعمرة للأفضل وتحقيق أعلى مستويات الرضا من الحجاج، والحفاظ على سلامتهم وصحتهم.
من جهته، أشاد الشيخ السديس، خلال الجلسة، بتعاون الجهات ذات العلاقة، واصفاً ذلك بأنه نموذج عملي للدور التكاملي والتشاركي، وقال من خلال تعاوننا وتعاملنا مع وزارة الحج والعمرة والجهات الأمنية، ومن خلال المستهدفات الرئاسية في خططها الاستراتيجية والتشغيلية، استطاعت رئاسة شؤون الحرمين بناء نموذج فعال وتكاملي للاستفادة من جميع الشراكات والعمل التطوعي، وبلغ عدد المذكرات للتفاهم والتعاون قرابة 60 مذكرة مع عدة جهات، من بينها وزارة الحج والعمرة وجهات أمنية وصحية، مبيناً أن الرئاسة لها محاور مهمة قامت عليها مرتكزات خططها التشغيلية، من أهمها إثراء تجربة الضيف والعناية به وتقديم منظومة الخدمات وتهيئة البيئة التعبدية والإيمانية.
وتهدف ندوة الحج الكبرى إلى تعزيز قدرة السلطات الدينية الإسلامية على التفاهم والتعاون، وخلق بيئة مواتية لأداء فريضة الحج بسهولة ويسر ورضا تام، مع توفير منصة فكرية فريدة لمناقشة القضايا الملحة التي من المحتمل أن تؤثر على الرحلة الروحانية والدينية للحجاج أثناء أداء الشعيرة، إضافة إلى تشجيع الحوارات البناءة ذات التفكير المستقبلي، وتطوير نهج تجديدي للمواءمة مع مقاصد الشريعة، وتعزيز السلام والتسامح والتفاهم من خلال الحج الذي هو رمز للسلام والتسامح والتفاهم.