كيف بقي الإطار التنسيقي «متماسكاً» رغم عاصفة الموازنة؟

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني في فبراير الماضي (واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني في فبراير الماضي (واع)
TT

كيف بقي الإطار التنسيقي «متماسكاً» رغم عاصفة الموازنة؟

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني في فبراير الماضي (واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني في فبراير الماضي (واع)

طوال الأسابيع الماضية، أجريت مفاوضات تشريع قانون الموازنة في العراق داخل «حلبة ملاكمة» سياسية داخل مكاتب «الإطار التنسيقي» الحاكم، كل ما رشح من هناك كان يشير إلى أن هذا التحالف الذي استمد قوته من غياب «التيار الصدري»، مؤهل للتفكك. لكن لماذا لم يتحقق هذا السيناريو، وكيف بقي «الإطار» متماسكاً، رغم أن أقطابه يتنافسون بضراوة تحت الطاولة؟

كشفت عمليات صياغة الموازنة، وتعديلها فنياً وسياسياً، أن توجس قادة الأحزاب الشيعية بعضهم من بعض، وكان الهاجس الأكبر هو منع صعود قوى جديدة، تطيح بالآباء المؤسسين، أبرزهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي؛ لصالح «جيل شيعي» جديد يتمتع بالحيوية، والشراسة السياسية أيضاً، كما هو الحال مع قيس الخزعلي أمين حركة «عصائب أهل الحق».

بحسب كثيرين من أعضاء الإطار التنسيقي، فإن ثلاثة عوامل تمنع أو تؤجل، انفجاراً سياسياً داخل «الإطار» ينتهي به مفككاً إلى مجموعات شيعية، يمكن لـ«التيار الصدري» الانقضاض عليها في أي لحظة.

التوازن الحرج

بسبب عدد مقاعدها المحدود داخل البرلمان، تضطر قوى شيعية صغيرة إلى التكيف مع لعبة الأرقام داخل الإطار التنسيقي، إذ من الصعب تصور هذا التحالف دون مقاعد المالكي، الذي يقول إنها تفوق 70 مقعداً، من أصل نحو 130 مقعداً مجمل المقاعد الشيعية في البرلمان. قادة أحزاب مثل هادي العامري وقيس الخزعلي وعمار الحكيم يعرفون جيداً أن ائتلاف «دولة القانون» يمثل عصب الإطار، والخروج عليه سيفرط العقد الشيعي.

المالكي، هو الآخر، يناور مع حلفائه في «الإطار» كما لو أنه يمسك بهم من «الذراع المتضررة»، وبينما يؤمن لهم الحماية السياسية بوصفه «الأب العتيد»، يراقبهم جميعاً للتأكد من أن قيادات الصف الثاني لن تتمدد أبعد من وضعها الحالي.

بهذه الطريقة، يتأخر تفكك «الإطار التنسيقي» إلى حين تحقق معادلة حسابية جديدة لأوزان القوى، وهذا لن يكون إلا حين تجرى انتخابات تشريعية جديدة.

لكن الأكيد، أن القوى الشيعية الصاعدة لا يمكنها إخفاء طموحها في تجاوز المالكي، وآخرين من بينهم هادي العامري، الذي بات «متقاعداً، من وجهة نظر جيل شيعي جديد داخل الإطار.

شبح الصدر

قد يكون زعيم التيار الصدري، أكبر مخاوف الإطار التنسيقي. في بعض المنعطفات السياسية الحادة، منذ انسحابه من العملية السياسية، كانت أجندة قادة الإطار التنسيقي مشغولة بالقلق من هدوء الصدر، وعاصفته المحتملة، وإلى حد ما، فإن قرارات الإطار التنسيقي خلال الأشهر الماضية، صممت لتفادي الصدر، أو التحصن منه.

والحال، أن الصدر يشكل واحداً من أبرز دوافع قادة الإطار التنسيقي للبقاء موحدين في هذا تحالفهم هذا، لا سيما أنهم قضوا وقتاً كافياً لتصفية نفوذه في المؤسسات الحكومية، والتفرغ تماماً لما بات يعرف بـ«حكومة الفرصة الذهبية»، المطمئنة حتى الآن لعدم وجود معارضة سياسية.

ليس من المعروف أن الصدر يخطط بالفعل لخطوة سياسية تمهد لطريق عودته إلى العملية السياسية، لكن ثمة أمر واحد تؤكده مصادر مختلفة من النجف، تفيد بأن الصدر المنشغل بإعادة هيكلة التيار الصدري، على أساس الولاء الديني والسياسي، يراقب المشهد في بغداد، بانتظار شرخ في جدار الإطار التنسيقي.

يقول أعضاء في الإطار التنسيقي إن بعض قادة الإطار التنسيقي يحتفظ بقنوات اتصال مع محيط الصدر، إما لجس النبض، أو تحضيراً لخطوة استراتيجية، إلا أن المناخ يستخدم أحياناً لإزعاج المالكي. 

وحدة الإطار إلزامية

ثمة اتفاق شيعي، بتشديد من طهران، على منع قادة الإطار التنسيقي من الخوض في خلافات ومعارك سياسية تعرقل المشروع السياسي الذي بُني على أساس غياب الصدر.

ويحظى الإطار التنسيقي، بالفعل، بقدرات تنظيمية عالية على تسيير أموره السياسية، وإنتاج مواقفه من الشأن العام، بالطريقة التي تضمن التماسك، درجة أن الخلافات التي يخرجها للعلن كانت مدبرة لخدمة معارك سياسية مع الآخرين.

ويقول عضوان في الإطار التنسيقي إن أزمات حادة عصفت بالفعل في كيان الإطار، وكان بعضها وشيكاً من تفجير الأمر إلى خيارات قاسية على الأحزاب الشيعية، لكن الجميع كان يقف عند الخط الأحمر الإيراني. 

«رغبة إيران بتماسك الإطار تعاظمت بعد التسوية السعودية - الإيرانية»

عضو في «الإطار التنسيقي»

وأشار أحد هذين العضوين إلى أن «رغبة إيران بتماسك الإطار تعاظمت بعد التسوية السعودية الإيرانية، لأن مرحلة التهدئة والتسويات في المنطقة تتطلب نموذجاً مستقراً للحكم في العراق».

في العموم، هذه العوامل تفسر تماسك الإطار حتى الآن، لكن ثمة مؤشرات أفرزتها الموازنة أظهرت استعداد جميع الأقطاب المتنفذة فيه لخوض معارك لإثبات الوجود، لا سيما في الانتخابات المحلية المقبلة. 


مقالات ذات صلة

الصمت يسود فضاء الفصائل العراقية المسلّحة

تحليل إخباري الصمت يسود فضاء الفصائل العراقية المسلّحة

الصمت يسود فضاء الفصائل العراقية المسلّحة

خلافاً للصوت العالي الصادر عن الفصائل المسلحة العراقية الذي كان يُسمع كل يوم تقريباً خلال الأشهر الماضية، يسود هذه الأيام صمت كبير داخل أوساط هذه الجماعات.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي ماهر الأسد (أ.ف.ب)

تضارب أنباء بشأن وجود ماهر الأسد في العراق

نفت بغداد والسليمانية تقارير إعلامية عن لجوء ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد إلى جبال في إقليم كردستان.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

الخوف من «داعش» يجبر بغداد وواشنطن على إعادة ترتيب العلاقة

بعد سقوط نظام بشار الأسد، كثف العراق إجراءاته على طول حدوده مع سوريا، وأبدى حرصاً على إعادة تنظيم العلاقة مع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش».

حمزة مصطفى (بغداد)
أوروبا البابا فرنسيس يحضر صلاة من أجل ضحايا الحرب في مدينة الموصل القديمة (رويترز)

البابا يكشف عن تعرضه لمحاولة تفجير انتحاري في العراق عام 2021

كشف بابا الفاتيكان البابا فرنسيس عن أنه كان هدفا لمحاولة تفجير انتحاري أثناء زيارته للعراق قبل 3 سنوات، وكانت الأولى التي يقوم بها بابا كاثوليكي للبلاد.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي مسعود بارزاني وبرهم صالح خلال لقائهما يوم الأحد (الحزب الديمقراطي الكردستاني)

العراق: الحزبان الكرديان يبحثان تشكيل حكومة الإقليم

يزور وفد من حكومة كردستان، بغداد، لحل ملف رواتب موظفي الإقليم، وسط مباحثات كردية - كردية لتشكيل حكومة جديدة.

حمزة مصطفى (بغداد)

قوات إسرائيلية تخرج مستوطنين عبروا إلى جنوب لبنان

جنود إسرائيليون يقومون بدورية في مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقومون بدورية في مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى (أ.ب)
TT

قوات إسرائيلية تخرج مستوطنين عبروا إلى جنوب لبنان

جنود إسرائيليون يقومون بدورية في مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقومون بدورية في مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى (أ.ب)

أخرج جنود إسرائيليون مجموعة صغيرة تنتمي لليمين المتطرف بعدما عبرت الحدود إلى لبنان وبدا أن أفرادها حاولوا نصب خيام، وهو أمر وصفه الجيش اليوم الأربعاء بأنه واقعة خطيرة تخضع حاليا للتحقيق.

وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» قبل 10 أيام أن المجموعة، التي تدعو لضم جنوب لبنان والاستيطان فيه، قالت إنها عبرت الحدود وأسست موقعا هناك.

جنود إسرائيليون يقودون مركبة رباعية الدفع وسط الدمار الناجم عن قصف قرية العديسة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وقال الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء إنه أخرج تلك المجموعة من هناك سريعا.

وقال بيان للجيش الإسرائيلي: «أشار التحقيق الأولي إلى أن المدنيين عبروا بالفعل الخط الأزرق بعدة أمتار وبعد أن رصدتهم قوات الجيش أخرجتهم من المنطقة».

جنود إسرائيليون خلال دورية في مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية بالجليل الأعلى (أ.ب)

وأضاف البيان: «أي محاولة للاقتراب أو عبور الحدود إلى داخل الأراضي اللبنانية دون تنسيق تشكل خطرا يهدد الأرواح وتتدخل في قدرة قوات الجيش على العمل في المنطقة وتنفيذ مهمتها».

وقالت الصحيفة إن المنطقة التي قالت المجموعة إنها دخلتها خاضعة حاليا لسيطرة الجيش الإسرائيلي في إطار اتفاق وقف إطلاق النار المبرم الشهر الماضي بين إسرائيل وجماعة «حزب الله».

جنود إسرائيليون وجرافات في بلدة مارون الراس بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وبموجب بنود الهدنة المعلنة في 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، بوسع القوات الإسرائيلية البقاء في لبنان لمدة 60 يوما.

ولم تؤسس إسرائيل مستوطنات في جنوب لبنان حتى عندما احتلت المنطقة بين عامي 1982 و2000.