«التحالف الدولي لمحاربة داعش» ينطلق وسط التزام جماعي بمحاربة الإرهاب

الرياض وواشنطن تطالبان باستعادة الدول للمقاتلين الأجانب لتقليل أعداد النازحين

وزير الخارجية السعودية ونظيره الأميركي خلال الاجتماع (أ.ب)
وزير الخارجية السعودية ونظيره الأميركي خلال الاجتماع (أ.ب)
TT

«التحالف الدولي لمحاربة داعش» ينطلق وسط التزام جماعي بمحاربة الإرهاب

وزير الخارجية السعودية ونظيره الأميركي خلال الاجتماع (أ.ب)
وزير الخارجية السعودية ونظيره الأميركي خلال الاجتماع (أ.ب)

انطلقت، اليوم (الخميس)، في العاصمة السعودية الرياض، أعمال الاجتماع الوزاري لـ«التحالف الدولي لمحاربة داعش»، وسط توقعات بأن يعلن عدد من الدول الأعضاء الالتزام بمساهمات مالية متعدّدة ليس فقط من جانب السعودية والولايات المتحدة.

وأكّد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في كلمته الافتتاحية بالمؤتمر، أن السعودية «تؤمن بضرورة مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، وستبذل كل جهد لملاحقة داعش أينما كان»، مشدّداً في الوقت ذاته على «ضرورة تجفيف منابع تمويل داعش».

تعهد سعودي بالاستمرار في دعم التحالف

وجاء في كلمة الأمير فيصل بن فرحان أن السعودية «تؤمن دوماً بأن السبيل إلى الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار، يتطلب استمرار جهودنا الجماعية في محاربة الإرهاب وجماعاته المجرمة، ومواجهة الفكر المتطرف الذي يتناقض مع كل القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية، وستستمر السعودية في بذل كل جهد ممكن بالتعاون معكم جميعاً في سبيل دعم جهود التحالف الدولي ضد تنظيم داعش والقضاء على كل أنشطته وامتداداته الإجرامية أينما كانت ومواجهة محاولاته الشيطانية في استغلال وتجنيد الأطفال والشباب وتجفيف مصادر تمويله ودعمه».

استقرار الدول التي استهدفها «داعش»

وشدد بن فرحان على أن بلاده تحرص كل الحرص على استقرار الدول التي استغل التنظيم أراضيها من أجل تنفيذ مخططاته التدميرية ومنها سوريا والعراق، مشيداً بما بذله العراق من «جهود حاسمة وتنسيق مستمر مع التحالف الدولي للقضاء على التنظيم. وتقديراً لتلك الجهود، فقد أسهمت السعودية في تمويل مشاريع إعادة الإعمار في العراق».

مجموعات التركيز

وأعلن وزير الخارجية السعودي انضمام بلاده لرئاسة «مجموعة التركيز المعنيّة بالشأن الأفريقي» لمواجهة مخاطر التنظيم إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية والمغرب وإيطاليا والنيجر، كما رحّب بالتوجه إلى إنشاء مجموعة تركيز معنية بمكافحة تنظيم داعش «ولاية خراسان» في أفغانستان، حيث ستشكل هذه المجموعة «محوراً أساسياً للحد من وجود وانتشار داعش في تلك المناطق»، بحسب وصف الوزير.

ولفت وزير الخارجية السعودي إلى أن بلاده أنشأت عدداً من المراكز لمكافحة الإرهاب مثل مركز «اعتدال»؛ إيماناً منها «بمحاربة الفكر بالفكر، واقتلاع آفة الإرهاب من جذوره، ونبذ الكراهية والتطرف».

مكافحة دعاية «داعش» وإهانة الرموز

وطالب وزير الخارجية السعودي بـ«قطع الطريق أمام أي فرصة يمكن لتنظيم داعش استغلالها لاستمالة وتجنيد أتباع جدد»، مهيباً بمجموعة عمل مكافحة دعاية «داعش» بالتركيز خلال حملاتها على «مكافحة كل ما من شأنه إهانة الرموز الدينية والمقدّسات والأفعال الاستفزازية المتعمدة وجميع الممارسات التي تزعزع الأمن والاستقرار الذي قد يستغله تنظيم داعش والجماعات المتطرفة أينما كانت، لتغذية دعايتها الإعلامية في وقت يحتاج فيه العالم إلى العمل معاً لنبذ التطرف ونشر الحوار والتسامح».

بذل جهود إضافية نموذجية

واقترح الأمير فيصل بن فرحان بذل جهود إضافية أكثر من مجرد الأدوات الإعلامية والثقافية والتربوية مع أهميتها، مثل «تقديم نموذج عملي حيّ لوجود مستقبل أفضل قائم على التسامح والانفتاح والتنمية المستدامة والازدهار كما تجسّده رؤية السعودية 2030 ومثيلاتها، حيث يصبح الشباب هم مَن يصنعون المستقبل ويحتفي بالحياة».

استعادة المقاتلين الأجانب

وانتقد وزير الخارجية السعودي عدم استعادة عدد من الدول لمواطنيها المنضمّين إلى تنظيم داعش، قائلاً: «من غير المقبول على الإطلاق أن عدداً كبيراً من الدول الغنية لا تريد استعادة مواطنيها من دول عانت من تنظيم داعش، وأقول لتلك الدول يجب أن تتحملوا مسؤولياتكم».

واتفق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في كلمته، مع دعوة نظيره السعودي، معلّلاً بأن «الإبقاء على مسلحي داعش الأجانب في المخيمات يهدد بعودة التنظيم، وإعادة مسلحي داعش الأجانب إلى دولهم أمر مهم لتقليل أعداد النازحين في أماكن مثل مخيم الهول»، وعزز بلينكن طرحه بأن «بعض الأطفال لا يعرفون شيئاً آخر غير الحياة في مخيم الهول، وهذا يعرّض حياتهم للخطر، حيث لا يحصلون على التعليم والصحة المناسبة وليس لديهم أمل».

وأشار بلينكن إلى ضرورة تحقيق الاستقرار في العراق وسوريا بما يسهم في القضاء على التنظيم، مضيفاً أن التحالف يسعى لجمع أكثر من 600 مليون دولار كجزء من حملة التعهدات لتحقيق الاستقرار في هاتين الدولتين منها 148 مليون دولار مساهمة من قبل الولايات المتحدة.

العمليات في الساحل الأفريقي

من جانبه، أشار وزير الخارجية الأميركي إلى أن «انتشار الفقر وغياب الاستقرار عوامل استغلها تنظيم داعش لنشر فكره المتطرف»، وسلّط بلينكن الضوء على أن الوضع يزداد سوءاً بحسب وصفه، في منطقة الساحل الأفريقي مع «تزايد الهجمات الإرهابية لداعش وتسجيل أفريقيا لنصف ضحايا الهجمات الإرهابية الفترة الماضية».

وبحسب بلينكن، تراقب واشنطن الأخطار الناشئة عن «محاولات داعش من أجل العودة في أفغانستان»، مذكّراً بالتزام بلاده بدحر داعش والتخلص من آفة الإرهاب. وتقديم «تمويل لمعالجة نقاط الضعف التي استغلها داعش في عدد من الأماكن».

وأعلن بلينكن أنه تمت إضافة مجموعتين على القائمة الدولية للإرهاب هي «أمير بلاد الرافدين بالعراق، ورئيس مكتب الفرقان بالساحل».


مقالات ذات صلة

تحذير أممي من عودة «داعش» في سوريا

المشرق العربي غير بيدرسون المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا يتحدث إلى مجلس الأمن الدولي عبر تقنية الفيديو خلال عقد المجلس اجتماعاً طارئاً بشأن سوريا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك 3 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تحذير أممي من عودة «داعش» في سوريا

حذّر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، اليوم (الثلاثاء)، من أن الوضع في سوريا «خطير ومتغير»، وقد يؤدي إلى عودة ظهور تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا جانب من مداهمة الشرطة السويدية مقر جمعية إسلامية (أرشيفية)

اتهام 3 في السويد بتدبير جريمة إرهابية مرتبطة بتنظيم «داعش»

قال الادعاء العام في السويد، الاثنين، إنه وجّه اتهاماً إلى ثلاثة أشخاص بتدبير جريمة إرهابية مرتبطة بتنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
العالم العربي الإدارة الذاتية الكردية تُدين في بيان الهجوم الذي تشنه الدولة التركية ومرتزقتها على الأراضي السورية (أ.ف.ب)

الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا تتهم تركيا بقيادة الهجوم على البلاد وتعلن التعبئة العامة

اتهمت الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا، اليوم (الأحد)، تركيا بقيادة الهجوم الذي تشنه فصائل مسلحة في سوريا، وأعلنت التعبئة العامة.

«الشرق الأوسط» (حلب)
أفريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

إلى جانب الحربين اللتين تصدَّرتا عناوين الأخبار خلال عام 2024، في الشرق الأوسط وأوكرانيا، تستمر نزاعات لا تحظى بالقدر نفسه من التغطية الإعلامية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

السفير الإيراني لـ«الشرق الأوسط»: علاقاتنا مع السعودية تنمو بخطوات مدروسة

ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال استقباله نائب الرئيس الإيراني في الرياض (واس)
ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال استقباله نائب الرئيس الإيراني في الرياض (واس)
TT

السفير الإيراني لـ«الشرق الأوسط»: علاقاتنا مع السعودية تنمو بخطوات مدروسة

ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال استقباله نائب الرئيس الإيراني في الرياض (واس)
ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال استقباله نائب الرئيس الإيراني في الرياض (واس)

قال مسؤول إيراني إن العلاقات مع السعودية تسير وفق خطوات مدروسة، مشيراً إلى أن التعاون بين البلدين وما يمتلكانه من موارد طبيعية وبشرية وغيرها يساهم بشكل مباشر في تحقيق النمو والازدهار للمنطقة.

وأوضح علي رضا عنايتي، السفير الإيراني لدى السعودية، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن تطور العلاقات وتعزيزها بين طهران والرياض يأتي استجابةً لتوجيهات وعزم القادة، مضيفاً: «لقد قطعنا خطوات ملموسة، ولا تزال هناك خطوات أخرى سنمضي بها لاستكمال هذه المسيرة».

جاءت تصريحات عنايتي على هامش إطلاق أول رحلة تجارية مباشرة ومجدولة بين مطار الدمام (شرق السعودية) ومطار مشهد الإيراني أمس (الثلاثاء) لأول مرة منذ سنوات، والتي سيكون لها «بالغ الأثر في تيسير التنقل بين البلدين والمدينتين، وتقرب الشعبين»، وفقاً للسفير.

وشدد عنايتي على أن نمو العلاقات بين البلدين جاء «تلبية لعزم القادة في هذا المجال»، مشيراً إلى ما أكده نائب الرئيس الإيراني خلال لقائه مع الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أنه «لا رجعة عن هذه العلاقات».

كما اعتبر السفير الإيراني في الرياض زيارة رئيس هيئة الأركان السعودية لطهران مهمة في إطار التعاون الدفاعي بين البلدين، وقال: «زيارة رئيس هيئة الأركان مهمة في مجال التعاون الدفاعي بين البلدين، وقمنا بخطوات ولنا خطوات أخرى سنخطوها لنكمل هذه المسيرة».

السفير الإيراني علي رضا عنايتي خلال استقبال أمير الرياض له مؤخراً (إمارة الرياض)

ولفت إلى أن رحلات الطيران سابقاً كانت «مخصصة للعمرة بين المدن الإيرانية ومدينتي جدة والمدينة المنورة، أما هذه الرحلة فهي تجارية ومجدولة، وتتم يومي الثلاثاء والخميس بين مدينة الدمام السعودية ومشهد الإيرانية».

ووصف السفير هذه الخطوة بأنها مشجعة لتعزيز السياحة والتجارة بين البلدين، قائلاً: «على مدار أكثر من عام، تقدمنا بخطوات ملموسة ومدروسة لتعزيز العلاقات وتوطيدها، هناك تواصل مستمر بين القادة والمسؤولين، وعلاقات وثيقة بين وزيري الخارجية في البلدين، بالإضافة إلى ارتباطات شعبية تدعم هذا التوجه».

وتابع: «كل هذه الجهود تسهم في توطيد العلاقات التي أُسست على أسس الخير والمحبة، وهذه الخطوة تمثل امتداداً لما بدأناه في تعزيز العلاقات التي تشهد نمواً مستمراً في المجالات السياسية والدفاعية والثقافية والاجتماعية والسياحية، وستمتد لاحقاً إلى المجالات الاقتصادية والتجارية وغيرها».

وأعرب الدبلوماسي الإيراني عن شكره وتقديره «للمسؤولين السعوديين الذين سهلوا هذه الرحلات»، مشيراً إلى أن «الشكر موصول أيضاً للمسؤولين في كلا البلدين على جهودهم في ترتيبها».

صورة من تدشين أولى الرحلات التجارية المباشرة بين الدمام ومشهد لأول مرة منذ سنوات (السفارة الإيرانية)

دبلوماسية الزيارات

أوضح علي عنايتي أن الفترة الماضية شهدت تبادلاً لزيارات متعددة بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين، مشيراً إلى أن «هناك زيارات مستمرة بين البلدين في إطار الاجتماعات التي تُعقد في السعودية، ومن بينها مشاركة وزير الاقتصاد والمالية الإيراني في المؤتمر العالمي للاستثمار، حيث التقى وزيري الاقتصاد والتخطيط والاستثمار السعوديين، وناقش الطرفان أوجه التعاون الاقتصادي والتجاري».

واستطرد قائلاً: «كما قام وزير الزراعة الإيراني بزيارة للمشاركة في مؤتمر «كوب 16»، حيث التقى نظيره السعودي، وكانت هذه الزيارة فرصة للطرفين لاستكشاف مجالات تعاون تخدم مصالحهما المشتركة».

وأشار السفير الإيراني إلى أن «البلدين، بما يملكانه من إمكانيات هائلة وموارد طبيعية ومالية وبشرية، لديهما القدرة على التعاون في عدة مجالات تسهم في تحقيق النمو والازدهار للإقليم بأكمله».

خطوات مدروسة

يرى السفير الإيراني أن طهران والرياض تسيران بخطوات مدروسة لتنمية وتعزيز العلاقات في مختلف المجالات، مشدداً على الدور البارز الذي يمكن أن يلعبه المفكرون والأكاديميون في دعم وتنمية هذه العلاقات.

جانب من زيارة رئيس هيئة الأركان السعودية ولقاء نظيره الإيراني في طهران (وزارة الدفاع السعودية)

وأضاف: «شهدنا زيارة لرئيس مركز الدراسات والبحوث الدبلوماسية الإيرانية إلى المملكة، حيث التقى رئيس معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية، كما شارك في ندوة فكرية متخصصة في هذا المجال، وتم خلال الزيارة توقيع مذكرة تفاهم بين المركزين، ما يفتح آفاقاً أوسع لدراسة سبل توطيد العلاقات بين البلدين، ليس فقط من منظور الدبلوماسيين أو السياسيين، بل من خلال رؤية المفكرين والأكاديميين أيضاً».

وقال: «أعتقد أن للمجاميع الفكرية دوراً مهماً في تنمية هذه العلاقات وتوطيدها بما يخدم مصالح شعبي البلدين، هذه خطوات مدروسة ومضبوطة تُتخذ لإضفاء زخم أكبر وتعزيز أفق التعاون بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية الشقيقة».