ترانسلفانيا والملك تشارلز الثالث... علاقة حب طويلة

خصها بأولى زياراته الدولية بعد التتويج

الملك تشارلز ومجموعة من الاصدقاء وأفراد الحماية الشخصية في قرية  فاليا زالانولوي بترانسلفانيا (أ.ف.ب)
الملك تشارلز ومجموعة من الاصدقاء وأفراد الحماية الشخصية في قرية فاليا زالانولوي بترانسلفانيا (أ.ف.ب)
TT

ترانسلفانيا والملك تشارلز الثالث... علاقة حب طويلة

الملك تشارلز ومجموعة من الاصدقاء وأفراد الحماية الشخصية في قرية  فاليا زالانولوي بترانسلفانيا (أ.ف.ب)
الملك تشارلز ومجموعة من الاصدقاء وأفراد الحماية الشخصية في قرية فاليا زالانولوي بترانسلفانيا (أ.ف.ب)

في مايو (أيار) من العام الماضي، عاود الأمير تشارلز زياراته المعتادة لترانسلفانيا، بعد أن أبعده وباء «كورونا» عنها. وقصة الملك تشارلز وترانسلفانيا تعود لعام 1998، حين وقع في حب البلد وأجوائه الريفية؛ ما دفعه لامتلاك مزرعة وعقار يتم تأجيره فندقاً.

كان الملك تشارلز يقول دائماً في إجابته عن سؤال: «لماذا تحب ترانسلفانيا؟»: «إنها تسري في دمي»، وهو إشارة إلى القرابة التي تربط الملك بالأمير الذي اشتهر في القرن الخامس عشر، وعُرف باسم «فلاد الثالث»، الذي كان مصدر إلهام شخصية «الكونت دراكولا»، غير أن هناك قرابة مثبتة بين الملكة الراحلة إليزابيث الثانية والكونتيسة كلاوديا ريدي من ترانسلفانيا. ذكر مقال في مجلة «سبكتاتور»، العام الماضي أن الملك تشارلز أشار إلى أن حبه لترانسلفانيا يعود لـ«الريف والسكان الذين جعلوه يقع في حب المكان»، أو حسبما قال: «هناك إحساس بالاستمرارية هنا، وإحساس بالتوازن بين الإنسان والطبيعة».

إمرأة تجلس أمام منزل بقرية فاليا زالانولي حيث يمتلك الملك تشارلز منزلا (أ.ف.ب)

وهذا الأسبوع، عاد الملك تشارلز لترانسلفانيا كعادته في شهر مايو، غير أن هذه الزيارة تختلف عن سابقيها؛ فهو الآن ملك بريطانيا العظمى، والإجراءات الأمنية حوله مشددة. وبحسب «الصحافة الفرنسية» فقد وصل الملك (الجمعة) إلى العاصمة الرومانية بوخارست دون زوجته كاميلا، وتوجه بسرعة إلى المكان الذي أحبه قبل 25 عاماً تماماً. ولم يكن دان سباتارو المسؤول في مجلس المدينة في إحدى قرى تشارلز المفضلة يتوقع عودته في أي وقت قريب. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وقد بدا عليه التأثر بزيارة تشارلز الثالث بعيد احتفالات تتويجه مطلع مايو: «إنه الآن ملك، وكنا نعتقد أن قواعد البروتوكول لن تسمح له بزيارتنا». وأضاف: «بهذه البادرة يظهر لنا حبه». يزور الملك أولاً منزله الهادئ في فاليا زالانولوي، قبل أن يلتقي الثلاثاء سكان فيسكري التي تبعد نحو مائة كيلومتر عن المكان.

جذبت الشوارع الترابية الضيقة والقليلة والعربات التي تجرها الخيول والمنازل ذات الألوان الزاهية تشارلز فاشترى منزله الأول هناك في 2006، وقد تحول الآن إلى متحف صغير مخصص لشغفه بعلم النبات. في كل زياراته التي يعود آخرها إلى مايو (أيار) 2022، يبدو «ودوداً ومنفتحاً»، على حد قول سباتارو الذي لم يتوقف عن الإشادة بملك بريطانيا. وأضاف أنه «مثل أي رجل آخر، يرتاح هنا ويحب المشي في الطبيعة».

بعد اكتشافه للمنطقة في 1998 أصبح الملك تشارلز مهتما بالدفاع عن البيئة في هذه القرى الواقعة في قلب رومانيا (أ.ف.ب)

تحدث تشارلز عن «هذه العلاقة الحميمة» مع رومانيا، حيث يشعر بأنه في وطنه خلال حفل استقبال في القصر الرئاسي في بوخارست. بعد اكتشافه للمنطقة في 1998، أصبح هذا المدافع عن البيئة حامياً شرساً لهذه القرى الواقعة في قلب رومانيا، التي أسَّسها مستوطنون سكسون في القرن الثاني عشر. وبين ويلات نظام الديكتاتور السابق، نيكولاي تشاوشيسكو، وإهمال السلطات المحلية في هذا البلد الفقير الذي يستشري فيه الفساد، اختفى عدد منها قبل أن يبدأ تشارلز نشاطه. وبدفع منه طرحت مشاريع عدة لإعادة تأهيل التراث، ورافقها انتعاش للسياحة. ويفترض أن يغتنم تشارلز فرصة لقائه مع سكان فيسكري لاستعراض المبادرات الجارية في هذه القرية الصغيرة التي تضم 400 نسمة، وأبرز معالمها كنيسة محصنة، كما قال ألكسندرو توادير (37 عاما) الذي يملك نزلاً فيها. يأمل توادير الذي وزع لوحات إعلانية صغيرة في هذه المناسبة في الحصول على دعم الملك لإقناع السلطات المحلية بمنع السيارات من دخول القرية.

الملك تشارلز ومجموعة من الاصدقاء وأفراد الحماية الشخصية في قرية فاليا زالانولوي بترانسلفانيا (أ.ف.ب)

وهو يرحب بهذه الزيارة، لكنه يأسف لتعزيز إجراءات الحماية. وهو يتذكر أنه في الماضي «كان بإمكان تشارلز التجول في الشوارع بحرية أو التوغل في التلال الخضراء لاستكشاف كل أنواع النباتات التي اختفت في أماكن أخرى من أوروبا». لكن الأجواء مختلفة هذه المرة؛ فقد كان على توادير الرد على مجموعة من الأسئلة طرحتها أجهزة الأمن الرومانية تتعلق خصوصاً بزبائنه الكثيرين في هذا الوقت من العام.

وقال دان سباراتو إنه «تم تعزيز الأمن»، لكن من غير الوارد استبدال الاستقبال بآخر خانق. وقالت كارولين فيرنوليند رئيسة مؤسسة «ميهاي إمينسكو تراست» المكرسة لحماية تراث ترانسلفانيا ويرعاها منذ فترة طويلة تشارلز إن «استقبال الملك سيكون لحظة فريدة لمجتمعنا ودليلاً على الاعتراف بالعمل المنجَز خلال كل هذه السنوات». وفي إطار هذا التكريم، حرصت القرية على البساطة؛ إذ لم يتم التخطيط لمراسم كبيرة، ولم تُرفَع أي لافتة. وقالت فيرنوليند مبتسمة: «لن نزين المكان ولن نجمله. لماذا نفعل ذلك؟ الجمال موجود هنا... حولنا».

يزور الملك أولا منزله الهادئ في فاليا زالانولوي (أ.ف.ب)


مقالات ذات صلة

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأمير ويليام خلال تسجيل أول فيديو عبر منصة «تيك توك» (اندبندنت)

حاور طالبة تأخرت عن محاضرتها... الأمير ويليام يقتحم عالم «تيك توك» (فيديو)

ظهر الأمير ويليام لأول مرة على تطبيق «تيك توك» خلال زيارة إلى مركز حرم مدينة بلفاست.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الملك البريطاني تشارلز يلوّح بقبعته (أ.ف.ب)

بعيده الـ76... الملك تشارلز يحتفل عبر افتتاح مركزين لتوزيع الطعام

يحتفل الملك تشارلز ملك بريطانيا، اليوم (الخميس)، بعيد ميلاده السادس والسبعين بافتتاح مركزين لتوزيع الإمدادات الغذائية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تقف كيت أميرة ويلز البريطانية على شرفة أثناء الخدمة الوطنية لإحياء الذكرى في النصب التذكاري بلندن (أ.ب)

الأميرة كيت تستضيف أول فعالية ضخمة بعد التشخيص بالسرطان

تعود كيت أميرة ويلز البريطانية بأبرز ظهور لها في الفعاليات الملكية، الشهر المقبل، في حين تتحسن حالة ملكة بريطانيا بعد عدوى في الصدر.

«الشرق الأوسط» (لندن )
يوميات الشرق الملكة الراحلة إليزابيث الثانية مع بوريس جونسون (رويترز)

«هذا الأحمق لن ينظم جنازتي»... هكذا مزحت الملكة إليزابيث من استقالة جونسون

كشف كتاب جديد أن الملكة الراحلة إليزابيث الثانية علّقت على استقالة بوريس جونسون من منصب رئيس الوزراء، بسخرية حيث قالت: «على الأقل هذا الأحمق لن ينظم جنازتي».

«الشرق الأوسط» (لندن)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».