أميركا تنفذ وعيدها بعقوبات على الجيش و«قوات الدعم» في السودان

اتهمت الطرفين بـ«تأبيد العنف» وتحملهما مسؤولية «تقويض الديمقراطية»

سودانيون هربوا من العنف بدارفور إلى تشاد في 14 مايو الماضي (رويترز)
سودانيون هربوا من العنف بدارفور إلى تشاد في 14 مايو الماضي (رويترز)
TT

أميركا تنفذ وعيدها بعقوبات على الجيش و«قوات الدعم» في السودان

سودانيون هربوا من العنف بدارفور إلى تشاد في 14 مايو الماضي (رويترز)
سودانيون هربوا من العنف بدارفور إلى تشاد في 14 مايو الماضي (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، فرض عقوبات اقتصادية ووضع قيود على التأشيرات ضد الذين «يؤيدون العنف» في السودان، مستهدفة بصورة خاصة 4 شركات ذات صلة مباشرة بكل من القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، بينما تواصل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة حض الطرفين على العودة إلى محادثات وقف النار في جدة.وتشمل العقوبات التي أعلنتها إدارة الرئيس جو بايدن قيوداً على منح تأشيرات الدخول لأشخاص محددين، بينهم مسؤولون من القوات المسلحة وقوات «الدعم السريع»، وقادة من نظام الرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير؛ لأنهم «مسؤولون أو متواطئون في تقويض الديمقراطية في السودان»، وفقاً لما قاله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان يوضح الأساس الذي وضعه الرئيس بايدن في 4 مايو (أيار) الماضي للعقوبات من خلال قرار تنفيذي.

أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي في أوسلو الخميس (أ.ب)

وفي تصريح منفصل من أوسلو، حيث يشارك في اجتماعات مع نظرائه في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أبلغ الوزير بلينكن الصحافيين بأن طرفي النزاع في السودان «يواصلان انتهاك اتفاق وقف النار» الذي جرى تجديده الاثنين الماضي، مضيفاً أن بلاده ستواصل الانخراط مع الطرفين. وزاد: «نحن نبحث أيضاً في الخطوات التي يمكننا اتخاذها لتوضيح وجهات نظرنا في شأن أي قادة يحركون السودان في الاتجاه الخاطئ». وكان بلينكن هدد في أواخر مايو (أيار) الماضي، كلاً من البرهان ودقلو بعقوبات محتملة في حال انتهاك وقف النار. وقال مستشار الأمن القومي لدى البيت الأبيض، جايك سوليفان، إن «هذه الإجراءات تهدف إلى محاسبة المسؤولين عن تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان». وأضاف أن «نطاق إراقة الدماء، في الخرطوم ودارفور على وجه الخصوص، مروع». ونبه إلى أن «فشل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في التزام وقف النار يزيد من قلقنا من أن الشعب السوداني سيواجه مرة أخرى نزاعاً طويل الأمد، ومعاناة واسعة النطاق على أيدي القوى الأمنية».

استهداف للطرفين

وأوضحت وزارة الخزانة، في بيان، أن الجهات المستهدفة هي أربع: شركة الجنيد للنشاطات المتعددة المحدودة التي يسيطر عليها «حميدتي» وشقيقه نائب قائد قوات «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو، وهي تعمل بشكل أساس في التعدين، وأنشأت أسماء أعمال في كافة مجالات بما في ذلك التكنولوجيا، وشركة «تراديف جنرال ترايدينغ» التجارية التي تعد واجهة يسيطر عليها شقيقه الآخر المسؤول في قوات «الدعم السريع» الرائد ألجوني حمدان دقلو، وشركة «نظام الصناعات الدفاعية» السودانية الكبرى، وشركة «السودان ماستر تكنولوجي» للأسلحة. وكلتا الشركتين مرتبطة بالقوات المسلحة السودانية.

وقالت وزيرة الخزانة، جانيت يلين، إنه «من خلال العقوبات، نقطع التدفقات المالية الرئيسية إلى كل من قوات (الدعم السريع) والقوات المسلحة السودانية، ونحرمهما من الموارد اللازمة لدفع رواتب الجنود، وإعادة التسلح، وإعادة الإمداد، وشن الحرب في السودان». وأضافت أن الولايات المتحدة «تقف إلى جانب المدنيين ضد أولئك الذين يؤيدون العنف ضد الشعب السوداني». وطوال الأسابيع الماضية، حضت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الطرفين على العودة إلى محادثات وقف النار على رغم الانتكاسة الإضافية التي أعاقت جهود السلام. وأطلقت الولايات المتحدة، الخميس، مناشدة جديدة بعدما علقت القوات المسلحة السودانية، الأربعاء، مشاركتها في محادثات جدة مع قوات «الدعم السريع». وأفادت وزارة الخارجية الأميركية بأنه «بمجرد أن توضح القوتان من خلال أفعالهما أنهما جادتان في شأن الامتثال لوقف النار، فإن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية على استعداد لاستئناف تيسير المناقشات المعلقة للتوصل إلى حل لهذا النزاع» بين المتحاربين. وكانت الوساطة السعودية - الأميركية نجحت في التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف النار في 21 مايو (أيار) الماضي، للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الحيوية في العاصمة الخرطوم والعديد من المناطق الأخرى، بما فيها دارفور. وأخفقت 7 إعلانات لوقف النار حتى الآن منذ بدء النزاع في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بسبب استمرار الانتهاكات. وفي بيان مشترك صدر الأحد الماضي، اتهمت الرياض وواشنطن الجانبين بخرق الهدنة وارتكاب انتهاكات جسيمة. وأوضحتا أن الجيش السوداني واصل تنفيذ الغارات الجوية، بينما كانت قوات «الدعم السريع» تحتل منازل المواطنين وتستولي على ممتلكاتهم. وأضافتا أن السرقة تحدث في مناطق الطرفين.

«انتهاكات خطيرة»

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن الطرفين ارتكبا «انتهاكات خطيرة لوقف النار»، مضيفاً أن «هذه الانتهاكات دفعتنا بصفتنا مسهّلاً لهذه المحادثات، إلى التساؤل بجدية عما إذا كانت الأطراف مستعدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها نيابة عن الشعب السوداني». وجاءت هذه التطورات بعد يومين من إعلان الوسطاء السعوديين والأميركيين أن طرفي النزاع وافقا على تمديد الهدنة 5 أيام «لمنح ممثلي العمل الإنساني مزيداً من الوقت للقيام بعملهم الحيوي (...) على الرغم من عدم الالتزام بشكل تام». ومع أن إعلان وقف النار خفف من حدة القتال وأتاح وصول مساعدات إنسانية محدودة، لكن تتخلله اشتباكات وضربات جوية. وأفادت مديرة برنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين بأن أغذية وأصولاً تتعرض للنهب في منطقة الأبيض بجنوب غربي الخرطوم. وقالت إن «غذاء يكفي 4.4 مليون شخص في خطر». وأفادت المسؤولة في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، طوبي هارورد، بأن مئات الأشخاص قتلوا في دارفور، حيث يتواصل القتال «متجاهلاً بشكل صارخ التزامات وقف النار».

دخان متصاعد فوق جنوب الخرطوم جراء الاشتباكات الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وأعلنت الأمم المتحدة أن القتال تسبب في نزوح أكثر من 1.2 مليون شخص بينما لجأ 425 ألف شخص إلى دول مجاورة، بينهم 170 ألفاً توجهوا إلى مصر. ووفقاً لبيانات رسمية، قتل ما لا يقل عن 730 شخصاً، بيد أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير على الأرجح. وأصبحت مدينة بورتسودان الهادئة على ساحل البحر الأحمر مقراً لموظفي الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة ودبلوماسيين، وكذلك بعض المسؤولين الحكوميين. وعلى رغم ذلك، أعلنت السلطات حظراً للتجول في المدينة في وقت سابق من هذا الأسبوع، وحذر الجيش من تسلل «خلايا نائمة» إليها.


مقالات ذات صلة

هل يفرض ترمب صفقة سلام سريعة لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية؟

تحليل إخباري جنود أوكرنيون خلال تدريب ميداني في موقع غير محدد بالمنطقة الشرقية من أوكرانيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

هل يفرض ترمب صفقة سلام سريعة لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية؟

حاول الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إظهار أن الحرب الطويلة بين روسيا وأوكرانيا تقترب من نقطة تحول.

هبة القدسي (واشنطن)
تحليل إخباري ترمب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتصافحان في البيت الأبيض 13 فبراير 2025 (رويترز)

تحليل إخباري استراتيجية ترمب للأمن القومي... من الاحتواء إلى إعادة الاصطفاف

تُعدّ وثيقة الأمن القومي التي صدرت عن إدارة ترمب هذا الشهر أهم وثيقة جيوسياسيّة أميركيّة، إذ ترسم توجّهات واشنطن الداخلية كما الخارجيّة.

المحلل العسكري
خاص ترمب يستقبل إردوغان بالبيت الأبيض للمرة الأولى منذ 6 سنوات في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

خاص تركيا تعلق آمالاً على «صداقة» ترمب لحل الملفات العالقة

تبرز العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة بوصفها واحدةً من أكثر العلاقات تعقيداً وتقلباً بالرغم من التحالف في «ناتو» يحرص البلدان على تسييرها من منظور براغماتي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جورج دبليو بوش خلال مؤتمرهما الصحافي في مدينة سوتشي على البحر الأسود جنوب روسيا 6 أبريل 2008 (أ.ب)

بوتين لبوش عام 2001: أوكرانيا مصطنعة وكانت تابعة لروسيا

في وثائق سرية أميركية، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره الأميركي جورج بوش الابن عام 2001 إن أوكرانيا «مصطنعة» وكان يفترض أن تكون تابعة لروسيا.

علي بردى (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: خطة السلام لا تلزمنا بالتخلي رسمياً عن السعي للانضمام إلى «الناتو»

كشف الرئيس الأوكراني، في تصريحات نُشرت، أن المقترح الجديد لإنهاء الحرب الذي تفاوضت عليه كييف وواشنطن لا يُلزم كييف بالتخلي عن «الناتو».

«الشرق الأوسط» (كييف)

مجلس الوزراء السوداني يجيز «موازنة 2026 الطارئة» ويصفها بـ«المعجزة»

 مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)
مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)
TT

مجلس الوزراء السوداني يجيز «موازنة 2026 الطارئة» ويصفها بـ«المعجزة»

 مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)
مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)

وصف رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل إدريس، مشروع الموازنة الطارئة للعام المالي 2026، التي أقراها مجلس الوزراء يوم أمس (الثلاثاء)، بـ«المعجزة»

مشيداً بضبط وزارة المالية الإنفاق وحسن إدارة موارد الدولة وزيادة الإيرادات في ظل ظروف استثنائية.

وأشار رئيس الوزراء السوداني إلى أن «المعجزة» الأولى هي توقع الموازنة بتحقيق معدل نمو في الناتج المحلي الاجمالي بحوالي 9 في المائة، والثانية خفض متوسط معدل التضخم خلال العام 2026 إلى 65 في المائة.

وأوضح وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم، أن الموازنة تشمل تحسين الأجور وتوفير وظائف في مداخل الخدمة، مشيراً إلى اعتماد توسيع قاعدة الإيرادات على التوسع الأفقي وعدم تحميل المواطن اي أعباء ضريبية جديدة، كما تستهدف الموازنة خفض متوسط معدل التضخم خلال العام 2026 الى 65 في المائة مقارنة بمعدل 101.9 في المائة للعام 2025.

وأبان إبراهيم، أن الموازنة تركز على إصلاح المالية العامة بترتيب أولويات الصرف المحددة والإنفاق العام، وتوفير احتياجات القوات والأجهزة النظامية، ومقابلة الإحتياجات الأساسية للوزارات والوحدات الحكومية، إضافة إلى تحسين أوضاع النازحين واللاجئين السودانيين بدول الجوار ومقابلة تكاليف توفير المساعدات الإنسانية لهم .

وأوضح وزير المالية، أن أداء موازنة العام 2025 جاء فوق التوقعات رغم استمرار تحديات الحرب، حيث حققت الايرادات العامة نسبة اداء 147 في المائة، واستمر الصرف على الاحتياجات الحتمية، مشيراً إلى أن الموازنة التزمت بتهيئة البيئة المناسبة للعودة للخرطوم وتأهيل مطار الخرطوم.


تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)
TT

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)

مددت تونس حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر تبدأ مطلع شهر يناير (كانون الثاني) المقبل حتى يوم 30 من الشهر نفسه.

ونشر قرار التمديد من قبل الرئيس قيس سعيد في الجريدة الرسمية. وكان آخر تمديد شمل عام 2025 بأكمله.

ويستمر بذلك سريان حالة الطوارئ في البلاد لأكثر من عشر سنوات، منذ التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وأدى إلى مقتل 12 عنصراً أمنياً ومنفذ الهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش».


«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
TT

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، اليوم الثلاثاء، من وجود «مستويات غير مسبوقة وخطيرة» من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور في غرب السودان.

وقالت المنظمة، في بيانٍ نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، إن مسحاً حديثاً أظهر أن أكثر من نصف الأطفال الذين جرى تقييمهم في محلية أم برو بالولاية يعانون سوء التغذية الحادّ، «في ظل استمرار القتال وقيود شديدة على وصول المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة».

ووفقاً للمسح، الذي أجرته «اليونيسف»، في الفترة بين 19 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعاني واحد من بين كل ستة أطفال من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وهي حالة تهدد الحياة ويمكن أن تُودي بحياة الطفل في غضون أسابيع إذا لم يجرِ علاجها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن «كل يوم يمر دون وصول آمن ودون عوائق يزيد خطر ضعف الأطفال ومزيد من الوفيات والمعاناة من أسباب يمكن الوقاية منها تماماً».

ودعت «اليونيسف» كل الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وحضّت المجتمع الدولي - بما يشمل الدول التي لها نفوذ على أطراف الصراع - على تكثيف الضغط الدبلوماسي والسياسي، بشكل عاجل، لضمان الاتفاق على هدنة إنسانية واحترامها.

وتابعت المنظمة: «دون هدنة إنسانية يمكن التنبؤ بها واحترامها، لن يكون بوسع عمال الإغاثة إيصال الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية وخدمات الحماية بأمان، ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأكبر».