مساعٍ عراقية لإخراج الموازنة من عنق زجاجة الخلافات

صورة نشرها حساب البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة المالية الأحد (تلغرام)
صورة نشرها حساب البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة المالية الأحد (تلغرام)
TT

مساعٍ عراقية لإخراج الموازنة من عنق زجاجة الخلافات

صورة نشرها حساب البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة المالية الأحد (تلغرام)
صورة نشرها حساب البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة المالية الأحد (تلغرام)

دخل زعماء الخط الأول في العراق على خط إيجاد حل لأزمة الموازنة المالية الناتجة عن خلاف مع «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، فيما يبدو أن هوة الخلاف لا تزال واسعة بين الطرفين.

ورغم أن الخلاف يتعلق بفقرتين فقط من مواد الموازنة، فقد عدت حكومة إقليم كردستان ما حدث (تعديلهما في لجنة المالية البرلمانية) بمثابة استهداف سياسي لإقليم كردستان، ما يهدد كل الاتفاقيات السياسية الموقعة بين المركز والإقليم (بغداد وأربيل)، خصوصاً وثيقة الاتفاق السياسي التي تشكلت الحكومة الحالية بموجبها، وكان «الحزب الديمقراطي الكردستاني» أحد أطرافها الفاعلة.

وفي إشارة إلى عدم حدوث توافق بين الطرفين واستمرار الخلافات، فقد عد زعيم «تيار الحكمة الوطني» عمار الحكيم عدم تلبية الموازنة المالية العامة للبلاد «طموح» كافة القوى السياسية العراقية أمراً «طبيعياً». وذكر الحكيم في لقاء متلفز أن «الاتفاق على الموازنة رغم كل التعقيدات سيكون دليلًا على نجاح التجربة السياسية الحالية في العراق». وتابع أن «ائتلاف إدارة الدولة العراقية حالياً تجسيد للتفاهم بين المكونات السياسية، وأنه يأمل في إقرار الموازنة الجديدة لتكون الأكبر في تاريخ العراق». وكانت قد توالت طوال الأيام القليلة الماضية الاجتماعات الرسمية، سواء من قبل قادة «الإطار التنسيقي» الشيعي أو قيادة «ائتلاف إدارة الدولة»، فضلاً على اللقاءات والاتصالات غير الرسمية، لتقليص مساحة الخلاف، لكن لم تعلن حتى الآن رئاسة البرلمان موعداً جديداً لغرض التصويت على الموازنة.

وكانت حكومة إقليم كردستان وقيادة «الحزب الديمقراطي الكردستاني» قد اعترضتا على تعديلات أُجريت من قبل اللجنة المالية على الفقرات الخاصة بالإقليم في الموازنة المالية، ووصفت تلك التعديلات بأنها «مخالفة» للقوانين والدستور والاتفاقات المبرمة بين أربيل وبغداد التي تمخض عنها تشكيل الحكومة الاتحادية الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.

وفي هذا السياق، عبّر عدد من الخبراء والأكاديميين في أحاديث لـ«الشرق الأوسط» عن رؤاهم لطبيعة الخلافات حول الموازنة المالية وطبيعة التوافقات السياسية.

 

البكيري: مخالفة دستورية

أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين في بغداد الدكتور ياسين البكري يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الخلاف على الموازنة ليس مالياً بل هو خلاف سياسي، (تكتيكي واستراتيجي) في آن واحد». وأضاف البكري أن «المواطن العراقي هو من يدفع ثمن خلافات سياسية وفساد وهدر مالي»، مبيناً في الوقت نفسه أن «التعديل الذي أجرته اللجنة المالية في البرلمان لمشروع الموازنة غير دستوري بموجب المادة 62 ثانياً والكثير من قرارات المحكمة الاتحادية». وسأل: «لماذا تعقد اتفاقات قبل تشكيل الحكومة وينكل بها بعد التشكيل». وأشار إلى أن «الاتفاق السياسي لا يعني بالضرورة أنه كان عادلاً ودستورياً، ولكن لماذا يجري التفاوض وكتابة وتوقيع اتفاق غير عادل ومخالف للقواعد يتوافق عليه المتحالفون». وأوضح البكري أن «الهدف من هذا الخلاف يتمحور حول نقاط ثلاث؛ الأولى، هدف تكتيكي يتمثل في المخاوف من صعود أسهم السوداني قبيل انتخابات مجالس المحافظات، بينما الهدف الثاني هو استراتيجي يتلخص في تفريغ محتوى النظام الاتحادي (الفيدرالي) وتجريفه، بما يخص إقليم كردستان أو الأقاليم لو استحدثت وفق الدستور الاتحادي، كون الطبقة السياسية تفكر بعقلية مركزية، ومحاولة لاستثمار تخلخل موازين القوى الداخلية الحالي، والتكفير عن خطأ يعتقده الآباء المؤسسون بمنح الإقليم، والأقاليم لو استحدثت صلاحيات واسعة في الدستور يضعف من قوة المركز». أما الهدف الثالث فطبقاً لما يرى البكري فإنه «يرتبط بقوى الجذب، والاستقطاب الإقليمي في صراع المحاور الإقليمية يهدف لعزل السليمانية عن أربيل».

الدعمي: ضغط على الحكومة

ومن جهته، يرى أستاذ الإعلام الدولي الدكتور غالب الدعمي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث هو مواقف سياسية هدفها الضغط على الحكومة تحديداً للاستجابة أو لإضافة فقرات جديدة تصب من حيث المنفعة للذين يعترضون على الموازنة» مبيناً أن «ما يطرح بشأن كردستان ليس صحيحاً، حيث لم تحدث أية تغيرات في حصة كردستان بالمطلق، لكنها أضافت بعض الفقرات، وأعتقد أن هذا هو الهدف». وتابع: «الاعتراض مثلما يقال من أجل الوسط والجنوب غير صحيح في الواقع، وبكل صراحة لو أن نصف الموازنة المخصصة للوسط والجنوب تُصرف بشكل حقيقي لأبناء تلك المناطق لشعر بها أبناء تلك المناطق، لكن الذي يحدث هو أن فقرات الموازنة تذهب للفساد وليس للمواطن». وتابع الدعمي أن «الموازنة هي سياسية قبل أي شيء آخر، وأن أي اعتراض على الموازنة هو اعتراض سياسي بالدرجة الأولى رغم قناعتي أن هناك ظلماً كبيراً لأبناء الوسط والجنوب بسبب السياسات الفاشلة التي يتحملها بعض المحافظين وبعض النواب والحكومات كلها من 2003 وحتى اليوم».


مقالات ذات صلة

فرنسا تستهدف تضخماً 1.4 % وخفض الإنفاق العام في موازنة 2025

الاقتصاد يسير الناس على طول الواجهة البحرية في لا ديفانس بالحي المالي والتجاري بالقرب من باريس (رويترز)

فرنسا تستهدف تضخماً 1.4 % وخفض الإنفاق العام في موازنة 2025

قالت وزيرة الموازنة الفرنسية أميلي دي مونتشالين، يوم الأربعاء، إن الحكومة تستهدف معدل تضخم يبلغ 1.4 في المائة، هذا العام، كما تهدف إلى خفض الإنفاق العام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)

«الإسكوا»: الكويت بحاجة لإصلاحات هيكلية لتنويع إيراداتها وتحقيق الاستقرار المالي

قالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، إن الاقتصاد الكويتي، الذي يعتمد في الغالب على الموارد الطبيعية، يواجه تحديات مستمرة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تتحدث في مجلس العموم بعد زيارتها الأخيرة للصين (أ.ف.ب)

ريفز: الاضطرابات المالية تؤكد ضرورة تسريع جهود تحفيز النمو في بريطانيا

أصرت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، على أن الاضطرابات في الأسواق المالية تؤكد ضرورة تسريع وتعميق جهود تحفيز النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث في جامعة لندن كوليدج (د.ب.أ)

ستارمر يدافع عن ريفز ويؤكد التزام الحكومة بخطط الإصلاح الاقتصادي

اضطر رئيس الوزراء كير ستارمر يوم الاثنين للدفاع عن وزيرة ماليته، راشيل ريفز، مؤكداً أنها ستضمن تمويل الإنفاق اليومي من خلال الضرائب مع ضمان النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد صورة عامة تُظهر وسط تل أبيب (رويترز)

عجز موازنة إسرائيل يرتفع إلى 6.9 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2024

أفادت وزارة المالية الإسرائيلية، اليوم (الاثنين)، بأن عجز الموازنة قد بلغ 19.2 مليار شيقل (5.2 مليار دولار) في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (القدس)

إردوغان يُحذر إسرائيل من تأثيرات الاعتداء على سوريا

أحمد الشرع خلال استقباله وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق 22 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
أحمد الشرع خلال استقباله وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق 22 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يُحذر إسرائيل من تأثيرات الاعتداء على سوريا

أحمد الشرع خلال استقباله وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق 22 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
أحمد الشرع خلال استقباله وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق 22 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

استبق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات وفد الإدارة السورية في أنقرة بالإعلان عن أنها ستُركز على سُبل دعم سوريا وإعادة الإعمار.

وقال إردوغان، أمام البرلمان، الأربعاء: إنه «يجب على إسرائيل أن توقف فوراً الأعمال العدائية على الأراضي السورية؛ وإلا فإن النتائج سيكون لها تأثير سلبي على الجميع».

وتستضيف وزارة الخارجية في أنقرة مباحثات تركية - سورية عبر صيغة (3+3)، الأربعاء، وتضم وزيري الخارجية هاكان فيدان وأسعد الشيباني، والدفاع يشار غولر ومرهف أبو قصرة، ورئيسي جهازي المخابرات إبراهيم كالين وأنس خطاب.

ويبحث الاجتماع، حسب مصادر تركية، التطورات في سوريا، وبخاصة وضع وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والاشتباكات المستمرة بينها وبين فصائل «الجيش الوطني السوري»، المدعومة من تركيا في شرق حلب، وموقف الإدارة السورية منها، حيث ترغب تركيا في حلها وإلقاء أسلحتها وخروج عناصرها الأجنبية من سوريا، وانخراط العناصر السورية في الجيش السوري الموحد.

فيدان التقى الشيباني على هامش اجتماع الرياض حول سوريا السبت الماضي (أ.ف.ب)

وحسبما ذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، تتناول المباحثات أيضاً التعاون في مجالات: الأمن و«مكافحة الإرهاب»، والطاقة، وإعادة الإعمار والتنمية.

كما تتناول المباحثات، وفق المصادر، ملف «العودة الطوعية والآمنة» للاجئين السوريين، وجهود رفع العقوبات المفروضة على دمشق.

وقالت المصادر إن «الجانب التركي سيؤكد مجدداً دعمه الإدارة السورية في مختلف المجالات لإنجاز المرحلة الانتقالية، وتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا».

إردوغان يتوعد

وقال إردوغان، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، في البرلمان، الأربعاء: «لن نسمح بحدوث أي شكل من أشكال الفوضى في سوريا، ولن نسمح بزرع بذور الفتنة بيننا وبين الشعب السوري». محذراً في الوقت نفسه إسرائيل من مغبة مواصلة الأعمال العدائية على الأراضي السورية.

وقال إردوغان: «يجب على الجميع أن يرفعوا أيديهم عن المنطقة، ونحن قادرون مع إخواننا السوريين على سحق تنظيم (داعش) و(الوحدات الكردية)، وجميع التنظيمات الإرهابية في وقت قصير».

وأضاف: «مسلحو وحدات حماية الشعب الكردية يمثلون أكبر مشكلة في سوريا الآن بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، وإن لم يُلقوا أسلحتهم فلن تتمكن من الإفلات من نهايتها المحتومة».

إردوغان متحدثاً أمام المجموعة البرلمانية لحزبه الأربعاء (الرئاسة التركية)

وتابع: «إذا كانت سوريا والمنطقة تتخلصان من تهديد (داعش)، فإن تركيا هي (القوة العظمى) التي لديها القدرة على حل هذه القضية»، وفق قوله.

وأوضح إردوغان أن «اهتمام تركيا بدولة جارة لها (سوريا) لأسباب مشروعة ومحقة وإنسانية هو أمر طبيعي جداً، وواجب الأخوّة والجوار يقتضي أن تداوي تركيا جراح إخوانها السوريين وتضمن لهم النهوض في أقرب وقت».

وقال: «لا يمكننا أن ننظر بمنظار غربي إلى دولة سوريا التي تربطنا بها علاقات أخوية منذ قرون وحدود بطول 911 كيلومتراً، ولن يتمكن أحد من تخريب أواصر الأخوة بين تركيا وسوريا وبين العرب والأتراك والأكراد».

وشدد إردوغان على أن تركيا تتابع وتدعم حل كل قضايا الإخوة الأكراد في سوريا، وهي الضامنة لأمنهم.

اشتباكات «قسد»

بالتوازي، قُتل 5 من عناصر «قسد» في قصف بطائرات مُسيرة تركية وقذائف المدفعية على محور تلة سيرياتيل في سد تشرين شرق حلب، كما ارتفع عدد قتلى الفصائل الموالية لتركيا إلى 13 قتيلاً، خلال يومين، في إطار الاستهدافات المتبادلة بين الطرفين على محور السد.

واستهدفت القوات التركية والفصائل الموالية لها بقذائف المدفعية ضمن منطقة «درع الفرات» بعض قرى ومحيط بلدة صرين جنوب مدينة عين العرب (كوباني) بالإضافة إلى محيط وقرى جسر قرقوزاق، حسبما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الأربعاء.

ولا تزال الاشتباكات مستمرة بين الطرفين للشهر الثاني على التوالي دون حدوث تغيير في خريطة السيطرة، بعدما سيطرت الفصائل الموالية لتركيا على تل رفعت ومنبج، فيما تحاول اجتياز محور سد تشرين الاستراتيجي وسط مقاومة عنيفة من «قسد» وقوات مجلي منبج العسكري التابعة لها.

عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تشارك في المعارك على محور سد تشرين (أ.ف.ب)

في الأثناء، أجرت قوات «التحالف الدولي للحرب على داعش» بمشاركة «قسد» تدريبات ليلية، ليل الثلاثاء - الأربعاء، في قاعدة قسرك بريف الحسكة الغربي، تخللتها تدريبات باستخدام الذخيرة الحية وقذائف المدفعية، لرفع مستوى التنسيق بين القوات وتعزيز الجاهزية القتالية لمواجهة أي تهديدات محتملة في المنطقة.

إلى ذلك، قُتل مدنيان كانا يستقلان دراجة نارية على طريق مخيم القلعة شمال غربي مدينة سرمدا قرب الحدود السوري التركية، باستهداف طائرة مسيرة لـ«التحالف الدولي».

وأفاد المرصد الشوري، الأربعاء، بأن مسيرة تابعة لـ«التحالف الدولي»، استهدفت بـ3 صواريخ دراجة نارية على طريق مخيم القلعة شمال غربي سرمدا، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة شخص آخر كانوا في موقع الاستهداف.