البرلمان الأردني الـ19... مقارنات ومفارقات لافتة

انتخب في ذروة تفشي «كوفيد ــ 19» واحتفالات بالنتائج تسببت بإقالة وزير الداخلية

أحدى جولات الاشتباكات داخل البرلمان الأردني (الشرق الأوسط)
أحدى جولات الاشتباكات داخل البرلمان الأردني (الشرق الأوسط)
TT

البرلمان الأردني الـ19... مقارنات ومفارقات لافتة

أحدى جولات الاشتباكات داخل البرلمان الأردني (الشرق الأوسط)
أحدى جولات الاشتباكات داخل البرلمان الأردني (الشرق الأوسط)

لا حاجة إلى استدعاء الذاكرة البعيدة عندما يتعلق الأمر بظروف ميلاد مجلس النواب التاسع عشر (المجلس الحالي)؛ فقد جرت الانتخابات النيابية في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2020، وهي الانتخابات التي أجريت في ذروة الكابوس الكوني لجائحة «كوفيد - 19» الذي عاش معه العالم طويلاً، مخلفاً تداعيات قد تستمر طويلاً. تلك الانتخابات تزامنت مع ظروف اقتصادية سياسية اجتماعية صعبة، على وقع استقطابات سياسية حادة داخل مركز القرار، وتنافس فيها حينذاك نادي «التأجيل» - اي الحكومة وأنصارها -، ونادي «التعجيل» - أي الهيئة المستقلة للانتخاب يؤازرها مؤثرون في مركز القرار-. حكومة عمر الرزّاز كانت إذ ذاك تضغط باتجاه تأجيل الانتخابات من باب «الحرص» على الصحة العامة، وسط مخاوف من تفاقم الجائحة وانتشار العدوى بين المواطنين نتيجة ما يصاحب الانتخابات من تواصل. لا، بل أن الحكومة وقتها سعت لاستثمار اللحظة في أخذ موافقة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على قرار تمديد مدة مجلس النواب السابق (الثامن عشر)، أو موافقة الملك على إجراء تعديل دستوري للنص الذي يُلزم الحكومة بالاستقالة خلال أسبوع من تاريخ حل مجلس النواب، ليحرّرها من الالتزام الدستوري والمصير المشترك للسلطتين. في حينه، اتهم البعض الحكومة بأنها أرادت إطالة عمرها على حساب أولويات تتعلق بأجندة الدولة الرسمية وتعهدات الملك في حماية الديمقراطية والمواقيت الدستورية، كما أن الرصيد الشعبي لمجلس النواب الثامن عشر في تلك الفترة شهد استنزافاً بعد تجاهل الحكومة لدوره خلال ذروة أزمة جائحة «كوفيد - 19»، وإقدامها على منعه في السنة الأخيرة من عمره من عقد اجتماعاته الدورية بذريعة إجراءات السلامة العامة. وهكذا، كخلفية سياسية لما تقدم، فإن حكومة الرزّاز التي جاءت محمولة على أكتاف حراك «الدوار الرابع» الذي طالَب بإقالة حكومة هاني الملقي (2016 - 2018) بسبب قانون الضريبة، تعسّفت - وفق مراقبين - في القرار الاقتصادي، بانحيازها في التشريعات لرأسمال المال على حساب استقرار الطبقة الوسطى وحماية أصحاب الدخل المتدني ومتلقّي المعونة.

خالد الكلالدة (بترا - وكالة الأنباء الأردنية)

دستورياً، كان مجلس النواب الثامن عشر يقترب في شتاء 2020 من نهاية عمره الدستوري بعد أربع سنوات شمسية - تنتهي في السابع والعشرين من شهر سبتمبر (أيلول) -، بينما كانت الحكومة تطمح إلى البقاء وإكمال مشروعها الاقتصادي الذي واجهته نخب وطنية بالانتقاد والرفض؛ وهو المشروع الذي وسّع الفجوة بين الطبقات، وأدى إلى هشاشة وضعف وتآكل الطبقة الوسطى على حساب إثراء رؤوس الأموال، بحسب تيار اقتصادي قدّم دراسات في هذا المجال.

لقد بدأ مشروع الحكومة يستفز تجمعات في المحافظات والقرى البعيدة عن برامجها وخطط التنمية؛ وذلك لمقارباتها في معالجة التداعيات الاقتصادية للجائحة التي تسببت في رفع نسبة الفقر والبطالة أمام تدني أرقام ونسب الحماية الاجتماعية. وأيضاً، في حين كانت الحكومة قد استنزفت أموال الضمان الاجتماعي في معالجة أزمة رواتب موظفي القطاع الخاص التي تقلصت نتيجة تعطل أعماله طويلاً، فإن قانون الدفاع الذي صدرت أحكامه في تلك الفترة واستمر العمل به حتى وقت قريب، منح الحكومة صلاحيات واسعة في القرار الاقتصادي.

ويُذكر أنه قبل ذلك، زاد من حدة الأزمة ما حصل صيف العام 2020 بعد اتهامات وُجّهت لرئيس مجلس النواب (آنذاك) عاطف الطراونة باستثماره موقعه لتسهيل عقد صفقات لصالح أشقائه. وهي اتهامات أدت إلى ابتعاده عن المشهد السياسي رغم إعلانه سلفاً عدم نيته الترشح للانتخابات مستقبلاً.

تلك الاتهامات أخذت طابعاً فضائحياً وعلى نمط «اغتيال شخصية»، وفق توصيفات أُطلقت حينها. ثم انتهت بهدوء وصمت من دون رد الاعتبار للرجل بتبرئته وأشقائه من جملة التهم التي طالتهم، أو محاكمتهم بعد جهود من التعبئة التي قام بها خصومه للتخلص مَن حضوره في الحياة السياسية بشكل عام، أو تقديمه كضحية لقطع الطريق على تهم بالفساد السياسي والاقتصادي التي انتشرت الشائعات حولها من دون أدلة أو إثباتات.

* القرار الحاسم

في التاسع والعشرين من يوليو (تموز) 2020 صدر أمر ملكي بإجراء الانتخابات النيابية، وهو القرار الذي وقع صاعقة على رأس الحكومة التي أصبحت «حكومة تصريف أعمال» حتى السابع والعشرين من سبتمبر 2020 الذي صدر فيه قرار ملكي بحل مجلس النواب الثامن عشر، وتكليف مستشار الملك عبد الله الثاني وقتها بشر الخصاونة تشكيل الحكومة. وكان على رأس مهام هذه الحكومة تأمين إجراء الانتخابات النيابية، وتمكين «الهيئة المستقلة للانتخاب» من إجراءات العملية الانتخابية في موعدها المقرر في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه، وسط محاذير الجائحة والخشية من تعذّر السيطرة على حركة المرشحين وقواعدهم الانتخابية.

في تلك الفترة، كان الفاعل في كواليس خلية أزمة اتخاذ قرار إجراء الانتخابات خالد الكلالدة رئيس «الهيئة المستقلة للانتخاب».

الكلالدة كان واحداً من أهم المؤثرين في إقناع الملك بضرورة إجراء الانتخابات، ومحاولة ضبط الإجراءات الصحية، من خلال خطة تنفيذية نجح بها الرجل مستنداً إلى تجارب انتخابية عالمية لدول متقدّمة ومرتكزاً على خبرته في مجاله المهني طبيباً وجراحاً. وحقاً، سهّلت عليه مهنته تلك انخراطه في العمل الحزبي والنقابي والسياسي بعدما طغى حضوره خلال سنتي الربيع الأردني (2011 - 2013).

احمد الصفدي (بترا - وكالة الأنباء الأردنية)

لا يخفي الكلالدة، وهو صاحب التجربة الحزبية مع الشيوعيين قبل انشقاقه وتأسيس حزب اليسار الاجتماعي الذي لم يعمّر طويلاً، انتصاره للديمقراطية. وهو في حينه كان يريد قطع الطريق على مشاريع حكومة الرزاز الساعية إلى البقاء على حساب الأعراف الديمقراطية التي كرّسها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، من خلال التزامه بالمدد الدستورية المتعلقة في الحياة النيابية. وهذا بجانب أنه كان متحفظاً عن مشروع الرزاز الاقتصادي الاجتماعي والسياسي، والنموذج المستورد في حل استعصاءات وطنية بنكهتها الأردنية.

وهنا يُسجل للكلالدة، في سياق مهماته «الانتحارية» في العمل المواجهات السياسية، أنه «عرّاب» قانون الانتخاب الذي اعتمد النسبية، والذي أُقرّ مطلع العام 2016. وهو القانون الذي دفن «قانون الصوت الواحد» الذي استمر العمل به في الانتخابات النيابية منذ العام 1993 وحتى العام 2013. إذ روّج الكلالدة للفكرة إبان توليه منصب وزير الشؤون البرلمانية والتنمية السياسية في حكومة عبد الله النسور (2013 - 2016)، قبل انتقاله إلى رئاسة «الهيئة المستقلة للانتخاب» لتنفيذ مشروعه.

* الانتخابات الأصعب

أخذ الكلالدة على عاتقه تحمّل مسؤولية إجراء الانتخابات الأصعب في تاريخ انتخابات المجالس النيابية، محتاطاً بخطط وخرائط تمكِّنه في التعامل مع الحالات الطارئة بين صفوف جيشه في حالة تفشي الإصابات ميدانياً. لكن هذا لم يكن التحدي الأبرز، ولا سيما، بوجود مخاوف كبرى من تأثير تفشي الجائحة على نسبة المشاركة في الانتخابات على الرغم من كل الاستعدادات.

في تلك الانتخابات نشرت «الهيئة المستقلة للانتخاب» أكثر من 8000 صندوق اقتراع؛ منعاً للازدحام، ولضمان سيطرة كوادر العمليات الانتخابية على إجراءات متعلقة بالسلامة العامة، ومنها استخدام القارئ الضوئي لضمان تدقيق البطاقات الشخصية وتسليم ورقة الاقتراع بشكل غير تلامسي، مع تخصيص قلم غير مستردّ للناخب مع اتباع تعليمات وزارة الصحة المتعلقة بارتداء الكمامات واستخدام المعقِّمات.

وانتهى يوم الاقتراع بنسبة تصويت سجلت نحو 30 في المائة التي هي نسب تقارب مواسم سبقتها. ومن ثم، بدأت عمليات فرز الأصوات على وقع دخول قرار حظر التجول الشامل في البلاد؛ منعاً للاحتفالات بظهور نتائج الفائزين، أو وقوع احتكاكات بين أنصار المرشحين، وهو ما حصل فعلاً... متسبباً بإقالة وزير الداخلية من الحكومة (آنذاك) الفريق توفيق الحلالمة الذي لم يمضِ على توليه الحقيبة الأمنية سوى شهر واحد.

* ثلاث دورات نيابية بثلاث رئاسات

مع جلوس أعضاء مجلس النواب التاسع عشر على مقاعدهم تحت سقف القبة التشريعية، كان موقع الرئيس محسوماً لصالح المحامي عبد المنعم العودات. ذلك أنه رغم ترشح منافس له على انتخابات الرئاسة جاءت النتائج أقرب إلى التزكية في اعقاب اكتساح العودات أكثرية الأصوات. وهكذا تربّع لأول مرة على مقعد الرئاسة مدعوماً من مراكز قرار قوية، بعدما شغل موقع رئاسة اللجنة القانونية لدورات كثيرة. ولا يزال الرجل يحظى بدعم موصول من أطراف مؤثرة في القرار السياسي، وكذلك لا يزال اسمه يتردد لمواقع خارج مجلس النواب.

غير أن تربّع العودات على كرسي الرئاسة استنفر خصوماً له من النواب الطامحين للموقع. وفي الواقع، لم يتمكن العودات من تنفيذ برنامجه المتعلق باستعادة «هيبة المجلس» كما قال في كلمته الافتتاحية، بل تعرّض لعرقلات كثيرة من حلفاء له انقلبوا عليه. وزاد من الأعباء عليه قصة النائب المفصول أسامة العجارمة، الذي تسبّب في حرج لمجلس النواب بعد خروجه عن أدبيات المعارضة البرلمانية، وتجاوزه التقاليد الدستورية في أكثر من مناسبة، واستدعائه مؤازرين رافعين شعارات بسقوف مرتفعة وبتجاوزات لم يستطع المجلس السكوت عنها. وكل هذا دفع المجلس إلى التصويت على فصله، وقد لمّح خصوم الرجل نحو مسؤولية العودات في تفاقم أزمة النائب المحكوم العجارمة بسبب إدارته الجلسة الشهيرة التي تمادى فيها الأخير وخرج على الدستور والنظام الداخلي للمجلس.

وبالنتيجة، أرهقت الدورة الأولى العودات، بعدما نصّب خصومه حوله مصائد عدة وتركوا انطباعات أساءت له وصادرت فرص استمرار بقائه؛ ما دفعه إلى إعلان عزوفه عن الترشح للمنصب مجدداً، والابتعاد عن الأضواء... باستراحة نيابية.

ومع مولد دورة مجلس النواب الثانية، التي تزامن موعد عقدها مع تدشين منظومة التحديث السياسي بالتعديلات الدستورية وإقرار قانوني الانتخاب والأحزاب، وتوصيات تجاه تحفيز دور الشباب وتمكين المرأة، استدعي عندها النائب الأقدم المخضرم المحامي عبد الكريم الدغمي، لرئاسة المجلس والاستفادة من قدراته في هذا المجال. وبالفعل، فاز الدغمي بعد منافسة ساخنة مع النائب نصار القيسي بفارق أصوات قليلة. وأنجز تعديلات دستورية أثارت الجدل (ودافع عن قانوني الانتخاب والأحزاب) بعدما قدّمها العودات، الذي نودي بأن يكون رئيساً للجنة القانونية بقرار رسمي، وهي المهمة التي قبل بها رغم عتبه على التخلي عنه خلال مدة رئاسته.

الدغمي الذي لم يغب عن المجالس النيابية منذ العام 1989، ظهرت قدراته في إدارة الجلسات، إلا أنه نأى عن السعي لاستقطاب النواب حوله، وتركت طريقة تعامله معهم فجوة ما كان سهلاً ردمها، ناهيك من أنه قاد جلسة لتجميد عضوية النائب الإسلامي حسن الرياطي بعد مشاجرة حامية الوطيس مع النائب أندريه العزّوني في فاتحة جلسات إقرار تشريعات التحديث السياسي.

في أي حال، أنهى الدغمي المهمة المطلوبة ومحددة المدة، وما أن اقترب موعد عقد الدورة النيابية لمجلس النواب التاسع عشر، حتى أعلن انسحابه من الترشح لانتخابات رئاسة المجلس، معلناً دعمه حليفه النائب أحمد الصفدي، في حسم مبكر للمعركة ولتحييد منافسين راغبين بالوصول لمنصة الرئاسة. والصفدي شخصية دخلت العمل النيابي منذ العام 2007، ومع أنه لم يُعرف عنه النشاط السياسي قبلها، فهو يحظى بشبكة علاقات تمكنه من نسج التحالفات بمرونة.

لكن عهد الصفدي الذي لم ينته بعد، سجّل في مدته القصيرة خلال الدورة العادية الماضية: التصويت على فصل النائب محمد اعناد الفايز، والتصويت على تجميد عضوية النائب عبد الرحمن العوايشة الذي تطاول بالشتائم على أحد الوزراء... ثم في آخر أيام الدورة العادية الأخيرة صوّت الصفدي مطلع الشهر الحالي على قرار رفع الحصانة عن النائب عماد العدوان، المتهم بقضية تهريب أسلحة وذهب إلى إسرائيل، وفور انتهاء تحقيق الجانب الإسرائيلي معه، وعودته إلى عمّان، أوقفه مدعي عام محكمة أمن الدولة؛ لبدء التحقيق معه بالتهم الموجهة.

عبد الكريم الدغمي (بترا - وكالة الأنباء الأردنية)

* إحصاءات و«سيناريوهات»... على الطريق

> لم يسبق أن تفاعلت أحداث كثيرة وتزامنت مواقف كثيرة في تاريخ المجالس النيابية الأردنية كما حصل مع المجلس الحالي. فقد سجل هذا المجلس أرقاماً قياسية في تغيير الرئاسات خلال ثلاث دورات نيابية من عمره، وتقارب مع مجالس سابقة في أعداد الفصل. إذ فصل المجلس الحالي النائبين أسامة العجارمة ومحمد عناد الفايز، في حين فُصل النائبان عن حزب جبهة العمل الإسلامي علي أبو السكر ومحمد أبو فارس في مجلس النواب الرابع عشر (2003 - 2007) بسبب مشاركتهما في عزاء الإرهابي «أبو مصعب الزرقاوي»، وبعدهما فُصل النائب طلال الشريف في مجلس النواب السابع عشر (2013 - 2016) بسبب مشاجرة حاول فيها استخدام سلاح ناري. إلا أن هذا المجلس تقدّم على سابقيه في أرقام تجميد نائبين ورفع الحصانة عن آخر في سنواته الثلاث، وقبل انتهاء عمره الدستوري في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل، فلم تحدث هذه الأحداث مجتمعة في عهد أي مجلس نيابي مضى.

> قد يكون المجلس الحالي على موعد مع إحصاءات جديدة، بعد الحديث عن حظوظ شخصية نيابية جديدة تتقدم تجاه الفوز برئاسة المجلس، في حين أن الأحداث قد لا تتوقف عند السابق ذكرهم. وقد تداهم الأحداث مستويات تؤثر في عمر المجلس نفسه، فإشاعات أو أمنيات تبثّها صالونات عمّان تتحدث دوماً عن مواعيد مفترضة لحل مجلس النواب والدعوة لانتخابات مبكرة.

> ربما يدعم إشاعات الصالونات الراغبة في تداول التحليل على أكثر من صعيد وغاية حول قرار حل مجلس النواب، بطء آداء المجلس الحالي في إقرار التشريعات. إذ إنه على الرغم من إقراره تعديلات دستورية وسياسية غاية في الأهمية، فهو لم يتجاوز حاجز إقرار الـ61 قانوناً خلال دوراته العادية الثلاثة الماضية، وسط ضعف في عدد الجلسات الرقابية، مقارنةً بأداء المجلس السابق الذي كان قد أقرّ 128 قانوناً خلال المدة نفسها في عدد دوراته.

> الإشاعات قد تصطدم مع تشريعات نافذة وأهمها قانون الأحزاب الذي أسفر أخيراً عن استكمال 26 حزباً لمرحلة توفيق الأوضاع، وخروج 19 آخرين من السباق بحسب القانون النافذ. والأرجح ان الأحزاب ستحتاج إلى بعض الوقت قبل ان تتمكن من تنظيم صفوفها على نية الترشح للانتخابات النيابية المقبلة بقانون جديد خصّص 41 مقعداً للقائمة الحزبية على مستوى الدائرة العامة المغلقة. وهذا الأمر يستدعي تفكير الأحزاب بشكل جاد لبناء تحالفات وثيقة من خلال ائتلافات حزبية تعكس صورة من العمل الجماعي، وذلك عبر جهد «كتلوي» يخفّف من آثار «الفردية» الطاغية في عمل المجالس النيابية على مدى العقود الماضية، ويختصر من نفوذ نواب الخدمات، لصالح تأثير نواب يحملون يافطات حزبية بألوان تعدّدية تمثذل الطيف السياسي.

> ما سبق طرحه يستدعي الإبقاء على المجلس الحالي حتى انتهاء مدته الدستورية في نوفمبر من العام 2024، في حين أن الدستور يسمح بإجراء انتخابات لا تعدّ مبكرة قبل أربعة أشهر من انتهاء عمر المجلس الحالي. لكن يبقى مصير حكومة بشر الخصاونة في مهبّ الشائعات، وسط انقسام في الطرح بين رأي يؤيد بقاء الحكومة لتستكمل مدتها مع البرلمان، أو تغير الحكومة مع الإبقاء على مجلس النواب حتى انتهاء مدته مع السنة الشمسية الرابعة في نهاية العام المقبل.


مقالات ذات صلة

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

حصاد الأسبوع من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع دوما بوكو

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا،

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)
حصاد الأسبوع الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر

كمال بن يونس (تونس)
حصاد الأسبوع جنود فرنسيون  في مالي (سلاح الجو الأميركي)

إضاءة على تراجع تأثير سياسة فرنسا الخارجية

بعد عقود من الحضور القوي للدبلوماسية الفرنسية في العالم، ورؤية استراتيجية وُصفت «بالتميز» و«الانفرادية»، بدأ الحديث عن تراجع في النفوذ

أنيسة مخالدي (باريس)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.