عبر محامو وعائلة الجنرال الجزائري علي غديري، مدير الموظفين بوزارة الدفاع سابقاً، عن ذهول شديد بسبب تشديد محكمة الاستئناف عقوبته برفعها إلى السجن لست سنوات، بينما كان بصدد إنهاء الأسابيع الأخيرة من حكم بأربع سنوات فقط مع التنفيذ، قبل أن تنقضه المحكمة العليا. وجاء ذلك بعد يومين فقط من إيداع قائد سلاح الدرك السابق، الجنرال عبد الرحمن عرعار، الحبس الاحتياطي بتهمة «استغلال النفوذ».
وكان المتعاطفون مع غديري، المعروف بـ«الجنرال السياسي»، يتوقعون في أسوأ الأحوال أن تثبت محكمة الاستئناف بالعاصمة، ليلة أمس الثلاثاء حكمها السابق وانتظار انتهاء محكوميته في 13من يونيو (حزيران) المقبل، ليعود إلى أهله. غير أن القاضية التي عالجت الملف صدمتهم بإضافة عامين للحكم الذي قال دفاعه إنه «ينطوي على تهمة سياسية»، فيما اعتبرت قيادة الجيش أن غديري «حرض القوات العسكرية على التدخل لحسم المظاهرات عام 2019»، التي قامت لمنع الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة من الترشح لولاية خامسة، بينما كان مريضاً وعاجزاً عن الوفاء بأعباء السلطة. وكان غديري أحد المترشحين لتلك الانتخابات التي لم تنظم في نهاية المطاف.
واتهمت النيابة غديري (72 سنة) بـ«المساهمة في وقت السلم في مشروع لإضعاف الروح المعنوية للجيش، قصد الإضرار بالدفاع الوطني». وتتعلق التهمة بمقال نشره في صحيفة «الوطن» قبيل انتخابات الرئاسة، التي كانت مقررة في 18 أبريل (نيسان) 2019 وتم إلغاؤها، دعا فيه رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح (توفي بنهاية 2019)، إلى «تحمل مسؤوليته التاريخية بشأن الوضع السياسي المتأزم في البلاد، وضمان انتقال ديمقراطي مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة». وعلى أثر ذلك هاجمته «مجلة الجيش» بشدة، واعتبرته مشاركاً في «مؤامرة دبرتها جهات غامضة». كما حمل عليه صالح بشدة في خطاب ناري في تلك الفترة.
وفي مقابلة أجرتها «الشرق الأوسط» معه، نشرت في فاتح فبراير (شباط) 2019، رد علي غديري على قائد الجيش بقوله: «لقد قالوا عني إنني غير متمكن من القضايا الاستراتيجية، ولا أفقه فيها، لكن الحقيقة أنني العسكري الوحيد الذي يحمل رتبة لواء، وحاز كل الشهادات العسكرية بدرجات عالية. واسمي منقوش على جدارية أكاديمية موسكو الحربية، وأملك كل الشهادات الجامعية، والدكتوراه على رأسها».
ورفض غديري في رده على أسئلة القاضية، خلال المحاكمة التي دامت 17 ساعة، أن يكون مقاله تضمن تحريضاً للجيش على التدخل لمنع التمديد لبوتفليقة. وقال: «إنني لا زلت لم أفهم بعد ماذا فعلت حتى أسجن؟ هل ترشحي للانتخابات جريمة؟». وفهم من كلام غديري أن قيادة الجيش آنذاك لم تتقبل أن يخوض جنرال في صفوفها في السياسة، وأن يطلب الرئاسة لنفسه، حتى لو تقاعد من المؤسسة العسكرية منذ مدة طويلة.
يشار إلى أن غديري كان متابعاً بتهمة أخرى، تم إسقاطها بعد إيداع طعن فيها، تتمثل في «المشاركة في تسليم معلومات إلى عملاء دول أجنبية، تمس الاقتصاد الوطني»، وتتعلق بوثائق اقتصادية، سلمها غديري لدبلوماسيين أجانب يعملون في الجزائر، كانت تتضمن معلومات سرية عن اقتصاد البلاد، حسب النيابة.
وتأتي محاكمة مدير الموظفين بوزارة الدفاع سابقاً (2000- 2005)، بعد أسبوعين من وضع قائد جهاز الدرك السابق، الجنرال عبد الرحمن عرعار السجن العسكري، بناء على اتهامه بـ«استغلال النفوذ» و«مخالفة أوامر عسكرية»، وفق ما نشرته صحيفة «الوطن»، التي أشارت إلى أنه ثالث قائد لسلاح الدرك تتم متابعته في ظرف أربع سنوات، بعد اللواء غالي بلقصير المقيم بالخارج، واللواء مناد نوبة المسجون.