كيف ستتغير السياسة الخارجية لتركيا في حال فوز كليتشدار أوغلو بالرئاسة؟

منظور مختلف للعلاقات مع مصر وسوريا والتواجد العسكري في ليبيا

ملصق ضخم لمرشح المعرضة كمال كليتشدار أوغلو في أنقرة (إ.ب.أ)
ملصق ضخم لمرشح المعرضة كمال كليتشدار أوغلو في أنقرة (إ.ب.أ)
TT

كيف ستتغير السياسة الخارجية لتركيا في حال فوز كليتشدار أوغلو بالرئاسة؟

ملصق ضخم لمرشح المعرضة كمال كليتشدار أوغلو في أنقرة (إ.ب.أ)
ملصق ضخم لمرشح المعرضة كمال كليتشدار أوغلو في أنقرة (إ.ب.أ)

على الرغم من أن القاعدة المتعارف عليها أن تغيير الحكومات لا يحدث فرقاً كبيراً في سياسة الدول الخارجية، فإن حالة تركيا تبدو مختلفة. فكل حزب يتولى السلطة يطبع السياسة الخارجية بطابع مختلف.

فمثلاً، ظلت السياسة التركية لعقود منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك متجهة إلى الغرب، مبتعدة عن الشرق الأوسط، باستثناء فترة حكم الرئيس تورجوت أوزال في تسعينات القرن الماضي. ولم تعرف السياسة التركية تقارباً واضحاً مع المنطقة إلا مع مجيء حزب «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، حيث ازدهرت التجارة والاستثمارات الخليجية على وجه الخصوص في تركيا.

سياسة تركيا وموقف المعارضة

لكن مع ما عُرف بانتفاضات «الربيع العربي»، انقلب التقارب إلى تدخل مباشر في شؤون دول المنطقة بشكل أثار الغضب من سياسات إردوغان، الذي كان يسعى في البداية إلى إنشاء اتحاد يضم تركيا وسوريا والأردن ولبنان، على غرار الاتحاد الأوروبي.

أدى انهيار ما سُمي بـ«الربيع العربي» و«مشروع الشرق الأوسط الكبير»، الذي شارك فيه إردوغان بفاعلية، إلى تحويل سياسة «صفر مشاكل مع دول الجوار» التي أسس لها رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو عندما كان وزيراً لخارجية تركيا، إلى «صفر علاقات». وقاد الإطاحة بحكم «الإخوان المسلمين» في مصر، مع تبني تركيا إردوغان سياسات مناصرة للجماعة التي أعلنتها مصر ودول عربية «تنظيماً إرهابياً» إلى قطيعة مع مصر و10 سنوات عجاف في العلاقات معها، ومع السعودية والإمارات والبحرين، إلى جانب التدخل العسكري المباشر في سوريا، ثم ليبيا.

الرئيس رجب طيب إردوغان يلقي خطاباً في أنقرة الاثنين الماضي (أ.ب)

واتسمت سياسة تركيا الخارجية في ظل حكم إردوغان بتطوير التدخل الناعم عبر العلاقات الاقتصادية والتجارية وأعمال الإغاثة والمشروعات الإنسانية في أفريقيا، إلى تدخل خشن دافعه المنافسة مع القوى التقليدية، منطلقاً من تصور العودة إلى مناطق نفوذ الدولة العثمانية. عبّرت المعارضة التركية، التي يقودها حزب «الشعب» الجمهوري برئاسة مصطفى كمال كليتشدار أوغلو منذ البداية عن رفضها السياسة التي يتبعها إردوغان تجاه دول المنطقة، ولمجمل سياسته الخارجية التي تسببت في الكثير من المشاكل مع دول المنطقة المهمة بالنسبة لتركيا، وكذلك مع العديد من الدوائر، أهمها الاتحاد الأوروبي والغرب بصفة عامة وقادت إلى دفع تركيا إلى عزلة تامة في محيطها، برّرها إردوغان وحكومته بشعار «العزلة القيمة».

رؤية كليتشدار أوغلو

والآن، تتردد تساؤلات كثيرة حول الصورة التي ستكون عليها السياسة الخارجية لتركيا في حال فوز مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو بالرئاسة في جولة الإعادة المقررة في 28 مايو (أيار) الحالي.

وقبل ترشحه للرئاسة ومنذ قطعت تركيا علاقاتها مع سوريا وخفضتها مع مصر وتدخلت في ليبيا، اتخذ كليتشدار أوغلو موقفاً واضحاً برفض سياسة الحزب الحاكم، وأكد أنها تكلف تركيا الكثير من الخسائر وتعزلها وتؤثر سلباً على مصالحها. وتعهد أن يغير تحالف «الأمة» السياسة الخارجية 180 درجة عندما يفوز بالسلطة. بالنسبة لمصر، ومنذ العام 2013، رفض كليتشدار أوغلو تعامل إردوغان مع العلاقات مع مصر على أنها علاقات مع «تنظيم الإخوان المسلمين»، ووصف «الإخوان المسلمين» بأنهم تنظيم إرهابي.

وتساءل كليتشدار أوغلو مراراً عن السبب الذي يجعل تركيا تتشاجر مع مصر، وقال أكثر من مرة داخل البرلمان في معرض انتقاداته للسياسة الخارجية لحكومة إردوغان، إن الجميع موجود في منطقة شرق المتوسط، ومصر، واليونان، وقبرص، وصولاً إلى قطر، لكن تركيا وحدها الغائبة عن المنطقة الغنية بموارد الطاقة، لماذا؟ لأن تركيا تتشاجر مع مصر من أجل تنظيم إرهابي. وبالنسبة لليبيا، تساءل كليتشدار أوغلو عن أسباب إرسال الجيش التركي إلى الصحراء في ليبيا، وما هو شأنهم هناك، وكذلك بالنسبة لسوريا والعراق. وخلال حملته للانتخابات الرئاسية، أثار كليتشدار أوغلو هذه القضايا بشكل واضح، مؤكداً أنه ضد الوجود العسكري لتركيا في الخارج. وفي الملف السوري بالذات، تبدو رؤية كليتشدار أوغلو واضحة، وعبّر عنها مراراً، مؤكداً أن أولى خطواته ستكون العمل على إعادة العلاقات معها إلى سابق عهدها وفتح السفارات، والعمل على إعادة اللاجئين خلال عامين عبر التنسيق مع دمشق والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لتأمين حياة كريمة لهم. وشدد على أن تركيا ينبغي أن تأخذ زمام المبادرة لضمان الاستقرار في المنطقة ووضع كل جهود قيادتها في هذا الاتجاه، انطلاقاً من مبدأ أتاتورك «السلام في الداخل والسلام في العالم».

أذربيجان وأرمينيا

تعدّ العلاقات مع أذربيجان قضية محسومة بالنسبة لأي رئيس أو حكومة في تركيا. فالعلاقات معها تنبع من تاريخ وإرث مشترك لا يمكن فصمه، لكن قد يكون هناك اختلاف في حال تولي كليتشدار أوغلو رئاسة تركيا في التعامل مع مشكلة قره باغ، التي تدخل فيها إردوغان عسكرياً بشكل مباشر. لا يميل كليتشدار أوغلو إلى دخول تركيا كطرف في النزاعات حتى لو في الدول التي تعرف بالجمهوريات التركية، وبالتالي فإن توجهه سيكون محكوماً بمبدأ التركيز على التفاوض لا التدخل. أما بالنسبة لقضية العلاقات مع أرمينيا، التي شهدت تقدماً نوعاً ما في العامين الماضيين، ثم سرعان ما تراجعت الخطوات، بسبب مسألة الإصرار على المزاعم المتعلقة بإبادة الأرمن على يد العثمانيين في شرق الأناضول في زمن الحرب العالمية عام 1915، فإن موقف كليتشدار أوغلو لا يختلف عن موقف أي حكومة تولت السلطة في تركيا، فهي قضية مبدأية.

وعبّر كليتشدار أوغلو، صراحة عن موقفه من هذه القضية، عندما احتج على موقف فرنسا والولايات المتحدة من تأييد مزاعم إبادة الأرمن وإقامة هياكل لتخليد ذكراها، بإرسال رسائل إلى الدول التي تؤيد هذه المزاعم للتأكيد على أن القضية هي مسألة تاريخية يجب أن تدرس بين الدولتين عبر فتح أرشفيهما، وأنه يرفض تدخل أي طرف ثالث في هذه القضية، وهو الموقف الذي تبنته أيضاً حكومات غردوغان والحكومات السابقة عليها.

سياسة متوازنة

تعهد كليتشدار أوغلو العمل، في حال فوزه بالرئاسة، على ضمان أن تواصل تركيا التوازن الذي يعزز مصالح البلاد؛ لأنه لن يكون صحيحاً حصر السياسة الخارجية لتركيا في تعريف «مؤيد للشرق أو مؤيد للغرب». وأكد أنه «لا تراجع عن طريقنا للوصول إلى مستوى الحضارات الحديثة، الذي ورثناه عن أتاتورك، لكن سيكون من غير الصحيح قراءة هذا على أنه سياسة موجهة فقط نحو الغرب». ولفت إلى أن تركيا لم تهمل الشرق أبداً، على الرغم من كونها عضواً في مؤسسات ومنظمات غربية، وأن رؤيتيه لكلٍ من آسيا وأوروبا تستندان إلى نهج متكامل للسياسة الخارجية. وقال «نحن مع كل من الصين والولايات المتحدة في مجموعة العشرين، حيث مناقشة السياسات العالمية، وبالمثل، فإن علاقاتنا مع روسيا، وهي لاعب عالمي مهم في جغرافيتنا، متوازنة للغاية، ومن الخطأ الاعتقاد بأن أي توجه للسياسة الخارجية التركية يضر بمناطق جغرافية أخرى أو جهات فاعلة أخرى». وتعهد كليتشدار أوغلو، وتحالف «الأمة» المعارض الذي رشحه للرئاسة، بأن سياسة تركيا الخارجية ستمضي بالنهج المتوازن نفسه كما كانت عليه تقليدياً منذ تأسيس الجمهورية، وستوازن في علاقاتها مع الشرق والغرب، وستعيد إحياء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مع مراعاة مختلف دوائر العلاقات والمصالح بحسب لا تكون تركيا دولة معزولة.

أمن الحدود

يرى المحلل السياسي مدحت بايدور، أن كليتشدار أوغلو، في حال فوزه بالرئاسة، سيعمل على الحفاظ على التوازن في علاقات تركيا مع مختلف الدوائر في الشرق والغرب، وسيواصل العمل على إنهاء الصراع الروسي - الأوكراني، من خلال حل مقبول يحفظ ماء الوجه لكلا الجانبين. ولفت بايدو إلى أن تحالف الأمة يضم اثنين من وزراء الخارجية السابقين، هما رئيس حزب «المستقبل» أحمد داود أوغلوو ورئيس حزب «الديمقراطية» علي باباجان، فضلاً عن أن حزب «الشعب الجمهوري» ينطوي على كفاءات دبلوماسية ساهمت في بناء مدرسة السياسة الخارجية التركية قبل إردوغان، وبالتالي فإن هذا الملف سيثمر نجاحاً كبيراً في إدارة علاقات تركيا مع الشرق والغرب، بلا مشكلات كالتي شهدتها البلاد، في السنوات العشر الأخيرة على وجه الخصوص.

أعلام تركية وأعلام للمعارضة السورية في مدينة أعزاز السورية (رويترز)

بدوره، قال الصحافي المحلل السياسي مراد صابونجو، إنه بالنسبة لسوريا على سبيل المثال، لن تجد الولايات المتحدة التي تختلف مع تركيا بشدة في هذا الملف، مُحاوراً أكثر تصالحية من كليتشدار أوغلو، كما أنه يملك ميزة في الحوار الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته. وتوقع أن يواصل كليتشددار أوغلو الاعتماد على القوة العسكرية لحماية الحدود الجنوبية الشرقية لتركيا من هجمات حزب العمال الكردستاني، في ظل إعلانه أن الحدود شرف، وبالتالي فإنه لن يسمح بالهجمات ولا بتسلل النازحين. وترى مصادر قريبة من أروقة حزب «الشعب الجمهوري» أن كليتشدار أوغلو قد يحقق شرط انسحاب تركيا من سوريا، ولكن من خلال إحياء اتفاقية أضنة لعام 1998 وتوسيع مساحة التدخل العسكري التركي حال الضرورة. وأضافت أن مسألة الانسحاب العسكري التركي من المناطق المختلفة التي يعتقد أن التدخل فيها كان خطأ، مثل ليبيا، ستتحقق، لكنها ستأخذ وقتاً، وبالنسبة للدول التي ترتبط بحدود مباشرة مع (سوريا والعراق)، سيتم تحقيق ذلك حال التوصل إلى اتفاقيات تضمن التنسيق بشأن أمن الحدود.

ثقة المستثمرين

هذا عن ملف السياسة الخارجية، فماذا عن ملف الاقتصاد والاستثمار إذا تولى كليتشدار أوغلو الرئاسة؟

وعد كليتشدار أوغلو بجذب استثمارات أوروبية بمبلغ 300 مليار دولار من أوروبا خلال 5 سنوات، في حال فوزه بالرئاسة. وقال «تركيا دولة جاذبة... لقد رأينا شهية المستثمرين العالميين، لكن المشكلة هي أن هؤلاء المستثمرين فقدوا الثقة في الحكومة التركية بسبب سياسات إردوغان الاقتصادية». وأضاف «يبتعد المستثمرون المحليون والأجانب عن الاستثمارات التي قد تؤدي إلى تصنيع منتجات ذات قيمة مضافة عالية، وإلى زيادة فرص العمل... سنعمل بقوة لعكس هذا الاتجاه». وتبددت آمال المستثمرين بحدوث انتعاش في الأسواق التركية مع ظهور النتائج شبه الرسمية للجولة الأولى للانتخابات الرئاسية وأظهرت تقدم إردوغان بنحو 4 نقاط مئوية على كليتشدار أوغلو؛ ما قد يمنحه تقدماً سهلاً في جولة الإعادة في 28 مايو (أيار) يغلق الحديث عن نهاية سنوات بلغ فيها التضخم ذروة قياسية غير مسبوقة وعصفت فيها الأزمات المتكررة بسبب سياساته الاقتصادية بالليرة التركية التي فقدت 95 في المئة من قيمتها منذ تطبيق النظام الرئاسي عام 2018.

أتراك في محل صيرفة عقب الجولة الأولى للانتخابات (رويترز)

صدمة الأسواق

وصدمت نتيجة الجولة الأولى الأسواق وتراجع مؤشر البورصة التركية على مدى يومين، كما بدأت الليرة التركية رحلة جديدة من الترنح وسجلت في تعاملات الثلاثاء الرسمية 19.70 ليرة للدولار، في حين نشأت سوق موازية يبلغ سعر الدولار فيها 21.5 ليرة. وجاء رد الفعل الأولي للسوق على نتائج الانتخابات عنيفاً، الاثنين. فالليرة التركية انخفضت إلى أدنى مستوى لها في شهرين بينما كان التراجع أشد في أسهم البنوك والسندات الحكومية بالعملة الصعبة. ويتخوف خبراء ومحللون أتراك وغربيون من خطر لجوء الحكومة إلى إجراءات مثل تقييد معاملات النقد الأجنبي للأفراد أو الشركات أثناء محاولتها السيطرة على سعر الصرف؛ مما سيجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للشركات. وقال محللون في «جيه بي مورغان» إنه بافتراض فوز إردوغان في جولة الإعادة، فإن السياسة المالية التركية ستظل توسعية لأنه يفي بوعوده في الإنفاق على حملته لزيادة الدخل وإعادة بناء البلاد بعد زلزال فبراير (شباط). وسبق أن توقع البنك أن تنخفض العملة التركية إلى 30 ليرة مقابل الدولار ما لم يحدث تحول واضح نحو السياسات التقليدية، وهو ما وعد كليتشدار أوغلو بتطبيقه حال فوزه بالانتخابات. وكان من المتوقع، مع استمرار التضخم فوق 40 في المئة، أن ترتفع أسعار الفائدة التركية من 30 في المئة إلى 40 أو حتى 50 في المئة من مستواها الحالي البالغ 8.5 في المئة لو فاز تحالف المعارضة. لكن لم يعد واضحاً الآن.


مقالات ذات صلة

«ارتباك إخواني» مع اعتزام ترمب تصنيف فروع الجماعة «إرهابية»

العالم العربي مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)

«ارتباك إخواني» مع اعتزام ترمب تصنيف فروع الجماعة «إرهابية»

حرَّك قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بدراسة تصنيف 3 فروع لجماعة الإخوان المحظورة ببلدان عربية، المياه الراكدة بشأن مستقبل الجماعة التي تأسَّست بمصر عام 1928.

محمد محمود (القاهرة)
تحليل إخباري مقر «الإخوان» في القاهرة محترقاً صيف 2013 (غيتي)

تحليل إخباري ماذا وراء توجيه ترمب بدراسة حظر فروع تتبع «الإخوان»؟

تحرك أميركي جديد بشأن «جماعة الإخوان» المحظورة في بلد التأسيس مصر منذ 2013، وفروعها المنتشرة بدول عربية.

محمد محمود (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

البيت الأبيض يؤكد تعهد ترمب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين «منظمة إرهابية»

أكد البيت الأبيض اليوم الاثنين تقارير صحافية أميركية أفادت بتعهد الرئيس دونالد ترمب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين «منظمة إرهابية».

تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

تحليل إخباري حصار دولي متزايد يفاقم الضغوط على «الإخوان»

يواجه تنظيم «الإخوان المسلمين» منعطفاً حرجاً وضغوطاً دوليةً غير مسبوقة، مع حديث أميركي عن عزم الرئيس دونالد ترمب على تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ حاكم تكساس غريغ أبوت في مؤتمر صحافي 22 أغسطس 2025 (أ.ب)

5 متهمين يقروّن بالذنب في قضية «جرائم إرهابية» في تكساس

أقر 5 أشخاص، الأربعاء، بالذنب فيما يتعلق بارتكاب «جرائم إرهابية» بولاية تكساس الأميركية، وذلك بعد اتهامهم بدعم حركة «أنتيفا» في واقعة إطلاق نار في يوليو الماضي.

«الشرق الأوسط» (دالاس)

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.


أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».