فساد الحوثيين يضرب قطاع الكهرباء وسط تنافس قادتهم على الموارد

الجماعة أوقفت رواتب الموظفين وفرضت الإتاوات على المحطات الخاصة

انتشرت محلات بيع أدوات إنتاج الطاقة الشمسية منذ 8 سنوات بسبب الحرب (رويترز)
انتشرت محلات بيع أدوات إنتاج الطاقة الشمسية منذ 8 سنوات بسبب الحرب (رويترز)
TT

فساد الحوثيين يضرب قطاع الكهرباء وسط تنافس قادتهم على الموارد

انتشرت محلات بيع أدوات إنتاج الطاقة الشمسية منذ 8 سنوات بسبب الحرب (رويترز)
انتشرت محلات بيع أدوات إنتاج الطاقة الشمسية منذ 8 سنوات بسبب الحرب (رويترز)

ضمن تنافس القيادات والأجنحة الحوثية على موارد الفساد ونهب الأموال العامة؛ كشف ناشط حوثي عن حصول ناشط حوثي آخر على مبلغ مالي كبير بشكل سنوي من قطاع الكهرباء الخاضع للجماعة في صنعاء، في وقت لا يتقاضى فيه الموظفون رواتبهم منذ أكثر من عام، وتفرض فيه الجماعة إتاوات على ملاك محطات الكهرباء الخاصة.

صفقة الفساد التي كشف عنها الناشط الإعلامي أبو زنجبيل الحوثي تتضمن تقاضي ناشط إعلامي آخر هو محمد العماد مبلغ 8 ملايين ريالا يمنيا سنوياً ( حوالي 15 ألف دولار أميركي )من وزارة الكهرباء والطاقة في حكومة الانقلاب منذ العام 2014، متهما القيادات الحوثية التي تسيطر على هذا القطاع بشراء صمت العماد عن فسادهم، حيث الأخير يملك ويدير قناة فضائية باسم "الهوية".

توقف الرواتب

وانتقد أحد مستخدمي "تويتر" الناشط الحوثي لعدم حديثه عن توقف رواتب 1200 موظف من العاملين في الوزارة منذ ما يقارب العام، ليرد الحوثي بنشر خطاب موجه من القيادي الحوثي رشيد عبود أبو لحوم نائب رئيس حكومة الانقلابيين غير المعترف بها ووزير ماليتهم، إلى وزير الكهرباء والطاقة في نفس الحكومة حول قضية الرواتب.

ويوضح الخطاب أن هناك تظلما تقدم به الموظفون على إيقاف رواتبهم، وتدخل من نقابة العمال، بعد بقرار من القيادي الحوثي الذي يشغل منصب وزير الكهرباء في حكومة الانقلابيين، إلا أنه يشير إلى أن الأمر سيأخذ إجراءات طويلة في النقاشات بين مختلف القيادات والهيئات الحوثية العليا، ولا يوضح أسباب إيقاف الرواتب والإجراءات المتبعة لإعادة صرفها.

وعلى عكس غالبية الموظفين العموميين العاملين في غالبية مؤسسات وقطاعات الدولة التي سيطرت عليها الميليشيات الحوثية منذ الانقلاب قبل 8 سنوات؛ فإن موظفي المؤسسات والقطاعات الإيرادية استمروا في تلقي أجزاء من مرتباتهم بشكل شبه منتظم، ومن ذلك موظفو وزارة الكهرباء الذين كانوا يتقاضون نصف راتب إلى ما قبل عام.

 

مشاريع مزعومة

تروج المليشيات الحوثية خلال الأيام الماضية لمشاريع مزعومة تعمل بالطاقة الشمسية في عدد من المحافظات، وعلى الأخص العاصمة صنعاء ومحافظة الحديدة، في حين يطالب السكان هناك بتوفير الكهرباء بشكل كافٍ وأسعار معقولة، ففي صنعاء تتعاظم الشكوى من ارتفاع أسعار الكهرباء، بينما تنقطع لأوقات طويلة في الحديدة مع ارتفاع فواتيرها إلى حد يعجز السكان عن سدادها.

وأوقفت الميليشيات الحوثية الكهرباء عن العمل في عام 2015، بعد أن عمدت إلى استهداف خطوط نقل الطاقة من محطة مأرب الغازية، وأوقفت العمل في المحطات الواقعة في المناطق التي تسيطر عليها، ليستعيض السكان عنها بمعدات الطاقة الشمسية باهظة الكلفة وقليلة الفائدة، والتي كان للميليشيات نصيب وافر من تجارتها.

يغطي الحوثيون فسادهم ونهب المال العام بافتتاح مشاريع مزعومة لإنتاج الطاقة الشمسية (إعلام حوثي)

وعند تراجع مبيعات الطاقة الشمسية بسبب تشبُّع السوق في العام بعد عدة سنوات من الحرب؛ عادت الميليشيات لخصخصة عدد من محطات الكهرباء لصالح شخصيات تابعة لها، وتشغيل محطات أخرى وبيع الطاقة للمواطنين بعشرين ضعف أسعارها قبل اندلاع الحرب، إضافةً إلى إنشائها محطات تابعة لرجال أعمال موالين لها.

وأصدرت الميليشيات منتصف العام الماضي قراراً بإنشاء «المؤسسة العامة للصناعات الكهربائية والطاقة المتجددة»، وعيَّنت عبد الغني المداني رئيساً لها، والذي كان قبل هذا القرار نائباً لوزير الكهرباء في حكومة الميليشيات، وتتهمه قيادات حوثية بممارسة الفساد داخل الوزارة، خصوصا وأنه كان يدير نحو 200 محطة توليد كهرباء تجارية في صنعاء والحديدة.

وتزعم وسائل إعلام الميليشيات أنه يجري افتتاح وتشغيل منظومات طاقة تعمل بالألواح الشمسية في العاصمة صنعاء لتشغيل إنارة الشوارع، وتزويد المستشفيات والمستوصفات الريفية والمدارس في محافظة الحديدة بالطاقة، وبرغم أن الميليشيات تعلن عن قدرات هائلة لهذه المنظومات؛ إلا أن خبراء يصفون الأمر بالمبالغة والأكاذيب لتحسين صورة الميليشيات والتغطية على فسادها.

فساد واسع في الحديدة

في محافظة الحديدة؛ تتحدث الأوساط المعنية عن فساد كبير يمارسه كل من أحمد حامد مدير مكتب القيادي مهدي المشاط رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى للميليشيات، والمنتحل صفة وزير المالية رشيد أبو لحوم بمبلغ يزيد عن 150 مليون ريالا يمنيا ( حوالي 270 ألف دولار) مقابل افتتاح مشاريع لا تتجاوز قدرتها 600 كيلو واط فقط.

وبدأت القيادات الحوثية التي تسيطر على وزارة الكهرباء بملاحقة أكثر من 40 محطة لتوليد الطاقة في العاصمة صنعاء عبر ما يُعرف بقضاء الصناعة، على خلفية اتهام هذه المحطات برفع أسعار الاستهلاك.

القيادي الحوثي أحمد حامد المهيمن على قرار حكومة الانقلاب (تويتر)

غير أن ملاك المحطات ردوا على تلك الاتهامات بأن الميليشيات تفرض عليهم إتاوات باهظة تتسب في خسائر كبيرة لهم وتجبرهم على بيع الطاقة بأقل من سعر التكلفة، إضافة إلى أن المحطات التي تتبعهم من الأنواع التي تنتج الطاقة بالديزل مرتفع التكلفة، على عكس المحطات التي تتبع الميليشيات وتنتج الطاقة بالمازوت.

ولمح ملاك المحطات إلى أن فواتير المحطات المملوكة لهم؛ تعدّ أرخص من فواتير المحطات التابعة للميليشيات أو التي تديرها، مقابل كلفة الإنتاج والأعباء الأخرى المفروضة عليهم.


مقالات ذات صلة

«الحوثيون»: لن نأخذ في الاعتبار أي تغيير في ملكية السفن الإسرائيلية

العالم العربي مشهد وزَّعه الحوثيون لاستهداف ناقلة في البحر الأحمر (أرشيفية - إ.ب.أ)

«الحوثيون»: لن نأخذ في الاعتبار أي تغيير في ملكية السفن الإسرائيلية

قالت جماعة الحوثي اليمنية، الأحد، إنها «لن تأخذ في الاعتبار أي تغيير في ملكية أو علم سفن العدو الإسرائيلي» وحذرت من التعامل مع هذه الشركات أو السفن.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
شؤون إقليمية الجيش الإسرائيلي قال إن المسيّرة سقطت في منطقة مفتوحة (أرشيفية - رويترز)

الحوثيون يتبنون هجوماً بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن أنهم شنوا هجوماً بالمسيرات على جنوب إسرائيل، اليوم الثلاثاء، مؤكدين بذلك بياناً للجيش الإسرائيلي في وقت سابق.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي حرب غزة منحت الحوثيين مبرراً لهجماتها ضد السفن التجارية وإسرائيل (رويترز)

تقرير: روسيا قدمت «معلومات» للحوثيين استخدمت في مهاجمة سفن

قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن روسيا قدمت بيانات للحوثيين الذين يهاجمون السفن الغربية في البحر الأحمر بالصواريخ والطائرات بدون طيار في وقت سابق من هذا العام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».