البرلمان السويسري يدخل على خط استعادة القاهرة مومياء «شيب إن إيزيس»

المخرج ميلو راو لـ«الشرق الأوسط»: الكرة في ملعب الحكومة المصرية حالياً

«شيب إن إيزيس» (رويترز)
«شيب إن إيزيس» (رويترز)
TT

البرلمان السويسري يدخل على خط استعادة القاهرة مومياء «شيب إن إيزيس»

«شيب إن إيزيس» (رويترز)
«شيب إن إيزيس» (رويترز)

دخل البرلمان السويسري على خط قضية استعادة مصر مومياء «شيب إن إيزيس»، الموجودة في مكتبة دير سانت غالن، وذلك بحسب تصريحات المخرج المسرحي السويسري ميلو راو، صاحب حملة إعادتها لمصر.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أعلن راو، في خطاب فوزه بجائزة «كولتوربريس»، وهي أرقى جائزة ثقافية في سانت غالن، أنه سيتبرع بجائزته البالغة 30 ألف فرنك سويسري للمساعدة في إعادة المومياء إلى مصر، وقام بكتابة عريضة وقع عليها مثقفون تطالب بإعادة المومياء، كما قام بعمل حيلة فنية، حيث ابتكر مجسما للمومياء في نعشها، وشرع في التنقل به عبر المدينة، مذكرا في شعارات رفعها خلال التجول بالمجسم، بأن عرض المومياء «شيب أون إيزيس» في سانت غالن هو بالفعل «مصدر إحراج أخلاقي دائم».

وقال راو لـ«الشرق الأوسط»: إن «الجزء الليبرالي والتقدمي من المجتمع السويسري وقع بأكمله بشكل أو بآخر على العريضة التي كتبها وتطالب بإعادة المومياء لمصر»، وعلى الجانب الآخر، هناك الكثير من الناس مرتابون بشأن تلك العريضة، وهذا الجدل في حد ذاته ممتع.

وعن لفت انتباه الحكومة السويسرية بشأن قرار عودة المومياء للقاهرة، وذلك ردا على نشطاء مصريين طالبوها بالاستجابة للحملة، قال: «طالبنا في عريضتنا بتدخل الحكومة السويسرية، وأقحمنا البرلمان في القضية، حيث قدمنا اقتراحين للبرلمان في هذا الصدد، ووقع العديد من أعضاء البرلمان على عريضتنا، وفي تقديري، فإن موافقة المكتبة أخيراً على فتح الإجراء الرسمي والتواصل مع الحكومة السويسرية بشأن هذا الموضوع، كان نتيجة لتحركاتنا».

وتابع: «الكرة الآن في ملعب الحكومة المصرية، إذ يتعين عليها التواصل رسميا مع الحكومة السويسرية، ونأمل أن يحدث ذلك في الأسابيع المقبلة».

وأضاف أن المكتبة تراهن على عدم التحرك الرسمي من الحكومة المصرية، مشيرا إلى أنه على أتم استعداد للتعاون معها في هذا الملف.

وتبرر المكتبة احتفاظها بالمومياء قائلة إن المصريين كانوا لا يحسنون في الماضي الحفاظ على مقتنياتهم الأثرية، وهو ما يرد عليه راو، قائلاً: «الأمر أشبه بمن يقول لك، حسنا لقد سرقت سيارتك، سأعيدها لك عندما يكون لديك مرأب أفضل».

وكان راو قد وصف في عريضته احتفاظ المكتبة بالمومياء، بأنه «نهب وقلة احترام، إن لم يكن غياباً، لأي وازع، فضلاً عن كونه أمراً غير مقبول لمدينة ثقافية، مثل سانت غالن».

ووفقاً لراو وزملائه الموقعين، فإن المومياء «شيب أون إيزيس»، قد دُفنت في مصر بمقبرة طيبة بالأقصر، وقد خطفها اللصوص من قبرها، وانتهى بها المطاف في سانت غالن منذ نحو 200 عام.

ويُقال إن فيليب رو، وهو رجل أعمال ألماني، اشترى رفاتها في الإسكندرية مع تابوتين خشبيين مصاحبين لها، ثم أرسلها بعد ذلك إلى صديق، وهو السياسي كارل مولر - فريدبرغ، الأب المؤسس لكانتون سانت غالن، وليس من الواضح تماما ما إذا كان مولر فريدبرغ قد تلقى المومياء هديةً أم أنه اشتراها بنفسه.

ومع ذلك، تقول مكتبة الدير إن هذه الأحداث لا يمكن إثباتها، وتجادل في بيان علقت فيه على العريضة، بأنه «من غير الصحيح الادعاء بأن مصر تعرضت للنهب في القرن الثامن عشر».

وتقول مكتبة الدير إنه «بدلاً من ذلك، بدأ العلماء الفرنسيون والبريطانيون والألمان في وقت لاحق بدراسة ثقافة مصر القديمة بشكل مكثف بعد حملة نابليون المصرية في 1798 – 1799، وهذا في تناقض تام مع المصريين أنفسهم، الذين أعطوا تراثهم الخاص القليل من الاهتمام».

ومن جانبه، رفض شعبان عبد الجواد، مدير إدارة الآثار المستردَّة بوزارة السياحة والآثار، ما تقوله مكتبة الدير، وقال في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزارة تولي اهتماماً كبيراً بهذه المومياء، وهناك مسارات قانونية تم السير فيها لاستعادتها، حتى قبل أن يطلق المخرج السويسري حملته»، رافضاً الكشف عن تفاصيل ما آلت إليه تلك المسارات القانونية حتى الآن.


مقالات ذات صلة

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق معرض يحكي قصة العطور في مصر القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض أثري يتتبع «مسيرة العطور» في مصر القديمة

يستعيد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) سيرة العطر في الحضارة المصرية القديمة عبر معرض مؤقت يلقي الضوء على صناعة العطور في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلا تدلّ على «أسلوب حياة فاخر» (تيفونت أركيولوجي)

اكتشاف آثار فيلا رومانية فاخرة على الأرض البريطانية

اكتشف علماء آثار و60 متطوّعاً فيلا رومانية تدلّ على «أسلوب حياة فاخر»، وذلك في مقاطعة يلتشاير البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.


إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.