«بكت أمي عندما سمعت صوتي للمرة الأولى بعد انقطاع الاتصال بيننا لـ10 أيام كاملة، كنت محاصراً خلالها داخل أحياء الخرطوم»، بهذه الكلمات تحدَّث أحمد السيد (27 عاماً) الذي يعمل سائق شاحنة نقل أثاث مصرية، عن معاناته داخل السودان.
انطلق السيد للسودان من مدينة دمياط (أقصى شمال مصر)، في منتصف شهر رمضان الماضي، لكنه عَلِق بسبب الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» داخل الخرطوم، حتى تمكَّن بعد 10 أيام من الفرار نحو مدينة وادي حلفا، التي تبعد نحو 900 كيلومتر شمال الخرطوم، ومنها إلى معبر قسطل المصري.
ورغم معاناته الشديدة، فإن أحمد السيد محظوظ لتمكنه من العودة إلى مصر وتفريغ حمولته، فقد ترك خلفه مئات الشاحنات التي تنتظر إنهاء إجراءات التخليص الجمركي في الجانب السوداني.
من جهته، قال إسلام القماح، وهو سائق شاحنة محمّلة بأكياس البطاطس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه ينتظر «في الحظيرة السودانية بمعبر أرقين البري، منذ يوم 20 فبراير (شباط) الماضي، لإنهاء إجراءات التخليص الجمركي في الجانب السوداني، التي تعطلت بسبب اشتراط المخلص الجمركي السوداني أن يدفع التاجر في الخرطوم رسوماً مالية مقابل الإفراج عن حمولة السيارة، وبسبب صعوبة الأوضاع في العاصمة، لم يتمكن التاجر السوداني أو مَن ينوب عنه من الحضور إلى المعبر لإنهاء الإجراءات».
ارتفع معدل التبادل التجاري بين مصر والسودان، العام الماضي، إلى نحو مليار ونصف المليار دولار، بعدما سجَّل نحو 900 مليون دولار في عام 2021، وفق أرقام رسمية مصرية.
ووصف القماح وضعه الحالي الذي يشاركه فيه نحو 200 سائق شاحنة داخل الحظيرة الجمركية السودانية بأرقين بأنه «صعب للغاية»، لوجوده في منطقة صحراوية تعاني نقص الخدمات، لا سيما بعد نفاد مخزون المؤن والمياه.
وأوضح أن «الشاحنات الموجودة في المنطقة المحايدة تتمتع بوضع أفضل لإمكانية عودتها إلى مصر مجدداً بعد إنهاء الإجراءات، لكن وضع الشاحنات في الحظيرة الجمركية وداخل السودان أصعب؛ خصوصاً المحمّلة بالمواد الغذائية التي قد تتعرض للتلف أو تنتهي مدة صلاحياتها».
وتُصدّر مصر للسودان، مواد البناء والتشييد بمختلف أشكالها، وأجهزة كهربائية، وكيماويات، ودهانات، وأغذية مُصنعة، بينما تُشكّل اللحوم الهيكل الأساسي لواردات مصر من السودان، إضافة إلى بعض المنتجات الزراعية والمواد الزيتية.
ويرفض سائقو شاحنات مصريون، طلبات شركات سودانية بالسفر للخرطوم بسبب المخاطر الأمنية هناك، ويطلبون تفريغ الحمولة في أقرب منطقة حدودية خوفاً من الحرب.
وناشد سائقون مصريون عالقون بالسودان، المسؤولين المصريين تسهيل عودتهم إلى بلادهم، بعدما تقطعت بهم السبل في أماكن متفرقة بالسودان، بحسب السائق أيمن حلاوة، الذي قال: «لا أعلم عن زملائي الثلاثة الذين دخلوا معي الخرطوم في شهر رمضان أي شيء».
ولفت حلاوة إلى «وجود عدد من كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة مثل السكري بين السائقين».
وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «سائقي الشاحنات المصريين في السودان موجودون في 3 مناطق؛ الأولى داخل الخرطوم والمدن الأخرى، والثانية في المنطقة الحدودية المحايدة، والثالثة في حظيرة الجمارك السودانية».
وقدَّر حلاوة عدد شاحنات البضائع المصرية العالقة على الحدود السودانية بمعبري «أرقين» و«أشكيت» بنحو «ألف شاحنة محمّلة بأصناف متعددة من البضائع».
وافتتحت مصر والسودان في عام 2015 معبر «أشكيت - قسطل» لتسهيل عمليات التبادل التجاري بين البلدين، وسط خطط طموحة لربط خطوط سكك الحديد بين الجانبين، وإنشاء طريق «القاهرة - كيب تاون».
سائقون مصريون وبضائع «عالقون» على الحدود السودانية منذ اندلاع الحرب
مئات الشاحنات مكدسة في المناطق المحايدة والحظائر الجمركية
سائقون مصريون وبضائع «عالقون» على الحدود السودانية منذ اندلاع الحرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة