كيف يشم «الأنف الإلكتروني» بشكل أفضل؟

دراسة صينية تتحدث عن 5 تحديات

كيف يشم «الأنف الإلكتروني» بشكل أفضل؟
TT

كيف يشم «الأنف الإلكتروني» بشكل أفضل؟

كيف يشم «الأنف الإلكتروني» بشكل أفضل؟

تخيل لو كان بإمكانك أن تطلب من آلةٍ «شم» شيء ما لك بنقرة زر واحدة... هذا ما يمكن أن تقوم به الأنوف الإلكترونية، فهي أنظمة تجمع بين مستشعرات الغاز الكيميائي ومعالجة الإشارات وخوارزميات التعلم الآلي لتقليد حاسة الشم، ويمكن استخدامها لأغراض عديدة، مثل فحص جودة الطعام، ومراقبة تلوث الهواء، وتشخيص الأمراض، واكتشاف المتفجرات.
وخلال دراسة نُشرت في العدد الأخير من دورية «الحوسبة الذكية»، ناقش باحثون من جامعة نورث وسترن للعلوم التطبيقية في شيان بالصين، التحديات التي تواجه الأنوف الإلكترونية، وكيف يمكن تحسين أدائها. وأشاروا إلى أن هذه الأنوف تحاكي بشكل مصطنع حاسة الشم البيولوجية.
وتتوافق مستشعرات الغاز في الأنوف الإلكترونية مع الخلايا العصبية لمستقبلات الشم البيولوجية، فعندما تشم شيئاً ما، تطفو جزيئات صغيرة في الهواء وتدخل أنفك، وبالمثل، يمكن لمستشعر الغاز التقاط الجزيئات المحمولة جواً من خلال نظام سحب الهواء، ويتفاعل المستشعر مع هذه الجزيئات ويتغير بطريقة يمكن قياسها بالإشارات الإلكترونية، ثم يتم تحويل هذه الإشارات من تنسيق تناظري إلى تنسيق رقمي، بحيث يمكن لأجهزة الكومبيوتر استخدام الخوارزميات لتحليل البيانات وتفسيرها.
وعلى الرغم مما تحقق من نجاح في هذا المجال، فإنه توجد مجموعة من التحديات التي أشارت إليها الدراسة، ومنها ما يُعرف بـ«القيود على الانتقائية»، وتعني أنه «عند التعرض لخليط الرائحة، تستجيب مستشعرات الغاز للمحفزات الموجودة في الخليط جميعها، ما يجعل من الصعب تمييز الروائح المختلفة، وقد تتأثر أيضاً برائحة غير مستهدفة، وقد تستجيب أجهزة الاستشعار المختلفة بشكل مختلف للتحفيز الكيميائي نفسه».
ومن التحديات الأخرى «حدود الحساسية»، حيث يعمل كل مستشعر غاز ضمن نطاق محدد بالحدَّين الأدنى والأقصى للكمية التي يمكنه اكتشافها، وبعضها أكثر حساسية من البعض الآخر، لكن نطاق مستشعر معين غير معروف دائماً، وتختلف المستشعرات أيضاً في قدرتها على اكتشاف تركيز الرائحة بدقة.
ومن التحديات أيضاً، أنه توجد «قيود على الاستقرار»، فغالباً لا تنتج مستشعرات الغاز استجابة مستقرة وقابلة للتكرار للمحفزات الكيميائية نفسها؛ بسبب تقادم المواد أو التغيرات البيئية أو فشل المستشعر، ومن القيود أيضاً، أنه قد يكون لجهازي استشعار للغاز من النوع نفسه استجابات مختلفة للغاز نفسه تحت الظروف نفسها.
وأخيراً، قد تكون هناك «قيود على الضوضاء»، حيث تتأثر مستشعرات الغاز بالضوضاء الخارجية والداخلية، وتشمل مصادر الضوضاء الخارجية تباين رائحة الخلفية، واضطراب تدفق الهواء، والتغيرات في درجة الحرارة والرطوبة والضغط في البيئة المحيطة، وتتكون الضوضاء الداخلية من الضوضاء الناتجة عن دوائر القياس وأجهزة الاستشعار نفسها.
يقول جينجدونغ شين، الباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره في 7 أبريل (نيسان)، الموقع الإلكتروني لجامعة نورث وسترن، إن الهدف من هذه المراجعة البحثية هو تأكيد أن تقنية «الأنوف الإلكترونية»، لا تزال بحاجة إلى التحسين، عبر مواجهة تلك التحديات المهمة.
ويضيف: «من المهم الخوض في النموذج الرياضي الأساسي لآليات الاستشعار، وهو الأساس لحل عديد من التحديات المتعلقة بالأنوف الإلكترونية»، مؤكداً أنه «على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في العقود القليلة الماضية، فإن النشر على نطاق واسع للأنوف الإلكترونية في التطبيقات العملية لا تزال أمامه طريق طويلة لنقطعها».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً