معارك في الخرطوم عشية العيد مع تجاهل الدعوات للهدنة

تركز المعارك حول مقر الجيش والقصر الرئاسي

جانب من الدمار الذي أصاب العاصمة أمس (أ.ب)
جانب من الدمار الذي أصاب العاصمة أمس (أ.ب)
TT

معارك في الخرطوم عشية العيد مع تجاهل الدعوات للهدنة

جانب من الدمار الذي أصاب العاصمة أمس (أ.ب)
جانب من الدمار الذي أصاب العاصمة أمس (أ.ب)

استمر إطلاق النار ودوي الانفجارات في السودان، أمس، عشية عيد الفطر في الخرطوم بينما يحاول المجتمع الدولي انتزاع وقف لإطلاق النار من قائدي الجيش وقوات «الدعم السريع» في نزاعهما المسلح داخل العاصمة الخرطوم ومدن أخرى في أنحاء البلاد. وتواصل تركز القتال حول مواقع استراتيجية في العاصمة، أهمها مقر قيادة الجيش والقصر الرئاسي ومطار الخرطوم الرئيسي ومقر التلفزيون القومي. منذ تحول النزاع على السلطة الكامن منذ أسابيع بين الفريقين إلى معركة ضارية السبت، يبدو الوضع ملتبساً للسودانيين البالغ عددهم 45 مليون نسمة. ولا يكف الطرفان عن إطلاق وعود بهدنات لم تتحقق. ودوت الانفجارات مجدداً أمس الخميس في الخرطوم وفي الأبيض على بعد 350 كيلومتراً جنوب العاصمة.
وأكد شهود تحليقاً كثيفاً للطيران الحربي في سماء الخرطوم بحري، أمس، فيما استخدمت قوات من الدعم السريع مضادات أرضية ضد طائرات الجيش في الخرطوم. كما اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، بمدينة الأبيض مركز ولاية شمال كردفان (وسط). وأبلغ شهود عيان «الأناضول» أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في السوق الكبيرة بالمدينة، ومحيط الفرقة الخامسة مشاة التابعة للجيش. وأوضح أن «قوة كبيرة من الدعم السريع دخلت مدينة الأبيض واشتبكت مع الجيش».
ودوت الانفجارات وسمعت في مناطق مختلفة من العاصمة الخرطوم، وتحديداً حول مقر القيادة العامة للقوات المسلحة. وتصاعدت ألسنة الدخان واللهب في محيط القيادة العامة بالخرطوم بعد سماع دوي انفجارات، فيما تم سماع دوي قذائف وتبادل لإطلاق النار في محيط المنطقة. هذا وبعد مضي ساعات قليلة على بدء سريان هدنة هشة في السودان، تعالت أصوات دوي الرصاص، واشتعلت نيران المواجهة بيت الطرفين أمس الخميس.

وفي المدينة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 7 ملايين نسمة، تسرع العائلات بالخروج إلى الطرق والفرار هرباً من الغارات الجوية والرشقات النارية والمعارك في الشوارع التي أودت بحياة أكثر من مئات المدنيين منذ السبت وتتركز في الخرطوم ودارفور في الغرب. ويقول أحد النازحين الذين فروا من العاصمة بحثاً عن مكان أكثر أماناً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «رائحة الموت والجثامين تخيم على بعض أحياء وسط العاصمة». وروى فار آخر من الخرطوم، نازك عبد الله (38 سنة) قائلاً: «في الرابعة والنصف صباحاً أيقظنا دوي القصف الجوي. أغلقنا كل الأبواب والنوافذ خشية من الأعيرة الطائشة».
على بعد عشرات الكيلومترات من العاصمة، تستمر الحياة بشكل طبيعي وتفتح المنازل لاستقبال النازحين الذين يصلون في حالة صدمة، بسياراتهم أو مشياً لساعات على الأقدام مع ارتفاع سعر البنزين إلى عشرة دولارات لليتر الواحد في أحد أفقر بلدان العالم. وللوصول إلى مكان آمن، خضع هؤلاء لأسئلة وتفتيش رجال متمركزين على نقاط مراقبة لقوات الدعم السريع التابعة للفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي» والجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش. وكان عليهم خصوصاً التقدم في مسيرتهم وسط جثث على أطراف الطريق ومدرعات وآليات صغيرة متفحمة بعد احتراقها في المعارك بالأسلحة الثقيلة، وتجنب أخطر المناطق التي تتصاعد منها أعمدة الدخان الأسود الكثيفة.
في الشوارع المليئة بالركام، من المستحيل معرفة من الذي يسيطر فعلياً على مؤسسات البلاد. ويطلق كل من الجانبين إعلانات عن انتصارات واتهامات للطرف الآخر. لكن لا أحد يستطيع التحقق مما يتم تداوله على الشبكات الاجتماعية. وذكر أطباء شهود أن سلاح الجو يستهدف قواعد ومواقع قوات الدعم السريع المنتشرة في المناطق المأهولة بالخرطوم. وقالت نقابة أطباء السودان المستقلة إنه خلال خمسة أيام «توقف عن الخدمة سبعون في المائة من 74 مستشفى في الخرطوم والمناطق المتضررة من القتال»، لأنها تعاني من نقص الإمدادات الطبية والكوادر أو بسبب سيطرة مقاتلين عليها وطردهم المسعفين والجرحى. واضطرت معظم المنظمات الإنسانية إلى تعليق مساعداتها وهي أساسية في بلد يعاني فيه أكثر من واحد من كل ثلاثة أشخاص من الجوع في الأوقات العادية.
ومنذ السبت في الخرطوم، استنفد عدد كبير من العائلات مؤنها الأخيرة، وتتساءل متى ستتمكن شاحنات الإمداد من دخول المدينة؟
وقتل ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي في دارفور في بداية القتال، ولم تعد الأمم المتحدة تحصي عمليات «النهب والهجمات» على مخزونها وموظفيها، وتدين «العنف ضد العاملين في المجال الإنساني». وبات على سكان الخرطوم اختيار أحد شرين: إما البقاء في مدينة اختفت منها الكهرباء والمياه الجارية ويمكن في أي لحظة أن تخترق رصاصة طائشة جداراً أو نافذة، أو الرحيل وسط إطلاق النار وتوقع أن يتم الاستيلاء على منازلهم وينهب كل ما لم يتمكنوا من حمله. ويأتي ذلك بينما لم ينس السودانيون المعارك والفظائع التي كلفت الرئيس المعزول عمر البشير الذي أطيح به في 2019، مذكرتي توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب «جرائم حرب» و«جرائم ضد الإنسانية» و«إبادة جماعية» في دارفور.
وأفادت أنباء باندلاع حريق بمتجر أسلحة امتد بدوره إلى مبانٍ سكنية في منطقة «الخرطوم 2»، فيما سُمعت نداءات استغاثة من سكان المنطقة بعد اندلاع الحريق بسبب الاشتباكات. وقبلها، أفاد مسؤول في قوى الحرية والتغيير، بأن الهدنة فاشلة حتى الآن، ولن تصمد. وأضاف في مداخلة مع «العربية» و«الحدث»، أن الاتفاق الإطاري هو السبب فيما يحدث، مشدداً على عدم اعتقاده بأن العودة لحوار سياسي حالياً باتت ممكنة.
جاء ذلك بعدما بدأ الطرفان تبادل الاتهامات بخرق الهدنة ليقذف كل منهما كرة الاتهام في ملعب الآخر، رغم الجهود الأممية والدولية المكثفة والدعوات للالتزام بها. فقد اتهمت قيادة قوات الشرطة السودانية الدعم السريع بخرق الهدنة بعيد بدئها، موضحة أن الأخيرة أدخلت مسلحين إلى وزارة الداخلية وإدارة شرطة المرور. كما نفى الجيش السوداني مسؤوليته عن خرق الهدنة الهشة، مؤكداً في بيان أن قوات الدعم السريع لم تلتزم بها. كذلك اتهمها بشن هجمات على مواقع استراتيجية من محيط المطار ومبنى القيادة العامة. بالمقابل، وجّهت قوات الدعم السريع اتهامات مماثلة لقوات الجيش، مؤكدة أن الأخيرة خالفت القانون الدولي الإنساني، وقواعد الاشتباك، وخرقت الهدنة المتفق عليها بوساطة دولية.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
TT

لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

أعاد نفي مصري لتقارير إسرائيلية عن استعداد القاهرة شن هجمات عسكرية ضد جماعة «الحوثي» في اليمن، تساؤلات بشأن أسباب إحجام مصر عن التدخل عسكرياً في اليمن، رغم ما تعانيه من تداعيات اقتصادية جراء هجمات «الحوثي» على السفن المارة في البحر الأحمر.

وأكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر لا تفضل أن تقوم بأعمال عسكرية خارج حدودها»، وأشاروا إلى أن القاهرة «تدرك أن توترات البحر الأحمر سببُها استمرارُ الحرب في غزة»، ومن هنا فهي تُفضل «الطُرق الدبلوماسية لوقف الحرب».

ونفى مصدر مصري مسؤول، الأحد، ما تناولته تقارير إعلامية إسرائيلية عن «قيام مصر باستعدادات بهدف التدخل العسكري في اليمن».

وذكر المصدر المصري المسؤول، في تصريحات أوردتها قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن مثل هذه التقارير، وما تتضمنه من معلومات «مُضللة»، ليس لها أساس من الصحة.

وادعت تقارير إسرائيلية أن «مصر تستعد لضرب الحوثيين بعد تكبدها خسائر اقتصادية كبرى جراء تصاعد التهديدات ضد هيئة قناة السويس التي تعد شرياناً حيوياً للتجارة العالمية».

كما زعمت التقارير أيضاً أن مصر «أبدت رغبة متزايدة في لعب دور فعال في الصراع اليمني، مع تجهيز طائرات لتنفيذ عمليات جوية تستهدف الحوثيين، الذين أثاروا مخاوف متزايدة حول سلامة الملاحة عبر البحر الأحمر».

نيران اشتعلت في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر خلال وقت سابق (رويترز)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 غيّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة»؛ ما دفع شركات الشحن العالمية لتغيير مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر.

وعدَّ الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، التقارير الإسرائيلية، «محاولة للضغط على مصر ودفعها للعب دور في اليمن». وقال إن «مصر لن تشارك في أي عمل عسكري في اليمن»، مشيراً إلى أن القاهرة «تدرك أن السبب وراء التوترات في البحر الأحمر ليس في الحوثي أو في اليمن؛ بل في استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة». وأضاف فرج: «لو توقفت الحرب الإسرائيلية في غزة سوف تتوقف الهجمات على السفن بالبحر الأحمر».

واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، وقال إن «المشكلة ليست في (الحوثي)، فما يحدث جزءٌ من حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل، و(الحوثي) مجرد أداة، والقاهرة لن تتعامل مع الأدوات ولن تتورط في هذا الصراع».

وأضاف أن «القاهرة تؤمن بالحلول الدبلوماسية لأزمات المنطقة، ولن ترسل قواتها خارج الحدود، لا سيما مع إدراكها حجم التوترات على جميع حدودها، سواء في غزة أو ليبيا أو السودان».

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023 شكّلت الولايات المتحدة الأميركية، تحالف «حارس الازدهار» للرد على هجمات «الحوثي»، لكن مصر لم تعلن انضمامها له، وهو ما فسره خبراء آنذاك بأن القاهرة «تفضل المسار الدبلوماسي لحل الأزمة».

سفينة شحن خلال عبورها قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

وحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور أحمد يوسف أحمد، فإن رفض مصر التدخل عسكرياً ضد «الحوثي» في اليمن «دليل على موضوعية السياسة المصرية». وقال إن «مصر هي الخاسر الأكبر من هجمات الحوثي، لكنها على مدار أكثر من عام لم تدنها، واقتصرت التصريحات الرسمية على التأكيد على ضرورة تأمين الملاحة في البحر الأحمر».

وأرجع أستاذ العلوم السياسية ذلك إلى أن «مشاركة مصر في أي تحالف حالياً ضد الحوثي قد ينظر له البعض على أنه دعم لتل أبيب في حربها على قطاع غزة».

وسبق وأشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي الذي يبدأ من يوليو (تموز) 2022 حتى نهاية يونيو (حزيران) 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي 2023 - 2024، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نهاية الشهر الماضي، إن «إيرادات قناة السويس شهدت انخفاضاً تجاوز 60 في المائة مقارنة بعام 2023، مما يعني أن مصر خسرت ما يقرب من 7 مليارات دولار في عام 2024».

وذكرت مجلة «إسرائيل ديفنس»، الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، في تقرير نشرته في أكتوبر الماضي، أنه «رغم ما تعانيه مصر من خسائر بسبب توترات البحر الأحمر، فإنها ترفض القيام بعمل عسكري ضد جماعة الحوثي»، وأشارت حينها إلى أن «القاهرة تضع الاعتبارات الاستراتيجية والخوف من التصعيد الإقليمي والعلاقات السياسية مع العالم العربي فوق أي اعتبار».