على الرغم من حداثة تجربة الدبلوماسية الجزائرية، فإنها تمكنت في فترة محدودة من إيجاد مركز حيوي ومكانة مؤثرة سياسياً لها. وهذا التأثير لا يقتصر فقط على الصعيدين العربي والإقليمي، بل يشمل أيضاً الصعيد الدولي؛ حيث كان لها دور رائد في حل عدد من الأزمات، مع انحيازها لقضايا العرب المصيرية، وأهمها القضية الفلسطينية. وجوه بارزة من وزراء الخارجية ممن اضطلعوا بهذه المهام منذ استقلال الجزائر 1962 إلى يومنا الحالي مثلوا هذا التوجّه، ولعل من أشهرهم...
محمد الصديق بن يحيى؛ يعد بن يحيى من أبرز وجوه الدبلوماسية الجزائرية. وهو من مواليد 30 يناير 1932 في جيجل إلى الشرق من الجزائر العاصمة. حصل بن يحيى على شهادة في الحقوق، وبدأ نشاطه السياسي في فترة الاحتلال الفرنسي حين شارك في تأسيس الاتحاد العام للطلبة الجزائريين، ثم التحق بعدها بصفوف جبهة التحرير حيث أوكلت إليه عدة مهام دبلوماسية، لعل أهمها مشاركته في «مؤتمر باندونغ» بإندونيسيا 1955، وهو لا يتعدى الثالثة والعشرين من العمر، ثم شارك في «مفاوضات إيفيان» الفرنسية - الجزائرية التي لعب دوراً كبيراً في تغيير مسارها حتى لقبته صحيفة «باري ماتش» الفرنسية بـ«ثعلب الصحراء»، نظراً لما أظهره من قدرة على التفاوض والإقناع.
وبعد الاستقلال، تولى بن يحيى عدة مناصب سفيراً، ثم وزيراً للثقافة والتربية والتعليم، وأخيراً تولى منصب وزير الخارجية، حيث عُين فيها عام 1979. ولا يزال التاريخ يحتفظ حتى اليوم - بعد مرور 41 سنة من اختفائه في حادث تحطم طائرة، وهو في مهمة للتوسط في حل النزاع الإيراني العراقي - بدوره في حل أزمة الأميركيين الذين احتجزوا رهائن لمدة 444 يوماً في مقر سفارة الولايات المتحدة في طهران، من خلال التوصل إلى حمل الطرفين على التوقيع على «اتفاق الجزائر» في 19 يناير 1981.
أحمد طالب الإبراهيمي؛ ولد في 5 يناير عام 1932 ببلدة أولاد إبراهيم في شرق الجزائر، وهو نجل الشيخ العلامة البشير الإبراهيمي. بدأ نشاطه السياسي في فرنسا حيث كان طالباً في كلية الطب إلى أن اعتقلته السلطات الفرنسية، ومكث في المعتقل الفرنسي إلى عام 1961. وبعد الاستقلال تقلّد عدة حقائب وزارية، منها التربية والتعليم والثقافة والخارجية التي مكث فيها أكثر من 4 سنوات.
يتمتع أحمد طالب الإبراهيمي، الذي يلقب بـ«ابن الشيخ»، بشعبية واسعة بين أوساط الجزائريين، وكان قد تقدم للانتخابات الرئاسية عام 1999 قبل أن يسحب ترشحه.
عبد العزيز بوتفليقة؛ ولد في 2 مارس عام 1937 في مدينة وجدة بالمغرب. وانضم إلى جيش التحرير وهو لا يزال طالباً. وبعد الاستقلال عُين وزيراً للشباب والرياضة وهو لا يتعدى الخامسة والعشرين. ومع وصول الرئيس هواري بومدين للحكم عام 1965 عيّنه وزيراً للخارجية وكان في تلك الفترة أصغر وزير خارجية في العالم.
من إنجازاته إبرام «اتفاقيات ديسمبر (كانون الأول)» 1968 المتعلقة بتنقل وإقامة المواطنين الجزائريين في فرنسا، وهي الحجر الأساس في سياسة الهجرة. وحصل على أكبر تكريس له برئاسة الدورة 29 لجمعية الأمم المتحدة عام 1974. وكان محاوراً مميزاً في العلاقات بين الشمال والجنوب. وتولى رئاسة الجمهورية الجزائرية بين 1999 و2019.
الأخضر إبراهيمي؛ ولد يوم 1 يناير في ولاية المدية، القريبة من العاصمة، وبدأ مشواره الدبلوماسي إبان حرب التحرير بتمثيل الجزائر في جاكرتا (العاصمة الإندونيسية) بين 1954 و1961. كما كان أول سفير للجزائر في القاهرة.
شغل منصب وزير الخارجية بين عامي 1991 و1993. وكان مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة لإيجاد حلول تفاوضية في كثير من بؤر التوتر في العالم كلبنان واليمن وجنوب أفريقيا وأفغانستان وسوريا، وكلّل كثير من مساعيه بالنجاح. نال عدة جوائز لمكافأة مجهوداته في حلّ الأزمات السياسية.
وإضافة إلى هؤلاء، لمعت أسماء أخرى ساهمت بقوة في تكريس حيوية الدبلوماسية الجزائرية، أمثال رضا مالك وسيد أحمد غزالي وبوعلام بسايح وعبد العزيز بلخادم.
الجزائر: ساسة لامعون بينهم بوتفليقة تعاقبوا على منصب وزير الخارجية
الجزائر: ساسة لامعون بينهم بوتفليقة تعاقبوا على منصب وزير الخارجية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة